فيصل لعيبي يناجي أمواج الفن التشكيلي

فيصل لعيبي يناجي أمواج الفن التشكيلي

جاسم المطير
هدية ثمينة وصلتني من فيصل لعيبي – لندن دعتني فجأة إلى أن أوقف عبوري في طريق روايتي، مؤقتا، كي انطلق سريعا بكشفِ محتوى الكنز الفني الفيصلي الجديد، فوجدتُ نفسي متمتعا بكتابة هذه المقالة السريعة، آملا أن أكون قادرا فيها على وضع فن الفنان العراقي فيصل لعيبي المقيم في لندن أمام القراء الكرام ، داخل وطنه وخارجه.

أكملتُ اليوم مطالعتي لكتاب عنوانه ( البحث عن الذات) في 508 صفحة من الحجم الكبير.. ضم ، في صفحاته الثلاثين الأولى قدرا كبيرا من مقولات تحدد ،بوضوح تام، ذاتية القبضة الفنية القوية التي يمتلكها التشكيلي العراقي فيصل لعيبي. وجدتُ في هذا الكتاب سردا يروي مقدرة هذه القبضة على حرث وخلق وإدراج مزرعة فنية متوهجة بوجوه، وأحداث، وحركات، وآثار شعبية،عراقية، عبر ألوان وحركة فرشاة، مرتبطة ارتباطا وثيقا ببلاغة الرسم، وبثقافة المجتمع العراقي، وببعض تفاصيل الحياة الشعبية اليومية في العراق، وببعض الرياح السياسية العاصفة من سنواته الغابرة التي استحضرها نبضٌ لونيٌ متألق من يد فيصل لعيبي ومن ذاته الفنية السامقة.
كان الكتاب، من حيث الإعداد والصياغة والمرتبية اللونية، قد حمل جنسية عراقية من نوع خاص. مضمون الكتاب بلوحاته كان صرخة احتجاج انطلقت من فيصل لعيبي على تلك الرياح السياسية العاصفة لتشكل عند مشاهدي اللوحات اطمئنانا وطنيا بالغا على مستقبل شعب يؤمن بنقاء الفنون وقدرتها على التعبير حتى في زمان الهزائم الممتدة في عقود من التاريخ العراقي الحديث، خاصة في زمان المهانة الدكتاتورية المتوالفة في 35 عاما مع الظلم والقهر على يد حاكم قاس. أما عن إخراج الكتاب فأنه حمل عبقا فنيا من نوع خاص آخر، هو عبق الفنان هيثم فتح الله، الذي فتح رحاب مطبعته (مطبعة الأديب البغدادية في عمان) كي يحيا هذا الكتاب، الفني التشكيلي، بجدارة الكمال في المكتبة العراقية. فقد اكتظ الكتاب بكل أنواع جودة الطباعة وألوانها من غلافه السميك الأول حتى غلافه الأخير، حتى بدا لي كأنه كلمات أغنية جميلة مسافرة في أروقة الفن العراقي الحديث، ولدتْ في منفيين ، منفى الرسام فيصل لعيبي في لندن ومنفى الطبـّاع - الناشر في عمّان ، هيثم فتح الله.
احتل هذا الكتاب موقع مرتبة أولى في عملية إنتاج وعرض رسوم تشكيلية داخل كتاب ، وليس في قاعة عرض، عبـّرت عن حقيقة جلية متماسكة عن كلمتي (فن) و(فنان) عـِبرَ كتابٍ، عنوانه: البحث عن الذات، يتصل اتصالا مباشرا بوقائع مشرّفة لحقبة من التاريخ الفني العراقي واكبها فيصل لعيبي بحضوره المثابر داخل التاريخ الوطني الحديث لبلاد الرافدين بوصفه احد منجزي الوعي الذاتي في تاريخ الفن التشكيلي وفي الثقافة العراقية بما فيها الثقافة السياسية.
