الامير فاروق الكشاف الاعظم

الامير فاروق الكشاف الاعظم

رسالة الكشافة
حركة الكشافة حركة تدريب الناشئة والفتيان على المبادئ التي تنمي العقل والجسم، وتثبت روح الفضيلة في نفوس افرادها، وتحملهم على الشجاعة والاقدام عند اللزوم، وتعودهم الاعتماد على النفس، وتغرس في قلوبهم محبة الناس ونفعهم ومساعدتهم دون انتظار مكافأة أو أجر.

وقد برهنت التجارب في البلاد الاوربية، التي ادخلت نظام الكشافة عندها، على ان كل ناشئ انتظم في سلكها اصبح أمضى عزيمة، واعظم نشاطاً، وانفع لقومه من غيره.
فرأى جلالة مولانا الملك ان يدخل هذا النظام في مصر لينهض بالناشئة المصرية ويربيهم على تعاليمه المفيدة، فأصدر أمره الكريم بانشاء أول فرقة كشافة في مدرسة الاوقاف الملكية الثانوية، واحاطها جلالته بعنايته ورعايته.
ثم انتشرت الفرق بعد ذلك في سائر مدارس الاوقاف وفي مدارس وزارة المعارف والمدارس الاهلية. وتأليف جمعية للكشافة تضم تحت لوائها هذه الفرق.
مثل أعلى
وحركة الكشافة كما قلنا هي حركة ناشئة وفتيان. ولذلك فان المدربين لهم يجب ان يحتفظوا اثناء تدريبهم بهذا الطابع الذي يستوي فيه جميع الافراد من صغار وكبار، ولما كان فتيان الكشافة لابد لهم من "قدوة" و"مثل أعلى" يضعونه امام اعينهم ويكون لهم اماماً وقائداً، فقد اختارت كل دولة اخذت بنظام الكشافة اماما لكشافتها من بين افرادها سمته "الكشاف الاعظم" فالكشاف الاعظم في انجلترا هو السير بادن باول، ولكن الكشاف الاعظم في مقاطعة ويلز هو ولي عهد انجلترا والبرنس اوف ويلز"، والكشاف الاعظم في السويد ولي عهد السويد، والكشاف الاعظم في رومانيا هو ولي عهد رومانيا.
اقتراح مقبول
ولما كان الامير فاروق هو خير من يختار بين الفتيان المصريين ليكون كشافاً أعظم لفرق الكشافة المصرية، - الاستاذ عبدالله سلامة – اقتراحاً باختيار سمو الامير فاروق كشافاً أعظم.
ولكن هذا الاقتراح كان قد سبقه اقتراح آخر، فانه لما بلغ سمو الامير فاروق السابعة من عمره، عرض الاستاذ عبدالله سلامة نفسه اقتراحاً بانتخابه رئيساً لفرق الاشبال، فأجيب هذا الاقتراح، واختير الامير رئيساً للاشبال في القطر المصري.
ولما تجاوز الحادية عشرة من عمره – وهي اقصى سن للاشبال – اريد اختياره كشافاً أعظم، ولكن الظروف في ذلك الوقت اقتضت تأجيل الفكرة حتى تهدأ الاحوال. وفي سنة 1933 عادت الفكرة، فتحركت من جديد، ونفذت فعلا في ابريل من هذه السنة.
احتفال رسمي
ففي يوم 29 من هذا الشهر، أقيم في الجزيرة احتفال رسمي فخم لتنصيب الامير فاروق كشافا أعظم، حضره صاحب الجلالة الملك، وصاحبة الجلالة الملكة، والوزراء والعلماء ووزراء الدول المفوضون. وضم من المصريين والاجانب نحو خمسة عشر ألف نفس.
وامتلأ ميدان النادي بثلاثة آلاف كشاف ما بين أشبال وفتيان وجوالة.
ووقفوا صفوفاً على ثلاثة أقسام: الفتيان في الوسط، وعن يمينهم الجوالة، وعن يسارهم الاشبال، وتقدم الامير المحبوب بلباس الكشافة، وامامه الاستاذ عبدالله سلامة. ومن ورائه الى اليمن زكي الابراشي باشا رئيس جمعية الكشافة المصرية، والى اليسار خالد بك حسنين وكيل الكشافة، فوزير المعارف في ذلك الوقت حلمي عيسى باشا، وقصد اولا فرق الاشبال الواقفين في هيئة دائرة "ففتشهم" واهدوا اليه شعارهم "الطوطم" من الذهب.
يمين الكشافة
وبعد ان انتهى من "تفتيشهم" دخل الى فرق الفتيان، وكانوا مصطفين على هيئة حدوة الفرس، ففتشهم، ثم وقف في وسطهم فتقدم الاستاذ عبد الله سلامة وقدم لسموه العلم المصري فأمسكه سموه بيده.
وهنا حلف يمين الكشافة وحده دون تلقين، ونصها:
"اعد بشرفي انني سأسعى جهدي لأن اقوم بما يجب علي لله ولملكي وامتي، وأن اساعد غيري في جميع الظروف، وان اعمل بقانون الكشافة".
وعلى اثر ذلك اهدت فرق الفتيان علم لسموه.
ثم انتقل سموه الى فرق الجوالة "ففتشهم" واهدوا اليه عصاهم ذات الشعبتين.
وبعد ان فتش الفرق الثلاثة تقدم مع مرافقيه ووقف في وسط الميدان في مكان يتقدم هذه الفرق، ويتوسط بين المقصورتين الملكيتين. وهنا هتف الاستاذ عبد الله سلامة ثلاث مرات:
- ليحيى الكشاف الاعظم الامير فاروق!!
فردد هذا الهتاف ثلاثة آلاف كشاف تضمهم هذه الفرق، وعندئذ طفرت دمعة السرور من عيني جلالة الملكة، ثم صعد الكشاف الاعظم الى مقصورة والده الملك، فقبله جلالته قبلة الابوة الحارة، وهنأه.
وكان سرور مصر بهذا اليوم سروراً شاملا ملأ جوانب هذا الوادي.

كل شيء والدنيا/
تشرين الاول- 1935