وداد الأورفه لي: ترصد الحزن والامل موسيقياً

وداد الأورفه لي: ترصد الحزن والامل موسيقياً

ايناس محيبس

صحفية امارتية

وداد الأورفه لي قدمت في ألبومها أعمالاً رصدت الحزن والأمل.
الطموح لا يعرف حدودا.. والأمل ليس له عمر؛ هذا ما تؤمن به الفنانة العراقية وداد الأورفه لي، وكان الدافع لها لإصدار أول ألبوم موسيقي لها وهي في عمر الـ،82 معتبرة ان تأخر صدور الألبوم لا يعني تخليها عن طموحها الفني.

مشيرة إلى ان الألبوم الذي أطلقته مساء أمس في غاليري « الجدران الأربعة في دبي» بعنوان «أنغام عربية» يضم مقطوعتين قامت بتأليفهما وعمرها لا يتجاوز الـ13 عاما.
ووصفت الأورفه لي في حوارها لـ«الإمارات اليوم» الساحة الغنائية حاليا بـ«المتدهورة». مشيرة إلى ان «العملة الرديئة باتت تطرد الجيدة في عالم الغناء، وأصبح هناك ما يشبه الاستنساخ للألحان وكلمات الأغاني، وحتى ملامح الفنانات أصبحت تتشابه بفضل عمليات التجميل، ولم يعد هناك تغيير ملحوظ في الأغاني سوى الأزياء التي ترتديها الفنانات والراقصات في الأغنية، وأمام هذه الموجة الصفراء اضطر كثير من الملحنين للاعتزال.
وأشارت الفنانة العراقية التي عرفت كفنانة تشكيلية خلال السنوات الماضية، إلى ان التدهور لا يقتصر على الفن في العالم العربي، ولكنه امتد إلى كل أنحاء العالم، «فبعد أغنيات فرانك سناترا وما تحمله من رومانسية وموسيقى رائعة، تحولت الأغاني الآن إلى ما يشبه الصراخ بمصاحبة موسيقى مزعجة لا تعجبني». معتبرة ان «المزج بين الموسيقى القديمة من جهة والحديثة يمكن ان يعيد الأغنية العربية إلى الاعتدال مرة أخرى، بعد ما أصابها من خلل وتدهور».

رحلة إلى الأندلس
عن ألبوم «أنغام عربية»؛ قالت: «درست العزف على البيانو بعمر ست سنوات، وتتلمذت على يد أفضل أساتذة الموسيقى لأكثر من نصف قرن، ومنهم أستاذا البيانو التركي بهجت دادا العواد والإيطالي ألدو كاني، وأستاذا العود الكبيران صلاح القاضي وعلي الإمام، كما تعلمت العزف على آلة الأوكورديون، ولكن انصب تركيزي على الرسم وأقمت العديد من المعارض الفنية خلال السنوات الماضية»، وتضيف أن لقاءها منذ فترة قريبة بالفنان اللبناني إلهام مدفعي دفعها أن تسأله عن الشركة التي يتعامل معها في إنتاج أغنياته، «فأخبرني عن شركة إي ام اي ميوزيك البريطانية للإنتاج والتوزيع، وبالفعل أرسلت لحنين إلى الشركة، بعدها تم الاتفاق على إصدار الألبوم، الذي يتضمن لحنين قمت بتأليفهما في طفولتي هما لحن «جنون الفرح» الذي ألفته في عمر الثالثة عشرة». مشيرة إلى ان الأندلس التي استلهمت أجواءها، سواء في مجموعة لوحات تشكيلية قدمتها في معرض حمل عنوان «مدن الحلم»، ثم في أعمال موسيقية تعبر عن «رحلة من الأندلس إلى بغداد»، كانت ومازالت مصدر إلهام للعديد من الفنانين والمبدعين، و«لكن يظل لكل منهم أسلوبه في التعبير عن مشاعره نحوها.
وأضافت: «عندما زرت الأندلس شعرت بقلبي يدق بشدة من الانفعال، فمازال الإسبان يحافظون على طابعها العربي، وملامح الحضارة العربية التي قامت بها، والتي تظهر في كل شيء: الشوارع والمباني وفي الحلقات المعدنية المثبتة على الأبواب الخشبية للمنازل، والتي كانت تستخدم لربط الخيول بها، وأيضا في العادات والتقاليد وحتى في التشابه بين ملامح السكان مع الملامح العربية، وعندما وصلت إلى قصر الحمراء لم أتمالك دموعي من فرط الانبهار بما شاهدته من جمال العمارة والزخارف، ولحزني على ما وصلنا إليه الآن بعد كل هذه العظمة، وقتها شعرت بأن الأندلس أخرجتني من النفق، ودفعتني للمزيد من الإبداع».
وأرجعت وداد الأورفلي تأخرها في إصدار ألبومها إلى تنقلاتها المتعددة بين مختلف بلدان العالم برفقة زوجها الذي كان يعمل دبلوماسيا، بالإضافة إلى انشغالها بتربية أبنائها الثلاثة، وأيضا في الرسم وإقامة المعارض الفنية، وفي الاشراف على قاعة الفنون التي افتتحتها في العراق وكانت مركزا ثقافيا وفنيا مهما على مدى 20 عاما. مشيرة إلى ان موهبتها لا تقتصر على التلحين فقط، فلديها ديوان شعر شعبي خليجي، وقصائد بالفصحي، بالإضافة إلى ألحان تنتمي إلى فن «الجوبي» الشعبي المعروف في العراق. وأعربت عن أملها بأن تغني الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي إحدى قصائدها، وكذلك الفنان العراقي ماجد المهندس. كما أشادت بصوت الفنانة الأردنية الشابة زين عوض التي مازالت في بداية طريقها ولكنها تفتقد شركة إنتاج ترعاها.

