نساء في حياة الامير عبد الاله

Sunday 3rd of November 2013 07:25:19 PM ,

ذاكرة عراقية ,

زيجات عبد الاله
ـ ان الامير عبد الاله لم يتزوج اية شريفة من الاشراف ربما لأنه لم يجد من بينهن من تناسبه على الرغم من انه كان يفضل السمراء على الشقراء وبهذا لم تتحقق أي من رغبات ابي واعمامي في تعينهم لأبنائهم وبناتهم من يتزوجون اذ رشحوا الاميرة مقبولة ابنة عمي الملك عبد الله للأمير عبد الاله ولم تحصل القسمة ربما لأنها شقراء وبدينة بعض الشيء وهو لايحبذ هذا النوع من السيدات .

حصل أن رأى مرة نسرين ابنة علي كمال وهو أحد الاكراد الذين شغلوا منصب مدير الشرطة العام في العراق في مصيف سرسنك فأعجب بها واراد ان يتزوجها ولم يحصل النصيب فتزوجت فيما بعد من شخص آخر تعيش معه الآن في الإمارات .
واشارت الاميرة بديعة الى انها كانت موضع اتهام دائم من قبل زوجات اخيها او من ينوي الاقتران بهن لأنه يحبها جدا فيتصورن في خيالهن بأن الامر والمشورة بيدها بينما الحقيقة على العكس تماما اذ كان هو الذي يأمرها ـ على وفق كلام بديعة ـ وليس عليها الا الطاعة . واشاعن بأنها اقنعته بعدم زواجه من نسرين والحقيقة ان احمد مختار بابان هو الذي اقنع الامير بأن لايتقدم اليها لسر ظل بينهما خافيا الى يومنا هذا لايعلمه احد ، وقتها زعل اهلها من بديعة وهم لايدرون انهم ظلموها ولاعلاقة لها بالموضوع اذ كانت يومها في الاسكندرية ولاتعرف الموضوع .
زواج عبد الاله من مَلك فيضي
ـ بينما كنا في الاسكندرية عام 1936م بادر احد اصدقاء اخي عبد الاله منذ ايام الدراسة في فكتوريا كولدج الى تعريفه على مَلك فيضي وكان قد اعرب من قبل نيته للأقتران بسيدة مصرية .
خطبناها له وأتينا بها مع اختها في الباخرة الى العراق عن طريق الاردن بعد ان اجرينا العقد الشرعي فاستقبلنا الملك غازي والملكة عالية قرب الفلوجة استقبالا
تكريميا لهما .
بعد ايام تبعنا ابوها وامها الى بغداد لحضور حفل الزواج . أقمنا حفلة العرس في قصر الزهور للنساء فقط حيث كنا قد تركنا بيتنا في كرادة مريم على نهر دجلة وانتقلنا الى سكننا الجديد في بيوت الالمان كما سموها بمنطقة السكك الحديد .
واشارت الاميرة بديعة الى ان الاربع سنوات من عمر زواجهما اقتصرت علاقات فيضي بثلاث سيدات فقط سيدة عراقية وابنة السفير التركي والمدرسة الانكليزية حتى توفي الملك غازي فانتقلنا جميعنا الى قصر الرحاب ، ضجرت ملك فيضي من رتابة الحياة في بغداد فهي تختلف تماما عنها في مصر اذ ليس باستطاعتها ان تصحب زوجها الى صالة سينما مثلا ً ، فإن خرجت كنا النسوة معها وهي ترتدي العباءة العراقية مثلنا وان لم تتعود على تغطية وجهها بالبوشية .
وقالت بديعة :
ـ لم توجد اماكن لهو او ترفيه في بلدنا وقتذاك ، فمتعتنا تنحصر في الجلوس بالشرفة لقراءة المجلات او الذهاب الى السينما او زيارتنا من قبل بعض المعارف والاصدقاء لذا كان من الصعب على سيدة مصرية ان تعيش مثلنا في ضيق او تتكيف معنا للعيش في حياة شبيهة بالسجن ولهذا حصلت المشاكل بينهما ماأدى الى انفصالهما فيما بعد .
