من تاريخ انتخابات مجلس النواب في الاربعينات والخمسينات

من تاريخ انتخابات مجلس النواب في الاربعينات والخمسينات

■ حسن احمد المعموري
وشكل نوري السعيد وزارته التاسعة في 21 تشرين الثاني 1946م، ولذا اسرع بحل مجلس النوابوعقد مؤتمر صحفياً اعلن فيه ان الوزارة قد تشكلت بهدف اجراء الانتخابات النيابية وان الحكم سوف يستند الى الاغلبية وان خطته ترمي الى ان تكون الانتخابات حرة نزيهة دون أي تدخل من جانب الحكومة، وانه سوف يخطو بقانون الانتخابات الجديد ليحقق للعراق مجلساً راقياً، واهاب بالجميع الاشتراك بالانتخابات).

وفي خضم تلك الاحداث الوطنية والبرلمانية التي عاشها العراق برز عبد الوهاب مرجان الذي عد من الشخصيات المهمة ولاسيما في انتقاداته التي وجهها للسلطة الحاكمة واجهزتها التنفيذية والادارية بوصفه نائباً ورئيساً في المجلس النيابي فيما بعد .
لقد عمل عبد الوهاب مرجان عضواً في مجلس النواب ورئيساً لهذا المجلس اكثر من عشر سنوات تقريباً وقد فاز بالدوراة الانتخابية الحادية عشرة التي استمرت من اذار 1947م لغاية الثاني والعشرين من شباط عام 1948م وانتخب في الدورة الانتخابية الثانية عشرة التي دامت من الحادي والعشرين من حزيران عام 1948م لغاية الثلاثين من حزيران عام 1952م. وفاز ايضاً في الدورة الانتخابية الثالثة عشرة التي استمرت من 24 كانون الثاني 1953م الى 28 نيسان 1954م. وفاز ايضاً في الدورة الانتخابية الرابعة عشرة التي استمرت من التاسع من حزيران عام 1954م ولغاية الثالث من اب للعام ذاته. وفاز في الدورة الانتخابية الخامسة عشرة للمدة من السادس عشر من ايلول عام 1954م لغاية السابع والعشرين من اذار 1958م واخيراً فاز في الدورة الانتخابية السادسة عشرة والاخيرة التي استمرت من العاشر من مايس 1958 ولغاية ثورة الرابع عشر من تموز 1958م .
انتخب عبد الوهاب مرجان مرات عدة رئيساً لمجلس النواب فقد انتخب اول مرة في الاول من كانون اول 1948م وجدد انتخابه في اول كانون الاول 1949م وكذلك انتخب رئيساً للمجلس في الاول من كانون الاول 1951م وجدد انتخابه رئيساً ايضاً في الاول من كانون الاول 1953م وجدد انتخابه رئيساً ايضاً في السادس والعشرين من تموز عام 1954م، واول كانون الاول عام 1955م، كذلك في الاول من كانون الاول عام 1956م، ثم في العشرين من حزيران عام 1957م. وجدد انتخابه في الاول من كانون الاول 1957م واخيراً كان عبد الوهاب مرجان آخر رئيسٍ لمجلس النواب العراقي من العاشر من مايس 1958م لغاية ثورة الرابع عشر من تموز 1958م.

كان عبد الوهاب مرجان خلال هذه المدة يمارس عمله في المحاماة وادارة اعمال والده الزراعية والتجارية، الا انه واكب ما يجري في بلاده من احداث سياسية وان معاناته تزداد لما يستمع ويشاهد عن الوضع المتردي في عموم البلاد، فضلاً عن المشاعر القومية التي كانت تهيمن على تفكيره وادراكه لما تعانيه الامة العربية وقتئذ من ضعف وتمزق في اوضاعها العامة، وفي مقدمتها قضية فلسطين العربية). وفي خضم هذا الواقع فكر عبد الوهاب مرجان بالامر وعزم على المشاركة بالحياة السياسية من خلال ترشيحه للانتخابات، وتمثيل الشعب في المجلس النيابي، كما كان لشقيقه عبد الجليل مرجان اثر واضح في ذلك حين استثار فيه شعوره وعاطفته الوطنية، وطلب منه المشاركة في الحياة السياسية ولاسيما الحياة البرلمانية .
