مع رياض الصلح

مع رياض الصلح

غادر القطار محطة العاصمة يحمل رياض الصلح عائداً الى لبنان، بين هتاف كالرعد وتحيات حارة للزائر العظيم. وجلست الى جانب الرئيس اللبناني اسأله ما هو الأثر الذي تركته مصر في نفسه؟
فقال: أثر عظيم جداً.. وأتوقع لمصر مستقبلاً ضخماً، وسيتحقق هذا بالاتحاد الكامل الشامل.
وراح رياض بك يحدثني عن الاتحاد وكيف ان لبنان فرض إرادته عندما اجتمعت كلمته، واتحدت احزابه وطوائفه ثم تكلم عن جلالة الملك فاروق فقال:


- الواقع انني دهشت إن احداً منكم ايها الكتاب لم يستطيع ان يصف الملك فاروق كما هو في الحقيقة، إنه ليس ملكا فقط بل هو وطني عظيم، وقد تقول إنه وطني عظيم قبل ان يكون ملكاً عظيماً، فابرز ما استوقف نظري وطنيته وحبه لبلاده، ورغبته في ان يجعل مصر تأخذ مكانها اللائق بها، ثم سعة اطلاعه فهو يبحث في كل شيء بنفسه، وعندما يتحدث الملك فاروق عن الوحدة العربية تجده مطلعاً على كل دقائقها وخباياها، وتجد ان الآراء التي كونها فيها تدل على دراسة شخصية مستعدة من روح الحركة لا من التقارير التي يرفعها الموظفون.
واستطرد رياض بك فقال: اتشرف بمقابلة الملك عدة مرات، بعضها في مقابلات رسمية اشارت لها الصحف، وبعضها في مقابلات غير رسمية، ويرى رياض بك ان من حظ البلاد العربية ان يكون على رأس مصر الملك فاروق.
وقال رياض بك: إنه التمس من جلالته ان يتفضل ويزور لبنان في هذا الصيف، وقال: إن هذه الزيارة عندما تتحقق ستكون اعظم حدث في لبنان، فان البلاد كلها ستخرج لتحية الملك المحبوب.
مدافع!
وقال لنا رياض بك: إنه عندما افرج عنه بعد الاعتقال الأخير لاحظ إنه يسمع وهو جالس في داره طلقات بارود.. فظن انها مناورات حربية.. واذا بخادمه يحضر له ذات يوم ويقول له: المطران يضربوا له كام مدفع؟!
فدهش رئيس الوزراء اللبناني وقال: لماذا تسأل هذا السؤال.. واجاب الخادم لأنه يقيم فوق سطوح الدار شاب اقام بالسطوح معملا للبارود، فاذا حضر رئيس الجمهورية اطلق له 13 مدفعاً ، واذا حضر وزير مفوض اطلق له 11 مدفعاً، واذا حضر وزير اطلق له تسعة مدافع.. ولكنه لا يعرف كم مدفعا يضربه للمطران!
فضحك رياض بك وقال: اضربوا له تسعة مدافع!!
الطويل باشا
ومن النوادر التي رواها رياض بك انه عندما زار المحلة الكبرى كان معه عبد الفتاح الطويل باشا وزير المواصلات، وابراهيم حيدر بك النائب اللبناني القصير القامة.
وعندما رأت الجماهير الطويل باشا هتفت قائلة: يعيش الطويل باشا.. فما كان من ابراهيم حيدر بك إلا ان سار وراء الطويل باشا وهو يقول للجماهير:
- وانا القصير باشا..
بيت الأمة
وقال رياض بك: إن من اللحظات التي تأثر فيها اثناء زيارته لمصر عندما زار ضريح سعد وبيت الأمة، لتحية ام المصريين وقال ان لبيت الأمة ذكريات خالدة لا يمكن ان ينساها ، ثم التفت الى الجالسين وقال:
- الذي يزور مصر ولا يزور بيت الأمة كأنه لم يزر مصر، فهذا البيت هو كعبة الوطنية.

الأثنين والدنيا /
كانون الثاني- 1944