سيرة هيجو

Friday 10th of December 2010 05:09:35 PM ,

منارات ,

جان مارك هوفاس، مؤلف هذا الكتاب، هو احد اشهر كتاب سيرة فكتور هيجو لا سيما وأنه كان قد اعد اطروحته لنيل شهادة الدكتوراه على هذا الهرم الادبي الكبير. وكان المؤلف، وهو من مواليد عام 1970، قد قام بالتدريس في جامعات بروكسل ببلجيكا ثم في مدينتي ليل وباريس الفرنسيتين.

تنقسم سيرة حياة فكتور هيجو الى فترتين رئيسيتين لويس نابليون بونابرت رئيس الجمهورية الفرنسية الثانية.. وهذا ينطبق بدوره مع الخمسين سنة الاولى من حياة فكتور هيجو.. والتي يمكن وصفها بأنها تخص «مساره الرسمي».. اما الفترة الثانية فتبدأ اعتبارا من عام 1851،
اي بداية حياة المنفى في بلجيكا بعد اعلان فكتور هيجو لمواقفه العدائية ضد النظام الملكي وتعاطفه مع كومونة باريس والاطروحات الجمهورية. وتغطي هذه الفترة الثانية سنوات 1851-1885 اي منذ منفاه البلجيكي وحتى وفاته، هاتان الفترتان قدمهما المؤلف في ثلاثة كتب واحد منها للفترة الاولى والآخران احدهما لـ «فترة المنفى» والآخر لـ «ما بعد المنفى».
ان مؤلف هذا الكتاب ـ السيرة باجزائه الثلاثة يحيط الى حد كبير بكل جوانب مسيرة فكتور هيجو بكل مشاربها ووثائقها وتحولاتها وتعرجاتها ونزواتها. انه يقدمه كشاعر وكروائي وكناقد وكرجل سياسة وكعاشق.. وهو يعود في هذه الامور كلها وفي غيرها الى مصدر اساسي هو اعمال فكتور هيجو ذاته.. انه يعود اليها وسيعيد قراءاتها من جديد.. وهناك مصدر آخر لابد لأي كاتب سيرة الا وأن يلجأ له وهو ما كان قد كتبه الذين سبقوه في كتابة سيرة نفس الشخصية.. ومصدر ثالث يتمثل في كتابات أولئك الذين اهتموا بتاريخ فرنسا خلال القرن التاسع عشر.. لا سيما هيجو يختلطان الى حد المزج.
وكان فكتور هيجو قد نشر في آخر ايامه كتابا يحمل عنوان «افعال وأقوال» قسم فيه سيرة حياته الى فترتين رئيسيتين تتناظران مع ما قبل المنفى البلجيكي وما بعده مع قوله بامكانية اعتبار فترة المنفى (1851 ـ 1870) بمثابة فترة وسيطة متمايزة عما قبلها وعما بعدها. مؤلف هذا الكتاب، كما اشرنا تبنى مثل هذا التقسيم.. بل وأنه يرى بأن فترة المنفى قد شكلت نوعا من «القطيعة الارادية» من «اختيار المنفى».. وقطيعة ايضا في حياته الادبية اكثر مما هي في حياته الاجتماعية.
ويشير المؤلف في مقدمة عمله بأنه قد بدأ الاعداد له منذ اكثر من عشر سنوات اي منذ ان كان عمره حوالي عشرين سنة فقط ـ وذلك بالاهتمام بسيرة حياة فكتور هيجو ولكن ايضا بتاريخية القرن الذي عاش فيه. ولعله يمكن القول بأنه وسط «السيل» الكبير من الكتب التي صدرت بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لولادة الشاعر الكبير يشكل هذا العمل احد الاكثر شمولا وأهمية الى جانب عمل آخر للكاتب والروائي ماكس غالو وفي جزءين عن سيرة حياة فكتور هيجو تحت عنوان: «ان قوة تتقدم» و«سأكون هذا الرجل».. والمتكلم في الحالتين طبعا هو «هيجو».
وتتمثل المشكلة الاولى التي يواجهها كل من يكتب سيرة حياة شخصية ما كان كثيرون غيره قد سبقوه اليها في التأكد من صحة العديد من المعلومات والتواريخ التي ينقصها في الكثير من الاحيان الانسجام هذا اذا لم تكن متناقضة صراحة.. وقد تصدى مؤلف هذا الكتاب للمشكلة المطروحة بالطرق الكلاسيكية المعروفة. وذلك عبر القيام بعملية تقصي على طريقة المحققين لصحة ما جاء في كتب سير هيجو الاخرى وفي مراسلاته الشخصية وايضا في تاريخ الحقبة. هذا مع اشارة المؤلف الى ان فكتور هيجو كان يتلاعب احيانا بالتواريخ بحيث انها لم تكن دقيقة جدا اثناء استخدامها في هذا العمل او ذاك..