وفي اوائل شباط 1947م ترك عبد الوهاب مرجان الاعمال الزراعية والتجارية ليبدأ صفحة جديدة من حياته السياسية، وفي ذلك الوقت كان الشعب العراقي قد تنامت فيه الروح الوطنية الى جانب مطالبة القوى الوطنية بمجلس نيابي جديد يصون حقوق الشعب والبلاد. فعزم عبد الوهاب على المشاركة في الحياة السياسية وترشيح نفسه للانتخابات بوصفه مستقلاً .
وبدأت عملية الشروع بالانتخابات في اوائل اذار 1947م وقد رشح فيها عبد الوهاب مرجان عن المنطقة الانتخابية الاولى في الحلة، وما ان اقترب موعد اجراء الانتخابات حتى اخذت الحكومة والفئات الموالية لها التدخل بشكل سافر من اجل ابعاد مرشحي احزاب المعارضة والمستقلين حتى تضمن نجاح مواليها وانصارها، وابعاد العناصر القومية والوطنية عن المجلس النيابي. وعلى اثر ذلك عزم عبد الوهاب مرجان ووالده عبد الرزاق الى القيام بجولات بين العشائر والوجهاء في الحلة واطرافها. حيث اتصل بشيوخ العشائر ومنهم شيوخ الجبور والمعامرة واليسار والبوسلطان وغيرهم من العشائر ذات الزخم السكاني والثقل الاجتماعي في لواء الحلة، ليضمن اصواتهم واصوات اتباعهم له لما يتمتع به شيخ العشيرة من تاثير مباشر على افراد عشيرته، فاذا صوت الى طرف معين سوف تصوت كل العشيرة لذات الطرف. وعلى هذا الاساس كانت هناك جولات لعبد الزراق مرجان والد عبد الوهاب في عدد من المقاطعات التي يمتلكها والتي من خلالها سيؤثر بشكل او بآخر على شيوخ عشائرها. وهذا ما اصبح معروفاً عندما تنازل ابراهيم الهزاع شيخ عشيرة المعامرة المرشح النيابي في الحلة الى عبد الوهاب تاركاً المجال امامه للفوز بالانتخابات .
ومن نشاطاته الانتخابية عزم عبد الوهاب على عقد اجتماع شعبي، فتقدم بطلب الى متصرفية الحلة، فوافقت على تنظيم الاجتماع في بداية آذار 1947م في منطقة الخاتونية (قلعة النائب). وقد حضر الاجتماع جمهور غفير من المواطنين والقيت كلمات في الحفل، الذي طالبت فيه الجماهير المحتشدة بانتخاب النائب الجيد من اجل انتخاب مجلس نيابي حقيقي، والقى الشعراء و(المهاويل) بهوسات حماسية، دعوا فيها الى انتخاب مرجان لما عرف عنه من كفاءة ووطنية صادقة).
وفي السابع عشر من اذار 1947م انتُخِبَ عبد الوهاب مرجان لعضوية مجلس النواب بعد فوزه بالاكثرية من اصوت الناخبين في لواء الحلة بعد ان لمع صيته وتقدمتهُ شهرته وألتف حوله ابناء العشائر في لواء الحلة فقد منحوه ثقتهم ليفوز نائباً عن الحلة في دورة مجلس النواب الحادية عشرة لعام 1947م).
التحق عبد الوهاب مرجان نائباً عن الحلة في المجلس النيابي الجديد الذي عقد اولى جلساته في 17 اذار بدورة غير اعتيادية ، وفي بداية الافتتاح القي خطاب العرش -في أي دورة جديدة لمجلس النواب يفتتح بخطاب العرش-، ثم جرى انتخاب ديوان الرئاسة، حيث انتخب عبد العزيز القصاب رئيساً لمجلس النواب بعد فوزه باكثرية الاصوات .
