الفن طويل والحياة قصيرة..عن صديقي بيوتر إليتش تشايكوفسكي

الفن طويل والحياة قصيرة..عن صديقي بيوتر إليتش تشايكوفسكي

سمـير غريـب
عرفت المؤلف الموسيقى الروسي تشايكوفسكي (1840 – 1893) مرتين. المرة الأولى منذ سنوات طوال من العظيم الرائد الدكتور حسين فوزي الذي عرفت منه كثيرا من المؤلفين الموسيقيين.
تعلمت كيف أنصت إلى الموسيقى الكلاسيكية، كما تعلمت حبها منه. كان يقدم برنامجا أسبوعيا فى محطة البرنامج الموسيقى فى الراديو بعنوان « لقاء مع الموسيقى»،

كنت حريصا على الاستماع إليه. يتحدث فيه عن مؤلفين كلاسيكيين من أزمنة واتجاهات مختلفة، ويشرح عملا أو أكثر لكل منهم. كان يستهدف المستمع العادى الذى لا يعرف الموسيقى الكلاسيكية. فكان يعتمد على مخاطبته فى حديثه وكأنه يجلس معه وحده. بل ويتخيل أحيانا رد فعله وتساؤلاته فيطرحها ويرد عليها ويناقشه فيها. كل هذا بلغة بسيطة جذابة. وعندما يستخدم مصطلحا موسيقيا يشرحه.لو كنت وزيرا للإعلام لأعدت إذاعة كل حلقات هذا البرنامج ولجمعته فى اسطوانة مدمجة ووزعته مجانا. هذا إن كانت الإذاعة ما زالت تحتفظ بشرائط هذا البرنامج؟ ولو كنت وزيرا للتعليم لقررت هذه الحلقات على طلاب المرحلة الإعدادية. ولو كنت وزيرا للثقافة ولم أجعل الوزارة تستفيد منها لاستقلت. فاستريحوا أيها الخائبين فأنا لست من هؤلاء.

يحتاج الأمر إلى أن أخصص مقالا وربما أكثر عن برنامج الرائد حسين فوزى والذى لم يتكرر أو لم يقدم مثله، أو حتى أقل منه، برنامج آخر يشرح الموسيقى الكلاسيكية. لا فى الراديو ولا طبعا فى التلفزيون منذ دخلنا فى عصر الانحطاط المعاصر.