ماريا فكتوريا فيفيرو، ناقدة أجنبية مقيمة في البحرين، قالت عن فيصل: ( هو بالنسبة للعرب ليس مجرد فنان تشكيلي جاد، بل يمثل طرازا فنيا متميزا يوثق للعراق الواقف على أعتاب القرن الحادي والعشرين والذي يصوغ لنفسه هوية ثقافية جديدة بعد صحوته من قلاقل داخلية طويلة..).
نعم هذا زمان صحو العراق والحرية والفنون، يجتاز مغاليق النار، التي اجتاحته خلال نصف القرن الماضي، مما يدعو إلى ضرورة قيام الفنانين العراقيين باجتياح كل الصعوبات العاثرة أمام مواهبهم وأبصارهم، فكان هذا الكتاب زهرة رائعة المنظر في فضاء الفن العراقي، يحمل احجيات فنانٍ ثملٍ بحبِ شعبه. هنا تضعنا ماريا في تقييمها أمام مفكر تشكيلي مستنير بطراز فني، جعله منذ فترة طويلة علامة مرتفعة داخل الرأي العام العراقي، الفني والنقدي، بل صار عبر واقعيته الصورية منبرا فذا له سلطان على مخيلة الرسم التشكيلي العراقي، المتفوق تفوقا متأصلا ومتجذرا.
تضمن الكتاب في صفحاته الأول ممتدة من ص 9 لغاية ص 35 أفكارا وحكايات هلـّتْ من عشاق وعاشقات فن الرسام فيصل لعيبي، كان منها نورٌ ركزه الفنان صلاح جياد بكلمات الوفاء والدقة المكثفة على أعمال فيصل حيث واكبها منذ ولادتها جعلته واصفا فيصل بأنه (( مهموم يعالج مواضيعه التي تلامس جذور الأرض التي أخرجته)). بضع كلمات لكنها بمثابة إنشاد شعري يكشف فيه صلاح تجليات فيصل الفنية كلها. أما الناقد الانكليزي (فليب فان) فقد دوّن شطرا آخر في ملاحظاته حين انتقل إلى تحديد كبرياء اللوحة الفنية في أعمال فيصل لعيبي قائلا : (( إن مسرح الحياة اليومية الغني بالفوارق الدقيقة – في المقهى أو عند بائع الفاكهة أو الحلاق أو الطفل العامل بتلميع الأحذية أو النساء وهن يندبن ضحايا الحرب أو الشاب البغدادي الأنيق الجالس كي ترسم صورته أو المرأة العارية أمام رجل مختبئ – هي جميعا مواضيعه)). هذا الفنان اللندني اكتشف جميع زهور القرنفل في فن فيصل لعيبي. بينما يعمّق الفنان العراقي محمود صبري نظرتنا الشاملة لفنون فيصل بوصفه (( الفنان الجدي المغروس في تربة العراق وثقافته، خاصة تلك الفترة من التألق والتفاؤل الفكري في تاريخ العراق الحديث التي انتهت بمأساة 1963 )). ثم يأتي جف ساتوبل، الناقد الفني في جريدة مورننغ ستار اللندنية ليقول : (( واضح أن ولادة فيصل في مجتمع إسلامي استوجب عليه البحث لإطلاق نقاط اعتراف ثقافية تدعوه لاستحضار صور من ألف ليلة وليلة وقصص شهرزاد الرائعة)). أما الناقد العراقي سهيل سامي نادر فقد منح دفقه بالقول ذات يوم من أيام 1974 : (( لا ننسى هنا أن فيصل اكتشف عن طريق التجربة إمكانية التشريح ذي النزعة التعبيرية وهذا يعني انه قاد تخطيطاته الأولية إلى مستوى جديد ، إلى مستوى التكنيك وهو يؤسس مضمونه)). ,يأتي وصف لانتصار تاريخية فيصل لعيبي بقلم جيوفاني كرانديته عضو لجنة تحكيم بينالة فينسيا حين يقول عنه : (( انه يبدع أساطير وخرافات أيضا لكنها تمتلئ مرارة وغضبا وتكشف عن رغبة جامحة في أن تشهد تجديدا للمجتمع العربي يمكن أن يؤدي إلى ولادة فن تشكيلي جديد مثلما حدث للشعر والموسيقى العربيين..)).
