البطالة في بعدها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي

البطالة في بعدها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي

ميعاد الطائي
في قراءة للمشهد العربي اليوم وما حصل من أحداث في معظم الدول العربية التي شهدت احتجاجات وتظاهرات من قبل الشباب المطالب بحقوقه نستنتج إن هؤلاء الشباب الذي قادوا تلك الثورات هم الأكثر تأثرا بتردي الأوضاع الاقتصادية في بلدانهم من خلال انعكاسه على حياتهم حيث حرموا من فرص العمل وبالتالي حرموا من فرص العيش بكرامة .

من هنا نجد ان البطالة التي يعانها الشباب العربي كانت هي المحرك الرئيس للثورات إضافة إلى المطالب المشروعة الأخرى التي رفعها المتظاهرون .
و نكتشف ان البطالة ظاهرة خطيرة تهدد المجتمعات في استقرارها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، خاصة إذا ما عرفنا ان مشكلاتها تزداد تعقيداً مع تفاقم ظاهرة بطالة الشباب، وحملة الشهادات التعليمية وهي الفئات الأكثر حاجة للعمل.
وحسب إحصائيات لدراسة حول البطالة في الدول العربية والتي أقرها مؤتمر العمل العربي في دورته الثلاثين التي عقدت مؤخراً بالقاهرة جاء فيها ما يأتي ( يُقدر حجم السكان في البلدان العربية عام 2000م بما يقارب 289 مليون نسمة، وحجم القوى العاملة بما يقارب 104 ملايين عامل، وبمعدل مساهمة في النشاط الاقتصادي يقارب 36 في المئة، وترجع هذه الظاهرة إلى مجموعة من العوامل الديموغرافية والاجتماعية، ومن أهمها: ارتفاع معدلات الإنجاب والنمو الديموغرافي في البلدان العربية، إضافة إلى تدني مستوى مساهمة المرأة العربية في النشاط الاقتصادي.
وقدرت الدراسة معدل البطالة العام في الدول العربية بنحو 7ر15%، أي: ما يوازي نحو 4ر16 مليون عاطل عن العمل، بالإضافة إلى أن معظمهم من الشباب. لذلك اقترحت الدراسة للتخفيف من البطالة خاصة بين الشباب تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة كوسيلة أساسية لمحاربة هذه الظاهرة.
ويرى رجال الاقتصاد ان أسباب تفشي البطالة في العالم العربي له أسباب كثيرة منها فشل الحكومات في تنفيذ برامج تنموية ناجحة تهتم بالجانب الاجتماعي بما يكفي للقضاء على البطالة، بالإضافة إلى تراجع الأداء الاقتصادي، وعدم قدرة القوانين المشجعة على الاستثمار في إيجاد فرص عمل للعاطلين.
وفي عودة للحالة العراقية نجد ان هذه الظاهرة بالرغم من تشخيصها وتخصيص الدرجات الوظيفية لها في الدورة البرلمانية السابقة إلا إن الحلول لم تأت سريعة وبقيت قيد التنفيذ وعانت التأخير، بينما ينتظر العاطلون الحلول منذ سنوات حيث اصدر البرلمان السابق قانون مجلس الخدمة الاتحادي رقم 4 لسنة 2009 والذي ينص على ما يأتي .( يؤسس مجلس الخدمة العامة الاتحادي- ويرتبط بمجلس النواب،- ويتمتع بشخصية معنوية-واستقلال مادي وإداري ) .
ولم يتمكن البرلمان السابق من المصادقة على أعضاء مجلس الخدمة، الأمر الذي يجعل منه حتى اللحظة مجرد مشروع لم يتحول بعد إلى هيكل تنفيذي.وينتظر الشباب العاطلون عن العمل من البرلمان الجديد البت في عملية تأسيس المجلس، واختيار أعضائه، ليبدأ مهامه في تنظيم عملية التشغيل، وتوفير فرص العمل. ويبدو ان الحكومة ستضطر إلى البدء بالتوظيف بدون هذا المجلس وذلك للإسراع بتنفيذ مطالب المتظاهرين التي حددت الحكومة فترة مئة يوم لتنفيذها .
ولقد أشارت المادة (107) من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 الى تأسيس مجلس الخدمة العامة ليتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة فى العراق ,
وان مجلس الخدمة الاتحادي سيكون المسؤول عن تنظيم الموارد البشرية وتوزيعها بشكل عادل بين مؤسسات الدولة الرسمية والتي تؤدي إلى رفع المستوى المعيشي والاقتصادي في البلاد .ويهدف تشكيل مجلس الخدمة الاتحادية حسب ما جاء في القانون، إلى رفع مستوى الوظيفة العامة، وتنمية وتطوير الخدمة العامة، وإتاحة الفرص المتساوية، وضمان مبدأ المساواة للمؤهلين لإشغالها، بالإضافة إلى تخطيط شؤون الوظيفة العامة والرقابة والإشراف عليها، وتطوير الجهاز الإداري، ورفع مستوى الهيكل الوظيفي للدولة، وتطوير كفاءة موظفي الخدمة العامة، وتوفير الرعاية الاجتماعية الملائمة لهم بالتنسيق مع الجهات المختصة.
ويتكون مجلس الخدمة الاتحادي من رئيس ونائب للرئيس وسبعة أعضاء متفرغين ممن يحملون شهادة جامعية أولية في الأقل على أن يكون اثنان منهم في القانون واثنان منهم في الإدارة والاقتصاد، وواحد في كل من الطب والهندسة والزراعة.
خلاصة القول اننا اليوم بحاجة الى توفير فرص عمل وتعيين الخريجين على أساس المساواة واعتماد آليات لا تداينها الرشوة والفساد وهذا ما سيضمنه وجود هذا المجلس الذي يقع على عاتقه ضمان الشفافية والنزاهة في التعيينات والخلاص من الفساد الذي يلمسه القاصي والداني ، وإخراج التعيينات من المحاصصة المقيتة التي أصبحت سمة وظاهرة تنخر في الدولة والمجتمع وتثير التوترات الاجتماعية.علما بان ميزانية العام السابق والحالي فيها حوالي 280 ألف فرصة عمل يمكن ان تخفف من البطالة التي يعانيها الشباب العراقي .