إصلاح وخصخصة الشركات العامة

إصلاح وخصخصة الشركات العامة

د . عبد الحسين العنبكي
* فريق العمل برئاسة الدكتور عبد الحسين العنبكي / مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية
تم مفاتحة الوزارات التي لديها شركات عامة باستثناء وزارتي النفط والكهرباء ، وطلبنا تقديم بيانات دقيقة وفقا لنموذج معلومات معد من قبل الفريق .
* تضمنت البيانات المطلوبة الموضحة في النموذج الآتي :

- اعداد العاملين وتصنيفاتهم
- قيمة راس المال الثابت والمتداول بالقيمة الدفترية والحالية
- قيمة الانتاج والمبيعات والطاقات الانتاجية التصميمية والمتاحة والمستغلة
- تكاليف الانتاج الاجمالية ومكوناتها
- معلومات اخرى تخص نسب التأهيل والخصخصة وغيرها.
* أهم تحديات الإصلاح (التشغيل وفق معايير تجارية )
- عدم توفر الكهرباء يؤدي الى توقف جزء كبير من الطاقات الإنتاجية المتاحة ويجعل كلف الإنتاج مرتفعة والمنتجات غير منافسة في السوق .
- هيمنة الوزارات على قرارات مجالس الإدارة .
- عقلية العاملين ليست تنافسية ...نحتاج الى ثقافة السوق .
- غياب المعيار الذي يحدد وجود ميزة نسبية للمنتج من عدمه .
* أهم تحديات التحول ( الخصخصة )
- العمالة الفائضة ترعب المستثمر.
- عدم وجود قرار جاد في الوزارات للتخلص من الشركات العامة .
- المدراء العامون للشركات والكثير من العاملين مرعوبين من الخصخصة ويقاوموها بقوة .
- نواقص في التشريعات.
* خارطة طريق لإصلاح الشركات العامة
إجراءات تنفيذية
1- تغيير تركيبة مجلس الادارة بما يسهم بفعالية في ادارة الشركات مع تغيير المرجعية له ، بجعلها تعمل وفق معايير تجارية ....(يحتاج قرار)
2- مسح ميداني للشركات العامة بموجب جداول نمطية معدة لهذا الغرض وتم اعدادها فعلاً وارسالها الى الوزارات ...(قيد التنفيذ 3 وزارات أرسلت البيانات هي التجارة والنقل والصناعة ) .
3- وضع سقوف زمنية للتحول.
4- إيجاد دائرة في الوزارات التي لديها شركات عامة تسمى ( دائرة الموظفين الاحتياط ) ينقل إليها الموظفون الفائضون في الشركات العامة ويستمرون في الحصول على مرتباتهم كاملة من الموازنة العامة للدولة ويخضعون لضوابط الترقية والعلاوة والتواجد لاستلام الراتب فقط او حسب تعليمات الدائرة ، كما يجب طمأنتهم إلى الاستمرار والتقاعد وفق السن القانوني وخلق حوافز للتقاعد المبكر كإعطاء مرتبات لثلاث سنوات قادمة.
5- من يحدد العمال الفائضين ، وكم هم ، والفوائد المتوقعة؟
- مجلس إدارة الشركة العامة قبل تحويلها الى خاصة ( للتخلص من الترهل وتعمل بكفاءة )
- المستثمر المحلي او الأجنبي بعد تحويلها الى شركة خاصة او مساهمة.
- يجب ان لا تتجاوز نسبة العمالة المستغنى عنها (50 %) للفرص الاستثمارية التي تطرح حاليا ، ويعاد النظر مستقبلا في ضوء طبيعة الشركات المعروضة للاستثمار .
- سوف تتحقق الفائدة للحكومة وللقطاع الخاص ، ما كانت تدفعه الدولة (نفقات ) = (رواتب الفائضين + ما يحصلون عليه من خلال الفساد) وبعد هذا الإجراء ستدفع (الرواتب فقط ).
- الكثير من الفائضين يملكون خبرات سوف تكون في خدمة القطاع الخاص لأنهم سوف يكونون متفرغين بشكل شبه كامل للعمل في القطاع الخاص .
6- المرجعية الإدارية المقترحة هي:
إجراءات تشريعية
1. كتابة مسودة قانون لأدارة الشركات العامة وخصخصتها ويتضمن مقترح قانون الهيئة لأدارة الشركات العامة وخصخصتها.