ولكن ما كان يعرضه او ما يكشف عنه من حياته لاستخدام القارىء لم يكن يقصد منه خداع الآخر، كما لم يكن يعبر عن نوع من جنون العظمة، ويقدم المؤلف برهانا على ذلك بالقول بأنه لو كانت لدى فكتور هيجو ارادة اخفاء بعض الحقائق عن سابق اصرار وتصميم فإنه ما كان له مثلا ان يترك على مسودات بعض القصائد او النصوص التي كتبها بتاريخ كتابتها المغاير في احيان لتواريخ الكتب عند نشرها.
وتتمثل احدى الميزات الاساسية لهذا الكتاب ان مؤلفه لا يحصر نفسه في اطار مجرد كاتب سيرة شخص ولو كان بحجم وبمكانة فكتور هيجو ولكنه يقوم بعمل تاريخي لقرن بأكمله هو القرن التاسع عشر الذي عاشت فيه اوروبا فترة مضطربة من تاريخها ومن النزاعات التي شكلت في احد ابعادها مقدمات «بعيدة» لحربين عالميتين لاحقتين خلال القرن العشرين،
وقد بدأ تأكيد المؤلف على البعد التاريخي عبر حديثه في احد فصول هذا العمل الكثيرة عما اسماه تاريخ فكتور هيجو بل ويعطي المؤلف لفكتور هيجو صفة «المؤرخ» بالمعنى الذي اعطاه لويس الرابع عشر لكل من الاديبين راسين وبوالو واذا كان لويس الرابع عشر قد عرف باسم الملك الشمس فإن فكتور هيجو هو بالنسبة لمؤلف هذا الكتاب الملك الشمس في ميدان الادب.
ويولي مؤلف هذا الكتاب اهمية ايضا لقسمين اساسيين في شخصية فكتور هيجو وهما قدرته الكبيرة على العمل وحبه المفرط للنساء، واذا كانت زوجته اديل فو شيه هي المرأة الاولى في حياته والتي تزوجها وكلاهما في سن الشباب وأنجبا اربعة اطفال، فإن جولييت دوريه، ربما كانت الحب الاكبر في حياته، ومن الحكايات المثيرة في علاقة فكتور هيجو بالنساء هو انه كان قد تم ضبطه ذات مرة مع احدى عشيقاته مما اثار فضيحة كبيرة اعتقد الكثيرون بأنه سوف لن ينتج اي ادب بعدها فكان رده البسيط هو رواية «البؤساء».
ومن الميزات الاساسية لهذا الكتاب هو انه مكتوب بنفس الوقت لعامة القراء ولكنه مكتوب ايضا للاخصائيين.. وهذا ما كان هيجو قد عبر عنه نفسه بالقول «كل شيء وللجميع» واذا كان مؤلف هذا الكتاب يقول بامكانية ايجاد عدة ترجمات لهذه الجملة فإنه يصر على فهم واحد ألا وهو «ضرورة التوجه الى الجمهور العريض، والى اوسع شرائح ممكنة» ولكن دون تقديم اية تنازلات.
وعدم تقديم اية تنازلات: قاعدة مارسها لكن هيجو في كتاباته ورفضه لأية مساومة في مساندته لاولئك الذين كانوا قد قاموا بـ «كومونة باريس» وذلك بعد «سقوط الكومونة» لقد اعتبر فكتور هيجو بأن الموقف العادل يقتضي مثل تلك المساندة وذلك على اساس مبدأ قال به الكاتب الفرنسي البيركامو لاحقا عندما اعلن بأنه مع «القضايا الخاسرة» وكان يريد ان يقول بأنه مع القضايا العادلة التي قد لا تصمد امام منطق القوة.
