كيف تؤلف كتاباً! .. الحبكة أم الشخصيات هي الأهم في الأدب القصصي؟

كيف تؤلف كتاباً! .. الحبكة أم الشخصيات هي الأهم في الأدب القصصي؟

ترجمة / عادل العامل
تشكل الحبكة، بالنسبة للكتّاب، واحداً من أكثر مكونات الرواية، أو القصة القصيرة، إثارةً للجدل. و يعمل البعض وفقاً لفكرة القصة التي رُسمت حبكتها بإحكام، و يعتقد آخرون بأن الفكرة أكثـر صعوبةً على وجه التحديد. و يعلن ستيفن كِنغ، في كتاب"عن الكتابة"(وهو كتاب ينبغي أن يكون لدى كل كاتب طموح) أنه لا يثق بالحبكة،"لأن حيواتنا خالية من الحبكة إلى حد كبير... و لأنني أعتقد بأن عمل حبكةٍ لإبداع حقيقي و تلقائيته لا يتفقان".

و بالنسبة لكاتب يركِّز على القصة كهذا، فإن كرهه للحبكة أمر يثير الدهشة. و قد نشر جون كومولي مؤخراً روايته الثانية عشرة،"الذئب في الشتاء"(كما أنه شارك في كتابة Conquest مع جيني رِديارد في السنة الماضية) و يعتقد بأن الحبكة ليست محددة لهذا النوع الأدبي."إن إحدى الفكر الخاطئة فيما يتعلق بنوع الأدب القصصي هي أنه كله مسيَّر بالحبكة، بغض النظر عن النوع. فالحبكة تحددها الشخصية ــ فهي، بعد كل شيء، ما تفعله الشخصية. و نحن أيضاً نقرأ من أجل الشخصية، لا من أجل الحبكة."فإذا حصلت على الشخصيات المناسبة، فما تفعله هذه الشخصيات سيكون عندئذٍ مستمداً بصورة طبيعية من أداءاتها. و إلا، فإنك تُقحم مقولبات أو أشياء نمطية في بنية مقدَّرة، و تلك وصفة لكتابة رديئة".
و معرفة البنية سلفاً يناسب البعض، بمن فيهم جوجو مويس (مؤلفة"أنا قبلك"و"واحد زائد واحد"الجيدة البيع) لكنها تعتقد بأن الكتّاب ينبغي أن يستمروا مع تغييرات."فإنا واحدة من كتّاب ما قبل الحبكة الذين يستخدمون الألواح البيض لضبط أين أنا ذاهبة. و في كل كتاب قمت بكتابته تقريباً، انتهيت في مكان مختلف قليلاً، لأن الشخصيات أصرت على تحويله باتجاه آخر. و إذا ما انحرفت حبكتك بشكل مهم بسبب شخصياتك، فمن الجدير عادةً أن تسأل لماذا. فهل أنا أعمل فعلاً بحبكة خاطئة؟"
و هناك في الغالب افتراض بأن كتّاب أدب الجريمة يعطون الأولوية للحبكة. فمن القصص البوليسية إلى قصص الإثارة القضائية، يمكن للحبكة أن تهيمن هنا، لكن بالنسبة لتانا فرينتش ليس هناك قصة من دون أن يوجهها الناس."فأنا أصنع الحبكة و أنا أكتب. و حين أبدأ كتاباً، يكون لدي قياس أو مقدمة أساسية، و راوٍ، و إطار مركز، ثم أقفز هناك و أأمل في أن يكون هنالك كتاب في مكانٍ ما. و علي أن أشرع في معرفة الشخصيات بقليل من العمق قبل أن أستطيع أقرر مَن سيقوم بماذا، و الطريقة الوحيدة التي أستطيع البدء بمعرفتها هي عن طريق كتابتها لفترة".
و تعالج رواية لايا ميلز المنشورة حديثاً، (ساقط Fallen )، طلوع عيد الفصح و التورط الأيرلندي في الحرب العالمية الأولى. و هي حذرة سلفاً من الحبكة، لكنها لا تتمدد في الرواية حتى تكون لديها"فكرة واضحة"عن أين يمكن أن تنتهي. و لديها، على كل حال، نصيحة عملية بالفعل حين تصير المسودة في حالٍ صعبة.
