اين كانوا قبل قيام الثورة بعشر سنوات

اين كانوا قبل قيام الثورة بعشر سنوات

جمال عبد الناصر
كان اليوزباشي جمال عبد الناصر موجودا في العلمين ملحقا بالقوة المصرية التي كلفت بمراقبة الموقف الحربي في الصحراء الغربية.
وجلس جمال عبد الناصر عقب حادث 4 فبراير يكتب خطابا لصديق له في القاهرة فكتب يقول:
"ما العمل بعد ان وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين؟

الحقيقة اني اعتقد ان الاستعمار يلعب بورقة واحدة في يده يقصد التهديد فقط ولكن لو انه احس ان بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلون القوة بالقوة لانسحب على الفور".
ثم نقل اليوزباشي جمال عبد الناصر مدرسا بالكلية الحربية ثم مدرسا بمدرسة الاسلحة الصغيرة.
وكان اسم جمال عبد الناصر هو الاسم الذي تثور جميع زوجات الضباط الاحرار لمجرد سماعه. فقد كانت هؤلاء الزوجات يعرفن ان اسم جمال عبد الناصر هو الوحيد القادر على انتزاع الازواج من بيوتهم في اي وقت وكل وقت دون معارضة او تردد.

عبد الحكيم عامر
كان في منقباد ثم نقل مدرسا بمدرسة الكتاب العسكريين، ولما وقع حادث 4 فبراير كان يحضر اجتماعات الضباط في ناديهم وفي احد هذه الاجتماعات اتفق عبد الحكيم عامر مع زملائه على عمل حركة تظهر تذمر الضباط من الحكومة القائمة.

جمال سالم
وكان الطيار جمال سالم ثالث ثلاثة يمثلون الثورة في سلاح الطيران.
وحدث مرة ان كان جمال سالم يسير في احد شوارع مصر الجديدة في طريقه لحضور احد الاجتماعات التي كانوا يعقدونها في منزل زميل لهم وتصادف ان قابله احد الضباط وسأله عن وجهته فقال جمال سالم انه ذاهب ليسهر مع بعض اصدقائه في منزل واحد منهم، فقال له الضباط انه سمع ان المباحث العامة تتعقب مجموعة من الضباط بينهم اخوان: احدهما طيار والآخر ضابط في الجيش وذكر له اسماء بعض الذين يجتمع جمال معهم وقال ان المباحث تراقبهم لان تقريرا ورد الى رجال البوليس ان هؤلاء الضباط يدخنون الحشيش ويشربون الخمر، واراد جمال سالم ان يموه على هذا الصديق فعرض عليه ان يصحبه معه في سهرته فاعتذر الصديق وقال له: مرة ثانية..
وبدأ الضباط يحتاطون من رجال المباحث ويغيرون مكان اجتماعهم في كل مرة.

صلاح سالم
وكان الملازم اول صلاح سالم ممن يتولون توزيع المنشورات فكان يخرج بالليل يحمل معه رزما من هذه المنشورات ويقوم بوضعها في صناديق البريد المختلفة.
وحدث في ليلة ان خرج هو وجمال عبد الناصر لتوزيع المنشورات فوقفت بهما السيارة على بعد من احد الصناديق وبقي جمال عبد الناصر فيها وترك صلاح سالم يحمل عددا من الاظرف بداخلها المنشورات وقبل ان يصل الى صندوق البريد تعثر في سيره فسقطت من يده الاظرف وتناثرت وكان يقف عن بعد من صندوق البريد جندي البوليس المكلف بالحراسة واخذ صلاح سالم وخشي ان يلاحظ الجندي ما حدث فراح يجمع الظروف في هدوء ومن حسن الحظ ان الجندي الحارس لم يلحظ شيئا ووضع صلاح سالم الخطابات في الصندوق وعاد مسرعا الى السيارة التي انطلقت بهما الى صندوق آخر.