قدّم الدكتور حسين فوزي أكثر من حلقة عن تشايكوفسكي. منها حلقة قدم فيها القصيد السيمفونى «فرانشيسكا دا ريمنى"الذي أتوقف عنده هنا كنموذج عملي على « دروس» حسين فوزي الموسيقية المفتقدة، وكيف تعلمت منه. قدمه فى البداية، بلغته الفخمة ومحسناته البديعية الجذابة وصوته العريض الجذل وتمكنه اللغوى الرفيع، فقال: « يقص علينا تشايكوفسكى بموسيقاه قصة عذاب المحبين فى الجحيم. وقد اختار موضوعا لقصيده السيمفونى أشعارا من الأنشودة الخامسة فى جحيم دانتى. يحكى فيها الشاعر الإيطالى الخالد حكاية لقائه بالعاشقين فرانشيسكا و باولو فى الحلقة الثانية، وهى بداية الجحيم الحقيقى عنده. حيث سمع الشاعر عويل الآثمين الذين غلبوا العاطفة على العقل فى حياتهم فكان عقابهم عاصفة هوجاء فى جهنم دون أمل فى راحة أو أن تخف عندهم حدة الألم. ويرى دانتى فى تلك الحلقة الثانية بعض المعذبين بسبب غرامياتهم الآثمة من أمثال تريستان والملكة سميراميس والأميرة هيلانة أميرة طروادة والملكة كليوباترا. ثم يرى دانتى اثنين من الذاهبين فى العاصفة وقد ترفقت بهما قليلا وهما فرانشيسكا دا ريمنى وباولو مالاتيستا. فيدعوهما باسم الحب قائلا: أي هاتان النفسان المعذبتان تعاليا حدثانا إن لم يمنعكما من ذلك مانع. ويلبى العاشقان النداء كحمامتين دعاهما الهيام إلى العش الحبيب. وقصت فرانشيسكا على دانتى قصة حبها للفتى باولو أخى زوجها، وكيف فاجأهما الزوج وهما يطالعان قصة من قصص فرسان المائدة المستديرة وهى حب الملكة للفارس. قالت: كنا ذات يوم نمتع الروح بمطالعة قصة الفارس وكيف تيمه الحب. وكنا وحيدين لا يخامرنا شك فى أمرنا. وتلاقت عيوننا مرات عديدة، وشحب لون وجهينا، وقد غلبنا على أنفسنا أمر واحد حينما طالعنا حديث القبلة بين الملكة والفارس. فقبلنى هذا العاشق الذى ترى معى فى الجحيم والذى لن ينفصل عنى أبدا. قبل فمى وهو يرتجف من رأسه إلى أخمص قدميه. وكان الكتاب فى أيدينا رسول الحب بين قلبينا. ولم نقرأ فيه ذلك اليوم مزيدا.
يعترف حسين فوزي أن أغلب حديثه مأخوذ بنصه من ترجمة الدكتور حسن عثمان لجحيم دانتي، وهي ترجمة عن اللغة الإيطالية الأصلية، وكانت قد صدرت قبل حديث حسين فوزي بشهرين فاحتفى بها فى حديثه.
يوضح لنا المعلم لماذا كتب تشايكوفسكي قصيده: « طالع تشايكوفسكي هذا ضمن الأنشودة الخامسة من جحيم دانتى. لكن جملة واحدة قالتها فرانشيسكا اهتز لها قلب الموسيقى فأوحت إليه باللحن الأساسي فى قصيده السيمفونى. قال دانتى ينادى فرانشسكا: يا فرانشسكا إن عذابك يستقطر منى الدمع حزنا وخشوعا. فأجابته فرانشسكا: أواه. ليس من ألم أشد وأنكى من تذكر السعادة والهناء إبان البؤس والشقاء. بعد ذلك مباشرة يسمعنا حسين فوزى مقطع من القصيد ليوضح كيف يترجم تشايكوفسكى بموسيقاه السيمفونية كلمات فرانشسكا هذه. وبعد أن نستمع يخاطبنا معلقا: « وأنا لا أدعى أنك إذا سمعت هذه الموسيقى دون معرفة ما حدثتك به فطنت أنها تعنى هذا ولا تعنى شيئا غيره. فالموسيقى ليست لغة الكلام. وما دام مصدر وحيها معروفا لنا فقد وجب أن تعرف أولا لماذا انفعل الموسيقى ثم ألف موسيقاه. ومع ذلك، لو أنك سمعت هذا اللحن وحده قبل أن تعرف مصدر وحيه لخالجك شعور بأنه لحن يعبر عن أسى عميق. وأنه حسرات فوق حسرات». ثم يطلب أن نعيد الاستماع إلى المقطع ذاته دون تفكير بقصيد دانتى ولا بقصة فرانشسكا. أى أن نستمع إليه موسيقى بحتة لا موضوع وراءها.
