شارع غازي ... الشارع العتيق

شارع غازي ... الشارع العتيق

أزهر العبيدي
باحث وكاتب
في عام 1926 افتتح شارع في مركز مدينة الموصل وذلك في عهد الملك فيصل الأول، وأطلق عليه اسم ولده الوحيــد (غازي) ليخفف الازدحام في شارع نينوى. إذ يبدو أن شارع النجفي الضيق الذي فتح قبله بعدّة سنوات لم يؤمن الغاية أعلاه. سمي بشارع الثورة بعد انقلاب 14 تموز 1958، لكن الناس اعتادت على تسمية الشارع بغازي حتى الآن .

كان عرض الشارع في البداية لا يتجاوز الخمسة أمتار ويسمح بمرور عجلتين في اتجاهين مختلفين، وتم توسيعه في ثلاث مراحل حتى وصل إلى عرضه الحالي البالغ عشرة أمتار، ويبلغ طوله 200 م.
كان مرور العجلات فيه حتى الثمانينيات باتجاهين متعاكسين، ثم جعل السير باتجاه واحد من ساحة السراي إلى شارع نينوى حيناً، ثم من شارع نينوى إلى ساحة السراي كما هو عليه الآن. وتحاول البلدية توسيعه لمسافة خمسة أمتار أخرى من الجانب الأيمن/الشرقي بمنع تجديد الأبنية القديمة المنهارة ، وهذا سيؤدي إلى إزالة جميع المعالم التراثية التي تميزت بوجود الكوشكات ( الشرفات ) الجميلة من هذا الجانب .
يعد شارع غازي من أهم شوارع المدينة بعد شارع نينوى ، إذ يتوسط المنطقة التجارية ، ويربط بين أهم شارعين فيها هما شارعا نينوى والعدالة . وتمر فيه يومياً معظم وسائط النقل ويزدحم بأعداد كبيرة من الناس الذين يبغون الشراء من سوق السراي أو سوق الصاغة أو شارع النجفي . وأشارت دراسة أعدتها كلية التربية ـ جامعة الموصل في الثمانينيات إلى أن عدد المحال التجارية في هذا الشارع بلغ ( 80 ) معظمها لبيع وتصليح الساعات والأخرى لبيع وتصليح الأجهزة الكهربائية الصوتية فضلاً عن عدد من الخياطين . ومن المعلوم أن هذا الشارع كان في الماضي أكثر تخصصاً في مهنة الخياطة التي برع فيها عدد من الخياطين الأرمن بعد ظهور زي ( الأفندية ) في العشرينيات .
كان الخياطون القدامى يخيطون الجاكيت ( السترة ) والبنطلون والزخمة ( اليلك ) للأفندية ، والزبون والصاية والزخمة والجاكيت ( للباش بوزغ ) من غير الأفندية . وقد يرسل الخياط قياسات الزبون أو الصاية إلى خياط متخصص في خياطة الزبونات في قيصرية الخياطين في سوق السراي مقابل جامع الباشا . ويقوم الزبون بشراء القماش من الخياط نفسه أو من قيصرية سباهي بزار أو قيصرية السبع أبواب . وكان الخياطون يخيطون كذلك الزي العسكري للضباط من القماش الخاكي (القهوائي ) ، ويكتبون على قطع محلاتهم ( ملكي ـ عسكري ) . وكان هناك عدد من الخياطين متخصصون بخياطة القمصان للأفندية . أما الآن فقد اختفت هذه المحلات بعد شيوع استعمال الألبسة الجاهزة ( ماتت الخياطة ) كما يقول العامة . وكان أول مستورد لها الحاج هاشم يحيى الرحّو في الشارع ذاته . وفي الوقت الذي بقيت فيه محال بيع الساعات وتصليحها ، فإننا نلحظ زيادة في عدد محلات بيع الأجهزة الكهربائية من راديوات وتلفزيونات والعاب الكترونية . واختفت وكالات بيع السكاير وبائعو التبوغ ( التتن ) بانتقالهم إلى سوق البورصة .
