توفيق الحكيم كما تراه كواكب

توفيق الحكيم كما تراه كواكب

ما رأي المرأة في عدوها السابق.. توفيق الحكيم؟ كيف تنظر.. الى فنه.. والى عبقريته.. والى فلسفته.. والى بخله.. والى عصاه.. والى ذهوله.. والى زواجه.. والى خفة دمه..
ان توفيق الحكيم – الكاتب الفنان الفيلسوف – يقف امام مجموعة معروفة من نساء مصر.. سامية جمال وماجدة وصباح وماري منيب.. انهن يقلن رأيهن بصراحة في توفيق الحكيم وتوفيق الحكيم يرد.

قالت سامية جمال:
رأيي ان توفيق الحكيم من الشخصيات الكاريكاتورية الفذة، فهو رمز اكثر من اي شيء آخر، تماما كالاهرام وابي الهول.. وقصة عداوته للمرأة من الاساطير الطريفة التي تحاك حولها القصص، لكي تأخذ جوا يضفي عليها طابع الفكاهة اكثر من طابع الجد والوقار..
ويخيل الي ان هذا الرجل.. وانا لا اعرفه – يعيش عيشة النساك الماكرين فيبدو للناس بصورة ، ويحيا في الواقع بصورة اخرى بعيدة كل البعد عن مقاييس الجد والوقار..
واذا صدقت فراستي.. فانني اظن ان عزوبية توفيق الحكيم تتخللها "شقاوة " متزنة، تتفق مع المظهر الذي يضفيه على نفسه..
وهو كفنان لم يكن محقا في الزواج لانه بزواجه يجني على انسانة بريئة، لا لانها ستغار من المعجبات به، ولكن لانه لن يعطيها كل وقته، والزوجة لا تقبل ان يشاركها في زوجها احد، ولو كان هذا الاحد قلمه ومؤلفاته.. اما بخله، فهو في رأيي اسطورة اخرى.. وتوفيق الحكيم على ما اعتقد بارع في خلق الاساطير..
اما رأي سامية جمال فقد اثار توفيق الحكيم وقال: ما رأيك انت؟ ماذا اقول لها.. والله لا نا عارف اقول هذا صحيح ولا عارف اقول هذا غير صحيح وانا من رأيي ان الزواج، كالرواية الناجحة.. نبكي في بدايتها ونصفق بعد نزول الستار.. نزول ستار الحياة.
وقالت ماجدة:
المعروف عن توفيق الحكيم انه عدو المرأة، وقد علمت انه تزوج من سيدة جميلة، ومعنى ذلك انه عدو الوحاشة لانه لو كان مخلصا لمبادئه لما كان تزوج من "وحشه".
وليست لدي معلومات عن حياته الشخصية، ولكن يخيل الي انه يعيش في قصصه ومؤلفاته، والا لما اصبح كاتبا ناجحا، كما انه يعيش في نصفه الحلو جدا، واعتقد ان هذا النصف الحلو هو برجه العاجي..
ومن رأيي ان الفنان يجب ان يعيش في فنه، ويكرس له كل حياته، وان كان من حق الحياة على الفنان ان يتممها باكمال دينه، فلا بد له اذن من الزواج وفي ذلك صعوبة، وفي الصعوبة لذة ولكي يحقق الانسان الصعب لا بد له من اجتياز المشاق، والزواج كالموت كلاهما شر لابد منه..
وقد اجتاز توفيق هذا الشر ويبدو لي انه زوج مخلص لا عن زهد وعفة، وانما لضيق وقته الموزع توزيعا عادلا بين مؤلفاته ووظيفته وحياته الزوجية، وهذه الاعباء لا تترك لديه فرصة (لأعباء) اخرى.. وبخل توفيق الحكيم لازمة من لاوازمه، كالعصا التي يحملها.. وانا لست من رأيه في هذا البخل، لان العمر واحد، وما حدش واخذ منها حاجة..