ثم يدعونا إلى تجربة عكسية: أن نستمع إلى لحن من ألحان قصيد تشايكوفسكى لنحاول إدراك ما وراءه دون شرح من أحد. يذيع اللحن ثم يعلق: « لا أحسبنا ندرك منه أكثر من أنه لحن مفزع». ثم يسمعنا مقاطع أخرى، ويسألنا بعدها: « ألا توحى هذه الموسيقى بعاصفة هوجاء؟"ويستطرد مخاطبا المستمع: « ولكن إذا أخبرتك بأن ما استمعت إليه فى أول الأمر يصور باب الجحيم، وأنه مطلع موسيقى فرانشسكا دا ريمنى، وأن الموسيقي وهو يؤلف هذا اللحن جالت فى ذاكرته تلك الجمل التى رآها دانتى مكتوبة بلون داكن فوق باب الجحيم. ماذا رأى؟ هنا الطريق إلى مدينة العذاب. هنا الطريق إلى الألم الأبدى. هنا الطريق إلى القوم الهالكين. أيها الداخلون اطرحوا عنكم كل أمل. أقول إذا أخبرتك بأن تشايكوفسكى يصور هذا فى مطلع قصيده السيمفونى، فإن إحساسك بهذه الموسيقى يقوى وفهمك لها يتعمق». ويعيد حسين فوزى علينا المقطع مرة أخرى. بعده يطلب منا أن ننصت إلى تشايكوفسكى يصور الأعاصير والرياح الهوجاء تدفع بالمحبين هنا وهناك، وذلك قبل أن تهدأ تلك العواصف، وقبل أن يرى دانتى الفتاة فرانشسكا وعشيقها. ثم نسمع اللحن فى موضعه بعد كل تلك الزعازع المفزعة « لنشعر بقوة الفن والفنان يقابل صوره ويعارضها فتبرز كل صورة منها رائعة فى تقابلها وتعارضها مع الصورة الأخرى"كما قال. ولينتهى برأيه فى أن موسيقى فرانشسكا دا ريمنى سهلة الاستيعاب. ويحدد لنا أهم عناصرها: « فهى تتألف من مطلع يصف مدخل الجحيم بواسطة تلك التآلفات الهارمونية الرهيبة، ومن قسم يصف الرياح الصرصر العاتية تهب حمما فى الحلقة الثانية لجحيم دانتى وتدفع أمامها صرعى الغرام المحرم. ومن هؤلاء يركز دانتى الحديث فى قصة فرانشسكا. وهنا ينتقل تشايكوفسكى أيضا إلى صورة فرانشسكا تبكى حبها. ثم يختم قصيدته السيمفونية بعودة الأعاصير تحمل العاشقين وتدور بهم دورانا أبديا، هو عذابهم المقيم. بينما يتهالك دانتى من الأسى ويهوى كأنه خر صريعا بين الأموات».
على ضوء ما ذكره لنا حسين فوزي من شعر دانتى فى هذه الموسيقى الكلاسيكية، التى أطلق عليها مؤلفها «فانتازيا» وفضل حسين فوزى تسميتها «قصيدة سيمفونية»، نستمع لأول مرة إلى هذا العمل كاملا ولكن بعد أن يعيد علينا حسين فوزى موجزه بما تحاول هذه الموسيقى التعبير عنه برغم أنه لخصه قبيل دقائق قصيرة. منهيا حديثه بكلام وصوت درامى مرتفع (مستوحى من القرآن): « فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر.
فهل بعد كل ذلك لا تشعر بموسيقى تشايكوفسكى ولا تحب شرح حسين فوزى؟
بالطبع ساعدت طبيعة وتكوين الموسيقى الكلاسيكية فى العصر الرومانسي على مثل هذا النوع من الشرح الذى استعان به حسين فوزى، والذى اعتمد المقاربة بين الموسيقى والوصف الأدبى. حيث كان العمل الموسيقى ترجمة لعمل أدبى أو وصف له من خلال رؤية وأسلوب المؤلف الموسيقى. تشايكوفسكى نفسه نموذج مهم ومتميز فى هذا الاتجاه. فقد استمد ثلاث أوبرات من الشاعر الروسي بوشكين هي « يوجين أونجين"و «ما زيبا» و «ملكة البستونى». وألف أوبرا « فاكولا الحداد « من قصة « «عشية عيد الميلاد"التى كتبها جوجول، كما أن قصيده السيمفونى «مانفريد"مستمد من الشاعر الإنجليزي لورد بايرون، فضلا عن أعماله المشهورة المستمدة من وليام شكسبير مثل «روميو وجولييت.
تغيرت الموسيقى الكلاسيكية مع تقدم الزمن مثلما تغيرت فروع الفن الأخرى، فابتعدت عن الوصف ودخلت فى التعبيرية والتجريدية الخالصة بل والسريالية مثلما حاول الفرنسي إيريك ساتى، وياليت يعود إلينا حسين فوزى لنرى كيف شرح أعمال مؤلفين موسيقيين أتوا بعد تشايكوفسكى من نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.