كان بائعو الساعات يبيعون ساعات يدوية ومنضدية وساعات كبيرة تعلق على الحائط ، جميعها تعمل بالنصب أو الإملاء ( التكويك ) ، إذ لم تكن الساعات الأوتوماتيكية التي تعمل بالبطارية معروفة . ومن أنواع هذه الساعات : ارداث ـ اوميكا ـ مونديا ـ تيكسا ـ اولما ـ جنيف ـ موريس ـ زنيث ـ فلكا ـ لونجين . أما المصلحون فان معظم دكاكينهم كانت مساحتها لا تزيد عن متر مربع فيه منضدة وكرسي . أما بائعو الراديوات فكانت الراديوات التي يعرضونها من الحجم الكبير وتعمل بالكهرباء ، وكان ارتفاع القديم منها يبلغ المتر وقد يحتوي على جهاز كرامفون لتشغيل الاسطوانات . ومن أنواع هذه الراديوات : ماركوني ـ بلي بونت ـ سيرا ـ فيلبس ـ كروندك ـ نورمنده ـ باي ـ بوش ـ منيرفا ... الخ .
يتناول هذا البحث ما كان عليه شارع غازي في الأربعينيات والخمسينيات، مذكراً بأسماء الأعلام الأوائل الذين عملوا فيه ، وعرض مهنهم القديمة والأسماء التي أطلقت في تلك الحقبة من الزمن. ولأجل ذلك التقينا عدداً من المعمرين الذين عملوا في هذا الشارع وحصلنا منهم على معلومات قيمة أغنت البحث فضلاً عن ذكريات الطفولة، ومنهم السيد المحامي خيري الدباغ والسيد خيري جلميران والسيد بهاء الدين كركجي والسيد محمد إسماعيل علي العبيدي والسيد زكي عبد الساعاتي والسيد صلاح سيد مجيد. لو أردنا الدخول إلى شارع غازي من اتجاه ساحة صقور الحضر الحالية ، فيكون الجانب الأيسر للشارع هو الجانب الغربي، والجانب الأيمن هو الجانب الشرقي. كان النصف الأول من الجانب الأيسر للشارع والمنطقة الواقعة خلفه يتكون من بيوت سكنية مختلفة المساحة. وتتكون الواقعة منها على الشارع تلك التي تحولت فيما بعد إلى شقق للمحامين والتجار وعيادات للأطباء ، من دكاكين في الطابق الأرضي فوقها غرف للسكن. في الواجهة المطلة على الشارع غرفتين بارزتين يربطها كوشك ( شرفة ) في مقدمته سياج حديدي ( محجل ) جميل .
وهذه الغرف والكوشك مبنية من الأخشاب ومغلفة من الخارج بصفيح خفيف من الزنك ( التنك ) ومزينة بزخارف خشبية من أشرطة الخشب الرفيع . ويبدو منظرها من الخارج جميلاً جداً ، لكن مقاومتها للأمطار والتقلبات الجوية ضعيفة، إذ انهارت معظمها في وقت قصير نسبياً . نبدأ بوصف المحلات من بداية شارع النجفي متجهين يساراً نحو شارع غازي حيث دكان محمد الحاج جاسم التتنجي (بائع التبغ ) ، وفوقه مكتب حمّو القدّو للتجارة ، يليه دكان الخياط يونس ذنون وفوقه مكتب المحامي فخري الخيرو ، ثم دكان مصلح الراديوات احمد عبد الحميد ، وإلى جانبه دكان الحلاق محمد علي ودكان الحلاق قاسم . يليه دكان واسع لمعرض الساعات السويسرية لصاحبه جارالله الساعاتي . ثم زقاق مغلق في مدخله الأيمن مكتب المحاميين غربي الحاج احمد وقاسم المفتي وهو المقر الرسمي لحزب الاستقلال في العهد الملكي ، ثم بيوت بدري ، وصالح جلميران ، وحسين عبّو ، وفي صدر الزقاق بيت عبدالله الكركجي، وعلى اليسار بيت إسماعيل اللاوند .
