طرائف من الممارسة الديمقراطية في العراق

Sunday 28th of November 2010 06:41:38 PM ,

ذاكرة عراقية ,

محمد حسن الجابري
إن اكبر خطأ يقترف هو من يعتقد بان الديمقراطية دخلت إلى العراق مستوردة مع قوات الاحتلال وحلفائه.. أنها عريقة بعراقة الأحزاب والمنظمات التي تحدثت عن الصراع الطبقي والطبقات الكادحة الفقيرة والمظلومة..

إن الديمقراطية تصبح شعارا كاذبا وخداعا إذا لم تعبر عن إرادة العامل والفلاح وتحررهم من كل القيود التي تمنعهم أن يكونوا قادة جماهيريين شرفاء..!! الديمقراطية في العراق لها مناح عدة ومعان لا تفسر وذلك بسبب اختلاف الفترات التاريخية وتعدد ظروفها السياسية، فكل فترة لها تصورها الديمقراطي المرحلي الذي تعيش ممارسته.. فمثلا لنرى ما قالته مجلة الوادي في عددها رقم 11 بغداد السبت 24 نيسان 1948 السنة التاسعة:
* قرر منظفو مجاري بغداد إقامة حفلة انتخابية ديمقراطية في مقهى عدنان بشارع الأمين لتأييد ترشيح كامل بطرس قزانجي عن أقليات بغداد وسيخطب فيها كامل قزانجي معددا فضائل غروميكو الذي دعا إلى تقسيم فلسطين والذي يطالب اليوم بإخراج المجاهدين العرب من فلسطين.
وغروميكو هو احد زعماء الاتحاد السوفيتي آنذاك وقالت المجلة أيضا: يطلق اليهود في فلسطين النار على المسلمين أثناء تأديتهم فريضة الصلاة في مساجدهم في الوقت الذي يقوم به أنصار كامل الجادرجي (زعيم الحزب الوطني الديمقراطي) بمظاهرة يقولون فيها (يحيا نضال الشعب اليهودي).
وإذا بإخوان اليهود من (الديمقراطيين.. يتنادون بعدم إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين ويصفون (إسرائيل) بكونها دولة ديمقراطية وتقدمية!!
ومما يذكر بهذا الصدد أيضا هذه الطرفة الديمقراطية: كان الشيخ احمد الداود نائبا في مجلس النواب العراقي وقد حرم من الوزارة عدة سنوات وفي إحدى وزارات نوري السعيد كان الشيخ شديد المعارضة لسياسته وكان نوري يعلم دوافع معارضته ومبعثها وفي إحدى جلسات المجلس اشتد الشيخ في معارضته فأجابه نوري بقوله (تموتين ما لبسج خزامة).
فضج المجلس بالضحك وانقطعت المعارضة ولم يستوزر الشيخ احمد الداود بعد ذلك.
وذكرت مجلة الوادي في عددها رقم 6 السنة 21 السبت 16 نيسان 1960: نقابة الحمالين في الحلة تروع الآمنين وتبتز أموالهم!!
كان كل من كاظم محمود وكاظم شلتاغ وحساني كاظم وعباس جبار وهم أعضاء نقابة الكيل والحمالة في الحلة خرجوا إلى شوارع الحلة وهم مدججون بالسلاح ويلوحون بالحبال يرهبون الناس ويملأون صدورهم بالرعب باسم الديمقراطية والسلام وعندما يجن الليل كانوا يذهبون إلى ضحاياهم ويطرقون أبوابهم حاملين القامات ملوحين لهم بالحبال ومهددينهم بالسحل إذا لم يدفعوا مبلغ كذا...
وهكذا استطاعوا جمع أكثر من 25 ألف دينار وبعد أن افتضح أمرهم سيقوا إلى المجلس العرفي العسكري الثاني بموجب المادة 272 من قانون العقوبات البغدادي. وقد ذكرت المجلة أسماء بعض ضحايا هذه النقابة.. نقابة الكيل والحمالة العتيدة المغرقة بمفاهيم الديمقراطية التي سادت العراق آنذاك.. هذا مع العلم أن هناك أناسا آخرين غير هؤلاء الاسماء الذين ذكرتهم المجلة قد دفعوا الاتاوات خوفا من أن تطرق رقابهم حبال هذه النقابة ويموتوا بالطريقة الديمقراطية التي اختارها لهم ديمقراطيو ذلك الزمان!!