في عام 1940م تم طلاق ملك فيضي في مصيف صلاح الدين . لقد كانت سيدة طيبة وجيدة تتمنى السفر دائما الى مصر بينما اخي الامير من الصنف الاول السريع الضجر ، وهي ماتزال حية ترزق الى اليوم لكنها لم تسأل عني او تتفقدني كما فعلت فائزة طرابلسي ولذا مامن علاقة بيننا الا ان صديقتي مديحة الداغستاني اخبرتني بأنه في آخر اتصال حصل بينهما شعرت من ملك بأنها تعبة الآن .
زواجه من فائزة طرابلسي
ـ بقي الامير عبد الاله مطلقا من عام 1940م الى 1948م . وفي شهر ايلول من عام 1948م زار اخي مصر وفي الفندق الفخم الذي ينزل فيه الاغنياء والباشوات في الاسكندرية عرّفت المطربة ام كلثوم الامير على فائزة طرابلسي التي كانت لها اخت اسمها اعتماد متزوجة من الازدي احد ضباط الجيش المصري ، ولما عاد الامير الى العراق اخبرنا بعزمه على الزواج منها فطلب مني ومن اختي الاميرة عبدية السفر الى مصر للالتقاء بها والتعرف عليها كي نعطيه رأينا فيها. طرنا بطائرته الخاصة مع طياره جسام محمد الى مصر والتقينا بها . رأينا فائزة جميلة الوجه باسمة الثغر حلوة المعاني . صارحنا الامير عبد الاله برأينا فركب طائرته وعاد الى القاهرة واجرى مراسم العقد الشرعي في السفارة العراقية ثم حملها مع اختها وامها الى بغداد. اقمنا لها حفلة كبيرة وعرفناها فيها على النساء العراقيات كانت فائزة سعيدة ومحظوظة في زواجها الا انها كغيرها كثيرة التبرم والشكوى من عدم تمكنها من الاختلاء بزوجها حيث كانت تريد ان يكون معها دائما بينما هودائم الشغل والاهتمام بمشاكل الدولة ومسؤولياتها .
كثيرا مارددت .. اتمنى ان اجلس واتعشى معه لليلة واحدة على انفراد ولكن لم يحصل لأننا كنا كلنا دائما مانأكل ونشرب ونتحدث معه على طاولة واحدة واينما يذهبان فثمة مرافقون واتباع وضيوف معهم .
جئنا كلنا مع فائزة الى لندن في سفرة لها وتمتعنا كثيرا لكنها ظلت تشعر بأنها ليست وحدها مع زوجها كما يفترض بين الازواج الآخرين لهذا لم يستمر زواجهما طويلا ففي عام 1950م وقبل ان تتوفى اختي الملكة عالية بفترة وجيزة كانت فائزة عند اهلها في مصر ، فبعث اخي اليها ورقة الطلاق من بغداد .
لم تنقطع اتصالاتي بفائزة منذ خمسين عاما وفي احد اتصالاتها الهاتفية بي عام 1961م اخبرتني بأن مرض السرطان قد داهم امها . ولكن بعد وفاة والدتها ذهبت الى مصر لتعزيتها .
ماتزال فائزة الطرابلسي حية ترزق الى اليوم وهي على علاقة طيبة بمزينة ابنة اخ زوجي الشريف حسين زارتني للمرة الثانية في بيروت خلال عقد الستينيات غير ان الزيارة التي مابرحت عالقة في ذهني تلك التي زارتني فيها للمرة الاولى في مصر بعد انقلاب 1958م مباشرة ـ حسب تعبير بديعة ـ . زواجه من هيام.
الزواج الثالث لعبد الاله
روى لي زوجي الشريف حسين أن الامير عبد الاله اخبره بأنه رأى هيام مرة في قصر الرحاب يوم جاءت مع امها لزيارة اختي الاميرة عبدية فظن بأن هاجر ومديحة الداغستاني مع الاميرة في غرفتها فدخل كعادته ليسلم عليهن ولكنه فوجئ بهيام وامها حيث كانت حرم محمد الحبيب امير ربيعة كثيرة التردد على بيت عمتي صالحة واغلب الظن عندي هو لتزويج ابنتها من اخي بحيث تكفلت عمتي امر جمعهما في بيتها في احد الايام لكي يراها عن قرب وقد اقنعته فعلاً بتزويجها فهيام سمراء طويلة ذات وجه جميل وشعر طويل ، حلوة عدا انفها الكبير بعض الشيء ، رأينا هيام اول مرة يوم كانت لاتزال صغيرة عندما دعتنا امها الى الحسينية وهو قصر والدها امير ربيعة في لواء الكوت فلبينا دعوتها انا وامي واخواتي وقد توطدت العلاقة اكثر بيننا فيما بعد .