بعد الزقاق دكان واسع لشركة طبارة وعبود _ وكالة سيكاير غازي لصاحبيها محمد وفاضل أولاد عبد العزيز رحاوي ، وفوقه مكتب المحامي جرجيس فتح الله ومن بعده الطبيب عبد الإله الجوادي . ثم دكان خليل إبراهيم التتنجي وفوقه عيادة الطبيب بشير يونس الدباغ . يليه دكان مصطفى صالح الساعاتي وكيل ساعات شهرزاد وشيروان ، وشغل الدكان من بعده عصمت الساعاتي ، ثم دكان محمد صباغ الأحذية ، ودكان محمد مرعي بائع الشربت ، ودكان سعيد قاسم مصلح الراديوات ، ثم دكان سيد شريف الكهربائي ومن بعده وعدالله الساعاتي بائع الساعات ، ودكان صبحي جقماقجي مصلح المدافئ النفطية وفوقه عيادة مركب الأسنان الحاج محمد يونس ، وأخيراً محمد إسماعيل صاحب مخزن محمد لبيع الراديوات وإيجار وبيع مكبرات الصوت التي اختص بنصبها وتشغيلها في المناسبات والاحتفالات ، وكان اسم ( مخزن محمد ) يكتب في جوف المكبرات.
بعد مخزن محمد زقاق ضيق غير نافذ يتصدره بيت عبد الفتاح الصمدي ، وعلى اليمين بيت ومعمل لعمل الحلويات لفتحي الشكرجي ، ثم بيت احمد طاقة دلال باشي ، والمطبعة العصرية لصاحبها عبد الأحد إبراهيم . وعلى اليسار بيت الحاج علي عبد الرحمن العبيدي ، ثم بيع البيت إلى محمد الكركجي ، ومن بعده بيت محمد البغدادي الذي يقابل دكانه هذا الزقاق . وفي مدخل الزقاق الأيمن وفي الطابق العلوي عيادة الطبيب العسكري حسام الدين توفيق . ويلي الزقاق مخزن حسن لصاحبه حسن الحاج طه الدباغ بائع ومصلح الراديوات ومؤجر مكبرات الصوت ، ثم دكان الخياط احمد السلمان وفوقه عيادة الطبيب الجراح عبد الرحمن محمد علي ، ودكان عبد الله لصباغة الأحذية ، ثم الخياط غانم احمد زيتو ، والساعاتي عبد العالي ، والبقال سليمان .
ثم يأتي زقاق واسع نسبياً يربط شارع غازي بشارع النجفي ، في مدخله الأيسر دكان الحاج يونس الحاج طه الدباغ بائع ومصلح الطباخات النفطية ( البريمزات ) وأجهزة الإنارة ( اللوكسات ) . وفي داخل الزقاق مطبعة جريدة فتى العراق لصاحبها إبراهيم الجلبي ويعمل معه ولداه محمود الجلبي واحمد سامي الجلبي . وعلى امتداد هذا الزقاق وتفرعاته كانت مجموعة كبيرة من البيوت السكنية .
بعد زقاق جريدة فتى العراق مخزن عبد الكريم اليوزبكي لبيع الزجاجيات والفرفوري ( الزجاج الصيني الملون ) ، ودكان عبد فتحي الحلاق ، ثم المخزن الحديث لصاحبيه الأخوين محمد علي وعبد الرزاق عزمي اللذين انتقلا إلى بغداد واستأجر الدكان المحامي خيري محمد صالح الدباغ صاحب مخزن الدباغ . تليه الشركة العصرية للدباغة لصاحبها نجيب الجادر ويعمل في إدارتها محمد علي السلمان ، واستأجر هذا الدكان الحاج رؤوف الشهواني المقاول والكهربائي . وكان فوق الدكاكين المارة الذكر في الطابق العلوي مقهى وملهى حيّو الأحدب التي تتكون من قسمين الأول ملهى ليلي والثاني مقهى يطل على الشارع وغير مسقوف . كان المثقفون من الموظفين والضباط في أثناء الحكم العثماني يرتادونه بأزيائهم الرسمية أحياناً ، وكانت تغني في الملهى مجموعة من المغنيات القادمات من مصر وسوريا ولبنان مثل مديحة ناطق ورمزية حميد وبديعة جمال وكاترينا وسامية ، فضلاً عن المغنية سلطانة يوسف .