ذكريات
في عودة لذكريات حياتها في العراق؛ قالت الأورفه لي: «في فترة الأربعينيات لم يكن هناك تلفزيون، وكانت وسائل الترفيه هي فقط قراءة الكتب والسينما وسماع الاسطوانات الموسيقية على جهاز الغرامفون، وكانت العائلات في بغداد تقوم بزيارة السينما بانتظام، إذ كانت دار السينما تقسم إلى الدرجة الشعبية، و«اللوج» وهي مقصورة تضم عددا من المقاعد مخصصة للعائلات، وفي تلك الفترة استمتعت بمشاهدة أعظم الأفلام الغنائية والاستعراضية العالمية، كذلك كان هناك اهتمام كبير بتعلم الموسيقى وسماعها، وأذكر أننا وصديقاتنا وفتيات العائلة كنا نجتمع مرة في الأسبوع لنستمع إلى احدث الاسطوانات الموسيقية التي نشتريها، وذلك باستخدام جهاز الغرامفون الذي كان يدويا في البداية ثم تطور وأصبح كهربائيا، كما كانت هناك مدارس لتعليم الرقص الغربي وكانت تجد إقبالا من فتيات العائلات في بغداد لتعلم رقصات الفالس والتانغو والرومبا وغيرها، وفي تلك الفترة كانت هناك دعوات متعالية لمنح المرأة المزيد من حقوقها، وعندما أعود لتلك الفترة أشعر وكأن العالم كله يتطور للإمام، بينما نعود نحن في الدول العربية للخلف.
وانتقدت الأورفه لي اتجاه العالم العربي لاستخدام التكنولوجيا الحديثة «في مجالات بعيدة عن المعرفة والفائدة»، موضحة ان كل الاختراعات الحديثة مثل التلفزيون والانترنت والهاتف المحمول وغيرها، لها دور كبير في تطوير الحياة وتحسينها، و«لكن أيضا لكل منها آثار جانبية، تماما مثل الأدوية، إذ أصبحنا نجد الأسرة مجتمعة في المنزل ولكن كل فرد منها مشغول بمتابعة التلفزيون، أو مع جهاز الكمبيوتر الخاص به، وأصبح نادرا ما يجمعهم حوار، أيضا لم تعد الأسرة تستطيع متابعة ما يطالعه أبناؤها على الانترنت وهو أمر خطير جدا، لذا يجب على من يستخدم التكنولوجيا أن يكون لديه الوعي الكافي، لتجنب هذه الآثار غير المطلوبة».