المستشفيات الأهلية  اطلالة على بداياتها واشهر اطبائها

المستشفيات الأهلية اطلالة على بداياتها واشهر اطبائها

د. حيدر حميد رشيد
يعود تأسيس أول مستشفى خاص لطبيب عراقي إلى العام 1936، وهو"مستشفى الصالحية"الذي أسسها الدكتور يحيى رفعت، وكان هذا المستشفى يضم أربعين سريراً، وقد زود بمختلف الأجهزة الحديثة يومذاك من بينها جهاز أشعة رونتكن ومختبرات للتحليل ومعدات خاصة بالتداوي بالأشعة فوق البنفسجية.

ازداد أعداد المستشفيات الأهلية بعد تضافر جهود الأطباء والجمعيات الطبية والخيرية والمحسنين في إنشائها، وقد عالجت مختلف الأمراض التي عانى منها العراقيون يومذاك. فشهدت المرحلة التاريخية الممتدة بين عامي 1943 و1958 تأسيس عدد من المستشفيات الأهلية. ففي عام 1943 جرى افتتاح"مستشفى دار الرشيد"بإدارة الدكتور جاك عبودي، وهو مستشفى خاص بالأمراض العقلية، وفي سنة 1946 أفتتح"مستشفى دار السلام"في جانب الرصافة من بغداد بإدارة الدكتور وليم وكز (William Wiks)، وأفتتح الدكتور محمد صالح مستشفاه في عام 1949 بجانب الكرخ من بغداد في منطقة الصالحية.
وأنشأ الدكتور كمال السامرائي مستشفى خاص بالأمراض النسائية والتوليد، وأفتتحه عام 1950، وكان يقع في محلة السعدون، وعرف باسم"مستشفى السامرائي"وفي عام 1954 أنتقل المستشفى إلى بنايته الجديدة في منطقة العلوية على الشارع العام (وهو اليوم شارع النضال)، وقد زودت البناية الجديدة بغرفة خاصة للأطفال، وغرفة أخرى للعيادة الخارجية والحالات الطارئة، وقد أحتوى على (25) سريراً منها عشرون سريراً للدرجة الأولى وخمسة أسرة للدرجة الثانية، وفيه صالتان أحدهما للعمليات والثانية للتوليد.
وفي العام 1950 أيضاً افتتحت"مستشفى سان روفائيل"المعروف باسم"مستشفى الراهبات"في منطقة الكرادة الشرقية (رخيتة) ببغداد بجهود الراهبات التقدمة في العراق والدكتور حنا خياط، وهو مستشفى خاص بالأمراض الباطنية والنسائية والتوليد والجراحة، وقد احتوى على (46) سريراً منها (22) للدرجة الأولى و (24) للدرجة الثانية، وفيه عدد من صالات العمليات. وفي عام 1955 جعل المستشفى مركزاً تدريبياً لمهنتي القبالة والتمريض، كما جرى في العام 1958 افتتاح مستوصف داخل المستشفى لتقديم المعالجة للمرضى المراجعين.
وفي العام 1954 أفتتح مستشفى"مسيح"في شارع الرشيد ببغداد بجوار سينما روكسي، وكان الدكتور داود مسيح مديره المسؤول، لكن هذا المستشفى لم يستمر بالعمل طويلاً، إذ سرعان ما أُغلق في عام 1955.
وشهد منتصف العام 1955 افتتاح"مستشفى الإمام"في منطقة الكرادة الشرقية (أبو قلام)، وقد أختص بالجراحة العامة، وقد احتوى على (20) سريراً منها (7) للدرجة الأولى و(8) للدرجة الثانية و (5) الدرجة الثالثة، وانيطت إدارته عند افتتاحه بالدكتور محمد علي الإمام والدكتور سلمان درويش.
وفي 6 نيسان 1956 أُفتتح"مستشفى الحيدري"، بمنطقة العلوية شارع المثنى بن حارثة الشيباني، هو مستشفى خاص بالولادة ومعالجة الأمراض النسائية والجراحة العامة، وقد بلغ عدد أسرته (20) سريراً جميعها كانت من الدرجة الأولى.
وبتاريخ 2 حزيران 1956، أفتتح الدكتور عبد الحميد سليمان فيضي مستشفاه الذي عرف بـ"مستشفى فيضي"في منطقة السعدون ببغداد بالقرب من القصر الأبيض، وهو خاص بالأمراض الباطنية وجراحة القلب والصدر والجراحة العامة. وقد احتوى على (44) سريراً منها (20) سريراً للدرجة الأولى و(16)سريراً للدرجة الثانية و(8) أسرة للدرجة الثالثة، وفيه صالتان للعمليات وعيادة خارجية ومختبرات للتحليلات المرضية، وفيه شعبة للأشعة، وفي عام 1957 أنشأ الدكتور سلمان فائق مستشفى خاص بالجراحة العامة، وقد احتوى على (18) ردهة.
لم يقتصر افتتاح المستشفيات الأهلية على مدينة بغداد لوحدها، فقد شهدت بعض الألوية افتتاح عددٍ منها. ففي عام 1956 جرى افتتاح"مستشفى السعدي"في مدينة البصرة، وفي العام 1957 أُفتتح في مدينة السليمانية"مستشفى دوكان"، وقد انيطت بالدكتور وديع حبوش مسؤولية إدارته.
على العموم كان هناك (13) مستشفى أهلي عام 1956، لكن عددها انخفض في العام الذي تلاه إلى (11) بسبب توقف"مستشفى الأرسالية الأمريكية" عن العمل في لواء العمارة، و"مستشفى زبلن"في سامراء.
وقد أدت هذه المؤسسات الصحية خدماتها لأبناء البلاد خلال تلك المرحلة، وهي لم تقل شأناً عن المستشفيات الحكومية أن لم تكن ارقى منها، لكنها اختلفت عنها في أمرين أولهما يتعلق بأنسيابية العمل فيها، والثانية ارتفاع أسعارها، الأمر الذي جعل مراجعتها مقتصرة على الموسورين مالياً في حين أن المستشفيات الحكومية قد قدمت خدماتها إلى الأعم الأغلب من المجتمع وبأسعار مناسبة.
ومن المناسب جداً أن نشير هنا إلى أن المستشفيات الأهلية خضعت في ممارسة عملها إلى القوانين والأنظمة التي تصدرها الحكومة، منها نظام رقم (68) لسنة 1956، فقد حصرت المادة الأول منه، فتح مستشفى خصوصي بالطبيب المجاز بممارسة مهنة الطب في العراق بشرط أن لا يكون موظفاً أو مستخدماً في مؤسسة حكومية رسمية أو شبه رسمية، والزمت المادة الثانية من النظام الطبيب الراغب بمنح اجازة فتح مستشفى خصوصي تقديم طلب بهذا الشأن إلى وزارة الصحة، على أن يتم منحه الإجازة بعد التثبت من الشروط الآتية:
1- موقع المستشفى مع نسخة من التصميم التفصيلي للبناء بشرط أن يكون بناء وحدات المستشفى مستوفية للشروط الصحية المطلوبة.
2- توفير الأجهزة الطبية اللازمة لعمل المستشفى.
3- تحديد نوع الأعمال الطبية المراد ممارستها.
4- توفير العدد الكافي من الآلات التعقيم والتطهير.
5- أن لا يقل عدد الاسرة في المستشفى عن عشرة أسرة.
6- تحديد عدد الأطباء الأخصائيين الذين يعملون بالمستشفى.
والزمت المادة الرابعة من النظام إدارة المستشفى الأهلي العمل بما يأتي:
1- مسك سجل بالمرضى الداخلين.
2- مسك سجل للعمليات التي تجريها المستشفى يدون فيه نوع العملية وتاريخ القيام بها ونتائجها واسم الطبيب الذي أجراها والطبيب المساعد والمخدر أن وجد مع توقيعهم على أن تزود السلطات الصحية بقوائم مطابقة في بداية كل شهر.
3- مسك سجل لحسابات المستشفى تدرج فيه المقبوضات والمدفوعات وفق الأصول الحسابية المعروفة.
4- اتخاذ دفاتر وصولات للمبالغ المستلمة من قبل الرواد لحساب المستشفى.
5- إعداد محافظ لربط جميع التقارير التي تنظم في المستشفى.
6- تهيئة تقرير شهري عن أعمال المستشفى وتقديمه بنسختين إلى رئاسة صحة اللواء الذي يوجد فيه.