وكانت حكومة نوري السعيد التي اشرفت على سير الانتخابات ووجهتها حسب اهوائها، قدمت استقالتها بعد وضوح النتائج النهائية للانتخابات . فحصلت الموافقة على هذه الاستقالة في التاسع والعشرين من اذار 1947م، وحلت محلها وزارة صالح جبر في اليوم ذاته. وانذاك بدأ المجلس النيابي بممارسة اعماله وعقد جلساته.
تركزت احاديث عبد الوهاب مرجان وخطبه في جلسات المجلس على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحرص على ان يكون دقيقاً في المناظرة والمناقشة في المجلس النيابي. وقد عبرت آراؤه عن خطه السياسي من خلال تركيزه على مسائل حيوية تمس حياة الشعب الاساسية، ومنها العمل على اسعاد الشعب ورفاهيته ومنحه الحرية في مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وامتازت اطروحاته بدقة التعبير وبراعة الاسلوب وحسن الالقاء مشخصاً مكامن الخلل ومقترحاً المعالجات والحلول لها.
فقد جاء في خطاب عبد الوهاب مرجان في مجلس النواب لعام 1947م، "الواجب علينا حكومةً وشعباً ان نهيئ وننشئ كل ما يتطلبه عالم الغد من كفاح واصلاح سواء اكان في الحياة السياسية ام في الحياة الاقتصادية حيث قد مضى على العراق اكثر من ربع قرن والعراق هو هو، لم يتبدل ولم يتغير وقد اصابه التدني في الكثير من نواحي حياته وما اصابه من التقدم فهو قليل وقليل جداً .
وفي مجال اصلاح الجهاز الحكومي باعتباره المرآة العاكسة للوضع الداخلي اكد عبد الوهاب مرجان في كلمة له في مجلس النواب اثناء دورته الاعتيادية الحادية عشرة لعام 1947م، على اصلاح الجهاز الحكومي بقوله: "وبنظري ان اصلاح الجهاز الحكومي هو اول واجبات الحكومة حيث تفشت الرشوة والاختلاس وعم الفساد وانتفت المسؤولية، ولما كانت الوزارة المحترمة "وزارة صالح جبر" مقدمة على مشاريع تضمنها منهاجها، يجب ان تصلح هذا الجهاز من الآن".
لقد كان عام 1947م عاماً ينذر بالانفجار الشعبي بسبب الازمات الاقتصادية وتعاظم الاضطهاد ضد القوى الوطنية والمعارضة الشعبية، وقد استخدمت الحكومة الاساليب الزجرية القاسية ضد الصحافة والاحزاب، مما دفع الكثير من المواطنين ومنهم عبد الوهاب مرجان الى مقاومة الحكومة من خلال مجلس النواب والوقوف ضدها وفضح نواياها وتعرية اساليبها ، لانه كان يعتقد ان الهدف من مجيء تلك الحكومة هو تنفيذ السياسة الاستعمارية التي تربط العراق بعجلة الاستعمار . حيث اكد في جلسة مجلس النواب لعام 1947م على عدم التقيد بالقانون الاساسي للدولة العراقية وانتهاك بعض الاحكام وتعطيلها بهدف منع الشعب من ممارسة حقوقه ومصادرة الحريات العامة الممنوحة له او تقييدها. وقال: "يجب ان تعطى للرقابة الشعبية المتمثلة في الصحافة والبرلمان اهمية بالغة لاصلاح الاوضاع المتردية، والعمل على اهمية المجلس النيابي في تأدية هذه المهمة .
واعتبر عبد الوهاب مرجان ان نقطة البدء في كل اصلاح حقيقي هو تبديل ذهنية الحكم تبديلاً اساسياً والنظر الى حقوق الشعب على انها حقوق طبيعية مقدسة لا منحة تجود بها الفئات الحاكمة، وعليها ان تفهم طبيعة الظروف وما تفرضه من تغيير تام في الاتجاهات السياسية على نحو يتفق والوعي الجديد في عالم مابعد الحرب العالمية الثانية واكد عبد الوهاب مرحان على :"ان الاسس النظرية العامة في الاصلاح السياسي التي تاتي به المناهج الوزارية لا خلاف حولها اذا ما اقترنت بالتطبيق العملي الفعلي والذي تحول ذهنية الحاكمين دونه وبالشكل المطلوب.