تجدر الاشارة الى ان هذا الكتاب يتألف من فصول قصيرة قصد منها المؤلف سهولة القراءة.. وقد شكلت الاحداث الرئيسية في حياة فكتور هيجو نوعا من «المحطات» التي توقف عندها المؤلف.. وذلك انطلاقا من مسألة بسيطة وهي ان الاحداث الاكثر اهمية في حياة اي مبدع مهما كان مشرب ابداعه هي التي تترك اثارها في اعماله.. ومن هنا بحث المؤلف عن جدول الحياة الشخصية لفكتور هيجو مع انتاجه الأدبي المتنوع ويركز في هذا السياق على فترتين من حياة بطله وهما فترتا الطفولة والمراهقة اللتان يجد آثارهما في الاعمال الكاملة لفكتور هيجو.
ولا ينسى مؤلف هذا الكتاب ان يؤكد سمة اخرى لدى فكتور هيجو اهملها اغلبية اولئك الذين كتبوا سيرة حياته.. الا وهي روحه المرحة والتي بدت بوضوح خاصة في اعماله المسرحية هذا بالاضافة الى تسامحه لدرجة انه طلب من صديقه الناقد سانت بوف ان لا ينقطع عن زيارة منزله على الرغم من بوحه له بحبه لزوجته اديل والتي انتهى الى خطفها منه والعيش معها لعدة سنوات.
في المحصلة يشبه مؤلف هذا الكتاب حياة فكتور هيجو بـ «قارة» فيها من كل الاصناف والانواع الفكرية والسياسية.. ويركز المؤلف في هذا المشرب الاخير، اي السياسة على الالتزام الكبير الذي ابداه فكتور هيجو في عدة قضايا وعلى رأسها نضاله المستمر ضد عقوبة الاعدام.
وكما بدت اطروحاته ثورية في هذا المجال، فإنه قد رافق نهضة الشعر الرومانسي، ولكن الفهم العميق لما قام به هذا الشاعر الكبير ولاعماله يتطلب، كما يرى مؤلف هذا الكتاب التخلص من الاحكام المسبقة والكليشيهات المدرسية وغيرها التي جعلته بمثابة صنم له مريدوه واعداؤه وبهذا المعنى يقول الكاتب والفيلسوف الفرنسي فيليب سولير «المشكلة مع هيجو هو انه ينبغي التخلص منه من اجل الوصول اليه والدراسة المعمقة التي قام بها مؤلف هذا الكتاب اثبتت بأنه كان يتميز في الواقع بالكثير من الغموض.
وعند الغوص في شخصية فكتور هيجو والبحث في خفايا وحنايا سيرته الخاصة والابداعية يجد المؤلف، بأنه قد بلغ سن الشباب عند سن الخمسين من عمره. وذلك عندما اخذ طريق المنفى اثر الانقلاب الذي قام به نابليون الصغير كما كان يسميه.
واذا كان جان مارك هوفاس يقدم هيجو في مختلف مواهبه وابداعاته كفنان متعدد الاهتمامات وكرجل سياسة، فإنه يرى فيه قبل كل شيء شاعرا، يرى فيه الشاعر الذي قال «الشعر هو كل ما هو حميم في كل شيء».
بالحرية ترافق هوجو مع حبه الكبير للطبيعة فكل صخرة هي حرف وكل بحيرة هي جملة وكل قرية هي نبرة كما يقول ويضيف «مع ذلك لا تتوقف الارض عن السير وحيث تدرك الازهار هذه الحركة الهائلة وهناك دائما على صفحتي شيء من ظلال الغيوم ومن سلاف البحر وكان هيجو قد وصف احدى النساء التي احبها واسمها ليوني بالقول «انها توقد لدى الناظر لها الاحساس بابريل الربيع وبولادة النهار وكانت غيناها مخضلتين بالندى. كانت كضوء الفجر تكثف بشكل امرأة».
وفكتور هيجو في العمل الاكثر اكتمالا حتى الآن عن صاحب «البؤساء» عمل ضخم ودقيق وموجه للجميع، عبر «ثلاث حركات» قبل المنفى وأثناء المنفى وبعد المنفى.


اهم اعمال هيجو

ـ هيرنا في (مسرحية) 1830.
ـ أوراق الخريف (شعر) 1831.
ـ أغاني الغسق (شعر) 1835.
ـ الاصوات الداخلية (شعر) 1837.
ـ اشعة وظلال (شعر) 1840.
ـ سيدة باريس (رواية) 1831.
ـ اشكال العقاب (دراسة ساخرة ضد نابليون الثالث) 1853.
ـ التأملات (شعر) 1856.
ـ البؤساء (رواية) 1862.
ـ عمال البحر (رواية) 1866.
ـ السنة الرهيبة (شعر) 1872.
ـ رياح الروح الاربعة (شعر) 1881.
ـ نهاية الشيطان (شعر) 1886 «بعد وفاة هيجو عام 1885».