مهـدي عيسـى الصـقـر المبـدع الخـلاق

مهـدي عيسـى الصـقـر المبـدع الخـلاق

توفيـق الشـيخ حسـين
دخل مهدي عيسى الصقر ميدان القصة في الخمسينيات وتمكن من المزج بين الواقعية لتسجيل احداث اجتماعية مهمة. كان يدرك منذ مجموعته الاولى (مجرمون طيبون) في عام 1954 ان الرواية الواقعية هي ملحمة انسانية لا تنضب.. والصقر هو وليد المجتمع الذي نشأ فيه وترعرع في احضانه والذي اثر فيه ثم عاد هو ليؤثر فيه بدوره عن طريق الكتابة.

ان القصصي الجيد هو الذي يؤثر في المجتمع عن طريق الاشعاع.. ومعظم شخصيات الصقر تعاني الألم, وتمارس تجارب قاسية مريرة, لكنها مع ذلك لاتكاد تعرف اليأس أو الانهيار .. فتلاحظه يكتب قصة بسيطة سهلة وتقرأ اكثر من مرة مستوحاة من رحم الأمة وثقلها الجاثم على الناس والمجتمع, من هذا الموقف ينبع مبدأ الالتزام في ادبه وبه يدخل ميدان المعركة وميدان النضال الاجتماعي والانساني.. تقول اللاراشكوفسكايا «ان الكاتب عليه ان يكتب اولا في مستوى العامل والفلاح وتنمية عقل القارئ , بعد ذلك يمكن ان يرتفع الكاتب تدريجيا بهذا المستوى..
ان الكاتب الجديد الذي نبحث عنه هو ذلك الكاتب الذي يستطيع ان يوجد وحدة بين المضمون الاجتماعي والفن الرفيع , ويخلق انسجاما بين المضمون والصورة الذي تعرضه» تبقى بصمات واضحة لهذا الرائد في الادب العربي المعاصر من خلال كل ما قدمه من مجاميع وروايات متميزة اتسمت بالمواقف الانسانية العميقة, فضلا عن فرادتها الفنية البارزة وتجسيدها الصادق لقضايانا المعاصرة..
فقد عده الناقد الدكتور علي جواد الطاهر من احد القاصين المتميزين في الادب القصصي ولما ظهرت اول مجموعاته القصصية في عام1954 بعنوان (مجرمون طيبون) اسس رؤية نقدية للواقع صدرت له (مجرمون طيبون1954)- (غضب المدينة 1960)- (حيرة سيدة عجوز 1986)- (الشاهد والزنجي1987)- (صراخ النوارس1988)- (اجراس1988)- (الشاطئ الثاني1989)- (اشواق طائر الليل1994)- (رياح شرقية-رياح غربية1995)- (أمرأة الغائب1996)- (شواطئ الشوق1999)- (شتاء بلا مطر2000)- (حكاية مدينة2005)- (بيت على دجلة2006).. يقول عنه القاص والروائي حميد المختار: (كاتب كبير في الرواية والقصة القصيرة , يبتكر المناخات الخاصة بمحلية ملحة في واقعيتها ولكن اية واقعية, هي انه صانع اخر للحكايات والشخصيات.. أصيل في تأمله.. قوي في سرده وبنائه.. حذق وذكي في اختيار الثيمة والأبطال.. عراقي صميم منذ ان ابتكر «مجرمون طيبون» وحتى اخر «بيت على دجلة» ابتدأ يرثي الأنسان العراقي قبل كل شيء مبتدئا بالسياب في «اشواق طائر الليل».. هو كاتب حزين, منعزل, ناسك, متأمل حين قرع «اجراس» الخطر, ابتدأ «غضب المدينة» قصصا وروايات وانتشر ذلك في «رياح شرقية – رياح غربية» ذائعا صيته الأبداعي في انحاء البلاد العربية). مات مهدي عيسى الصقر بعد ليلة حزينة من يوم الثلاثاء 14-3-2006 الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر.. يقول عنه رفيق دربه محيي الدين زنكنه.. (اذا كان الرجل قد غاب عنا.. فأن ذلك التأريخ لن يغيب, والنبع الذي فجره واستقى من مائه الفرات, الأجيال تلو الأجيال.. لن ينضب.. ولا يشح..).