البيئة الاستثمارية في العراق . .  الفرص والتحديات

البيئة الاستثمارية في العراق . . الفرص والتحديات

رياض مهدي الحطاب
كبادي ذي بدء يمكننا القول إن الاستثمار يستمد أصوله كمفهوم من علم الاقتصاد، وهو على صله وثيقة بمجموعة من المفاهيم الاقتصادية التي من أهمها: الدخل، الاستهلاك، الادخار، والاقتراض، إذ من الصعب فهم الاستثمار ما لم تحلل العلاقة التي تربطه بالمفاهيم الاقتصادية السابقة.

وبقدر تعلق الأمر بواقع البيئة الاستثمارية في العراق وما تواجهه من فرص وعوائق وتحديات فإننا سنتناول الموضوع من خلال تقسيمه إلى ثلاثة أقسام هي:
أولا: مفهوم الاستثمار
وقد أعطي الاستثمار كمصطلح تعاريف عدة منها(هو قيام الفرد بعد استهلاك موارده بشكل كامل و إنفاقها على السلع و الخدمات يقوم بتوجيه الجزء المدخر من الموارد إلى المجالات التي لا تحقق إشباعاً حالياً و لكن تحقق إشباعاً مستقبلياً)، وكذلك يعرف بأنه(التضحية بالاستهلاك في الوقت الحالي أملاً في الحصول على عوائد أكبر في المستقبل و لذلك كلما زاد عدم اطمئنان المستثمر بشأن العوائد التي سيحصل عليها في المستقبل زادت قيمة المكافآت التي يطالب بها مقابل استثماراته)، ويمكن أن نستشف من التعريفين السابقين أن المستثمر بما انه يقبل بمبدأ التضحية برغبته الاستهلاكية الحاضرة، لذا سيكون مستعدا لتحمل درجة معينة من المخاطر بفقدانها كلها أو بعضا منها، وبناء عليه يكون من حقه أن يتوقع الحصول على مكافئة أو عائد ثمنا لمخاطرته.
ثانيا: متطلبات البيئة الاستثمارية الناجحة في العراق
من وجهة نظر عامة لا يكفي مجرد توفير فوائض نقدية من دخول الأفراد والمنشآت لكي تنشط حركة الاستثمار، بل لا بد من أن يرافق ذلك توفر مجموعة من العوامل التي تخلق الدافع لمن لديهم الفوائض لتحويلها إلى استثمارات. وعندما نتكلم عن الاستثمار في العراق وكيفية زيادة فرص جلب المستثمرين إليه فيمكننا القول انه على الرغم من إقرار السلطة التشريعية لقانون الاستثمار إلا انه لا يمكن أن يتفعل بصوره تلقائية فلابد من وجود بيئة ملائمة للاستثمار وجزء من هذه البيئة هو احترام القانون، وإذا لم يكن هنالك وسط يحترم قوانين الدولة المختلفة فسيكون الجو غير مناسب للاستثمار لا سيما أن أصحاب رؤوس الأموال يبحثون عن الأماكن الأكثر استقرارا للعمل فيها، ويمكن إيجاز بعض العوامل التي تساعد على خلق بيئة استثمارية ناجحة في العراق كما يأتي:
1- خلق جملة من القوانين والإجراءات التي تساعد على تطوير الاستثمار وتعمل على جعل القطاع الخاص ليكون مساندا وشريكا حيويا في البيئة الاستثمارية التي يسعى إليها العراق في الوقت الحالي.
2- ينبغي توفر البنية التحتية والبيئة الاستثمارية وذلك عبر توفير نظام مصرفي يضمن حقوق المستثمر في عملية نقل الأموال قبل وبعد وأثناء الصفقة الاستثمارية ليقوم هذا النظام المصرفي على توفير التمويل للمساعدة في سرعة وكمال الإنجاز.
3- توفير نظام تأميني قوي يشجع المستثمر على التأمين على موجوداته وأمواله وعماله للبدء بتنفيذ أي مشروع يناسب حجم الاستثمارات التي تبني دولة حديثة.