أنور السادات
في شهر اغسطس عام 1942 بلغ الضباط من اعضاء جمعية السرية الاولى ان مدير المخابرات قابل وزير الحربية وعلم الضباط ان هذه المقابلة تخفي سرا خطيرا فقد علمت المخابرات ان بعض الضباط يعقدون الاجتماعات ويخفون الاسلحة. وعاد انور السادات في مساء اليوم الى منزله وما ان دخل حتى فوجئ بحوالي 50 جنديا من مصريين وانجليز يهاجمونه في منزله ويأخذون في تفتيش المنزل وتذكر انور السادات اثناء التفتيش ان لديه طبنجة زيادة على عهدته الميري وكان ذلك يعد جريمة عسكرية وبينما هو يفكر في كيفية اخفائها اذ به يفاجأ بالصاغ سيف البزل خليفة"اللواء الان"وكان من بين القوة التي هاجمت المنزل يهمس في اذن انور السادات قائلا:"لقد عثرت على الطبنجة واخفيتها في جيبي".
واخذ انور السادات الى سجن الاجانب فرفض ان يسجن فيه وقال لمأمور السجن"جردوني من رتبتي اولا ثم اسجنوني في هذا السجن"فنقل انور اليوم التالي الى معتقل المنيا.
ويقول انو السادات ان في حياته امرأة هي التي وهبته الارادة والقوة، هذه السيدة هي جدته لوالده فهي التي تولت تربيته.. ثم يستطرد"رأيتها تأمر الرجال فيأتمرون بامرها، ورأيتها تحل مشاكلهم فيمتثلون لرغبتها ورأيتها تبيت في الحقل الى جوار الساقية ورأيتها تعمل في الغيط وتشرف على الابقار..
وعندما اعتقلت رفضت ان تزورني وقالت لمن دعاها لزيارتي:
- لا استطيع ان ارى انور بين اربعة جدران مغلقة عليه.. ووراء باب لا يستطيع ان يحطمه ليخرج!
وبلغتني هذه الكلمات فهربت من السجن وذهبت اليها لأراها..".

عبد اللطيف البغدادي
بعد حادث 4 فبراير توجه الطيار عبد اللطيف بغدادي مع بعض الضباط ومنهم صلاح سالم الى احمد حسنين رئيس الديوان الملكي، وقال الضباط لرئيس الديوان انهم قرروا الثأر من الانجليز ورد الاهانة التي انزلوها بالبلاد فقال لهم حسين:
- اصبروا شويه واحنا لما نحتاج لكم سوف نطلبكم.
وخرج بغدادي ومن معه من عند حسنين يشعرون بخيبة الامل وصمموا على ان ينتقموا دون اخطار رئيس الديوان.

حسن إبراهيم
قرر الطيار حسن ابراهيم مع زملائه ان يتصلوا بالضباط الالمان للتعاون معهم ضد الانجليز واختاروا ليلة كان حسن ابراهيم فيها الطيار النوبتجي واعدوا طائرة ليطير بها الطيار حسن سعودي الى الصحراء الغربية واعد حسن ابراهيم كل شيء وبعد ان طارت الطائرة ذهب وابلغ رياسة السلاح عن هرب احد الطيارين بطائرة من طائرات السلاح وحوكم حسن ابراهيم بوصفه مسؤولا عن الحادث واصدر المجلس قرارا بتأخير اقدميته وظل هذا الحكم قائما الى ان قامت الثورة فصححت الوضع بالنسبه له.

حسين الشافعي
كان اليوزباشي حسين الشافي في سلاح الفرسان وكان يتولى نشر الدعوة بين زملائه الضباط وتوزيع المنشورات عليهم، وكان مؤمنا بحيوية الشعب، وقدرته على استخلاص حقوقه.

زكريا محيي الدين
كان زكريا من الشبان الثائرين وكان مشهورا بقدرته على ضبط اعصابه والتظاهر بالبراءة التامة رغم انه كان على اتصال بكل الحركات السرية التي تجري في الجيش.

كمال الدين حسين
كان الملازم اول كمال الدين حسين ضابطا بمدفعية الميدان بالماطه وكان يمثل الفدائية بأجل معانيها وكان هو الذي يتولى توزيع المنشورات واخذ على نفسه مسؤولية ايصال هذه المنشورات الى جميع ضباط الجيش، ومما يذكر ان كمال الدين حسين كان اول المتطوعين في حرب فلسطين فطلب احالته الى الاستداع وترك زوجته واولاده وذهب ليحارب مع الفدائيين في فلسطين.