هدم هذا المقهى في الخمسينيات وأقيمت مكانه عمارة من خمسة طوابق تعود إلى الوجيه نجيب الجادر ، شغل الطابق الأرضي البنك العربي ودائرة تجنيد وبنوك أخرى . وشغلت الطوابق العلوية مديرية معارف الموصل حيناً ، ثم فندق ومن بعده قسم داخلي للطلاب ، وأخيراً دائرة حكومية.
يلي العمارة دكان الخياط ناصيف درزي ومن بعده استأجر الدكان نفسه الخياط عبد الغني الجادرجي، وفي الطابق العلوي شقة المحامي عبدالله ليون الذي توفي في حادث قتل، واستأجر الشقة من بعده الخياط السيد عبد البدراني الذي تخصص في خياطة الملابس العسكرية للضباط.
بعد الخياط عبد الغني زقاق قصير غير نافذ فيه بيت حمّو محمود ، في جانبه الأيمن دكان صغير لصباغة الأحذية صاحبه سالم ، يليه دكان قاسم محمد جاسم التتنجي ، ثم دكان حسين البقال والمدخل الرئيس لسوق الصياغ الذي يقع في بدايته اليسرى دكان الخياط محمد الدباغ وأخيه أديب . يقابله في الجهة اليمنى دكان خضر أحيدب المقاول وبائع الراديوات ، يليه دكان الخياط ستراك توماسيان ، ثم دكان الحلاق نجم وابنه عبد العزيز وابن أخيه عبد اللطيف الحلاق .
يليه مدخل حمام العلاء داخل زقاق قصير ينحرف يساراً مؤدياً إلى سوق الصياغ . كان هذا الحمام من الحمامات التراثية القديمة في المدينة يديره شهاب الحمامي ، وله باب ثان يطل على شارع غازي ، هدم في أوائل الخمسينيات وبنيت مكانه قيصرية لبيع القماش . وفي مكان الباب الأول للحمام افتتحت عيادة للطبيب سالم قاسم الجلبي في الطابق العلوي وتحتها دكان لخياط القمصان شاكر محمود .
بعد زقاق الحمام دكانا بائعي الراديوات غانم عبد الجبار وهاشم محمد علي القزاز ، والخياطان زكي يونس ووعد الله محمد علي ، ثم دكان محمد عزيز الصباغ بائع مكائن الخياطة والكهربائيات والزوالي ، وفوق هذه الدكاكين مقهى الأخوان لصاحبيه شيت وإبراهيم واستأجره من بعدهم احمد باري باسم كازينو الحدباء ، وهو مقهى صيفي وشتوي .
ثم دكاكين بائعي ومصلحي الراديوات صبري مطلوب واحمد نوري ، ويقال أن صيدلية مطلوب كانت في هذا الموقع في الخمسينيات ثم نقلت إلى بغداد بعد ثورة الموصل 1958 . فوق هذه الدكاكين بيت توفيق تويي ذو الكشك الجميل. يلي الدكاكين المذكورة زقاق خال من الدكاكين يؤدي إلى باب حمام العلاء للنساء ثم إلى سوق الصياغ. وبعد الزقاق صيدلية وجيه لصاحبها محمد وجيه احمد التي افتتحت سنة 1949 وفوقها عيادة الطبيب عبد الوهاب حديد ومن بعده الطبيب محمد ياسين الدبوني . وبعد الصيدلية دكان صديق غزال مصلح الراديوات ، ودكان غانم عنائي مصلح الراديوات أيضاً ، ودكان بهنام الشيخ خياط القمصان ،حيث ينتهي شارع غازي بدكان يشغله مخزن الدرهم لصاحبه إبراهيم السيد حامد الذي كان يبيع الأدوات الكهربائية التي لا يتجاوز سعرها درهماً فقط (أي خمسين فلسا ).