وكان لعبد الوهاب مرجان موقف من معاهدة بورتسموت عام 1948م فعندما شكل صالح جبر وزارته في التاسع والعشرين من اذار عام 1947م، لينفذ سياسة مرسومة من قبل الوصي ونوري السعيد، وقد تميز صالح جبر انه اداري كفء، وربط نفسه باستمرار مع الوطنيين المعتدلين الذين ايدوا المعاهدة العراقية البريطانية لعام 1930م. وعندما بدأ البحث في اعادة النظر في المعاهدة وتعديلها وجدَ ان صالح جبر هو الرجل الملائم للقيام بهذه المهمة ."لولائه الشديد للوصي ولبريطانيا، وكان ينفذ ما يؤمر به على حد وصف احد الكتّاب.
وقد بدأ الوصي اتصالاته مع صالح جبر لعقد اجتماعات، واجراء مفاوضات بينهما وبين بريطانيا للبحث في تعديل معاهدة 1930م، ومنها اجتماعات قصر الرحاب( .وتوالت الاجتماعات منذ آذار 1947م، وقام صالح جبر بزيارات متعددة الى لندن لعقد اجتماعات هناك حتى توصل الى نقاط معينة لتعديل معاهدة 1930م وتبديلها بمعاهدة جديدة كانت اكثر ظلماً للشعب العراقي، إذ اعطت امتيازات لبريطانيا اكثر مما للعراقيين. وبعد نضج الطبخة دعا صالح جبر الى عقد اجتماع لاعضاء مجلس النواب في 31 كانون الاول 1947م، اعلن فيه ان وزارته اعتبرت اعادة النظر في قضية المعاهدة العراقية-البريطانية من اهم الامور وانها تحتاج الى تصفية وتسوية، وان الوزارة قامت بمفاوضات مع الجهات البريطانية حول القضية .
وفي جلسة مجلس النواب ليوم الحادي والثلاثين من كانون الاول 1947م تكلم عدد من النواب حول الظلم الذي تعرض له العراقيون جراء بنود تلك المعاهدة، وهاجموا الحكومة لتعديل المعاهدة، وهاجم بعضهم الآخر منهم بريطانيا، فقال عبد الوهاب مرجان حول مشروع المعاهدة الجديدة: "ان العلاقات بين بريطانيا والعراق لم تكن قد اقيمت على اساس احترام العراق كدولة مستقلة، وان اقامتها يجب ان يضمن استقلال العراق وصيانة سيادته واحترامه، وان مفاوضات بريطانيا مع حكومة لا تمثل ارادة الشعب هو عمل غير صالح .
وبعد المفاوضات التي اجراها صالح جبر ووزير خارجيته فاضل الجمالي مع وزير خارجية بريطانيا، ومطالعة بعض المسودات لمواد الاتفاقية الجديدة، قبلها الطرفان. وفي 15 كانون الثاني 1948م، وقعت المعاهدة البريطانية العراقية على ظهر الباخرة فكتوريا في ميناء بورتسموث بانكلترا .من قبل صالح جبر رئيس وزراء العراق ووزير الخارجية البريطاني بيفن.
وقد استنكر مجلس النواب العراقي في اجتماع له في السادس عشر من كانون الثاني 1948م، ما قامت به الحكومة العراقية من تبديل لمعاهدة 1930م بمعاهدة بورتسموت الاكثر وطأةً على الشعب العراقي، وطالب كثير من النواب باستقالة صالح جبر ومعاقبة من وقع عليها من المفاوضين العراقيين. وتكلم اكثر من خمسين نائباً في هذه الجلسة ومنهم عبد الوهاب مرجان قائلاً: "ان هذه المعاهدة أشد وطأة من سابقتها وان العراق امام كارثة وطنية اختير لغرضها هذا الظرف العصيب الذي تجتاز فيه القضية الفلسطينية ادق مراحلها، وان هذه المعاهدة ستؤدي الى توريط العراق في مشاكل دولية لا يحمد عقباها وتعرضه الى اخطار حرب لا يستطيع ان يظل بعيداً عن مشاكلها .