في عام 1955 ذهب زوجي الشريف حسين واحمد مختار بابان وآخرون الى الحسينية نفسها لخطبة هيام من والدها للأمير عبد الاله ويقال ان والدها لم
يكن راضيا في نفسه من زواج الامير لأبنته لأنه كان ينوي تزويجها من ابن عمها قيس بن علي الحبيب بينما هي ترفض الزاوج منه لكنه في النهاية لم يرفض طلب الامير فوافق وتزوجته .
وذكرت بديعة ان هيام تزوجت من قيس بعد مقتل عبد الاله ونجاتها من مجزرة قصر الرحاب بالرغم من رفضها السابق له ، وعاشا في كنف الملك حسين ومن بعده عبد الله الثاني في الاردن . وقد اتصل ببديعة كبير الامناء في القصر الملكي في عمان سنة 2001 ليخبرها ان هيام توفيت.

مربية الملك فيصل الثاني خالته عبدية
ذكرت الاميرة بديعة أن الملكة عالية توفيت في أواخر عام 1950 م لتصبح الاميرة عبدية اخت بديعة بمثابة الأم للملك فيصل الثاني .
قالت بديعة :
ـ بعد أن كان يسكن قصر الزهور مع امه نقلناه بعد وفاتها ليسكن معنا في قصر الرحاب بناءً على اقتراح بعض الناس علينا كي لايبقى وحده هناك من جهة ، ولنقطع الطريق على اولاد الحرام الذين التفوا من قبل حول ابيه الملك غازي ، حتى لايستفردوا به من جهة اخرى .
وفي قصر الرحاب نقلت اختي الاميرة عبدية فراشها من غرفتها القديمة لتضعه في غرفة مجاورة لغرفة الملك لكي تسهر على راحته وتربيته وتهب لنجدته حينما تداهمه نوبات الربو المرض الذي اصيب به منذ الصغر .
ومن المضحك إن الملك فيصل كان ينادي خالته عبدية بـ " ابه ججي " وهذه الحكاية تعود الى خاله الامير عبد الاله فهو الذي كان ينادي بها اخته عبدية في صغره فأخذها عنه ابن اخته بعد سنين لكنه لم يقلده في مناداته لأخته الملكة عالية بـ " ابه نونو " وإنما اصبح فيصل ينادي امه بستي وهو استخدام شائع عند الاشراف بحق بنات العم خاصة ، هكذا كان ينادي امي ولم اسمعه يوما خاطبها باسمها وهكذا فعل الملك غازي مع حرمه .
وأبه ججي في اصلها مفردة تركية تتكون من كلمتين وهما ابلة التي يستخدمها المصريون وبعض العرب لحق السيدات الكبيرات ومديرات المدارس تعني الاخت الكبيرة وججي التي تعني الحلوة او الجميلة فركبها الامير واختصرها الى ابه ججي ليتلقفها الملك الصغير من بعده .
وتضيف بديعة الى حديثها :
ـ من المؤكد لدي بأن الملك فيصل الثاني كان بسبب احترامه لخالته الاميرة عبدية يستشيرها في بعض المسائل والموضوعات حين يكونان وحدهما وفي المقابل كانت هي تشير عليه وتنصحه كأن يفعل أمراً ما او يتركه الأ ان شيئا من هذا القبيل لم يحصل امامنا وفي حضورنا .

خطوبات الملك فيصل الثاني
تحدثت بديعة عن خطوبات الملك فيصل قائلة:
ـ لم يكن فيصل الثاني من عاشقي النساء ولم نلحظ عليه في بغداد أن لديه علاقات نسائية من أي نوع كان ولكي يكمل الإنسان نصف دينه فإننا قررنا تزويجه منذ توج رسميا ملكا على العراق وبعد أن اكمل الثامنة عشر من عمره وهي الفترة الت يتغير ويضطرب فيها كيان الإنسان النفسي والجسدي ومايصحب ذلك من عواطف وانفعالات .