أما المرة الثانية التى عرفت فيها تشايكوفسكى فكانت أطول من المرة الأولى وأكثر تفصيلا. لقد عشت معه وصادقته! ذلك أننى اقتنيت السيرة الذاتية له التى كتبتها « الكسندرا أورلوفا « المؤرخة الموسيقية الروسية. لم تكتب سيرة ذاتية تقليدية. إذ لم يكتب تشايكوفسكى سيرته، ولم يروها لأحد ولا للكاتبة بالطبع فتنقلها عنه. لكنها أعادت تركيب سنوات حياته عاما من بعد عام اعتمادا فقط على خطاباته. وعلقت وأوضحت عندما وجدت الحديث يتطلب ذلك. لكن نصوص الخطابات مثلت أكثر من 90% فى تقديرى من حجم الكتاب الذي بلغت صفحاته أكثر من ستمائة صفحة من الحجم الكبير.
لا أعرف ما إذا كان أحد هنا (أي في مصر الشقيقة) قدم أو عرض لهذا الكتاب فى حينه. فقد صدرت الترجمة العربية عن هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث، المجمع الثقافى عام 2009 عن الطبعة الإنجليزية المنشورة فى الولايات المتحدة أمريكا. شخصيا لا أذكر أن أحدا كتب عنه عندنا. ومن يكتب؟