2. التحول من خلال المادة(35) قانون 22 لسنة ، 1997، (الفصل التاسع). يجوز تحول الشركة العامة الى شركة مساهمة بموافقة مجلس الوزراء .
3. المادة (38) من قانون 22 يصبح كالآتي:
أ. يحق للمجلس الأعلى للإصلاح الاقتصادي ان يحدد نسبة مساهمة القطاع الخاص في الشركات العامة المتحولة الى شركات مساهمة.
ب. يمكن للقطاع الحكومي بيع أسهمه في سوق الأوراق المالية تدريجياً بما يؤمن التحول نحو القطاع الخاص بشكل كامل من دون التفريط بالمال العام.
4. زيادة رؤوس أموال الشركات وعمليات الاكتتاب يقترح من قبل مجالس الإدارة للشركات ثم يعتمد من قبل (هيئات إدارة الشركات العامة) في الوزارات ويصادق عليه من المجلس الأعلى للإصلاح الاقتصادي.
5. استثناء شركات وزارة النفط والشركات الاستخراجية وشركات وزارة الكهرباء حاليا من هذا القانون.
6. النظام الداخلي للشركات يعد من الهيئات الإدارية في الوزارات ويصادق عليه من مجلس الوزراء.
الإيرادات والنفقات والفائض او العجز لشركات التمويل الذاتي للسنتين 2007 ,2008 ( مليون دينار) كانت الشركات العامة للقطاعات كافة تخسر (4.18) ترليون دينار ،اي بحدود4 $ بليونات في 2007
بينما صارت هذه الشركات تربح 2.27 ترليون دينار ، أي بحدود 2$ بليونين في 2008
• هذا الأمر ليس له أساس من الصحة بعد ان علمنا ان البيانات أعلاه هي بيانات تخطيطية وليست فعلية والحسابات الختامية للشركات لا تعرض واذا عرضت تكون طريقة الحساب مضللة وخاصة في فقرة الرواتب والاجور.
• 2007 و 2008 كانت الرواتب تسدد من وزارة المالية (منحة) للشركات وكأنما هي هبة من السماء ولا تحسب ضمن الكلف وفق معايير تجارية .
• يحسب جزء من الرواتب المدفوعة للعاملين (التمويل الذاتي) في أحيان أخرى على انه إيراد يغطي جزءاً من التكاليف ، وإذا كانت الرواتب تحسب ضمن الدخل القومي على مستوى الاقتصاد الكلي فهي تكاليف على المستوى الجزئي (الشركة)، وهذا الخلل يجعل بعض الشركات تبدو رابحة.
* إصلاح وخصخصة الشركات العامة لوزارة التجارة –نموذجاً-
أولاً: قبل اكثر من اربع سنوات استحدثت وزارة التجارة مديرية لتطوير القطاع الخاص، كانت سبباً في تضخم القطاع الحكومي والهيكل المؤسسي للوزارة من دون تقديم شيء يعتد به في مجال تطوير قدرات القطاع الخاص وفسح المجال له لقيادة القطاع التجاري.
ثانياً: هنالك ثلاث شركات عامة تتولى ادارة نظام البطاقة التموينية، وهي ادارة ضعيفة وبيروقراطية وينتابها الفساد الاداري والمالي، وهي (الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية والشركة العامة لتجارة الحبوب والشركة العامة لتصنيع الحبوب).
ثالثاً: لا يمكن خصخصة الشركات الثلاث الا بالتخلص من البطاقة التموينية او اجراء تغيير في ادارتها وتقييد مسؤولية وزارة التجارة في ذلك من خلال الآتي:
السيناريو الاول: اصدار كوبونات البطاقة التموينية على غرار (الفيزا كارت)وتكون مقبولة في الاسواق مقابل مفردات عينية محددة من حيث الكم والنوع ويحق لحاملها (تنقيدها) في المصارف متى يشاء، وتقوم وزارة المالية بفتح حسابات في المصارف تخص كوبونات التموينية وسوف ينجم عن ذلك الآتي:
-القطاع الخاص التجاري سوف يسعى لتطوير قدراته الاستيرادية والخزينة والتوزيعية من اجل اشباع الطلب الكبير على مفردات البطاقة التموينية.
