طالب مكي يحتج على (مجزرة النخيل) بمعرض شخصي

طالب مكي يحتج على (مجزرة النخيل) بمعرض شخصي

المفاجأة التي فاجأبها الفنان طالب مكي الوسط الفني في معرضه الاخير جعلت الناقد صلاح عباس يعلق أن هذا المعرض خرق لتاريخ الفن العام ولحظة اكتشاف.
وتضمن المعرض الذي حمل عنوان (نخيل) 37 عملا فنيا تمثل آخر أعماله، وقد جاء ليمثل تجاربه التشكيلية الأخيرة بأسلوب التجريد الذي يجسد فيه (مذبحة النخيل)،

وقد أعلن بلوحاته احتجاجه على ما يتعرض له النخيل العراقي من مجازر مروعة كما رآها وهي تنزل جذوعا تتمدد على الأرض، ويبدو ان هذا الموضوع استفزه للتعبير عما يدور في نفسه تجاه النخيل الذي اتخذ منه رمزا لمعاناة إنسانية.
ولأن الفنان طالب (79 عاما)، كما هو معروف عنه، لا يسمع ولا يتكلم، ولا يفهمه سوى ابنته مها التي تحدثت بلسانه، فقالت: "النخيل هو الموضوع الرئيس للوحات المعرض، حيث تمثّلت جذوع النخيل بأشكال هندسية وألوان متنوعة، وشمل 37 لوحة بقياسات متنوعة، وقد تم التحضير لهذا المعرض منذ العام 2010، لذا تراوحت سنوات إنجاز اللوحات من 2010 – 2015".
واضافت: "أراد والدي أن يعبّر عن المأساة التي عاناها العراق ولا يزال يعانيها وقد استخدم رمز النخيل للتعبير عن الألم الأنساني والدمار الذي لحق بالموروث الحضاري والبيئة والإنسان، وقام الفنان بتجربة أشكال جديدة وتجربة اسلوب جديد مغاير لأعماله السابقة، كذلك الطرح التجريدي الهندسي للشكل البيئي والإنساني والمعماري المحلي".
وتابعت: أن "الظروف البيئية المحيطة بالفنان أو المحيط الواقعي له التأثير الكبير في تكوين رد الفعل الفني أو التعبير الفني، وهو أمر طبيعي نظرا لما يمرُّ به واقعنا الحالي، إلا أنه لا يمكن التعميم بحالة الحزن في أعمال الفنان حيث تحمل اللوحات مناخات لونية متنوعة لا يمكن حصرها أو تحديدها ضمن أفق أو حالة نفسية محددة".
من جانبها أبدت الفنانة زينب الركابي إعجابها بالمعرض قائلة: "طالب مكي فنان مهم وفريد من نوعه، وإمكانيته في الرسم والتعبير مذهلة، وأجدني عاجزة عن إعطاء رأيي بأعماله".
واضافت: "استخدم أسلوب اللون والخطوط التي ترمز الى النخيل، فيما بعض أعماله لا تتجاوز العملين احتوت على وجوه خاصة بالفنان طالب مكي كأنه ينظر إلى هذه النخيل ويراقبها بحزن، هكذا شعرت وهذه الوجوه تشبه أعماله النحتية".
أما الفنان والناقد التشكيلي قاسم العزاوي فقد أبدى دهشته بالبهجة اللونية في اللوحات، قائلا: "طالب مكي بتجربته التشكيلية المغايرة في معرضه الذي اقامه على جدران قاعات الفنون التشكيلية، استخدم الاسلوب التجريدي لنقل مشهده البصري للمتلقي وهو يتناول موضوعة النخلة وما تعرضت له من تجريف ومذبحة، وقد نقل هذه المذبحة على شكل مستطيلات بيانية وبألوان بهيجة مرة وحزينة مرة أخرى".
وأضاف: "لكن لوحاته لا تخلو من البهجة اللونية، وهو الذي رسم للطفولة منذ نهاية الستينيات من القرن المنصرم ابان صدور مجلة المزمار ومجلتي لذا نلمس هذه البهجة اللونية في أعماله رغم عمره الطويل".
الناقد التشكيلي صلاح عباس، أكد أن "طالب مكي فنان نطق ببلاغة الصمت"، وأضاف "أتشرف بمتابعتي القريبة من تجارب فناننا المميز طالب مكي، وقد تسنت لي فرص الاطلاع القريب من مختلف تجارب هذا الفنان، في النحت، وفي رسم اللوحة الفنية، والرسم للاطفال وفي مجالات التصميم ايضا، فالفنان منتج للفن وغير معطل، ويعيش مختلف حالاته في عالم الالوان والخطوط والاشكال، لا لشيء، إلا ليمنح زمنه اهمية قصوى، مجسدا ما يعتمل في ذاته من ارهاصات ولحظات شعرية وقصود انسانية على درجة عالية من الرهافة الحسية".
واضاف: "في معرضه هذا قدم الفنان خلاصاته الاخيرة التي اختصرت افكاره وتصوره للوجود والحياة والكون، فالسمة التي تتسيد في منجزه، تكمن في تناوله للموضوعات الحاسمة في الحياة العراقية، ولكن بسبل اداء تتدانى من المنحى التجريدي، ولعل المتلقي يستطيع استكشاف بعض تلميحات عن وجود مواضيع اقرب للواقعية من التجيد".