اخر ساعة تحضر محاكمة عمان

اخر ساعة تحضر محاكمة عمان

عمّان – من مندوب"آخر ساعة"الخاص:
بات من المنتظر ان تفرغ المحكمة العسكرية العليا المشكلة لمحاكمة المتهمين بقتل الملك عبد الله من عملها، وتصدر حكمها، في بداية الاسبوع المقبل وبذلك تكون اجراءات المحاكمة قد استغرقت اسبوعاً وبضعة أيام.


وقد كانت ايام المحاكمة من ساعة بدئها اياما مثيرة في عمان، فقد كانت العاصمة تستيقظ مبكرة لتشهد رتلا من السيارات ترفرف عليه الاعلام السوداء يتجه الى المعسكر الذي تجري فيه المحاكمة على بعد كيلومترين من عمان في طريق السلط، وعدد الذين يحضرون المحاكمة محدود من اهالي عمان لأن القاعة لا تسع الا مئة متفرج فقط، بينما عدد الصحفيين الذين يحضرونها من جميع انحاء العالم يزيد على الخمسين صحفيا ومن هنا لا يتبقى من مقاعد القاعة شيء للمتفرجين العاديين!
ويجيء المتهمون كل صباح الى قاعة المحاكمة في قافلة محروسة بوساطة الجيش العربي من سجن عمان المركزي حيث يقضي المتهمون ايامهم، ويجلس المتهمون في قاعة المحكمة بالملابس المدنية، وقد بدوا جميعا حتى الان ظاهري الشحوب والعصبية وقد لوحظ ان الدكتور موسى الحسيني - ابن عم مفتي فلسطين وأحد المتهمين في القضية – مصاب بشلل حول فمه كما ان الاب ابراهيم عباد يقضي كل الوقت وهو مخف وجهه بين يديه..
وكان المحامون عن المتهمين قد شكوا من انه لم يسمح لهم برؤية المتهمين الذين سيتولون الدفاع عنهم وقال بعضهم، انه لم يعرف انه كلف بالدفاع عن بعض المتهمين إلا قبل بدء جلسات المحاكمة باربع وعشرين ساعة.
وقد سمح للمحامين بان يزوروا موكليهم عقب الجلسة الاولى من جلسات المحاكمة في سجن عمان المركزي ويقضوا معهم بعضا من الوقت.
وابرز الملاحظات في المحاكمة بعد ذلك ما يلي:
* بلغ عدد المتهمين طبقا لما جاء في قرار الاتهام عشرة هم:
1- الكولونيل عبد الله التل ضابط سابق – موجود في مصر الان.
2- موسى احمد الايوبي ارهابي يعمل لحساب المفتي – موجود في مصر الان.
3- الدكتور موسى عبد الله الحسيني مدير مكتب سياحة في القدس.
4- عبد محمود عكة تاجر اغنام.
5- عبد القادر فرحات حداد.
6- زكريا محمود عكة جزار.
7- توفيق صالح الحسيني مدير الحرم الشريف.
8- ابراهيم عياد قس براس المحكمة الكنسية اللاتينية.
9- الدكتور داود الحسيني مزارع.
10- كامل عبد الله الكالوتي جزار.
* اعلن المدعي العام انه يمنع محاكمة 21 ظنينا – اي متهما – لانه لم توجد ضدهم ادلة كافية وبينهم شقيقا القاتل مصطفى عشو وهما محمود عشو واكرم عشو.
* جاء في مرافعة الاستاذ وليد صلاح رئيس النيابة في القدس، الذي ترافع باسم النيابة في القضية، وكان هو ايضا الذي تولى التحقيق بنفسه، بعض المعلومات بينها ما يلي:
1- ان المؤامرة رسمت في القاهرة، وكان يشرف على تنفيذها ويمولها من بعيد الكولونيل عبد الله التل، واليه قصد موسى الايوبي – احد المتهمين – ليحصل على الف جنيه يأخذه الذين سيتولون تنفيذ المؤامرة.
2- ان هناك"جهة"معينة هي التي كان يهمها قتل الملك عبد الله، وان النيابة الاردنية لا تعينها لعدم قيام البينة المباشرة عليها ولكنها تترك امر تعيينها للمحكمة الموقرة.
