الأندلس..بحثاً عن الهوية الغائبة

الأندلس..بحثاً عن الهوية الغائبة

محمد سيد بركة

يلقي كتاب «الأندلس..بحثًا عن الهوية الغائبة»، للكاتب الإسباني خوليو رييس روبيو الضوء على فترة مهمة من تاريخ إسبانيا وتاريخ العالم، وهي فترة الوجود الإسلامي في الأندلس التي استمرت قرابة الثمانية قرون، وضع المسلمون بصماتهم عليها، لكن الغرب سعى لطمس ملامح تلك الهوية. ويأتي المؤلف بعد مرور أكثر من خمسة قرون أخرى ليزيل الغبار عن هذه الحقبة، ويؤكد للعالم أن الفضل يرجع للعرب وللحضارة الإسلامية في نهضة أسبانيا وأوروبا كلها.

ورغم أن موضوع الحضارة الإسلامية في إسبانيا تناولته أقلام كثيرة من المؤرخين والكتاب والمفكرين، فإن طريقة المعالجة والطرح تختلف في هذا الكتاب؛ فلقد ألف الكاتب عمله في وقت يتعرض فيه الإسلام لهجمات شرسة من كل جانب، ويتهم فيه المسلمون بالتخلف والإرهاب، فإذا بالمؤلف ينكر ذلك ويعرض لنا فكر الآخر وتصوره المحايد عن الإسلام والمسلمين.
يبدأ الكاتب الكتاب بالحديث عن دين الإسلام ورسالة خاتم النبيين شارحاً باستفاضة كل أركان الإسلام ومبادئه ثم ينتقل بعد ذلك للحديث عن فتح العرب للأندلس، ووضعها إبان الفتح والحكام المسلمين الذين تعاقبوا عليها من أمراء وخلفاء مروراً بملوك الطوائف والمرابطين والموحدين ووصولا لبني الأحمر الذين ضاعت في زمانهم الأندلس من المسلمين بسقوط غرناطة عام 1492 م.
ويتحدث الكاتب عن أثر الحضارة الإسلامية في الأندلس في المجالات كافة في نهضة البشرية بأسرها، ويشير إلى الأدب العربي من عصر الجاهلية وحتى خروج المسلمين من الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر.
كما يتحدث عن الشريعة الإسلامية ومصادرها وتأثيرها في القانون التاريخي الإسباني مع ذكر أنظمة مثل قوانين مسلمي الأندلس التي كان معمولاً بها في المجتمع الأندلسي حتى فترة نهاية الوجود العربي الإسلامي في إسبانيا.
ويلقي الكاتب الضوء على هوية إسبانيا المزدوجة وعن دورها في التوفيق بين الحضارتين الشرقية والغربية، كما يشير إلى العلاقات التاريخية بين أوربا والشرق منذ الفتح الإسلامي للأندلس في مطلع القرن الثامن ومرورا بالحملات الصليبية الموجهة للشرق وتاريخ الدولة العثمانية مع الدول الأوربية.
ويضع الكاتب تصورا للتحكيم الدولي لحل النزاعات ودور إسبانيا المستقبلي فيه كوسيط يسعى إلى تحقيق التكامل والتوافق في العلاقات بين الشرق والغرب.
ومن أهم ميزات الكتاب أنه يجمع بين الدين والتاريخ والحضارة والسياسة والقانون في عمل واحد وربطه بين الماضي والحاضر والمستقبل وإن كان الكاتب في بعض المواضع يخلط بين المبادئ وبين الخرافات أو القصص التي تداولها الغرب عن الإسلام والتي تخلو تماماً من الصحة.
عن / البيان الاماراتية.