* يحيى رفعت: ولد الدكتور يحيى رفعت في مدينة بغداد عام 1879، تخرج في كلية الطب في استابنول، وهو حائز على شهادات متعددة وعين في عدة وظائف منها تدريس علم التشريح في مدرسة موظفي الصحة.

* جاك عبودي شابي: (1908 – 1980): من أعلام اليهود في العراق، ولد في مدينة البصرة عام 1908، اتم دراسته الثانوية في بغداد، التحق في الدورة الأولى للكلية الطبية، وتخرج منها عام 1932، أوفد إلى لندن للاختصاص بالطب العصبي، وعند عودته إلى بغداد عين طبيباً في المستشفى الملكي ببغداد في آب 1933، عين في عدة وظائف منها استاذاً مساعداً في الكلية الطبية عام 1939 ومديراً لمستشفى الأمراض العصبية والعقلية عام 1948، أسس عيادة طبية ومستشفى خاصاً، فترك خدمة الحكومة بعد عام 1950 ليتفرغ إلى إدارة مستشفاه، غادر العراق عام 1971 إلى لندن وعمل فيها طبيباً. توفي في العاصمة البريطانية في 18 تموز 1980

* كمال السامرائي: من مواليد سامراء عام 1914، درس الابتدائية في سامراء، والمتوسطة في مدينة الحلة، والثانوية في مدينة بغداد، ثم دخل كلية الطب ببغداد، وتخرج منها عام 1938، وحاز على درجة الماجستير في الجراحة النسائية عام 1943، شغل عدداً كبيراً من الوظائف منها، مدرس في قسم الأمراض النسائية والتوليد في المستشفى الملكي، أستاذ مشارك في قسم الأمراض النسائية والتوليد بكلية طب بغداد عام1946 أستاذ الأمراض النسائية والتوليد بالقسم، وهو أول من حصل على هذه الدرجة العلمية من العراقيين الذي تخرجوا من الكلية الطبية الملكية، ورئيس قسم النسائيات عام 1951، حاصل على عضوية الكلية الملكية البريطانية في الأمراض النسائية والتوليد، أستاذ متمرس بجامعة بغداد، أشترك في أكثر المؤتمرات الطبية في البلاد العربية والأجنبية، وهو أول من قُبلت بحوثه للنشر في مجلة الأمراض النسائية والتوليد البريطانية، منح عام 1956 شهادتي العضوية والزمالة من كلية الأمراض الولادية والنسائية الملكية البريطانية. أحيل على التقاعد بتاريخ 8 نيسان 1976، وكان يشغل منصب رئيس قسم الأمراض النسائية في كلية الطب ومستشفى مدينة الطب، حصل على وسام المؤرخ عام 1978.


عن رسالة
(الاوضاع الصحية في العراق 1945 ـ 1958)