وكرد فعل لتلك المعاهدة ، قامت مظاهرات حاشدة في كليات ومدارس بغداد تندد بالمعاهدة والحكومة ثم عمت المظاهرات العراق بالويته ومدنه، وهذا ما ادى الى تعرض الشعب العراقي الى اعمال عنف واضطهاد من قبل السلطة الحاكمة .
وقد دفعت هذه الحالة المؤلمة رئيس مجلس النواب عبد العزيز القصاب وثلاثين عضواً من المجلس النيابي الى تقديم استقالاتهم، احتجاجاً على اعمال العنف التي قامت بها الشرطة ضد المتظاهرين والتي ادت الى استقالة صالح جبر وحكومته .
وفي اوائل نيسان 1948م وبعد تعطيل المجلس النيابي وحله فيما بعد، تنامت عند الشعب العراقي الروح الوطنية بعد وثبة كانون الثاني 1948م) فقرر عبد الوهاب مرجان ترشيح نفسه لخوض الانتخابات للمرة الثانية، وجرت الانتخابات كالعادة في المراكز الانتخابية في الحلة وفي هذه الدورة كان المرشحون من رؤساء عشائر المعامرة والبوسلطان ذات الثقل السياسي والسكاني، والذين لهم دور كبير وفاعل في حوادث عشائر الفرات الاوسط منذ عام 1920م).
واجتمعت العشائر في بيت (محمد الشهيب)) في الصياحية وتوزعت المراكز في الصياحية والنيل. وذكر شهود عيان ان هذه الانتخابات تختلف عن سابقتها حيث بدأت الحكومة والفئات الموالية لها بالتدخل، واستخدمت الرشوة)، حيث ان عم احد المرشحين كان يدس الدنانير (نوط ابو الخمسة) الى بعض المهاويل الحاضرين لتشجيعهم على حث المواطنين في التصويت لصالحهم. وقال الحاج ريس اشكح الفيحان، "كان ابراهيم الهزاع شيخ المعامرة لا يملك اموالاً طائلة كالتي يملكها عبد الرزاق مرجان (والد عبد الوهاب) وعليه فان الاول لم يفز بالانتخابات... .
وعلى اية حال فقد فاز عبد الوهاب مرجان بدورة انتخابية ثانية ليكون واحداً من عشرة نواب يمثلون لواء الحلة في المجلس النيابي في دورته الثانية عشرة لعام 1948م.
والتحق عبد الوهاب مرجان نائباً عن الحلة في 21 حزيران 1948م ليحضر اولى جلسات المجلس غير الاعتيادية والقي كالعادة خطاب العرش، ثم جرى انتخاب ديوان الرئاسة، فكان عدد النواب الحاضرين 119 نائباً، ثم رشح الى رئاسة المجلس كلَّ من عبد الوهاب مرجان ومحمد رضا الشبيبي من بغداد، وبعد فرز الاصوات حصل عبد الوهاب مرجان على 82 صوتاً فيما حصل محمد رضا الشبيبي على 30 صوتاً وظهرت 7 اوراق بيضاء. وهكذا تولى عبد الوهاب مرجان رئاسة مجلس النواب وجميل الاورفلي (نائب اول) للرئيس، وعز الدين الملا (نائب ثاني) للرئيس، ومتي سرسم وعلي رفيق كتاباً للمجلس .
وقدم محمد الصدر استقالة حكومته بعد اجراءها الانتخابات في
23 حزيران 1948م ، وحلت محلها وزارة مزاحم امين الباججي في 26 حزيران

1948م. وبدأ المجلس بممارسة عمله وعقد جلساته.
