اظرف من عرفت للانسة ام كلثوم

اظرف من عرفت للانسة ام كلثوم

لقد عرفت كثيراً من الظرفاء، ولكل منهم نواحيه المحببة وخواطره البديعة. ولست استطيع ان أحدد أظرف من عرفت، وهل هو حسين الترزي، او البابلي، او دشه او غير هؤلاء من الظرفاء؟! ولكني أجد في حسين الترزي صورة فريدة في شذوذها الضاحك العجيب، فهو يمتاز عن كل من عرفتهم من الظرفاء بأنه كان أمياً،

ومع هذا كانت اكثر نكته وفكاهاته تدور حول الهندسة والجغرافيا وغيرهما من العلوم والفنون.وكان أعفهم لسانا في قفشاته، موهوباً ذكي الفؤاد يمضي الى أقصى حد من التعمق في الموضوع الذي يتحدث فيه ولا يتركه إلا بعد أن يوفيه حقه وزيادة ويأتي فيه بكل ما يخطر على بال .
وقد برع حسين في فكاهات الجناس اللفظي والجناس المعنوي معاً. وله فيهما روائع . وأذكر على سبيل المثال من جناسه اللفظي إن صديقاً له لفت نظره الى أحدب يسير في الطريق قائلاً:
- شايف الراجل ابو أنب فأردف حسين على الفور قائلاً:
- ده "أتى بمعجزة"!
- ومن جناساته اللفظية ، انه كان في مجس فسمع احد الحاضرين يصف موسيقيا مشهوراً بقوله:
- فلان ده موسيقي عظيم، بيوزع كويس (يقصد توزيع الموسيقى) فعلق حسين على ذلك قائلاً:
- صحيح.. أنا مرة شفته بيوزع واحد بايخ!
وكان عجيب الظروف، تارة تجده وقد توالت على لسانه القفشات والفكاهات، وتارة يغشاه الوجوم فلا ينطق بكلمة واحدة!
ولم يكن أحد يجاريه في بعد الخيال في فكاهاته.. حدث أن بحث أحد اصدقائه عن إناء يضع فيه بعض "الطرشي" فلم يجد. وهنا أشار عليه حسين بأن يضع الطرشي في "ترموس" قائلاً له:
- يبقى احسن.. عشان يفضل حراق 24 ساعة!
ومما يحضرني في فكاهاته الخالدة ما يلي:
* اراد احد الدباغين ان يتعلم العوم، فالبسوه قرعة، ولكنه اكلها فغرق!
* شوهد مُحدَث نعمة وهو يحمل حجراً ويدخل به وزارة الاشغال، وسئل عن هذا الحجر، فقال:
- ده عينة بيت!
* لاحظ حسين ان مئذنة أحد المساجد واطئة جداً فقال:
- اظن المؤذن بعد ما يؤذن عليها بيغطيها بفوطة!
* ولاحظ ان الساعة الموضوعة على واجهة بنك مصر، مرتفعة جداً عن مستوى انظار المارة، فقال:
- علشان الواحد يشوف الساعة كام لازم ينام على ظهره في الشارع!
* ومن فكاهاته اللطيفة ان احد محبيه عاتبه على عدم حضوره لعيادة مريض عنده، فقال له:
- طيب ياسيدي.. كنت هاتو لنا نزوره!
وقد عاش حسين الترزي ضاحكا رغم آلامه العديدة بين الفقر والمرض، ثم صعدت روحه المرحة الى بارئها فجأة وكأنما تلطفت به الأقدار فمات وهو يصعد الى سلم مسكنه الذي كان يحيا فيه وحيداً ولو ان القدر أمهله حتى يدخل مسكنه لما علم بموته أحد إلا بعد أيام...

الاثنين والدنيا /
كانون الاول- 1948