وعلق توفيق الحكيم على ما قالته ماجدة بقوله: والله الكلام ده يحتاج الى مناقشة.. فهو كلام قد تضمن تفصيلات كثيرة، وانا من رأيي ان اي رأي اسمعه او اقرأه عني اعتبره رصيدا قد انضم الى حسابي.. اما اخذ الرأي مني فهو انفاق من حسابي، وانا لا احب الانفاق لا كثيرا ولا قليلا..
وقالت صباح:
انا لا اعرف توفيق الحكيم، وان كنت قد قرأت له بعض ما كتب، ويخيل الي مما قرأته له انه يعيش في مؤلفاته وفي زوجته..
وانا اقدر دخله السنوي بنحو سبعة الاف جنيه، لا ينفق منها اكثر من الف واحد..
ويبدو لي ان عدوانه للمرأة خرافة، تعمدها لكي يبدو غريبا فيشتهر ، بينما هو في الحقيقة لا عدو المرأة ولا حاجة. والا فما الذي دعاه للزواج من المخلوقة التي يناصبها العداء؟.. وزواج الفنان امر ضروري . فالفنان انسان، والانسان لا يستطيع ان يقلب الطبيعة.. وكما ان كل سيدة تحتاج الى رجل يقف بجوارها فان كل رجل يحتاج الى سيدة، يدفن همومه في صدرها..
واعتقد ان توفيق الحكيم زوج "موش بطال"، لاننا لم نسمع عنه حوادث وليست له في النكد سوابق.. ولعل اسوأ ما فيه هو بخله ، وليس معنى هذا انني اطالبه بان يكون مسرفا.. فان خير الامور اوسطها..
ودهش توفيق الحكيم لما قالته صباح: سبعة الاف جنيه؟.. لا ان الامر اختلط مع صباح لابد انها ظنت انني احد المطربين او احد كواكب السينما.. لقد ظلمتني ظلما شديدا .. فصاحب القلم في بلادنا لا يملك الا الملاليم.. فالاديب ليس له ما يمكن ان يسمى دخلا..
وقالت ماري منيب:
الراجل ده حتة شخصية ممتازة ياريت عندنا اثنين منه، وانا كفنانة اقدر احس بالفنان، ويمكن الناس بتعتقد انه سعيد، لكن انا اعتقد انه موش سعيد السعادة اللي بيطمح فيها . واعتقد كمان ان ارباحه ما تساويش اسمه، وكل اديب عظيم ذو شأن وذو اسم بيربح حاجة من اثنين، يا الصيت يا الغنى.. فهو ربحان الصيت والمثل بيقول الصيت ولا الغنى..
اما مصروفه فما اعرفش، يمكن يكون ماشي بحكمه، لان حياته كلها حكمه. وحياته ايام العزوبية ما عنديش عنها اي فكرة، ولكن من رأيي كفنان ما كانش لازم يتجوز، لان الفنان له معجبون ومعجبات، وحياته الفنية تختلف تماما عن حياته العائلية، ويمكن ده يضايق مراته ويثير غيرتها.. عارف ان مراته برغم هذا لازم تكون سعيدة لانها زوجة رجل مشهور، والشهرة لها سحر ولها فتنة.
يفضل بعد كده حكاية بخله وحرصه الشديد، وانا موش من رأيه في البخل والحرص لان الشهرة تكلف.. والانسان لازم يدي الشهرة حقها، علشان يقدر يكسب احترام الناس..

وقد اعجب رأي ماري منيب توفيق الحكيم وقال : والله انها قد انصفتني، فانا ليس لي مكسب في هذه الحياة، ومكسبي وهمي من اولوا لاخره.. سواء في الصيت او في الغنى.. وهذا الوهم هو الحقيقة الوحيدة في حياتي.. انا اتوهم في ارقام كبيرة تدخل جيبي .. وحتى رأي الناس الطيبين هو الاخر وهم على الاوهام، وانا اشكرها على كل حال.

الكواكب/ نيسان- 1956