وقد آزر عبد الوهاب مرجان اثناء رئاسته المجلس لأول مرة عام 1948م عدد من النواب اثناء انعقاد الجلسة غير الاعتيادية في 14 تموز 1948م للمطالبة باصلاح البلاد وتركيزهم على انتقاد السلطة التنفيذية، وانتقادهم حكومة مزاحم امين الباجةجي التي لم تعلن منهاجها في البرلمان ولاسيما في مجال السياسة الاقتصادية للبلاد والسلبيات التي ادت الى تدهور الاوضاع المالية والتي ربطها اعضاء المجلس بالاستعمار بوصفها هدفاً من اهدافه التي ترمي الى توليد المجاعات عند الشعوب المستعبدة لغرض الهيمنة عليها وكسبها بعد اجاعتها، وقد انتقد عبد الوهاب مرجان ايضاً حكومة مزاحم الباجةجي حين اجرى تعديلات في وزارته واتخذ شاكر الوادي وزيراً للدفاع). مما اثار معارضة البرلمان والاحزاب السياسية خارج البرلمان على الباجةجي، التي دفعته في اخر المطاف الى تقديم استقالة حكومته في السادس من كانون الثاني 1949م). فكلف الوصي نوري السعيد بتشكيل وزارة جديدة تخلف وزارة الباججي، فشكلها في 6 كانون الثاني 1949م وفق تعليمات محددة تحت ستار (انقاذ) الوضع في فلسطين، وخلال حكومة نوري السعيد تلك ازدادت حملة الاعتقالات وشملت عناصر كبيرة من ابناء الشعب، مما ادى الى تصاعد المعارضة ضدها في المجلس النيابي .
وقد حَمَّل عبد الوهاب مرجان الحكومة مسؤولية ما يعانيه الشعب في الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وعزا ذلك الى عدم وجود منهج سياسي واضح للحكومة وقد أيد ما ذهب اليه النائب عبد اللطيف جعفر من البصرة حين قال: "ان الحكومات المتعاقبة على كرسي الحكم في هذا البلد جلها ان لم اقل كلها جاءتنا بمناهج واسعة المجال مترامية الاطراف لو نفذت بكاملها لاصبحت بلادنا جنة من جنات الخيال يقصر الوصف عن ادراك جمالها").
وقد تداخل عبد الوهاب مرجان مع بعض النواب في جلسة مجلس النواب لعام 1949م حين اشار فائق السامرائي الى النقص في ثقافة رجال السلك الخارجي فيما يتعلق بالقضايا المصيرية كقضية فلسطين، حيث اكد عبد الوهاب مرجان في هذا المجال على اهمية وزارة الخارجية باعتبارها اهم وزارات الدولة وهي تحتاج الى لباقة دبلوماسية لا يمتلكها أي وزير عادي).
واكد عبد الوهاب مرجان في اجتماع مجلس النواب في 5 مايس 1949م على ضرورة الاهتمام بالاعلام العربي في الخارج لانه يعبر عن سمعة ومكانة العراق وحملَّ وزارة الخارجية وزر هذه المسؤولية الغافلة عنها .
وفي اجتماع اخر لمجلس النواب في تشرين الاول 1949م وفي سياق انقاد السلطة التنفيذية من الناحية الدستورية، حول عدم حضور الوزير المختص احياناً عند مناقشة القانون او اللائحة الخاصة بوزارته في المجلس النيابي، وذلك لحضور وزير واحد ممثلاً عن بقية الوزراء في اجتماعات المجلس للاجابة عما يتعلق باختصاصات وزراء اخرين في بعض المناسبات ونوه عبد الوهاب مرجان بان كل قانون يتعلق بوزارة معينة له خصوصياته السياسية والاجتماعية التي يجب ان يتحدث بها وزير تلك الوزارة .
وفي الخامس من شباط عام 1950م عهد الوصي عبد الاله الى توفيق السويدي بتشكيل وزارته الثالثة . وقد تعرضت تلك الوزارة الى انتقاد شديد من قبل النواب وذلك بادخالها صالح جبر وزيراً للداخلية وشاكر الوادي وزيراً للدفاع اللذين يعدان من غلاة المشتركين في عقد معاهدة بورتسموت التي اطاح بها الشعب العراقي . وقال عبد الوهاب مرجان في هذا المجال: "ان الفوضى السياسية التي كانت قائمة ما هي في حقيقتها من وجهة نظري الا من صنع بعض افراد هذه الوزارة" كما بين حالة البلاد المتردية البائسة وطالب باصلاح الوضع السياسي فيها.