وعرف الملك فيصل الثاني بهدوئه ورزانته وادبه ، وشرعنا نبحث له عن بنت الحلال زوجة المستقبل وملكة العراق القادمة .
إذ كان الملك يفضل الشقراء على البيضاء ذات العينين الزرقاوين او الملونتين وهناك محاولات خطبة للملك فيصل الثاني ومن هذه الخطوبات الأميرة الإيرانية شاهناز أخت محمد رضا بهلوي ولكن القسمة لم تحصل بسبب تحرر الأميرة .
أما المحاولة الثانية فكانت عائشة الأميرة المغربية السمراء وأختها الاصغر منها زهوة وهما بنتا ملك المغرب محمد الخامس أي أختا الملك الحسن الثاني رحمهما الله لكن كانت الأميرة سمراء وهو يفضل الشقراء البيضاء على السمراء .
أما المحاولة الثالثة فهي الأميرة التركية الشقراء فاضلة ابنة الأميرة خانزاده ابنة الامير عمر الفاروق بن السلطان العثماني عبد المجيد ، ووالدها هو الامير محمد علي بن محمد علي بن محمد وحيد الدين .
وتم خطبة الاميرة في عام 1957م للملك فيصل وألبسها خاتم الخطوبة في اسطنبول وقررنا السفر الى لندن في الرابع عشر من تموز عام 1958م لغرض التجهيز لحفلة العرس لكن وأد حلم الشاب مع العائلة المالكة في المجزرة ـ على حسب قول بديعة .
هروب الاميرة عزة من العائلة المالكة الى اليونان
روت بديعة في مذكراتها ايضا تفاصيل هروب ابنة عمها الملك فيصل الاول واخت الملك غازي عزة ، قائلة:
ـ ولدت عزة في اسطنبول عام 1905 م مثل اختي عبدية وهيا ابنة عمي الملك عبدالله ولكنهن كلهن عدن من الحجاز مع اهلهن ليتربين ويترعرعن هناك بعد ان اصبح جدهن ملك العرب الشريف حسين بن علي اميرا على مكة المكرمة قبل ثورته العربية الكبرى عام 1916 م .
وقالت بديعة انني اخجل واستحي من مجرد ذكر اسمها امامي لأن مافعلته عزة كان خزيا وعارا ليس بحق بيت عمي وحدهم وانما بحقنا كأشراف ايضا اذ لم تكن عزة طبيعية في تصرفاتها ابدا فهي تضحك وتبكي في غير محلهما وتضجر وتسعد في لحظة من دون مبرر ، انانية بشكل كبير، ولكنها في معظم الاحيان لاتعرف ماتريد ، كثيرا ماتزعل وتسخط على الحاضرين من دون سبب ، فتقوم من مكانها او تتململ حتى في حضور الضيوف المعارف او الغرباء في تصرفات ليست ذات معنى وتصويرها وكأنها مجنونة لاتعي ماتفعل فهي لم تكن كذلك انما هناك آخرون يشاركونها مسؤولية جناية ماارتكبته من جرم شنيع بحق الجميع منهم جدة ابيها " بزميجيهان " التي دللتها ودلعتها اكثر مما يحتمله انسان بحيث زرعت في نفسها وهم القدرة على الحصول على أي شيء دون مراجعة او تفكير في ثمن او تبعات هذه الخيانة ، وغدا هم عزة هو تحقيق ذاتها اولاً واخيرا بلا مراعاة لمشاعر الآخرين او سمعتهم او حتى الأخذ في الاعتبارمكانتهم .
وكذلك تشاركها امها الملكة حزيمة مسؤولية مافعلت لأن التربية والرقابة على تصرفات البنات وحتى الاولاد تقع على عاتق الام وليس الاب سيما ان عمي مشغولا دائما بمهام الدولة والشعب والسياسة لايجد الوقت الكافي حتى للاعتناء بنفسه .
وأشارت الاميرة بديعة الى انها تتذكر ان لديها صديقات تزوجن قائلة : ـ لكنهن لم يقطعن حبل وصلنا بعد زواجهن ولذا لم تتركنا امنا الملكة نفيسة نحن البنات نجلس معهن وحدنا انما كانت تدس دائما بيننا احدى العجائز الشركسيات كي تقطع عليهن الطريق من ان يحكين في أي موضوع غير مسموح لنا بالاصغاء اليه .
