اقتصاديات: جولة التراخيص الرابعة

اقتصاديات: جولة التراخيص الرابعة

 عباس الغالبي
تعتزم وزارة النفط أجراء جولة تنافسية هي الرابعة من نوعها خلال أقل من عامين لابرام مايسمى بـ (عقود الخدمة) لتطوير الانتاج النفطي في حقول انتشرت في محافظات الفرات الاوسط والانبار في ظل عدم وجود قانون للنفط والغاز الذي مازال يراوح في أروقة مجلس النواب المنشغل حالياً بالسياسة الخارجية .

وفي عودة لجولات التراخيص الثلاثة نرى ان العراق كان أزاء ثلاثة معضلات قبل عقد هذه الجولات هو الجانب الامني المتردي وعدم وجود التخصيصان المالية بسبب ضعف الانتاج والتصدير ، فضلاً عن ضعف الكفاءة الفنية للكوادر النفطية العاملة في هذا القطاع بسبب الانقطاع التام أو شبه التام ولمدة عشرين عاماً عن التطور الحاصل في الانتاج والتصدير والتصنيع النفطي بحيث اصبحت هذه الكوادر غير مواكبة لاساليب التكنولوجيا المتطورة في العالم ، وحتى ان الكوادر الجديدة هي محدودة وغير كافية لمديات التطوير الهائلة التي ستحدث في الحقول فوق العملاقة والاخرى العملاقة والجيدة منها ، وبالتالي فأن وزارة النفط كجهة قطاعية ليس لديها القدرة على تطوير هذه الحقول ضمن معطياتها المتوفرة .
ومن هنا كانت الحاجة ملحة لاجراء مثل هذه العقود تقليصاً للهوة الكبيرة بين مستويات الانتاج في العالم ولاسيما في نظائر الدول المصدرة في العالم وبين مستويات الانتاج في العراق المتدنية والتي كانت قبل عقد هذه الجولات الثلاث ترزح تحت حاجز المليون وستمائة ألف برميل يومياً وهي كانت نسبة لاتوازي حجم الحقول وقدراتها الانتاجية الفعلية وكذلك حجم الاحتياطي النفطي الهائل ، فلم يكن امام وزارة النفط إلا أن تقدم على هذه الخطوة رغم شكوك المشككين واعتراض المعترضين في ظل عدم وجود بيئة قانونية ملائمة تنظم عملية التصرف بهذه الثروة العظيمة وكيفية ادارتها من حيث الانتاج والتصدير والتوزيع ، ورغم مايثار عنها من حالات فساد مبطنة تثار عادة على معظم العقود النفطية في العالم ، الا ان الحاجة الملحة مثلما قلنا تجعل المشهد امام خيار الاقدام على ابرام العقود سعياً لرفع الانتاج النفطي وادخال التكنولوجيا الحديثة وتدريب الكوادر النفطية العراقية وزيادة العائدات النفطية لاستغلالها في تطوير وانعاش االاقتصاد العراقي بقطاعاته المختلفة .
ومن هنا فأن التفاؤل الحذر من الجولة الرابعة سيكون مرتبطاً أيما ارتباط بمدى قدرة الوزارة على رفع مستوى ادارة هذه العقود وبشكل يحقق مسيتويات الاداء الكفيلة برفع الطاقة الانتاجية ومن ثم التصديرية ، هذا فضلاً عن امكانية الوزارة ايضاً بابعاد حالات الفساد المالي والاداري وفضح الفاسدين إن وجدوا سعياً لتنظيف القطاع النفطي من هذه الافة التي إذا ماوجدت فأنها ستفتك بهذه الثروة الكبيرة ، ثم ان الضرورة تستدعي استكمال المنظومة القانونية ولعل في مقدمتها قانون النفط والغاز وتشذيبه من الابعاد السياسية والعمل على ايجاد منظومة العمل الذكية عن طريق تحديث الطرق المعتمدة حالياً ومواكبة التطور الحاصل في الصناعة النفطية في بلدان العالم كافة ولاسيما النفطية منها .