الدكتور نور الدين طراف
كان الدكتور نور الدين طراف طبيبا في وزارة الصحة في قسم رعاية الطفل، وكان ايضا سكرتيرا لنقابة الاطباء.
طلبه المرحوم الدكتور عبد الواحد الوكيل وكان وزيرا للصحة في ذلك الوقت وقال له:
- لقد اتصل بي رفعة النحاس باشا وطلب مني نقلك لاسوان لان ادارة الامن العام رفعت له تقريرا تقول فيه انك تعقد اجتماعات في عيادتك بالجيزة وقد حاولت ان اقنع النحاس باشا انك طبيب كفء ولكنه مصمم على نقلك.
فقال له الدكتور طراف: هذا كلام لا اساس له لانني احضر الان لامتحان الدبلوم في امراض النساء والولادة وليس لدي من الوقت ما يسمح لي بعقد مثل هذه الاجتماعات، واذا ما اصررتهم على نقلي الى اسوان فانا مضطر الى الاستقالة حتى لا احرم من اداء الامتحان.
فقال الدكتور الوكيل، طيب روح قابل محمود غزالي.. وكان مديرا للامن العام.. وشوف الحكاية ايه..
ويقول الدكتور طراف انه ذهب وقابل محمود غزالي فقال له انه اطلع فعلا على التقرير ومع ذلك فانه سيعد تقريرا آخر في صالح الدكتور طراف ما دام انه يؤكد ان مثل هذه الاجتماعات لا تتم.
ويستطرد الدكتور طراف قائلا: انه فعلا كان يعقد اجتماعات في عيادته ولكن في هذا الوقت بالذات الذي قدم فيه التقرير كان مشغولا بالامتحان ولم يكن يعقد مثل تلك الاجتماعات.

فتحي رضوان
كان فتحي رضوان يترافع في قضية مخدرات في اسوان وبعد ان انتهى من المرافعة قصد الى غرفة وكيل النيابة وبينما هو عنده اذا ببرقية من النائب العام تطلب القبض على فتحي رضوان وتسليمه الى النيابة العامة في القاهرة.
وبات فتحي رضوان ليلته في اسوان تحت الحراسة وفي اليوم التالي نقل مكبلا بالحديد الى القاهرة وفي مكتب النائب العام، وكان المرحوم عبد الرحمن الطوير، علم ان الامر الذي صدر لم يكن بالقبض عليه وانما كان يطلب حضوره للتحقيق فقط، وكان التحقيق خاصا بقضية هرب عزيز المصري وبعد انتهاء التحقيق سمح له بالانصراف.
وفي الصباح الباكر من اليوم التالي كان فتحي رضوان جالسا مع السيدة حرمه في شرفة داره يتصفح الجرائد فاخبرته السيدة حرمه ان شخصا في الطريق ينظر اليهما ثم يختفي ونظر فتحي رضوان ففهم الامر فقد كان الشخص الذي يراقب المنزل ضابطا من ضباط المباحث العامة، فنادى عليه ودعاه للدخول وفوجئ فتحي رضوان بان الضابط يحمل امرا بتفتيش المنزل وامراً آخر بالقبض عليه.
ونقل فتحي رضوان الى سجن الاجانب وصدر الامر العسكري باعتقاله وبقي في السجن بضعة شهور خرج بعدها ليترافع عن المتهمين في القضية التي اعتقل بسببها.. قضية هرب عزيز المصري.

أحمد حسن الباقوري
كان في عام 1942 مدرسا بمعهد القاهرة واصدر الحاكم العسكري امراً باعتقاله ووضع في سجن الاجانب، وبعد اسبوع نقل الى معتقل المنيا وهو المعتقل الذي كان معدا للمعتقلين المتطرفين.
وكان المعتقل يضم 85 شخصا بينهم 24 ازهريا واتفق المعتقلون على انتخاب الباقوري زعيما لهم، وفي المعتقل بدا الباقوري يتعلم اللغة الانجليزية.
وحدث مرة ان اضرب المعتقلون واخذوا يقذفون بالاسرة والشبابيك والابواب خارج المعتقل واذا بالبوليس يحاصر المعتقل ولما استمر المعتقلون في تحطيم ادوات المعتقل ومفروشاته بدأ البوليس يطلق عليهم النار.
وكان الباقوري يقف مع احد المعتقلين وهو المرحوم الدكتور حسن نور الدين احد رجال الحزب الوطني القادمى يشربان القهوة فاذا برصاصة تدخل الغرفة وتمر من فوق رأس الباقوري وازداد هياج المعتقلين، واشتد البوليس في اطلاق النار ولما احس الباقوري بخطورة الحالة جاء بعصا وربط في طرفها منديلا ابيض ورفعه في الهواء وفجأة وقف اطلاق الرصاص وخرج الباقوري يتفاوض مع رجال البوليس في وقف المعركة وفعلا انتهت بان استجاب رئيس المعتقل لطلبات المعتقلين.
وبعد انتهاء المعركة نظم الباقوري قصيدة شعر يسب فيها مصطفى النحاس رئيس الوزراء والحاكم العسكري وطبعت القصيدة في منشورات وموقعة بامضاء الباقوري ووزعت في جميع انحاء القطر المصري وبلغ امرها الى النحاس الذي هاج بسببها وامر بمعاملة الباقوري معاملة في غاية السوء.
وكان الباقوري هو المعتقل الوحيد الذي رفض ان يزوره اهله في المعتقل.