الملكة حزيمة رحمها الله هي ليست فقط احد الاسباب في هروب عزة انما كانت سببا ايضا في افساد الملك غازي رحمه الله وكان يفترض فيها ان تراقبه لتعرف من هم اصدقاؤه الذين يزورونه في السرداب ويشربون معه وبمن يختلي وعماذا يتحدثون .
اذ نشأ اعمامي الملوك على تقليد معين ورثة ابناؤهم وبناتهم عنهم وهو ليس من حق الشريفات البحث عن ازواج مناسبين لهن فهذه مهمة الكبار هم الذين يتكفلون بها ولهذا جنت عزة فذهبت واخذت ذلك اليوناني اذ تظاهرت عزة بالمرض واخذت تسعل بصورة مستمرة فتبصق على الارض لتخرج من فمها مادة حمراء لزجة تزعم انها دم ، تبين فيما بعد بأنها جكليت احمر مااضطر اخاها الملك غازي الى ان يسمح لها بالسفر الى احدى الجزر اليونانية للاصطياف متأملا ان تتحسن صحتها هناك واذا بها تهرب مع خديعها اليوناني .
لم يكن اليوناني طباخا في قصر الزهور كما زعم البعض انما كان نادلا يقدم الطعام في احد الفنادق السياحية في بلده وهو لم يأت الى العراق انما تعرف على عزة في سفرة سابقة لها الى اليونان واستطاع ان يغريها ويقيم معها علاقة وبعد ان وثقت فيه وضحت بكل شئ من اجل ان تنفرد به استولى على اموالها ومجوهراتها ثم طردها كما تطرد الحيوانات السائبة .
واشارت الاميرة بديعة الى انه لم يعرف احد بقصة علاقتها بالنادل النذل ، حتى اختها الاميرة راجحة لم تكن على اطلاع بأمرها الى ان هربت معه فافتضح امرها .
لم تعد الى بغداد ولم يكن لها عين لأن تعود وتواجه احدا منا وظلت تائهة متشردة في الخارج حتى وقعت الحرب العالمية الثانية عام 1939م فرآها بعض الطليان او الانكليز فعرفوها واخذوا يتصدقون عليها اكراما لأهلها او ربما عطفا عليها بعد ان رأوها بتلك الحال المزرية .
بعد انتهاء الحرب عام 1945م سافر اخي الامير عبدالاله في جولته المعروفة الى الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ودول اخرى عام 1946 م فعلمت عزة به انه هناك وجاءت تزوره نادمة باكية متوسلة ان نعفو عنها ، رد اخي عليها " طيب سأرسلك الى القدس وسأخصص لك راتبا تعيشين منه بشرط الاّ تبوحي لأحد من انت ولاتتصلي بنا ولاتعرفينا ولانعرفك ".
وافقت مضطرة على الا تموت جوعا او ربما توبة من الاستمرار في طريق مشين فسافرت عزة الى القدس ووفى اخي بوعده لها وظل يواصلها براتبها وبعدها التقت ابن عمها الامير نايف ابن عبد الله بن الحسين في القدس فتوسلت اليه ورجته ان يكلم اباه عمي الملك عبد الله كي يعفو عنها ويغفر لها فعلتها الدنيئة سيما وهي وحيدة لم يسأل عنها في هذه الدنيا .
حكى نايف لوالده قصتها فوافق عمي الملك عبدالله على استقبالها في عمان اكراما لوالدها الراحل عمي الملك فيصل الاول وحفاظا على سمعتنا .
عاشت عزة في عمان حتى عام 1958م في كنف الملوك عمي عبد الله ومن بعده ولده طلال ثم حفيده حسين حتى اصيبت بداء السرطان في لسانها فأرسلت الى لندن لأغراض التداوي والعلاج لكنها لم تصمد طويلا فصرعها المرض عام 1960م ولم تخلف احدا.
لم نلتق بها في عاصمة الضباب لأنها سودت وجوهنا لكنها ذهبت في نهاية المطاف لملاقاة ربها انها الآن بين يدي جبار رحيم يحاسبها او يعفو عنها وهو فعال لما يريد.
الاميرة بديعة
من كتابها (وريثة العرش)
اعداد فائق الشيخ علي