-المصارف سوف تطور آليات عملها من اجل التعامل مع (اشباه النقود، الكوبونات).
-التخلص من سوء الادارة والفساد وحالات التأخير والنقص في مفردات البطاقة التموينية.
- هذا السيناريو يحتاج الى نظام مصرفي كفوء وعادات مصرفية لدى الجمهور وهذا قد لا يتحقق في الأمد القريب.
السيناريو الثاني: التعاقد مع شركات خاصة لأستيراد وايصال مفردات البطاقة التموينية بالكم والنوع المحدد لمدة سنة بمعدل محافظة واحدة لكل شركة واختصار دور وزارة التجارة على الرقابة والاشراف.
وبذلك يمكن خصخصة الشركات الثلاث بالكامل او ابقاء حصة للحكومة، وتقوم وزارة التجارة ببيع او ايجار المخازن والمرائب ووسائل النقل وغيرها.
رابعاً: الشركة العامة للأسواق المركزية يعمل فيها (6020 ) موظفاً ويمكن عرض الأسواق المركزية للبيع لتكون (مولات) ، فهنالك (21) سوقاً مركزياً منها (9) صالحة و(6) مدمرة جزئيا و(6) مدمرة كليا . وهنالك أيضا (37) موقعاً ومسقفاً ومخزناً يمكن عرضها للبيع او الإيجار .وتحويل العاملين الذين يتخلى عنهم المستثمر الى دائرة الموظفين الاحتياط المقترحة .
خامساً: الشركة العامة لتجارة المواد الإنشائية والشركة العامة لتجارة السيارات وهي تعد رابحة، كونها معفية من الضرائب الكمركية ، ومؤسسات الدولة ملزمة بالشراء منها حصرا ، والسيارات المستوردة تعطى رقماً مجانياً للسيارة وهو يكلف ألان بحدود (3000$) للمستوردة من القطاع الخاص ،الأمر الذي اوجد أفضلية احتكارية لإشباع الطلب الحكومي وتحمل جزء من رواتب العاملين وغيرها من أدوات الدعم.
يجب السعي لجعلها شركات مساهمة وتتراجع حصة الحكومة فيها من خلال:
- إصلاح هيكل مجالس إدارتها لكي تعمل وفق معايير تجارية .
- زيادة رؤوس أموالها من خلال الاكتتاب العام ، فتتراجع حصة الحكومة لصالح القطاع الخاص .
- الإعلان عن بيع نسبة من حصة الحكومة في البورصة لاحقاً.
- لابد من التخلي عن كل أنواع الدعم والمفاضلة واعتماد معايير التنافس التام .
*جهود الاصلاح والخصخصة للشركات العامة في وزارة الصناعة
الواقع :
- لدى وزارة الصناعة 67 شركة عامة تمثل بحدود 40% من إجمالي الشركات العامة في الدولة يعمل فيها بحدود (180) ألف منتسب وتحوي (251) معملاً منها (176) معملاً عاملاً أي مانسبته (70%) اما المتوقفة وهي قيد التاهيل حاليا (17) معملا، والمعامل المتوقفة وهي ذات جدوى اقتصادية فهي (23) معملاً، والصالحة الا انها متوقفة لعدم جدواها اقتصاديا (10) معامل ، والمتوقفة ولا جدوى من اعادة تشغيلها فهي (25) معملاً.
- أكثر الوزارات جدية لأجراء التأهيل أو الخصخصة ، الا ان جهودها تعاق بنفس التحديات (الكهرباء ،الوقود ، العمالة الفائضة) وكانت الجهود ناجحة في معامل الاسمنت ، ويمكن ان تنجح الآن في معامل الاسمدة لوجود طلب في السوق وميزة نسبية في الانتاج والتنافس.
التحديات:
- تم زيادة التخصيصات في عام 2009 بشكل كبير الا ان تحديات الاصلاح والتشغيل أتسعت ومنها:
1. تخفيض حصة الشركات من الكهرباء من (750 ) ميغا عام 2008 الى (150) ميغا حالياً، اي تخفيض بنسبة (84.6%) لينعكس بالتبعية في تخفيض الطاقات الانتاجية المستغلة بنفس النسبة تقريباً. وهذا يعني زيادة حصة الوحدة المنتجة من التكاليف الثابتة وبالتبعية زيادة الكلفة الكلية للوحدة المنتجة وانخفاض قدرتها التنافسية في السوق.