بعده ، يواصل الفنان العراقي ضياء العزاوي في كتابته عن خاصية الشكل المرسوم فيقول (( لفيصل خاصية أخرى لا نجدها عند العديد من الفنانين العراقيين وهو الانتباه للتخطيط كجزء أساسي من لغته التعبيرية )). من ناحية أخرى يؤكد الفنان حسن المسعود على حقيقة أن لوحات فيصل (( تعطي علامات وإشارات للمستقبل توحيها له مخيلته الإبداعية وحدسه)). كما نجد في نظر الفنان مهدي مطشر: (( أن فيصل لعيبي يقدم شخوص لوحاته، طفولية الملامح، مبتسمة، معتدة بمظهرها، أجسادها مملوءة ناعمة )). أما الشاعر صادق الصائغ واصفا بعض لوحاته (( نحن نرى هنا إيقاعات لونية وحركية ونغمية تتصاعد عن طريق إمعان النظر في وحدة هندسية معينة كأن تكون مربعا أو قوسا أو حرفا كوفيا أو مسماريا ، حركة وهمية تنقلنا إلى السيراميك والبلاطات الأرضية الملونة والقاشاني الإسلامي الشهير)). أما النحات عبد الرحيم الوكيل فهو يصف فيصل بقوله (( العشق والغرام وعذاب المحبين والوطن، هذا ما أجده وأحسه في أعمال الفنان فيصل)). هناك أخيرا وجهة نظر جابرييلا شبريغات المنشورة في مجلة تاندنسن الألمانية المتخصصة بالفن التشكيلي تعبر بالقول : (( من النظرة الأولى يسود اللوحات الكبيرة لفيصل لعيبي صاحي شيء واحد: الوضوح ، فالمواضيع التي تلتقطها العين العابرة جلية : رجل بكامل ملابسه ، امرأة شبه عارية ، آرجيلة ، إناء خزفي مليء بالفاكهة ، إشارة إلى يوم عربي.)).
ما تقدم هو بعض الاضاءات المسلطة على فنون فيصل لعيبي بأقلام ما استبقت أفكارها بيميني أي فرصة أو أملا بزيادة على أقوال كل هؤلاء الذين أغنوا هذا المشهد الفني الكبير ، إذ وجدت نفسي إزاءها مداهم بالمسئولية، فماذا بوسعي أن اكتب لأضيف شيئا جديدا..؟ كيف يمكن الكتابة عن رسومات منتفضة على الواقع في ماضيه وحاضره..؟
مع هذه الأسئلة عليّ أن أتنفس بعض الوقت في لوحات فيصل لعيبي، المنشورة في كتابه (البحث عن الذات) عبر دروب المشاركة في (وجود ذاته) خلال رؤيتي لبعض لوحاته المرسومة بأنواع مختلفة من الأدوات ( الباستيل .. فحم على ورق .. قلم رصاص على ورق.. حبر على ورق .. ألوان مائية.. زيت على جنفاص .. اكريليك على جنفاص .. زيت على جنفاص ، وغيرها). كما استخدم نحتا في مواد متعددة.
تناول في لوحاته شدائد ومسرات عراقية وتنهيدات الإنسان العراقي الكادح. كما وجدت في عجاج ذلك العذاب جواهر عديدة الأشكال والموضوعات في حراك لوحاته الوفيرة متركزة في ما يلي:
(1) رسومات النساء العاريات ظهرن كأشجار جميلة لكنها مريرة في ظلال حياة خانقة الأنفاس. ربما في داخل المرأة صرخة تطلب إعادتها إلى حقها الطبيعي الإنساني في الحياة.
