تعدد أفعال السرد معادل للشكل الملون

تعدد أفعال السرد معادل للشكل الملون

حيدر عبد الرضا
ومن هنا نجد القاص المبدع مهدي عيسى الصقر في قصته المعنونة (زوجة محارب) ينتخب وضعا قصصيا خاصا ، يشيد من خلاله ، الهيكل السردي للقص المتعدد الموصوف والفعل القرائي المتميز بخصوصياته التشكيلية الفريدة بأكبر قدر ممكن من الفعل السردي المغامر ،

عبر اللعب الحر على الحكاية واستثمار انماط كثيرة من الحيل السردية وتنشيط الاشكال الملونة ، التي لها الحكاية في خطابها القصصي - في طرزها الراهنة تلك الطرز التي تلوح بالجدة والمغايرة - من خلال الارتفاع بالحساسية الجمالية للشغل الحكائي على مسرح (ما وراء الفعل القصصي) ، الي الدرجة التي تتداخل فيها عناصر (ما وراء النص السردي) وصولا الي حال قصصي شديد الاحتفاء بالمغامرة والجمال.
]قبل سنتين تقريبا .. اعادوه الينا .. عندما بادلوه الاسرى من الجرحى ..
في قصة (زوجة محارب) ينفتح المتن الاستهلالي للنص علي شهادة بطلة القصة / وهي تصور الحكاية الممسرحة عبر استرجاعها لزمن النص مع الشخصية المحورية في النص نفسه ، حيث تتحول شهادة البطلة الي تشكيل الحال السردي على صورة مشهد متحرك يتألف من شبكة لقطات تتحرك على نسق فعلي متجانس يؤسطر الشخطية - الموضوع السردي - ويحيلها الى قوة ( ميتابشرية ) ملتهمة وماحية ، ومن هنا تتمظهر صفتها الغامضة استنادا الى افعالها الماورائية النص ، فتذهب اللقطة الاولى الي تجسيد عمود الصورة (المحارب) وضخها بأعلى درجات القوة والسمو والعنفوان والديمومة . وتنفتح اللقطة على تشكيل اكثر سريالية يمزج عنصرين تصويريين لشكلين متنافرين - صورة ودلالة وطبيعة - ] ابي يعمل حارسا لهذا البناء ونحن نسكن معه .. رأها تحمل علبة صفيح صغيرة .. / لم تكن امرأة كبيرة في السن ؟ لم تبلغ الثلاثين بعد .. وان بدت هزيلة وشاحبة ../ هل بوسعك ان تساعدني ؟ .. فوجئ بوجود رجل آخر معها .. داخل الحجرة ../ ليس هذا ابي . هذا هو زوجي ../ نعم . هو مريض .كم رغيف من الخبز تريد ؟ [ ثمة قرائن عديدة في هذه القصة يمكن معاينتها في انساق الدوال المتداخلة ، ان هذا التداخل في الرسم لشكل المرأة المتحول يصل الى قلب الدلالة في مفردة ( التنور ) المسبوقة بـ(زوجة محارب + امراه لم تكن كبيرة = هو مريض ) ثم ترد في هذا الاطار جملة قصصية في القصة نفسها تقول ( هل بوسعك ان تساعدني ؟ / وهل هو مريض منذ مدة .. قصدي زوجك ) لتدلل على ان فعالية ( الرغبة المكبوتة) تتزاوج ما بين المرأة وفعل مرض زوجها ، وعلى كل المستويات . ان هذا الامتزاج بين صفة المرأة والمحارب المريض والتنور والرجل الغريب المنتج للفعالية الجنسية عند زوجة المحارب، لقد منح القاص الصقر صفة (الرجل الغريب / التنور ) فعلا ما ورائيا شرسا ينطق بجوع جنسي ابدي ]هل تبيعين خبزا ؟ رفعت رأسها ونظرت اليه .. نعم ؟ .. لكنني لم اسجر التنور بعد . سانتظر . جلس يراقب الطفل وهو يلعب وحده بين البناء ../ ذاك الصغير هناك اهو ابنك / اشعلت الامراة عود الثقاب .. / نهض الرجل ومشى وراءها ..[ وبهذا يكون القاص الصقر قد حقق مغامرته في اختيار عنوان هذه القصة عنوانا اشكاليا لهذه الفعالية (المؤدلجة) التي قامت بها بطلة قصته - وبحضور ] الرجل الغريب - التنور - البناء الغير مكتمل - شخصية الطفل الجائع [ الا ان هذا الفعل الحواسي (المرأة - الرجل الغريب ) يتحول في نهاية القصة الى مصنف اخر يخرج رمزيا من معطف (الرغبة المشتعلة) ليتفاعل وظيفيا في منح دلالة جديدة للعنوان المعروف ( زوجة محارب ) هكذا يتفاعل العنوان في طبقة اخرى من طبقات الحادثة الماورائية لزمن المضمون القصصي ، ليظهر بذلك وجها اخر من وجوه الفعالية السيميائية للعنوان : ] ابنك الصغير هذا سوف يكبر بعد سنين .. ويغدو بطلا .هو ايضا .. يدافع عن وطنه .. مثل ابيه تماما [ في الاخير يتضح مستوى التشخيص الذي يسعى اليه الصقر في تحويل (مدينة الرغبة المكبوتة ) الى مستوى اخر من التشخيص - بمعني - ان حب الوطن في العنوان المركزي يمثل اشارة مهمة لقضية انسان ومصيرا وحياة مما يفسر الطابع الجنسي الشائق للغة السرد في (ماورائية النص) كما لا شك في ان هذا التحليل الذي خضعت له هذه القصة ، يكشف عن طبيعة ( الاشكالية السردية ) التي خضعت لها استراتيجية التسمية، بين رؤية القاص المتمثلة بجمالية التلقي ، واستخلاص نمطا معينا من التوافق او التفاهم او التقارب في كينونة العنوان وتأويله استنادا الى قوة اتصاله في ما ورائية النص وتعددية افعال السرد المتعدد .
احالات
قصة (زوجة محارب) - مهدي عيسي الصقر - مجلة ثقافتنا - العدد الثاني - تصدر عن وزارة الثقافة - دائرة العلاقات الثقافية العامة .
تفاهم مع دول الجوار؟