نعود أدراجنا إلى بداية الشارع فنقف عند الجانب الأيمن حيث ركن خان حمّو القدّو لنصف المعالم في الجهة اليمنى من الشارع . فقد كان يشغل الطابق العلوي لخان حمّو القدّو أوتيل السلام ( فندق ) ، وكان مشغولاً قبل ذلك من باعة الزوالي الإيرانية القديمة الجيدة . تحت الفندق دكاكين محمود عبد الله الخياط وحميد أبو الجرز (النقول ) ومحلات محمود السمان وإخوانه لبيع الأقمشة بالكيلو .
أمام هذه الدكاكين المدخل الرئيس لسوق السراي ، وعلى الجهة اليسرى من المدخل دكاكين صغيرة تقع على شارع غازي تبدأ بدكان محمد الخوشي بائع الفواكه ، وعزت أبو الدوندرمة ( المرطبات ) ومحمد الحاج صالح القوندرجي ، ونافع اللوس بائع الساعات ويونس الياس الجايجي ، يليه خضوري حلوبة بائع الأحذية وشغل الدكان من بعده نجيب جقماقجي بائع ومصلح الدراجات ، خلف هذه الدكاكين بيت توفيق جلميران ، ثم دكان محمد البغديدلي (البغدادي ) بائع لعب الأطفال الذي تسود دكانه الفوضى وتجد بضاعته على شكل كومة كبيرة ، وكان يبيع شرائط الأفلام السينمائية القديمة بالذراع ، ويصلح زجاج النظارات الشمسية بحمي إطارها عن طريق إدخاله في عنق زجاجة لمبة قديمة ( مصباح ) . وكان سميناً عصبي المزاج دائم الشجار مع الأولاد الذين يمازحونه فيسمعهم أقذع الشتائم .
فوق دكان البغدادي عيادة الطبيب مارسيل بيو ، يليها دكان شاكر أبو الشربت ، ودكان صالح أبو النايلون واستأجرها من بعده عبدالله التتنجي ، ثم سالم احمد القطان بائع السكاير الأجنبية ، ويونس الساعاتي مصلح الساعات ، ويرتدي الأخيران الفيس الأحمر ( الطربوش ) . ثم يأتي زقاق يؤدي إلى سوق السراي في مدخله العلوي الأيمن عيادة الطبيب كمال يونس شريف ، وفي مدخله الأيسر مخزن ريفولي – وكيل قمصان ألفا لصاحبه عز الدين محمد كركجي .
ثم وكالة سيكاير أبو عكال لصاحبها كريكور ، وصيدلية نوئيل آلجي التي بيعت إلى نجيب عبد الحميد الرزّو وسميت صيدلية نجيب ، فوق الصيدلية عيادة الطبيب الأرمني كربيت .
يلي الصيدلية دكان الحاج هاشم يحيى الرحّو أول مستورد للألبسة الجاهزة في الموصل ، ثم مجموعة من الخياطين ومصلحي الساعات ، خياطة المقص الذهبي لصاحبها ملاّ نذير ، وخياطة محمد وخليل إخوان ، وجمال محمد شيت وحميد محمد بائعا كهربائيات ، ونذير بشير بائع ساعات ، والخياطين نجيب هندي وجميل زلّو وحنا غريبة ونيشان وسيد عبد البدراني ، وتنتهي بدكان عبد الساعاتي الصغيرة مصلح الساعات ، يليه زقاق مائل يعود إلى سوق السراي . في جهة الزقاق المواجهة للشارع دكان فتحي عبدالله القوندرجي وحميد البقال ، والخياط عبد السلام الحبار ومن بعده استأجر الدكان عبد الرحيم ملاّ خضر بائع قماش وقمصان ، ثم الخياط صديق محمد علي .
يلي ذلك الزقاق الرئيس المؤدي إلى الباب الخلفي لجامع عبدال وسوق السراجين ، وفي مدخله الأيسر دكان إبراهيم الجادرجي الخياط ، يليه دكانا عبد وذنون أولاد شهاب الحمامي بائعي راديوات منيرفا ، ثم خياطة عبد الستار وعبد الجبار ، وخزعل جبر الساعاتي ، والخياط مهدي صالح حطاب واستأجر الدكان من بعده زكي عبد الساعاتي . فوق هذه الدكاكين معمل صاحبه احمد النجم يصنع فيه حبراً للمطابع وأقراصاً بيض لصبغ كالات الرياضة وطباشيراً للمدارس .
