اخبار الاسبوع

اخبار الاسبوع

يقول جان بول ان عمر الرجل مرحلتان ونصف.. مرحلة يبتسم فيها.. ومرحلة يتنهد فيها.. ونصف مرحلة يحب فيها بحماقة.. لان في النصف الاخر تبدأ نهايته!
ولقد قطع الدكتور احمد سوكارنو – رئيس جمهورية اندونيسيا – المرحلة الاولى من طفولته.. وقطع المرحلة الثانية في ظلام السجون وهو يكافح الاستعمار الهولندي..

وبدأت نصف المرحلة الثالثة في حياته عندما ذهب ليفتتح معرضا للرسم.. فاجتذبته لوحة لأمراة، كل ما فيها من معالم يزدحم بالوانه صاخبة لها ضجيج!.. وخلق القلب العجوز المغضن الذي يرجف بكهولته نحو العام الخامس والخمسين من اعوام الدنيا.. واشتغل الرجل غراما اهوج... ونسى رئيس الجمهورية العجوز انه تزوج واب.. وتزوج من صاحبة اللوحة.. تزوج من الارملة الجميلة اللعوب هارليني سوماندو.. وبدأت والمتاعب! وثارت نساء الشعب.. وجعلن الرجال على تايد من ثورتهن.. وفقد سوكارنو هيبته وشعبيته.. وانطلقت العناصر المتمردة عليه، تناصبه التحدي.. وىخر مظاهر التحدي الذي واجهه سوكارنو كان من الجيش الاندونيسي نفسه!
فلقد اصدر سوكارنو موسوما بتعيين الجنرال بانيانج برتوجو رئيسا لهيئة اركان حرب الجيش..
وثار من بين الصفوف الكولونيل لوبير الذي كان يشغل المنصب بالنيابة قفز عصبيا.. متمردا.. يحرص الضباط على العصيان.. وتحدى سوكارنو.. وقرر عدم الذهاب الى الاحتفال الرسمي الكبير الذي سوف يقام للجنرال بولوجو.. لان سوكارنو ووزير الدفاع حديا قواعد الاقدمية في الجيش..
ونفذ لوبير وعدد كبير من الضباط سياسة العصيان.. فقاطعوا الاحتفال.. وصدر وزير الدفاع ايواركر سوماندري امرا يوقف الكولنيل لوبيز بسبب عيانه وعدم اطاعته للاوامر! وبدأت الوزارة الاندونيسية وسوكارنو نفسه يواجهان ازمة خطيرة، نتيجة ترفض الجيش الاعتراف بالجنرال يولوجو... وقال لوبير ان الجيش كله يقف وراء تحديه لأوامر سوكارنو ووزيره.. وان رئيس هيئة اركان الحرب الجديد ليسس كفئا.. وانه آخر من يصلح لهذا المنصب.. وازدادت المتاعب..
فقالت العناصر للمعارضة لتعيين يولوجو ان هذا التعيين جاء خدمة لاغراض سياسية مما لا يتفق مع الميثاق الذي وقعه ضباط الجيش في فبراير السامي وتعاهدوا فيه على ان يبقى الجيش بعيدا من الصراع السياسي بين الاحزاب..
وطالب ثلاثة من اعضاء مجلس النواب باقالة وزير الدفاع لانه من صالح موسكو!.. واتهم سوكارنو نفسه بانه يسير على سياسة يسارية غامضة.!
وقال المراقبون السياسيون ان سوكارنو لن ينجح في الانتخابات القادمة.. وان الوزارة الجديدة القادمة – بعد الانتخابات - سوف تتالف من حزب المارجومي المسلم ومن احزاب"غير"يسارية!.
وعند ماراي الجنرال يولوجو كل هذه العاصفة.. ابدى استعداده للاستقالة ولكن سوكارنو ووزير الدفاع لم يتخذا اي موقف ايجابي من هذا الاستعداد الذي يبديه يوتوجو لانقاذ الموقف!