2. قرار زيادة رواتب موظقي الدولة صار يبتلع (1.15) ترليون دينار عراقي من النفقات الكلية للشركات العامة البالغة (1.8)ترليون دينار عام 2009 اي بحدود (64%) بينما كانت هذه النسبة أقل من ( 50% )، مما ينعكس في تراجع حصة مستلزمات الانتاج (الموادالأولية + الوسيطة) وكذلك حصة الاموال الباقية للاستثمار وتكوين رأس المال.
3. تم اضافة (9) شركات اخرى من شركات التصنيع العسكري المنحلة الى وزارة الصناعة والمعادن ويتراوح عدد العاملين فيها (11000) منتسب واغلبية الشركات ابنيتها مهدمة مما اثقل الشركات العامة بعمالة فائضة اضافية.
استنتاج.. تساؤل ..توصية:
- ان حساب الارباح والخسائر لا يعطي صورة حقيقة امام عوائق عمل الجانب الفني (مدخلات الانتاج) ، لانه قد لا يبدو مؤشراً حقيقياً، خاصة وان كلفة الوحدة المنتجة تحسب على اساس عدد العاملين المطلوب في انتاجها (وهو مفترض) وليس على اساس العدد المضخم (الفائض) من العاملين (الموجودة في الواقع)
س/ مع افتراض كهرباء مستمرة (24) ساعة والتخلص من العمالة الفائضة ، هل ستكون الشركات مجدية ومربحة؟
ج/ هذا يحتاج الى دراسة السوق ومعرفة القدرة التنافسية لمنتجات الشركات... وهذا يحتاج الى جهد كبير وخبرة.
س/ حتى بافتراض ان دراسة السوق بزوال العقبات المعيقة للانتاج اثبت ان الشركات مربحة وان منتجاتها الصناعية منافسة وكفوءة ، هل ستبقى هذه الشركات عامة؟
ج/كلا، لأن الدول متجهة لان تصبح حارسة ومنظمة وليست منتجة ولكن الامر سيبدو اكثر جاذبية للمستثمرين واكثر يسراً أمام متخذ القرار في جعلها شركات مساهمة.
س/ هل نزيل العقبات ونجري الإصلاح ثم نبدأ بالخصخصة ام على العكس نبدأ الخصخصة ثم نزيل العقبات ونوفر البنى التحتية ونتخلص من العمالة الفائضة؟
ج/نسير بخطين متوازيين، نعرض الشركات كافة للاستثمار، والاكتتاب وبيع حصة الدولة سواء من خلال مستثمر ستراتيجي او من خلال البورصة، والشركات التي لا يقدم إليها المستثمر الآن تنتظر لحين تحسن وضعها بأجراء الاصلاحات لتكون جاذبة للمستثمرين.
*خصخصة شركات وزارة الموارد المائية
وضعها الحالي:
- شركات مقاولات مربحة تعمل (2) منها في مجال استصلاح الأراضي وواحدة في مجال السدود ، وقد كانت (5) شركات واليوم الباقية 3 شركات فقط، اي تم الغاء شركتين هما شركة دجلة والشركة العامة للمقاولات الكهربائية والميكانيكية بموجب القانون رقم (50) لسنة 2008 بدءاً من 24/11/2008 ، تصفية الشركتين، توزيع الموجودات الثابتة والمتداولة والعاملين .
- المفصولون السياسيون لم يعودوا للشركات ،وإنما الى المديريات ومقر الوزارة وهذا قلل من العمالة الفائضة وزاد من فرصة الربح .
الخصخصة:
- يمكن جعلها مساهمة من خلال الاكتتاب بقصد زيادة رأس المال بنسبة تسمح بدخول القطاع الخاص وتداول أسهمها في البورصة ، ليكون ذلك على حساب حصة الحكومة .
- تحتاج الى إصلاح مجالس الإدارة وعزلها عن هيمنة الوزارة ، والعمل بمعايير الكلفة /الربح سيؤدي الى ارتفاع الأرباح ، عندها تكون جاذبة للمستثمرين ويمكن إعلان الحكومة عن بيع جزء من حصتها المتبقية من خلال تحويلها الى أسهم وعرضها للبيع في البورصة.