هل تتوفر الإرادة السياسية للإصلاح الاقتصادي

هل تتوفر الإرادة السياسية للإصلاح الاقتصادي

علي نافع حمودي
الجميع يصرخ على البطالة، والجميع يبحث عن فرص عمل، شاهدنا هذا في مصر وتونس وسلطنة عمان والعراق، ولا أحد يمتلك الرؤية الصحيحة لتجاوز هذه المشكلة.في العراق نكاد نفتقد لقاعدة البيانات التي نستطيع من خلالها التحرك لمعالجة الكثير من مواطن الخلل الموجودة

والتي تتعرض أحيانا كثيرة للمبالغة، وعدم وجود قاعدة بيانات تتحملها الحكومة والقوى السياسية التي وقفت بالضد من أية عملية حضارية من شأنها أن تجعل مصداقية لما يتم تداوله من أرقام تبدو في أحيان كثيرة مبالغاً فيها من طرف، ومقللا منها من طرف آخر.
وباعتقادي أن أية حلول لا تستند لقاعدة بيانات تكون حلولا غير ناجحة وغير منطقية ولا يمكن التعاطي معها إلا عبر اجتهادات شخصية بحتة.
لهذا فإن عملية تأجيل التعداد العام للسكان وما يمثله من قفزة كبيرة في معرفة ما يحتاجه البلد، يمثل هذا التأجيل ضربة قاضية لأية عملية تنمية بشرية في العراق، وبالتالي فإن أية حلولا ستطرح كما قلنا هي لا تستند لبيانات دقيقة وإنما ستكون عبارة عن تقديرات واجتهادات تخطأ هنا وتصيب هناك لكنها في كل الأحوال غير دقيقة.
ولا يمكن أن يتم القضاء على البطالة عبر عملية واحدة وهي عملية التعيينات التي تخضع للمحسوبية أكثر مما تخضع للكفاءة والاستحقاق، وفي محافظة مثل ديالى كانت هنالك تجربة ناجحة جدا في التعاقد مع عشرين ألف من الخريجين وغيرهم في دوائر الدولة المختلفة في نطاق عملية بشائر الخير، حيث تم اعتماد تعيين شخص واحد من كل عائلة على ضوء رقم البطاقة التموينية، وشهدت عملية التعاقد مع هؤلاء عدالة بنسبة عالية جدا لأنها كانت بعيدة عن أيدي مجالس الأقضية والمحافظة وتكللت بالنجاح في بدايتها، إلا إن بعض المفسدين والفاسدين أنهوا عقود عشرين ألف بقرار إداري سياسي وليس اقتصادياً أو إنسانياً دون أن يدفعوا لهم مستحقاتهم كاملة، وبالتالي كانت الغاية زيادة أعداد العاطلين عن العمل في محافظة غير مستقرة، ومن الضروري هنا أن نشير لنقطة مهمة بأن هنالك إرادة سياسية في ابقاء حالة البطالة والفساد مستمرة في البلد بغية تحقيق مكاسب فردية بحتة وهذا ما يتخوف منه المواطن العراقي خاصة وسط إطلاق التعيينات التي ستخضع للمحسوبية كما هو الشأن في السابق، لأن آليات التعيين لا زالت بيد بعض الفاسدين في هذه الوزارة أو تلك، ومن يقول بأن دوائر الدولة لا تحتاج عمال وموظفين فهو مخطئ جدا، خاصة في جانب الخدمات فجميع البلديات تحتاج ووحدات ودوائر المجاري هي الأخرى تحتاج وبكثافة ولكن لا أحد ينتبه لهذا مطلقا، أحد أقضية محافظة ديالى وهو قضاء الخالص، عدد عمال المجاري فيه لا يتجاوز أصابع اليد، وبالإمكان تعيين مجموعة كبيرة في هذا الميدان المهم والحيوي والذي يحتاج لتواصل وإدامة.وهذا ينطبق على جميع مدن العراق قاطبة لأن الخلل متشابهة عند الجميع.
الباب الثاني الذي من شأنه أن يمتص البطالة يتمثل بفتح منافذ البناء سواء الوحدات السكنية أو المدارس والمشاريع الأخرى، والجميع يعرف أهمية هذا القطاع في توفير فرص عمل لمهن عديدة أهمها الأيدي العاملة في البناء وورش الحدادة والنجارة وغيرها ولفترة زمنية طويلة من شأنها أن تحل مشاكل الكثير من المواطنين الباحثين على عمل.
أما الجانب المهم وهو شركات الاستثمار في قطاعات كالنفط مثلاً فإنها لن تكتفي بتوفير فرص عمل للعراقيين بل قد نحتاج إلى استيراد أيدي عمل من الخارج، وبالتالي فإن الكثير من الحلول متوفرة بأيدي الحكومة.