تعيش وتفتكر: كلود سيمون.. روائي المغامرات الإنسانية

تعيش وتفتكر: كلود سيمون.. روائي المغامرات الإنسانية

أحمد نبيل خضر
اهتم بالرسم والتصوير الفوتوغرافي، وكان من المغرمين جدًا بالرسم، بل إن هواه الأول في الفن كان متجهًا إلى الرسم، وظلّ يمارس طوال حياته هواية التصوير الفوتوغرافي وفن «الكولاج»، ولا تخلو تضاعيف رواياته من كلام على رسومات لكبار الرسامين.

كلود سيمون، كاتب فرنسي، ولد في 10 أكتوبر 1913، في أنتاناناريفو، لأب عسكري، وتوفي في باريس، في مثل هذا اليوم، بعد أن حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1985.
عندما يذكر اسم كلود سيمون، يتقافز مشروع الرواية الفرنسية الجديدة إلى الأذهان، فقد وضع هذا الروائي مع زملائه اللبنات الأساسية الأولى لهذا المشروع الأدبي الفرنسي المميز.
وعلى قدر أهمية هذا العمل الكبير، استمد روادها أهميتهم في التاريخ الأدبي الفرنسي المعاصر، وهم (كلود سيمون ـ ميشال بوتورـ آلان روب غرييه ـ ناتالي ساروت)، لكن بقي سيمون هو الاسم الأكثر بروزاً، ليس لأنه الوحيد الذي نال جائزة نوبل عن الرواية الجديدة التي أبدعها؛ بل لأنه أكثر من أسس لمختلف جوانب هذا المشروع، وأكثر من أضاف التقنيات الجديدة والفنية.
واستخدم اللغة والرواية ضمن سياق مفهوم جديد لم يطرق من قبل، وربما كان سيمون أكثر من تحدى موجات النقد الحادة، وأصر على مواصلة المشروع؛ باختصار إنه أوقف المولود الجديد على قدميه.

يقول الناقد الفرنسي، كلود روا، مفسراً أسلوب سيمون: «إنه يصنع جملاً متراكمة تراكم أشياء الحياة.. هذه الجمل لا تنتمي أبداً.. إنها متلاصقة لا تتفكك، وكأنها كابوس تاريخي.. أعشاب لانهاية لها.. تذكرنا هذه الجمل بأننا نسينا هويتنا».
الرواية الجديدة كما اشتغل عليها سيمون في مجمل رواياته، تعتمد على أربعة عناصر مهمة هي: الجو.. الوصف.. الزمن.. الألوان.
يقول سيمون في جملة مختصرة: «إنني أكتب كما يقوم المصور بعمل لوحة، وكل لوحة هي أولا عبارة عن تكوين».
لم تعد الرواية لدى سيمون تحكي الحدوتة أو الحكاية الكلاسيكية المعروفة؛ لقد غدت تمثل المغامرات اللغوية والفكرية والإنسانية.
يقول الرواة بصيغة جماعية موحدة: نحن لا نعيش انسياب الزمن أو مسيره.. بل نعيشه متقطعاً، إن كل قطعة منه تبدو لنا موجهة ذات مدة معينة ومتوجهة نحو قطع أخرى، ولكنها تبدو لنا دائماً كقطعة، ترسم فوق نسيج من النسيان أو عدم الانتباه، فلكي نستطيع إظهار ثغراته من الضروري أن نطبقه على مسافة مكانية.
غدا كلود سيمون نجماً تفوق الأضواء المسلطة عليه بعض نجوم السينما، وغدا شخصية أدبية يكتب عنها بشكل يومي في مختلف أنحاء العالم، وما يكتبه سيمون في الصحافة ينتقل في اليوم التالي إلى مختلف لغات العالم، ويتناول مشروعه كبار رموز الثقافة، أمثال: جان بول سارتر، جان روسيه، رولان بارت، جون ستورك، كلاوس نيتزر، كورت ويلهم، وغيرهم من مشاهير النقد والصحافة الأدبية، حتى انعقد عام 1971 مؤتمر أدبي كبير ناقش خصوصية الرواية الفرنسية الجديدة، وتم تخصيص جائزة سنوية باسم «مدسيس» تمنح لأفضل رواية جديدة.

ويأتي العالم الذهبي الأهم الذي سوف يتوج فيه كلود سيمون الرواية الفرنسية الجديدة سيدة أدبية في تاريخ، الأدب حيث منحت أكاديمية استوكهولم في يوم الحادي عشر من تشرين الأول سنة 1985 جائزة نوبل للآداب لرائد الرواية الفرنسية الجديدة كلود سيمون على رواياته: الحبل المشدود 1947 قدسية الربيع 1954 الريح 1957.
وحينما حصل على جائزة نوبل للآداب عام ١٩٨٥، كانت عن مجمل أعماله بعدما فاز بجائزة «الموجة الجديدة» عام ١٩٦٠، عن روايته «طريق الفلاندر»، كما حصل على جائزة ميديسيس عام ١٩٦٧ عن روايته «تاريخ»، إلى أن توفــــــــــــي في باريس في ٦ يوليو ٢٠٠٥ عن ٩١ عامًا.