الذات الأنثوية..شاعرات يشتركن فى الانتماء العميق لتجديد الشعر

الذات الأنثوية..شاعرات يشتركن فى الانتماء العميق لتجديد الشعر

بغداد/ أوراق
مجموعة من الشاعرات الخليجيات يشكلن بصمة خاصة في مجال الكتابة الادبية، يتم اختيارهن من قبل الناقدة (ظبية خميس) في كتابها (الذات الأنثوية) والصادر عن دار (المدى) للثقافة والنشر، تتناول من خلاله الذات الأنثوية بصفتها محوراً لدراسات تنامت خلال العقدين فى مدارس النقد الغربية، فتقول: اخترت لهذه الدراسة خمس شاعرات ينتمين للحداثة الشعرية العربية،

وان أهميتهن ليست على نطاق الريادة الواحدة فى جغرافيتهن بل لأنهن يشتركن فى الانتماء العميق لتجديد الشعر وتكشف الشاعرة عبر دراستها عن اللغة الشعرية والصور المميزة لكل من حمدة خميس ونجوم الغانم وسعاد الصباح وفوزية السندى وميسون القاسمى. مستنطقة جوانب كثيرة بقصائدهن من حيث الصور واللغة الشعرية ونظرتهن لمجتمعهن الذى اعتبر خيارهن الابداعى نوع من التمرد على سلطته الدينية والاجتماعية. الشاعرة البحرينية حمدة خميس اصدرت عدة دواوين منها: اعتذار للطفولة والترانيم ومسارات وأضداد.. ولدت سنة 1946 ونشرت اولى محاولاتها الشعرية عام 1969، وتتميز تجربتها بقوة العاطفة الوجدانية الذاتية التى تسلطها على الموضوعات الوجودية والمضامين الواقعية والأفكارالفلسفية فتحولها الى كتابة حية تعبر عن تجارب ذات نزعة وجودية واحساس واقعي بعاطفة الحب.. وكانت حمدة في بداية تجربتها تتلمس طريقها في فضاء الحرية ورحابة الحياة، إذ تقول: تجربتي في الكاتبة خاصة ومريرة فقد كان علي دائماً الخروج من جلد الأنثى الناعم والالتحام بخشونة الأحلام، وكان هاجسي هو التعبير عن الهم الانساني وليس هم المرأة الجزئي، فانا احمل تراث قرون من الاضطهاد الخاص والمزدوج، وكان على التجربة ان تخرج من اسار الهموم الضيقة التي تطرحها المرأة بشكل تقليدي لتلتحم بهم الانسان وطموحاته في الشمول.
وفيما يخص الشاعرة نجوم الغانم من دولة الامارات تصفها بأنها صوت متفرد بذاته صدح خلال الثمانينيات. وتقول: تنتمي في عالمها الشعري الى الاسطورة والمفردة السحرية، يحتلها عالم الباطن بطريقة لا تخترقها أحداث الخارج. مبينة انها عملت في مجال الصحافة ولها اهتمامات مسرحية وتشكيلية الى جانب القصيدة. بدأت تجربتها في مناخ فني ربط العديد من الفنانين بالصداقة الفنية والابداعية، كما انها متزوجة من الشاعر خالد بدر. وانطلقت من القصيدة الرومانسية في بداياتها المبكرة الى القصيدة الطقوسية الاسطورية.. ومجموعتها"الجرائر"الصادر عام 1991 تعبر عن الوجود الاسطوري المغرق في الخيال مازجة الحضور الديني في الخطاب الشعري مستحضرة الفاظ الماضي النثرية والمستوحاة من التراث العربي الاسلامي والمسيحي في اطار قصيدة نثرية طويلة.. وتوضح الكاتبة ان الذات الانثوية في قصيدة نجوم موغلة في القدم متسربلة بستار الروح والليل والماضي، مستعملة مفردات مثل مبارزة السيوف وطعنات الخناجر، باحثة عن الكهنوت القابع عميقاً في ادغال الروح القديمة لانسان الجزيرة العربية. وتصف الكاتبة قصيدة نجوم الغانم بانها تشبه الدخول الى كهوف منسية والشرب من ينابيع غامضة والتجوال مع بقايا أرواح ومخلوقات منقرضة.
