عباس جميل... أحاله نوري سعيد إلى التقاعد ليتفرغ لألحانه

عباس جميل... أحاله نوري سعيد إلى التقاعد ليتفرغ لألحانه

كمال لطيف سالم
ترك عباس جميل بصمات خالدة خلال مشواره الفني الطويل فكانت له منزلة كبيرة في قلوب محبيه وزملائه وطلبته، الحياة وقفت معه لأنه صادق في فنه يمتلك موهبة شجعه الباشا/ نوري السعيد بان ينقل خدماته من الكلية العسكرية التي كان مدرباً عسكرياً فيها إلى موسيقى الجيش،

لكن الموسيقي الأجنبي فيها اعتذر عن عدم قبول عباس جميل إلى الفرقة برغم موهبته لأنه وجد فتحة بين أسنانه الأمامية.. لكن الباشا (نوري سعيد) لم يخيب ظن المبدع العراقي الكبير فاقترح عليه التقاعد برتبة أعلى حتى يتفرغ لفنه الراقي لان الجيش يتطلب القسوة والخشونة أما أوتار عوده فأنها تحرك شرايين القلب وتسحر الناس.
فرح الفنان عباس جميل من كل قلبه لأنه سوف يتفرغ لإبداعه ويخط الباشا نوري سعيد والذي كان عازفاً هو الآخر رغم دهائه السياسي.. وبدأت أوتار الجميل تصنع الألحان لزهور حسين ووحيدة خليل وغادة سالم ولميعة توفيق ولعدد من المطربين والمطربات الآخرين وكانت ألحانه تمتاز بطابع القرية والمدينة وفي عام/1965 نهض الفنان الجميل الرائع باعذب وأجمل الالحان العراقية الأصيلة فكان كريماً لطيفاً ظريفاً فهو مركز إشعاع لكل من حوله في عدة مؤتمرات ومهرجانات فنية عربية.
سيبقى راحلنا حاضراً ومشرقاً في الذاكرة العراقية بعد أن أجاد في الساحة الموسيقية إذ انه احسن الالمام بثقافة موسيقية عالية المستوى تميزت بعمله وخبرته وسعة مداركه وسلامة ذوقه وحسن أدائه.
ومن خلال هذا المنظور إذ أكدنا أن سلطاننا الراحل هو احد الرواد الذي تحملوا أعباء مرحلة الأربعينيات وما تلاها واخذوا على عاتقهم مهمة تحريك الواقع الغنائي باتجاه الحصول على نتائج مؤثرة في الخطوط العامة العراقية فكان إنساناً رقيقاً يحب كل الناس وخاصة أصدقائه الفنانين لقد أعطى عطاء ثراً منذ بدايته حتى رحيله في تجسيد الأغنية العراقية الرصينة النابعة من أصالة تراث العراق ونخيله ودجلة والفرات وتغنت بها الأجيال وحفظها ورددها الجميع
في حوار صحفي أجريته مع الفنان الراحل قال فيه : اتجهت إلى مرحلة التلحين للأغنية العراقية التي كانت "تلوب" وقتها تحت الردح الموسيقي القديم، "أي الإيقاع الثقيل" فلحنت أول اغنية "كتجربة" للفنانة الراحلة زهور حسين وكان مطلعها:
"اخاف احجي وعلي الناس يكولون".
فانتشرت هذه الاغنية انتشارا واسعا، وحققت نجاحا شعبيا، وذلك لخفة إيقاعها ، وسرعة فهم الكلام المصحوب مع الموسيقى العراقية الأصيلة.
ومع ذلك، فقد وجدت في نفسي حاجة إلى نهل الكثير من مناهل الفن في مجال الموسيقى وان اكون ملما بشؤون الموسيقى على وجه العموم.
فدخلت معهد الفنون الجميلة للسنة الدراسية "1950- 1951" فدرست على يد الأستاذ سلمان شكر سنة واحدة، وعلى يد الأستاذ المرحوم منير بشير، لان الدراسة كانت وقتها في المعهد سبع سنوات..فتخرجت بدرجة شرف..وعينت معلما للنشيد في احدى المدارس الابتدائية.
في هذه المرحلة بدأت التلحين، بعد نجاح التجربة الأولى وكنت ألحن اغنية التي تتوفر فيها شروط النغمة العراقية الاصيلة....
فلحنت لزهور حسين اغاني كثيرة هي:
غريبة من بعد عينج يايمه
جيت يا اهل الهوى
يم عيون حراكة
اني اللي اريد احجي
كما ولحنت اغنية "جاوين اهلنه" للفنانة وحيدة خليل وكذلك اغنية "على بالي ابد ما جان فركاك".
و"عين بعين على الشاطئ تلاكينه".
ولحنت لسليمة مراد أغنية ، "يايمه ثاري هواي" أما عفيفة اسكندر ، فقد لحنت لها:
"على عنادك"
طولا تمشي ورى اللي يضحكك".
وكانت اول تجربة لي في مجال تلحين الأغنية الريفية، هي أغنية لداخل حسن عنوانها:
"يا طبيب صواب دلالي كلف لا تلجمه بحطة السماعة"