(2) رسوماته بالفحم في باريس 1975 كانت مرصعة بالحزن.. ربما كانت ملفوفة ببداية معاناة غربته بدت في لوحات العشاء الأخير كأنها تستظل تحت سحابة مجهولة خاصة وان رسم النساء الباريسيات تضمن عيونا بمقل مدفونة.
(3) وهب الكثير من رسوماته الجميلة لعيون العديد من أصدقائه ممن شاركهم أو شاركوه الملح ورياح الحياة العاتية. كانت أولى هباته لزوجته عائشة، وفائق حسن، وجواد سليم، ومحمد القبانجي، واحمد بن الحجية، وكامل الجادرجي، والملا عبود الكرخي، وسليم هادي، وعزيز السماوي، وعفيفة لعيبي، والفنان مالك المالكي، والفنان وليد شيت، ونعمان هادي، وزاهد محمد، والفنان رشاد حاتم، و الشاعر عبد الله كوران، والفنان محمد صادق رحيم، والفنان علاء الشبلي، والفنان صلاح جياد، والفنانين وآزاد نانه كيلي، وعبد الحيم شريف، وجبر علوان، وهادي الصقر، ورسول حسن، وعادل الطائي، ورشدي العامل، وعلي فنجان.
(4) في رحاب غربته في لندن وبعد زمن طويل منها، ممتدة من منتصف الثمانينات في القرن الماضي حتى بداية الألفية الثالثة أي في عام 2005 اشتغل فيصل لعيبي باكريليك على الجنفاص بمجموعة من اللوحات الشعبية (المقهى.. الحلاق.. صباغ الأحذية.. الاسكافي.. المكوجي.. المصور الشمسي.. العامل.. الاعرابي.. البغدادي.. بائع السوس.. الخياطة.. بائع السمك.. الجالغي البغدادي) وغيرها ليجلو الرؤية والطريق لروحه كي تتوهج بذكريات وجوده في ارض الوطن وفي المحلات الشعبية بالذات. ترى هل كان فيصل لعيبي يبحث عن ذاته في لندن من خلال رسوماته العراقية الشعبية..؟ هل كان يريد أن يرى الطيبة في وجوه أبناء شعبه من خلال تلك الرسومات بألوان زاهية ..؟ ربما كانت قطرات الغربة اللندنية تتسرب إليه جاعلة من نشاطه الفني حاضرة في فرشاته.
(5) ما مرت الآثار التراثية المرسومة في ذهنه منذ طفولته في غربته إلا وكانت ذكرياتها أثيرة لديه. ففي التسعينات من القرن الماضي دمدمت فرشاته بهدوء لتعيد إليه باكليريك على الجنفاص أيضا بعض اكتشافات رؤيته عن الصحن الكاظمي، وعن زقاق في هيت، وعن جامع الحيدرخانة، وعن جامع الأحمدي في بغداد، وعن زقاق بصري فيه بيت الشناشيل، وغيرها مما يدعوني إلى الظن بأنه كان يرغب أن لا يقف في ازقة الغربة، غافلا عن ذكريات طفولته وشبابه.
(6) ضم كتاب البحث عن الذات تخوما فنية شاسعة، ليست فقط عن بغداد، بل اتجه إلى ما وراء البحر المتوسط ليضع أوتار أعصابه الفنية في إطار الجمهورية الجزائرية التي ترسخ اسمها في أعماقه منذ قيام ثورتها عام 1954 ثم تعززت في روحه بعد أن وهبته الحياة زوجته عائشة الجزائرية فحمل فرشاته وألوانه في مرات عديدة إلى طرقات وبيوت مدينة عنابة في الجزائر ليرسمها ، مسربا بعد آخر، حتى حظي بتقدير النقاد الجزائريين إضافة إلى مشاهدي فنه هناك، حيث لوّح لهم ببقع النور المميزة لحاراتهم وساحاتهم. كذلك أودع نورا فنيا آخر في قسطنطينة عام 2007 .
(7) لم تشأ غربة الروح عند فيصل إلا ودقت عنده بقوة حين قامت انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 فأنهضته في لندن ليرسم تخليدا لها بضروب لونية متعددة الأشكال خلال لوحات دارت دوائرها حول قطب واحد هو الانتفاضة . كانت جميعها بألوان مائية.
