البيئة الاستثمارية ومقومات التكامل

البيئة الاستثمارية ومقومات التكامل

محمد صادق جراد
لا يمكن الحديث عن الاستثمار دون تكامل البيئة الاستثمارية المناسبة لجلب الشركات والمستثمرين الى العراق فمازالت هذه البيئة تعاني من حاجتها للمقومات الاساسية التي تجعل من الاستثمار مشروعا وهدفا للشركات العالمية والمحلية.

وفي قراءة سريعة لموازنة 2011 نجد ان معظمها كانت تشغيلية وتم تخصيص الأموال في الجانب الاستثماري بما لا يتلاءم مع مستوى الطموح لاعمار العراق والنهوض بالمشاريع التي يحتاجها البلد ما يجعلنا بحاجة للاستثمار الأجنبي حيث تطمح الحكومة العراقية الى جلب استثمارات بحوالي 660 مليار دولار في محاولة لجعل هذا العام عام الاستثمار في ظل التحسن الأمني الكبير الذي تشهده البلاد.
ولكن يبدو ان الملف الأمني لم يكن العائق الأكبر لعدم قدوم الشركات الاستثمارية الى العراق فلقد اصطدمت تلك الشركات بمشاكل عديدة بالرغم من إصدار الحكومة لقانون الاستثمار رقم 13لعام 2006 والذي كان من المفروض ان يوفر الحماية الكافية والتسهيلات اللازمة لعمل هذه الشركات وهو ما يبحث عنه المستثمر الأجنبي والمحلي في بلد يشهد تجربة حديثة وقوانين ما زالت قاصرة تجعل المستثمر يتوجس خيفة من الإقدام على تشغيل أمواله في ظل وجود مشاكل ومعوقات أخرى لم تنجح الحكومة والبرلمان في إيجاد التشريعات الكفيلة بحلها.
ومن هذه المعوقات عدم وجود البنى التحتية التي تساعد المستثمر وتشمل شبكات المجاري والصرف الصحي والماء والكهرباء.إضافة الى ضعف التشريعات حيث تعاني الهيئة الوطنية للاستثمار من قيود بعض القوانين القديمة وتطالب السلطة التشريعية بتعديل قانون الاستثمار ليكون ساريا على جميع القوانين التي تكبل عمل الهيئة وتقف امام جلب المستثمرين الى العراق.
ومن المعوقات الأخرى كما يرى المراقبون هو وضع الدولة لموازنة ستراتيجية يذهب ما يقارب 80% منها الى النفقات التشغيلية وهذا يؤثر بدوره على الجانب الاستثماري كما أسلفنا.
ولقد واجه الكثير من المستثمرين مشاكل جديدة غابت عن ذهن هيئة الاستثمار تتعلق بعائدية الأراضي وملكيتها حيث اختلفت الوزارات والهيئات على عائدية هذه الأراضي إضافة الى تعدد مصادر القرار ما بين المحافظات والحكومة المركزية
ومن الجدير بالذكر ان الكثير من المسؤولين في المحافظات تغيب عنهم الخبرات الكافية في مجال قانون الاستثمار وقانون ملكية الأراضي ما يشكل مشاكل كثيرة للمستثمر ونستطيع هنا ان نذكر مثالا عن غياب ثقافة الاستثمار من خلال ما حدث لشركة الباز اللبنانية للاستثمارات والتي هددت بإيقاف مشاريعها في محافظة ذي قار والانسحاب منها، بسبب ما وصفته بالمعرقلات البيروقراطية ونكوث هيئة استثمار المحافظة بوعودها التي كانت قد أطلقتها للمستثمرين.وقال رئيس مجلس إدارة شركة الباز اللبنانية للاستثمارات العقارية محمد سعد في تصريحات صحفية إن شركته كانت أبرمت مذكرة تفاهم مع هيئة استثمار ذي قار بتاريخ 1/3/2009 لبناء مجمع سكني في مدينة الناصرية.
وأوضح إن شركته فوجئت بعد ذلك بعد تقديمها للتصاميم الأولية بتغيير مكان المجمع السكني من صوب الشامية إلى ارض مجمع الأحرار في صوب الجزيرة، ما اضطرها لتغيير التصاميم.
وبيّن إن هيئة استثمار ذي قار نكثت بعد ذلك بوعدها تمليك الأرض للشركة حيث قدمت ارض مملوكة لمديرية بلدية الناصرية ورغم ذلك فقد أنفقت الشركة أكثر من خمسة ملايين دولار لغاية الآن على أمل التمليك في وقت لاحق حسب وعود الجهات الرسمية بما فيها تعهد محافظ ذي قار في يوم 16/3/2010 عند وضع الحجر الأساس للمشروع وهو الأمر الذي لم يطبق لغاية الآن.
وأشار إلى إن الشركة عانت كذلك من مشكلة أخرى وهي عرقلة دخول آلياتها إلى العراق موضحا انه طالب هيئة استثمار ذي قار في 17/11/2009 بدخول آلاليات والمعدات ولكن لم تستجب الهيئة، فضلا عن عرقلة دخول الكوادر الفنية التي تعمل على تلك المعدات.
وذكر إن الشركة خاطبت هيئة الاستثمار بتاريخ 6/12/2010 طالبتها فيها مجددا بشحن المعدات والآليات بيد إن الهيئة لم تحرك ساكنا ما اضطر الشركة إلى الاتصال بصورة شخصية بالهيئة العليا للاستثمار ونائب المحافظ حسن العيوس لدخول المعدات وهو الأمر الذي تطلب 35 يوما لدخولها.
من خلال هذا المثال نكتشف قصور الخبرات والقوانين في تسهيل عمل هذه الشركات التي تبحث عن البيئة الاستثمارية المناسبة والتي يجب ان تتوفر فيها العديد من المتطلبات كالبنية التحتية المناسبة والاستقرار الأمني والتشريعات والقوانين التي تكفل تسهيل عمل الشركات إضافة إلى توفير تفاصيل أخرى تعد من شروط البيئة الاستثمارية المثالية كتسهيل دخول وخروج المعدات والأشخاص والأموال وتنظيم عمل المصارف وشركات التأمين بما يخدم الإطار العام للطموح الاستثماري في العراق وبهذا نكون قد وفرنا بيئة استثمارية مناسبة لدخول الشركات التي يرتبط مجيئها بتحقيق أحلامنا ببناء عراق جديد تتوفر فيه فرص العيش الرغيد.