حضيري ابو عزيز.. عميد الأغنية الريفية

حضيري ابو عزيز.. عميد الأغنية الريفية

موسى عواد بطي
حاول حضيري ابو عزيز أن يجعل من انطلاقة غناءه الريفي خطوة جديدة، غير مغلفة أسترجع منها بعض قوانين الأغنية الريفية الشعبية، لا بالصياغة وإنما بالانتشار والروحية، فكان الغناء الريفي صورة جمالية مبعثرة ، ابو عزيز وضعها في أطار نموذجي، نشط البدايات الباهرة في أصول السماع، وخطى خطوات واضحة نحو تشريك الأغنية الريفية لتفصح عن مفهومات عصره،

وقد ساهمت هذه التحولات التي طرأت فيما بعد على واقع الأغنية الريفية العراقية، واستطاع أن يمنح المفردة اللغوية وجوداً روحيا من خلال صوته الشجي..
(يالـ تنامون الليالي أبرغد علموني المنام نَست طَعم النوم عيني من عَرفت معنى الغرام) في لقاء مع حضيري أبو عزيز، أجراه المرحوم الناقد الموسيقي عبد الوهاب الشيخلي، الذي كان يحتفظ في ذاكرته وأرشيفه بمئات الموضوعات المثيرة والنادرة، ومنها لقاء المطرب الراحل حضيري ابو عزيز أجراه معه في 9 تشرين الثاني من عام 1957، في هذا اللقاء قال حضيري ابو عزيز –على حد تعبير المرحوم الشيخلي– ولدت في الناصرية قبل 39 عاما، في بيت متواضع من أب فلاح ذَهب ضحية الحرب العالمية الأولى.. ثم تركت المدرسة بعد ان تعلمت أشياء بسيطة في القراءة والكتابة، وعملت مع أحد الخياطين لتوفير لقمة العيش ولكثرة ما ترددت على الأفراح والأعراس كنت اغني في المحل ويسمعني الأصدقاء وينصحوني بالغناء لأنني امتلك صوتاً جميلاً.. فلم أكذب خبرهم فغادرت الناصرية الى بغداد كي أكون قريباً من الفن فتطوعت في الجيش بصفة عريف خياط، ثم سجلت أول أسطوانة لي (طولي ياليلة) ثم استمررت في تسجيل الاسطوانات حتى بلغ عددها أكثر من 92 أسطوانة..
عن مثله الأعلى وأفضل مؤلفي الأغاني.. قال القبانجي وجبوري النجار وناصر التميمي ومحمد حسن الكرخي ومجيد معروف.. أما مائدة نزهت وعفيفة فقال عنها فنانة كبيرة ولا غبار عليها رغم أن اختها بدرية اجمل صوتا منها وأقدر على الاداء، اما عفيفة فقال عنها أنها منولوجست أكثر مما هي مطربة كما يحلو أن تقول عن نفسها، ويرشح حضيري ابو عزيز المطرب عبد محمد كخليفة له في الغناء الريفي هذا ما ذكره في لقاءه النادر والفريد عن حياته الفنية..
ساهم حضيري ابو عزيز عن الوضع الاجتماعي آنذاك، لأن الفن هو مظهر متميز للفنان وانعكاس للمجتمع، وأستطاع أن يلفت نظر الحكومة بأغنيته الرائعة:
عمي دخلك ياعمي..
عمي ابو التموين مشي العريضة..
والسمره على الجاي طاحت مريضة..
ان لكل عصر ايقاعه الخاص، لأن كل عصر يجب أن يكون له مصير مغاير، لكن غناء حضيري ابو عزيز يطوف على مسامع الأجيال بلغة تؤشر الى خصوبتها وحلاوة طراوتها وخصوصيتها:
عمي يا بياع الورد كَلي الورد بيش كَلي..
بالك تدوس على الورد وتسوي خله..
ويذكر أنه توفي في عام 1972 أثر مرض ألم به أفقده القدرة على الغناء تاركا لنا ثروة فنية كبيرة، تلك الحلاوة الفنية المنبعثة من الحان شجية رائعة وكلمات زاهية مرموقة ومنها:
هذا شلون أشكَر..
أوخده ورد أحمر بيه بلوه أبتلينه..
أو عنده عيون تسحر..