(8) ضم الكتاب، أيضا، مجموعة لوحات (العشاق) التي بدأ رسمها في بغداد في سبعينات القرن الماضي، وفي لندن التسعينات، ثم عكف على رسم بعضها الآخر في الجزائر وفلورنسا وباريس وبرلين وغيرها كي يملا فنه تباهيا أن الإنسان يظل عاشقا للجمال والحياة لا تستنفد محاولاته الغربة.
(9) احتلت بعض صفحات الكتاب عددا من لوحات مجموعته الباريسية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي المتضمنة موضوعات مرسومة بالحبر عن كائنات إنسانية شفـّها النضال والجوع والأمل في الفوز بالحرية ، كما ضمت مجموعته لوحات عن فاجعتي حلبجة وتل الزعتر .ضم الكتاب، أيضا، لوحات ليس فيها فرح عنوانها (الشهداء) حيث المرأة العراقية لابسة سوادها على جسدها مفضضة نفسها في زمان الأنهار العراقية المتدفقة بالدم، إضافة إلى محور خاص من لوحات عنوانه (عذابات عراقية).
(10) في الكتاب نجد لوحات في الواقعية التعبيرية تهل على وجوه شخصيات عراقية باكلريك على ورق لكل من معروف الرصافي، وبدر شاكر السياب، وبلند الحيدري، وعبد الوهاب البياتي، وحسين مردان، وكاظم حيدر، وعبد الأمير الحصيري، وغيرهم، مما يؤكد أن مواهب هؤلاء الأصحاب استدعت موهبته لرسمهم. كأن سعادته الفنية تنبع عنده من وسط المبدعين العراقيين كلهم .
(11) رنت خطاه نحو محور يطرق باب عاشوراء، الشهر الحزين يمر، كل عام، بالعراق فأشغل فيصل لعيبي فنه بمحور سمّاه مأساة كربلاء تضمن لوحات خطها بين روما وعنابة – الجزائر ليظهر جلال الفاجعة وضحاياها فأطلق العنان لبهاء تخطيطاته بشكل تخطف ومضاتها بصر المشاهدين لها سواء كانوا عراقيين أو غير عراقيين.
(12) ثم كان ختام الكتاب بمسك تخطيط عن جلجامش كأنه يهمي بقوة صمته قائلا لفيصل : أذهلتني رسوماتك عني..
كانت بداياته الفنية عبر زنابق سومرية – بابلية تتصاعد يوما بعد يوم كي تتجول في معارضه بكل مكان وفي مرسمه اللندني الموغل في الحداثة.
بمقدار ما يوجد هنالك في العراق وفي المنافي العراقية من كواكب في قبة السماء التشكيلية العراقية فأن ميزة فيصل لعيبي هي انه يحرق رسوماته بلحم ودم تتشكل بثورية فنية في لوحاته. هكذا يواصل حياته حتى في غمار الموت في عراق طال به الوقت، حين تجتمع ألوانه الكثيرة في اللوحة الواحدة، لكن أسلوبه يجعلها زاهية للمشاهدين، فهو فنان تمتلك ريشته ألق النهار حتى في ظلام الليل، تجعل من الاخضرار موسما في ربيع لوحاته وفي خريف حزنها، أيضا، كأن البدر يترك ضوءا غزيرا على صلصال رسوماته المتميزة بشفافية راقية.
أحسست عندما طويت آخر صفحة من الكتاب أن مطبعة الأديب البغدادية في عمان قد أغنت المكتبة الفنية العربية بمنجزات فرشاة دافئة جريئة تعرف كيف تعبر عن جراح نازفة في ارض الرافدين رجها فيصل لعيبي بقطرات من دمه وبشجاعة من عقله ليظل رساما يمنح العراقيين نصاعة لا تنضب.

المقال سبق ان نشر في موقع الحوار المتمدن