"عندما أحس بالانغمار، أكتب قائمة بالمشاهد و الأطر الزمنية و أحاول أن أجد مَن، و أين، و متى، و لماذا و ماذا يحدث لاحقاً. و بطاقات الملفات شيء عظيم حين تعمل بهذه الطريقة غير المنتظمة: بطاقة لكل مشهد تحتوي على وصف موجز جداً. ثم أنشرها على مائدة المطبخ أو أثبتها على لوح فلين و أنظر إلى الترتيب. و أحركها هنا و هناك لأرى إن كانت مناسبة بشكل أفضل في مكان آخر. و أخلطها لأرى ما الذي يحدث. و يمكنك أن تفعل هذا بالمشاهد التي لم تكتبها بعد؛ و بعد ذلك تملؤها أو توصلها بعضها ببعض لاحقاً".
و يمكن أن تبدو الحبكة أساسية لقوسٍ arc من العمل الروائي أطول، لكن أقل من هذا بالنسبة للقصة القصيرة، التي تعتمد على القليل من الصفحات ليستوعبها القارئ. و لقد نشر الكاتب الأميركي سام ليبسايت (و هو روائي أيضاً) مجموعة قصصه القصيرة الأخيرة (أجزاء الهزل The Fun Parts) في وقت مبكر من العام الحالي. و هو يرى أنه بينما تُعد الحبكة مهمة لبعض الكتَّاب، فإنها طاقة حركية ستمضي بقصتك قُدماً في نهاية الأمر."و أنا مهتم أكثر بالزخم المتولد من خلال اللغة و الشخصية. و أريد أن يمتلك القارئ الحس بالتحرك من خلال عالم فاتن لا يمكن التنبؤ به، و الحبكة"المشدودة"ليست الطريقة الوحيدة لتحقيق هذا".
و يمكن أن يكون تعريف الحبكة صعباً و ذاتياً كتقرير ما هو نافع و ما هو ليس كذلك. و لقد قرأ جون كونولي (Ethan Frome) لإيديث ورتون و يقول إنه مع كون الحبكة"بسيطة نوعاً ما"، فإن ما يجعلها فاتنة هو الشخصيات."فالمشاكل مع الحبكة تميل للنشوء من المشاكل مع الشخصيات ــ اجعلها مناسبةً، و الحبكة تعتني بنفسها إلى حد كبير".
و في الوقت الذي لا تكون فيه اختزالية أبداً مثل اتجاه ريموند تشاندلر، فإن الحبكة البارعة يمكنها أن تتغلب على تقيدات الكاتب باللغة أو الأسلوب. و كما تقول جوجو مويس،"فليس هناك شيء أفضل من أن تكون في قبضة الكاتب الذي يوجهك باتجاهات غير متوقعة، بينما يسمح لك بالثقة في أنها تشد النهايات المحلولة بطريقة ذكية". و تقول مويس"إذا كانت لدي مشكلة بنيوية، فإنها تتطلب عادةً إلى ما أدعوه ' التفكير الكبير '، أي التفكير حاصلاً في ساعات مرتبة، و مطوَّلة، حيث أبتعد و لا أفعل شيئاً سوى الكتابة و التفكير بالمشاكل و كيفية حلها".
و يمكن للرجوع إليها أن يساعد بتعيين مواضع الخلل، لكن كن مستعداً للقيام بتغييرات، حتى لو مضت القصة في اتجاه لم تتوقعه. و إذا كانت تانا فرينتش تحاول أن ترغم الشخصيات على فعل أو قول شيءٍ ما ليس من شخصيتها،"فذلك يعني أن هناك شيئاً ما خطأً مع الحبكة. و أنا أصلحه بتركه يمضي عما كنت قد عزمت أن يحدث، و تصور ما إذا كانت الشخصية ستفعل أي شيء كنت أأمل أن يحدث ــ و أرى عندئذٍ أين يأخذني ذلك".
إن الكتب المتعلقة بحرفة الكتابة يمكنها أن تساعد إذا ما كنت ملتصقاً بها. و توصي لايا ميلز بعدد من الكتب في هذا الشأن لسول شتاين، و لورنس بلوك، و جيمس سكوت بيل. و يقول سام ليبسايت"إن العزم، و الحركة، و الصراع ــ فيما يتعلق باللغة و الشخصيات ــ أمور أساسية. و الحبكات تنمو عضوياً خارج هذه العناصر. و إلا بدت صيغية formulaic على الأرجح. و أنا أحتاج لكتابة بضع مسودات من شيءٍ ما حتى لامتلاك معرفة بما أحاول القيام به و أنا أنقّح باستمرار خلال ذلك".

عن / The Irish Times