واستثنائية العالم العربي وصف تطلقه الكاتبة على الشاعرة سعاد الصباح لا لقوة اشعارها فنياً وانما لمزيج جرأة المضمون والقدرة على نشره ثقافياً بحسب وصف الكاتبة. مضيفة: الصباح احدى الشاعرات النادرات اللواتي استطعن ان يفرضن حضورهن عربياً عبر نشاطات عدة سواء عبر مساندتها لبعض المنظمات الأهلية كمنظمة حقوق الانسان. ولم يكن هذا دائماً لصالحها، وقد هوجمت من قبل المعنيين بالثقافة الجادة الذين رأوا ان مثل تلك المواقف تسهم في دعمها اعلامياً على حساب الجودة في شعرها، كما انها تعرضت لحملة غضب من افراد عائلتها الحاكمة في الكويت بسبب بعض قصائدها التي مدحت فيها أحد الرؤساء العرب على حساب الشخصية الخليجية خلال ثمانينيات القرن الماضي. وتشير الكاتبة الى ان سعاد الصباح اقترن اسمها بالشاعر نزار قباني نظراً للتشابه الكبير في المفردات والأجواء الشعرية بينهما. وقد ادعى البعض بان قباني هو من يكتب لها قصائدها، وخصوصاً بانطلاقته التاريخية المعروفة شعرياً فيما يخص تشريح عالم المرأة واستعارة صوتها للحديث عن همومها الا جتماعية والجسدية في قصائده. ومن جانبها اعترفت الصباح ان قباني استاذها الذي تنتمي الى مدرسته. وعن سيرتها تقول الكاتبة: نشأت الصباح في الكويت وعاشت في القاهرة وبريطانيا حيث تلقت علومها الأكاديمية وكانت بصحبة زوجها الدبلوماسي انذاك، ولها العديد من الابحاث الاقتصادية وخصوصاً في مجال الثروة النفطية.
وتقول الكاتبة عن الشاعرة البحرينية فوزية السندي: ولدت عام 1957، ودرست في القاهرة، كتب الشعر عام 1975 ونشرته في الصحف الخليجة والعربية عام 79 ـ 80، واصدرت مجموعتها الأولى"استفاقات"عام 84.. تأثرت تجربتها بمناخات قصيدة النثر التي طرحت هيمنتها على اجواء الشعرية الخليجية منذ نهاية السبعينيات، كما تأثرت بالاحداث السياسية العربية الدرامية الكبرى.
وعن سيرة الشاعرة والرسامة الاماراتية ميسون صقر تذكر الكاتبة بانها عاشت في القاهرة اكثر من أربعة وعشرين سنة بسبب وضع سياسي تعرض له ابيها الذي كان حاكماً للشارقة في فترة زمنية سابقة. وهي الآن تعيش في ابو ظبي وتعمل في المجمع الثقافي. اصدرت اربعة اعمال شعرية واقامت العديد من المعارض التشكيلية.. ومن ملامح مستويات اللغة الشعرية التعبيرية لديها اللغة الأنثوية التي تصنع صلتها بالمفردات والألفاظ تعبيراً عن كينونة شديدة في الاندماج مع واقع الشعرية الذاتية، كما تفاجئ ذاتها الشعرية اللغة الفلسفية بحكمة خاصة، وتطغى على قصائدها اللغة الرمزية التجسيدية. وتقول واصفة قصائدها: كل قصيدة في تجربة ميسون هي هندسة اضافية لمعمار البحث عن المرأة بحريتها وذاتها البعيدة، تحتاج الى رحابة لا جدار لها كي تكتمل هندسة ذلك البناء. وعليه فهي زوجة الفضاء وامتزاج الفراغ الذي يحاول ان يهد وجوده خارجاً من حصار الشرخ وثقافته. مبينة ان نتاج ميسون الشعري يدلل على المرحلة التي وصل اليها ابداع الشاعرة العربية. انه نتاج البوح الجريء الذي يحاول ان يصل اعضاء حريته عبر جسد القصيدة كذات انثوية عربية ما زالت ذاكرتها المادية مستيقظة ومحاطة بالفؤوس والرماح والسيوف التي تشكل ثقافة الفروسية البدوية.