ثم افتتحت عيادة للطبيبة النسائية شفيقة يحيى الملاح ، واتخذت بعد ذلك مقهى تراثياً صاحبه أبو داؤد يقدم الأغاني القديمة لأحمد الموصلي وإسماعيل الفحام . يلي الدكاكين دكان شيت محمد التتنجي وشغله من بعده ولده احمد بائع النقول ، ثم دكان عبد سليمان الساعاتي . يليه خان بابه من الجهة المعاكسة للشارع كان يسمى خان ( العفرية ) إذ كان يقصده أهالي تلعفر ، يباع فيه الفحم وحبوب الماء الفخارية ، صاحبه الحاج سعيد احمد العبيدي . وفي ظهره المطل على شارع غازي عدة دكاكين تعود إلى صانعي الحقائب الحديدية التي كانت تستخدم في السفر وحفظ الملابس في البيوت ، ويسمون ( التنكجية ) وهم سيد علي الهادي ، وسيد محمد وأخيه سيد نافع أولاد سيد عبدالله ، وإبراهيم علي التنكجي .
يلي الخان تواليت عام ، ثم دكان جاسم الإسكافي ، ودكان عبدالله الجوادي الخياط ، ودكان محمد صالح الجايجي المثلث الشكل . يليه زقاق مائل يؤدي إلى سوق القهوجية والسراجين في سوق السراي . في هذا المكان يواجهنا دكان مرتفع تحته سرداب كان يشغله الخياط لويس حلبية ، واشغله من بعده محمود ذنون التنكجي بائع الموبيليات الحديدية ثم مثنى حديد . يليه زقاق يسمى زقاق المعصرة يمر حالياً خلف مصرف الرافدين / فرع الميدان فيه معصرة للسمسم الذي يصنع منه الراشي .
بعد الزقاق دكاكين كان يشغل عدداً منها عزيز فتحي الوكيل الوحيد في العراق لدراجات ومكائن خياطة الحدباء قبل أن ينتقل إلى قرب مركز السراي ، شغلها من بعده داؤد بائع القهوة ورؤوف الخياط وجميل بائع الصور والإطارات ، وبهنام ( أبو نعوم ) بائع الزجاجيات والشربات الفخارية التي كان يحتفظ بها في السرداب تحت الدكان . هدمت هذه الدكاكين وشغل الجديدة التي بنيت محلها سعدالله التكاي وكيل راديوات بوش .
وفي مكان مصرف الرافدين الحالي دكان إبراهيم عفاص ويعمل (جنكرجي) يصنع الهاونات النحاسية ويصب القوالب وأزرار الدومينة ( البولات ) ، ثم دكان بائع النقول إسماعيل خليل ، ودكان عزيز البسطجي ، وبائع النقول غائب ، والتتنجي هاشم البك ، ثم باب علوة الميدان للحنطة التي كانت هي وعلوة باب الطوب تزوّد أهالي المدينة بالحنطة لعمل الطحين والتموين السنوي للبرغل والحبية .
هكذا كان شارع غازي في قديم الزمان شارع يحلو للمرء أن يتجوّل فيه ويقف أمام معارضه الزجاجية ليشاهد الراديوات الحديثة والساعات والمواد الكهربائية البسيطة ، شارع يسوده الأمان والاستقرار والعلاقات الاجتماعية والتجارية الطيبة .
أهم ما أذكره عن هذا الشارع قبل نهاية الثمانينيات من القرن الماضي أنني كنت أترك سيارتي الحديثة مفتّحة الشبابيك على جانب من الشارع مع غيرها من السيارات لأمضي وقتاً في سوق الصياغ دون التفكير فيها ، وأعود بعد وقت طويل لأجدها بانتظاري ودون أن أجد ورقة بيضاء مقرفة على زجاجها لتقلّني إلى بيتي بسلام واطمئنان ، وا حسرتاه على تلك الأيام الغابرة وهل يمكن أن تعيدها معجزة من الخالق الجبار عزّ وجل إنه على كلّ شيء قدير.