4- توفير الطاقة الكهربائية التي تعاني منها البلاد حاليا لأن الطاقة الكهربائية هي القوة التشغيلية إضافة للماء والاتصالات الهاتفية واللاسلكية وسلامة وجاهزية خطوط النقل البري والجوي والبحري وتسهيل عمل الشركات في المناطق الحدودية من دون عراقيل لتسهيل نقل مستلزمات البناء من مواد ومعدات وموظفين وعمال.
5- أيضا لابد من توفر المناخ القانوني والاجتماعي والسياسي للاستثمار، وذلك لتوفير حد أدنى من الأمان يشجع المدخرين على تقبل المخاطرة المصاحبة للاستثمار.
ثالثا: معوقات و تحديات الاستثمار في العراق
وفي الجانب الآخر للموضوع نجد أن هنالك عدداً من الكوابح أو المعوقات التي تعيق عملية الاستثمار في العراق وتعرقل صفو البيئة الاستثمارية الناجحة والجاذبة للمستثمرين سواء المحليين أم الأجانب، ويمكن إيجاز هذه المعوقات بالنقاط التالية:
1- عند الكلام عن المعوقات والتحديات التي تواجه البيئة الاستثمارية والمستثمرين في العراق يتبادر للذهن وبشكل مباشر الوضع الأمني ودرجة الاستقرار الداخلي التي كلما ازدادت كلما زادت فرص دخول المستثمرين الأجانب، وكلما بقيت متذبذبة أو متدهورة كلما قلت فرص دخول المستثمرين، إذ يمكن القول أن هذا العائق هو الأساس والرئيس في إعاقة دخول المستثمرين والشركات الأجنبية الضخمة التي يحتاج العراق في هذه المرحلة إلى خبراتها وإمكاناتها التقنية والفنية والإدارية الكبيرة.
2- على الرغم من أن قانون الاستثمار قد اقرّ حديثا، إلا أن هنالك الكثير من القوانين المتداخلة التي صارت تؤثر في قانون الاستثمار مثل قانون المصارف وقانون سوق المال وهيئة الأوراق المالية إذ توجد بعض الإشكاليات في هذه القوانين وتداخلاتها وباتت تؤثر في عملية جذب المستثمرين وإقامة المشاريع الاستثمارية، لذلك يجب على البرلمان إقرار قوانين مسانده تشجع على جذب المستثمرين وتعمل على إقامة المشاريع الستراتيجية الكبرى.
3- عدم تشكيل هيئة للاستثمار في العديد من المحافظات حتى الآن الذي يعد إخفاقا كبيرا أمام جذب المستثمرين والشروع بعملية البناء، أما الهيئات المشكلة فإنها تفتقر إلى الخبرات والكفاءات التي تؤهلها إلى اختيار مشاريع ذات جدوى اقتصادية جيدة، وان اغلب الأشخاص في تلك الهيئات بحاجة إلى دورات تدريبية للإفادة من خبرات الآخرين.
4- إن ابرز ما يواجه قانون الاستثمار من عوائق هي القوانين التي يجب أن تكون واضحة ورصينة وتحمي حقوق المستثمر، إذ أن العديد من المستثمرين يجهلون حقوقهم أصلا ولا يعون الضوابط التي يمكن أن يحتكموا إليها، ولتفادي هذا الإشكال نرى ضرورة تسويق قانون الاستثمار إلى الشركات العالمية ورؤوس الأموال الأجنبية والمحلية وتعريفهم بأبرز ايجابيات القانون بهدف جذبهم إلى العمل في العراق.
5- ومن العوائق التي تقف حائلا أمام تنفيذ قانون الاستثمار هي البيروقراطية والمركزية الإدارية الموجودة في الوزارات كافة، فضلا عن أن اغلب دوائر الدولة لا تعي حتى الآن مبدأ المرونة واللامركزية في التعامل وإقامة العلاقات وتفعيل قانون الاستثمار لديها. وفي هذا الصدد فقد وضع التقرير العالمي السنوي بشأن ممارسة الأعمال وسهولة تأمين النشاطات التجارية العراق في المرتبة الـ 141 من مجموع 178 دولة تصعب فيها ممارسة الأعمال، أي إن العراق يعاني من صعوبة إنشاء المشاريع إلى تأسيس المشاريع الأمر الذي يدعو إلى معالجة هذه الظاهرة التي تقف عائقا أمام جذب المستثمرين المحليين والأجانب.