فكري اباظة بك..حاولت اصطياده..فصطادني!

فكري اباظة بك..حاولت اصطياده..فصطادني!

حاولت إحدى مندوبات "الاثنين" ان تظفر من الاستاذ فكري اباظة بك بحديث.. فاذا به يستدرجها لتجيب عن اسئلته دون ان تشعر.
قلت للاستاذ فكري بك:
- كم مرة فكرت في الزواج؟


فنظر إلي طويلا.. ثم قال:
- وكم مرة فكرت انت؟..
فقلت:
- لقد فكرت طبعاً.. ولا اذكر عدد المرات!
- هل فكرت في .. في شخصي مثلاً؟
- لا اظن!
فبدأ عليه انه لم يرتح الى هذا الجواب وقال:
-ألم تفكري في الزواج بصحفي ايضاً؟
- لا اذكر الآن..
- و.. ألا توجد في قلبك "شقة للايجار" ولو بخلو رجل؟
وتنبهت الى انه "يستجوبني".. وانها يستدرجني الى الكلام فيما احرص على عدم الكلام فقلت له احاوره:
- سأخبرك .. ولكن بعد ان تجيب عن سؤالي عن عدد المرات التي فكرت فيها في الزواج..
فتردد برهة، وكأنما يستجمع شتات ذكرياته السحيقة وقال:
-لم افكر جدياً إلا 12 مرة فقط:
ولاحظ اني استكثر عليه هذا الرقم فقال:
- وده غير "الفكة" .. اعني المرات التي لا اذكر ظروفها جيداً..
- ولماذا لم يتم زواجك باحداهن؟
- اسمعي يا ستي.. بس اوعي تجيبي سيرة لحد:
الاولى: قتلها حبيبها وانتحر!
والثانية: توفيت الى رحمة الله، والثالثة: ظهر – بعد تبادل العواطف وانعقاد الرأي بين اهلي واهلها على الزواج – انها تحب شابا من سنها ودون سني بخمسة عشر عاما، ففسخ الحب الطبيعي بين السن الواحدة خطبتي، وتزوجها الشاب وانجبت له البنين والبنات، والرابعة: بعد خطبة دامت عامين، ظهر انها اختي في الرضاعة، فاصبحت محرمة عليّ بسنة الله والرسول، والخامسة: تدخلت السياسة بين قلبي وقلبها اذ ارغمها اهلها في عد الوزارة الوفدية على ان تتزوج من ابن وفدي كبير، والسادسة: ابى اهلها الا ان اكون موظفاً، فابيت الوظيفة وابيت الخطيبة!
أما خطيباتي – من السابعة الى الحادية عشرة – فقد منع من زواجي بهن موانع لا داعي لذكرها، لانها من الاسرار المشتركة بيني وبينهن، وليس من طبعي افشاء الاسرار!
اما الثانية عشرة فكانت اجنبية، تعرفت بها في شمال النرويج، ثم فرقت بيننا الحرب التي اعلنت فجأة فلم اعرف حتى عنوانها!
ومن يومها تشاءمت من فكرة الزواج واحسست ان القدر يحول بيني وبين تكوين بيت سعيد!
ثم ان احوال الزواج والمتزوجين في هذا العصر لا تشجع على الزواج صحفيا مثلي يستهدف للاسفار الطويلة، وللسجون، والمجتمعات النسوية، لسعادته الزوجية – لذلك كله – على كف عفريت!
وبناء عليه.. لن اتزوج الا اذا شاء القضاء والقدر ان يوقعني في فخه كما فعل مع الكثيرين وعلم ذلك عند الله!
والى هنا سكت الاستاذ النقيب، فاردت ان "انكته" ليتابع الحديث، فسألته:
- وهل قلبك خال الآن؟
وهنا نظر الي من تحت نظارته ليسأني بدوره وهو يبتسم:
- باعتبارك صحفية هل ترين ان الزواج امر ضروري بالنسبة لك؟
ولما قلت له انني لا استطيع الاجابة عن هذا السؤال، عاد يسألني:
- اذا تزاحم الطلاب على يدك هل تفضلين الصحفي ام غيره؟
ولكني اصررت على ان يبدأ هو بالاجابة عن سؤالي، فنظر الي من تحت نظارته مرة اخرى وهو يقول:
- ربما يكون قلبي قد امتلأ الآن!
ولم يسعني الا ان اجمع اوراقي لانصرف.. وقبل ان اخطو نحو الباب دق جرس التلفون على مكتب الاستاذ.. وكان المتكلم سيدة!!


الأثنين والدنيا /
شــباط- 1946

ذات صلة