علاقة الأفكار النقدية بالسلطة السياسية

علاقة الأفكار النقدية بالسلطة السياسية

يُعنى كتاب «علاقة الأفكار النقدية بالسلطة السياسية حتى القرن الرابع الهجري»، لمؤلفه أحمد حلمي عبد الحليم، بالبحث عن علاقة الأفكار النقدية بالسلطة السياسية عند العرب خلال الفترة الزمنية المحددة، وذلك من خلال تغير السلطة من حقبة زمنية لأخرى، إذ من خلال هذه العلاقة تستحدث آراء نقدية جديدة يتألف من تراكمها التراث النقدي في مجمله.


يكشف الكتاب بداية عن هاجس أساسي من هواجس النقد العربي وتجلي وظيفة مهمة من وظائف الخطاب النقدي، تتمثل في وعي النقد بضرورة نقد الذات، من خلال تأمل السياق الذي تدور فيه فاعليته، والتعرف إلى العوائق التي تحول دون قيامه بما يريد النهوض به من مهام ثقافية شتى.
كما يفرق عبدالحليم بين السلطة والقوة، فالقوة هي التي بواسطتها تستطيع أن تجبر الآخرين على طاعتك، في حين أن السلطة هي الحق في أن توجه الآخرين، ثم يوضح كيف تتعدد التعريفات التي تقدم للسلطة السياسية وكيف أنها تختلف بحسب الأيديولوجيا التي يتبناها صاحب التعريف، لتأخذ السلطة في تصور الكتاب أشكالًا تاريخية، حيث تظهر في حقبة معينة ثم يعاد إنتاجها من خلال تلك الحقبة لتصبح ضمن مكوناتها.
ويشرح الكتاب تجليات هذه السلطة في العصر الجاهلي حينما كانت السلطة للقبيلة، ومن ثم عصر صدر الإسلام الذي كانت الغلبة فيه إلى سلطة الدين «الوحي»، لنصل إلى سلطة الدولة التي يمثل العصر العباسي التجلي الأوضح لها ثقافياً.
ويرجع المؤلف أهمية النقد الأدبي خلال تلك الفترات لكونه مرتبطاً بحقول الثقافة المتنوعة، إلى جانب اهتمامه بقضايا المجتمع، ومراجعته للأنساق الثقافية المضمرة، من أجل فضح سيطرتها على الفكر.
يتعرض الكتاب إلى الدراسات السابقة التي أرّخت للنقد الأدبي، والتي قسمها إلى: التي عنيت بالمنهج التاريخي، التي عنيت بالدراسات الوصفية، ما ظهر على هيئة مصادر نقدية.
وليرجع أهمية هذه الأعمال إلى كونها تكشف الأنساق المضمرة داخل النصوص وفضح المسكوت عنه، فضلاً عن الكشف عن علاقة الناقد الأدبي بالسلطة السياسية، إضافة إلى دراسة الخطاب النقدي من خلال عنصر مهم من عناصر النقد الثقافي وهو تأثير السلطة في خلق أنساق ثقافية، ومعرفة مدى تأثير السلطة السياسية في خلق القاعدة النقدية، ومحاولة رؤية نقدية للماضي على أضواء من الحاضر.
ويبين المؤلف بشأن ظاهرة الإبداع الفني، انه أرجعها العرب القدامى إلى الشياطين، بينما أرجعها اليونانيون إلى ربات الشعر. كما ناقش الكتاب نشأة مصطلح الفحولة، التي تعني في اللغة المتصف بالقوة والغلبة، واصطلاحاً تعني «من له مزية على غيره كمزية الفحل»، وأرجعوا هذا إلى الاختصاص بالشعر، الكثرة.
وحول عصر الخلفاء الراشدين يتكلم الكاتب عن طبيعة الشعر بداخله وعلاقته بالسلطة، ثم ينتقل إلى العصر العباسي، متناولاً حياة العصر الأدبية وطبيعته الاجتماعية.