الدكتور عبد الرزاق صدقي
عاد الدكتور عبد الرزاق صدقي من اوروبا بعد ان نال شهادة الدكتوراه في علم تربية الحيوان وعين بوزارة الزراعة في قسم تربية الحيوان ورقي بسرعة حتى وصل الى منصب وكيل القسم.
ولما عين الاستاذ احمد عبد الغفار وزيرا للزراعة واعجب بشخصية الدكتور عبد الرزاق صدقي واطلع على الشهادات التي حصل عليها، استدعي مدير قسم تربية الحيوان وكان الاستاذ عبد العزيز عبد الله سالم وقال له احمد عبد الغفار:
- اسمع انت من الان تعتبر نفسك"طرطور"! اي لا دخل لك باعمال القسم وتترك للدكتور عبد الرزاق صدقي سلطة الاشراف على اعمال القسم وبذلك كان الدكتور عبد الرزاق صدقي وكيلا لقسم تربية الحيوان اسما ومديرة فعلا!.

الدكتور محمود فوزي
كان الدكتور محمود فوزي عام 1942 في باريس فقد كان يعمل سكرتيرا اول في المفوضية المصرية فيها وكان الدكتور فوزي من المتحمسين ضد الانجليز ولما وقع حادث 4 فبراير حاول ان ينقل الى القاهرة حتى يشترك في الحركات الوطنية ولكنه لم يمكن من ذلك وكان يكتب لاصدقائه من باريس خطابات مطولة يتحدث فيها عما يشعر به من الم من الاعتداء الصارخ الذي وقع على البلاد ويطلب موافاته بما يدور وراء الكواليس لان تقارير الوزارة الديبلوماسية لم تكن تعطي الصورة الحقيقية لحالة البلاد.

جندي عبد الملك
كان الاستاذ جندي عبد الملك في عام 1942، يعمل مستشارا في محكمة النقض

أحمد الشرباصي
اما المهندس احمد الشرباصي فكان معروفا انه من اكفأ وانشط مهندسي وزارة الاشغال وكانت جميع تقارير المفتشين عنه تطلب ترقيته ترقيات استثنائية تقديرا لكفاءته حتى وقي الى باش مهندس مشروعات ري الدلتا وكان اصغر مهندس ري يتولى هذا المنصب.

أحمد حسني
كان الاستاذ احمد حسني رئيسا لمحكمة بني سويف ثم نقل افوكاتو عموميا، ويقول وزير العدل: في تلك الايام كان هناك افوكاتو عمومي واحد فقط فكانت مسؤولياته ضخمة وكانت القضايا في هذا الوقت كثيرة لقيام الحكم العسكري وكثرة الاعتقالات وتدخل الانجليز.
فكان يعمل كل يوم 18 – 19 ساعة على الاقل، ولم يكن يجد من الوقت ما يسمح له بمقابلة اصدقائه.

الدكتور عبد المنعم القيسوني
نال الدكتور عبد المنعم القيسوني شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من لندن عام 1942.
ويقول الدكتور القيسوني: لما حصلت على الدكتوراه كانت الحرب العالمية لا تزال قائمة، ولم يكن في مقدور اي مصري العودة الى بلادهم الا بصعوبة كبيرة لتعذر الملاحة في البحر الابيض المتوسط، لذلك بقيت في انجلترا وقررت ان اعمل حتى اعود الى وطني، ولم اتردد في قبول وظيفة كاتب صغير باجر ضئيل وجدتها خالية في بنك باركليز على الرغم من اني احمل شهادة دكتور في الاقتصد.
واخلصت لعملي ولم اهون من قيمته وقدره بل اقبلت عليه، وبذلت فيه اقصى جهدي وكوفئت على ذلك بان رقيت الى منصب اعلى.
وعاد الدكتور القيسوني الى وطنه عام 1944 ليعمل مدرسا في كلية التجارة.
الجـــــيل/ حزيران- 1955