3- ان وزيرا للداخلية السورية هو السيد رشاد برمدا كان يعمل على تسهيل هرب المتهمين بعد ارتكاب المؤامرة الى الاراضي السورية.
4- ان اجتماعات كثيرة لوضع خيوط المؤامرة عقدت بين المتهمين في حديقة عنب يملكها الحاج امين الحسيني مفتي القدس قرب المدينة.
5- وصف المدعي العام طريقة حدوث الجريمة كما يلي:
"في الساعة الثانية عشرة تقريبا من ظهر يوم الجمعة 20-7 – 1951 وفي المسجد الاقصى وعند دخول صاحب الجلالة المغفور له الى المسجد من بابه الكبير لاداء الفريضة تصدى له الجاني الاثيم مصطفى شكري عشو واطلق عليه رصاصا من المسدس خاصة المتهم عبد القادر فرحات الذي كان يحمله لهذه الغاية. اصابت جلالته في رأسه وسببت له نزيفا دمويا داخله وتمزقا بالدماغ نتج عن كسر مضاعف في عظم الجمجمة المسبب عن اصابة الرأس الملكي الطاهر بالعيار الناري مما ادى الى وفاة جلالته حالا وقد حصل اطلاق النار على مسافة لا تتجاوز المتر الواحد كما ايد ذلك التقرير الطبي وشهادة الشهود.
ثم ان الجاني بعد ذلك اخذ يطلق النار من مسدسه المذكور على من كان حول الملك من ضباط وجنود لا بقصد التخلص والفرار بل اصبح في حالة وحشية اجرامية تدفع للقتل بغير ما غاية سوى الاجرام.
6- قال المدعي العام ان جميع افراد اسرة الحسيني امتنعوا عن الذهاب الى المسجد الاقصى يوم الجمعة التي نفذت فيه المؤامرة على غير عادتهم، حتى ان المتهم توفيق صالح الحسيني وهو يشغل وظيفة مدير الحرم الشريف تغيب عن وظيفته قبل حادث اغتيال الملك باسبوع دون ان تكون لديه اجازة رسمية كما هو الحال المتبع وكذلك لم يأت الى القدس يوم الحادث لاداء فريضة الجمعة وليكون في شرف استقبال جلالة الملك كما جرت العادة التي تقتضيها واجبات وظيفته.
7- قال المدعي العام بالحرف الواحد ما يأتي:
ومن التحقيق ظهر بان الخوري ابراهيم عياد المعروف بصداقته الوطيدة للمتهم الاول عبد الله التل كان على اتصال به بعد ان غادر المملكة الاردنية الهاشمية وعرف بانه يضمر السوء لها ولمليكها والسلطات الحاكمة فيها ويحيك المؤامرات لتعريضها وامنها الداخلي والخارجي للخطر، وذلك إما بالمراسلة باسماء مستعارة او اللقاء الشخصي وقد وجد بحيازة هذا المتهم عند تفتيش بيته كتاب من المتهم عبد الله التل يقول فيه (انتظروا الفرج.. واتى عائد الى البلاد سواء اكان ذلك حربا ام سلما) ووجد بحيازته ايضا مقتطفات من جريدة اخبار اليوم المصرية التي كان محرما دخولها الى الملكة الاردنية الهاشمية بالنظر لما نشرته للمتهم عبد الله التل في اربعة اعداد منها من رسائل مع جهات معادية تنطوي على التفريط في حق الوطن نسبها كاتبها لجلالة المغفور له الملك الراحل مما يعرض جلالته وامن البلاد الى الخطر، وذلك بالاضافة الى ما ادلى به شاهدان من شهود النيابة واثنان من المتهمين من ان الخوري ابراهيم عياد كان مطلعا على مؤامرة اغتيال الملك وايد القيام بها والقائمين عليها، وانه قال مرة في التحريض على تنفيذ هذه المؤامرة (لو لم اكن مسيحياً واخاف ان يحصل انشقاق بين المسلمين والمسيحيين لقتلت الملك عبد الله بنفسي).


آخر ساعة/ آب- 1951