عشت مع هذا الكتاب عاما من بداية الصيف الماضى حتى بداية هذا الصيف. لم أستطع أن أطويه كما نفعل عادة بعدما ننتهى من القراءة. صعب على أن أترك صديقى بعد انتهاء سيرته المأساوية. فصديقى تشايكوفسكى لم يمت. وهل مات «موتسارت» أو «بيتهوفن»؟ وهل مات سيد درويش أو عبد الوهاب؟ لم أعش مع سيرة تشايكوفسكى فقط، بل عشت مع أعماله أيضا. ذكرتنى سيرته بأحاديث معلمى حسين فوزى. فكنت كلما تحدث تشايكوفسكى عن عمل له بحثت عنه فى التسجيلات التى أحتفظ بها للمعلم. وإن لم أجد ذهبت إلى « يوتيوب». هكذا استغرقت وقتا قصيرا فى المعايشة: سنة واحدة فقط.
غير هذا هناك ملاحظات مهمة على الكتاب:

أولا: الترجمة التى قام بها سمير على. وهو من استهلاله للكتاب باحث موسيقى لأنه عرف اسم الكاتبة لأول مرة حينما كان يعمل على دراسته السيرية والنقدية لمن يوصف بـ « أب » الموسيقى الروسية « ميخائيل غلنكا». وبهذه المناسبة وصف تشايكوفسكى عمل غلينكا المسمى «سلافسيا» بأنه: « ذو الهام سام يقف إلى جانب التجليات الأسمى للروح الخلاقة فى العبقريات العظمى «.. يا سلام! توقفت كثيرا أمام هذه الجملة. كيف كتبها تشايكوفسكى وكيف جمع كلماتها مثل عقد فريد؟ والمترجم فوق خبرته الموسيقية يملك مقدرة لغوية عربية وأسلوب مباشر جيد فى الصياغة. لذا جاءت ترجمته سلسة خالية من «عقد» وغموض كثير من الترجمات المتخصصة، فساعدتنى على «الاندماج » فى حياة صديقى الروسى.
ثانيا: هذا المجهود الخرافى الذى يبين وراء جمع الكاتبة لمئات من خطابات تشايكوفسكى (تقول أنه كتب فى حياته آلاف الخطابات!! ص 11)، وترتيبها زمنيا وعمل مونتاج أحيانا لكثير منها بحيث تبدو كيوميات، وإعادة قراءتها وتحليلها وتفسيرها والتعليق عليها، واستكمال معلوماتها. هذا جهد خارق غير مسبوق. وشكرا أولا لغزارة المؤلف الموسيقي فى كتابة خطاباته. ولا أستطيع أن أمنع نفسي من التساؤل عن مصير مثل هذا النوع من السير حاليا وفيما بعد، حيث خفتت كتابة الرسائل الورقية وانتشرت الألكترونية. فمن يحفظها لكتابها بهذا الشكل الزائل أو شبه؟
ثالثا: بالطبع كان تشايكوفسكى عبقرية فى التأليف الموسيقى. لكن هذه العبقرية كان يمكن لها أن تضيع أو تنتهى مبكرا، وربما قبل أن تفصح عن نفسها لسببين: ظروفه المادية، ومثليته الجنسية.
كانت المثلية الجنسية جريمة يعاقب عليها القانون فى روسيا القيصرية. وحتى فى عهد الاتحاد السوفيتى كان ممنوعا تناول مثلية تشايكوفسكى كما ذكرت الكاتبة. هناك كثير من المثليين جنسيا من المبدعين عاشوا طويلا، ولكن تشايكوفسكى كان يخجل من مثليته حتى أنه لم يتحدث عنها فى خطاباته. كانت مثليته سببا فى انتحاره مبكرا وعمره ثلاثة وخمسين عاما، وفى سياق غريب بعد افتضاح علاقته بابن أخت أحد النبلاء، فاجتمع به بعض من أصدقائه وطلبوا منه الانتحار حلا لهذه الفضيحة، فانتحر!!. يبدو أنه وأسرته حاولوا علاج حالته بزواجه، فكان طامة كبرى. إقرأوا الصفحات من 118 حتى 120 التى يتحدث فيها عن زواجه لفهم طبيعة ونفسية المثلى جنسيا، وعلاقته بالمرايا بشكل خاص. من الواضح أن مثليته تآمرت مع عبقريته لتحيل حياته إلى عذاب نفسى، وأحيانا عقلى، وروحى. رغم كراهيتى للشذوذ الجنسى إلا أننى وجدت نفسى متعاطفا مع هذه الروح العبقرية والمعذبة طيلة حياتها، ليلا ونهارا. فكيف أبدع من أتون هذا العذاب ما أبدع؟ وكيف شكل رغم ذلك تميزا وتطورا فى الموسيقى الكلاسيكية بشكل عام والروسية بشكل خاص فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر؟
أما ظروفه المادية فقد أنقذته منها السيدة «نادزدا فون ميك"التى ماتت بعده بعام. كانت راعية له، وقد تمكن كثير من المبدعين عبر التاريخ من مواصلة إبداعهم بفضل مثل تلك الرعاية. كانت ثرية عاشقة للموسيقى. خصصت له راتبا سنويا كبيرا مكنه من الحياة الرغدة والسفر كثيرا خارج روسيا وتقديم موسيقاه فى عواصم أوروبية مهمة. أهداها سيمفونيته الرابعة، بل وتزوج ابنها بأبنة أخته. كثير من رسائل الكتاب موجهة لها، لكن الغريب أنه لا توجد فيه أية رسالة منها؟ والمذهل أنهما لم يلتقيا إطلاقا!! لقد أنقذته من العوز، لكنها لم تستطع إنقاذه من نفسه.
رابعا: فكرت أن يكون عنوان مقالى هذا تقليديا صادما: « كنت صديقا لتشايكوفسكى «. لكنى تذكرت عنوان المسابقة التى نظمتها الجمعية الروسية للموسيقى فى سان بطرسبرج وفاز فيها تشايكوفسكى بالجائزة الأولى فى 16 أكتوبر 1875 عن تأليفه لموسيقى أوبرا «فاكولا الحداد». كان العنوان هو « الفن طويل والحياة قصيرة « فغلبنى واخترته عنوانا لهذا المقال الذى لم أكتب فيه إلا النذر اليسير عن روح هائمة، كانت وما زالت، وستظل.

عن صحيفة الاهرام