ولا يدري سوكارنو ماذا يعمل امام هذا الاعصار الذي هب بعنف فجأة في مواجهته.. انه يرى في ابقاء بوتوجو تفاقما للازمة يزيد لحظة بعد لحظة.. كما يرى في التراجع تاكيدا لضياع هيبته التي ولت منذ ان دخلت حياته تلك الارملة الجميلة اللعوب.. هارتيني! ان هارتيني وراء هذه الازمة من بعيد.. لقد شنت عليه الصحف يوم خفق قلبه بحبها حملة شديدة طالبت فيها باستقالته.. وطلعت صحيفة"بيكيان راكجان"تقترح عليه ان يأخذ اجازة يرتاح فيها بضعة اعوام!. وطالبته صحيفة"رايا"بان يستقبل فورا لانه ضرب بتقاليد الشريعة الاسلامية عرض الحائط وتزوج من السيدة هارليني قبل ان تنتهي عدتها الشرعية..
وقدمت الجمعية النسائية في اندونيسيا مذكرة الى البرلمان والوزارة طلبت فيها ان تتخذ الوزارة اجراء عملية في مسالة زواج سوكارنو الثاني.. وقالت الجمعية ان هذا الزواج يؤثر تأثيرا سيئا في برنامج الاصلاح الذي تطالب الجمعية بتحقيقه.. وثارت نساء اندونيسيا كلها!.. ورحل يطفيء بالمحال التجارية يطلبن نزع صورته من نوافذها الزجاجية.. حتى تلميذات المدارس كن يخرفن بالدبابيس عيني سوكارنو في صورته الملصقة على الكتب والكراريس.. واعتبرت كل زوجة اندونيسية ان رئيس الجمهورية قد اعتدى عليها لانه يضرب اسوأ مثل لزوجها!
وحاول سوكارنو ان يواجه العاصفة فقال للزعيمات ان الدين يسمح بتعدد الزوجات بشرط ان يعدل بينهن.. وفي اليوم التالي وزعت الجمعيات النسائية منشورات قالت فيها ان الزوجة الاولى – فاطمة واني – قد نقص وزنها ثلاثة كيلو جرامات في اربعة اسابيع نتيجة للهجر والبكاء.. وهذا دليل على انه لا يعدل بين الزوجتين!. ثم غمرت شوارع المدن الاندونيسية منشورات اخرى تقول ان سوكارنو قد امضى في اسبوع واحد مائة وخمسين ساعة مع السيدة هارتيني – الزوجة الجديدة.. وثماني عشرة ساعة فقط مع فاطماواتي... فاين العدل!!
واستمر سوكارنو يواجه حرب النساء ضده بلا هوادة... واستطعن ان يؤلبن عليه الشعب كله.. وفقد الرجل الذي كافح من اجل بلاده.. كل ماله من رصيد العواطف في القلوب.. واصبح معلقا في الهواء، تتمرد عليه القوى المناوئة بسهولة.. وبلا مقاومة!.
ان هارتيني – الارملة الشابة التي علقت سوكارنو في الهواء ومسيرته بلا سند امام الكولونيل لوبيز.. وضعت له طفلا في مارس الماضي!.
له طفلا في مارس الماضي.. هذا بخلاف الاطفال الخمسة الذين انجبتهم من زوجها الاول!! اما فاطماواتي فقد انجب منها اربعة اولاد.. وفاطماواتي ليست الزوجة الاولى لسوكارنو اذ سبق له ان تزوج للمرة الاولى ثم طلق زوجته لانه لم يرزق منها باطفال!
وسوكارنو جاهد جهادا مرا في سبيل استقلال بلاده.. وذاق السجن والاضطهاد والتشرد دون ان يثنيه ذلك من كفاحه.. حتى استقلت اندونيسيا عل يديه في 28 ديسمبر سنة 1949..
وظل زعيما معبودا للشعب.. حتى عرف هارتيني.. وواجه حرب النساء.. واصبح الكولونيل لوبيز يقول له: اسمع ايها الرجل.. لا احد معك.. والجيش كله خلفي.. ولن نسمع كلامك!
ولا يدري سوكارنو الذي كانت تعوضه الهيبة ذات يوم.. كيف، يتصرف مع الكولونيل المتمرد العنيد!
الجــــيل/ تموز- 1955

ذات صلة