صباح الخير ..غوركي

Friday 5th of November 2010 05:57:13 PM ,

منارات ,

حسين الجاف
في زيارتي الاخيرة الي روسيا في اواخر كانون الاول 2007 وانا اتطلع الي تمثال الكاتب السوفيتي الشهير مكسيم غوركي المطل علي ساحته الشهيرة.. هذا الكاتب الذي رفد الانسانية بكتابه الادبي السياسي الشهير (الام)

الذي يأخذ عليه بعض النقاد الغربيين عدم تمتعها بالاشتراطات الفنية وتقنيات الرواية الحديثة علي الرغم من ابعاده الانسانية العظيمة.. ان فلاديمير ابليش لينين مؤسس الاتحاد السوفيتي السابق (1870 - 1924) كان قد اعجب به عاداً اياه قمة في الادب الاشتراكي الملتزم..

لكن الرجل فيما يبدو علي الرغم من كونه احد اعظم مفكري الشيوعية العالمية لم يكن علي قدر كبير من المعرفة المعمقة بتقنيات كتابة الرواية الحديثة.. علي اية حال نال غوركي كل الرعاية والدعاية من اقطاب الحركة البلشفية التي قادت احدي اكبر ثورات البشرية المعروفة بثورة اكتوبر عام 1917 وفي مقدمتهم لينين قائد الثورة نفسه ، ما اعطي الكاتب قدرا غير قليل من الغرور والترفع بحيث صار يعد نفسه ندا للينين بالذات ولربما اكثر من ذلك ثم انه اي (غوركي) ادان في فجر انبثاق تلك الثورة الانسانية الكبري اندفاعها في تنفيذ كل ما يستند اليه الدين ناكرة بتنكرها المادي البحت اية صلة في عالم الواقع والحقيقة. وعند هذه النقطة بالذات اثيرت حفائظ قادة الثورة وفي طليعتهم لينين ضد غوركي فافترقوا عنه لكن دون معاداة صراعية له ولطروحاته المتشبثة باذيال الايمان.. وعندما لمس غوركي بدايات فتور علاقاته الحميمة السابقة برجالات الحزب الشيوعي السوفيتي وثورة اكتوبر قرر غوركي الانسحاب بهدوء من حومة الميدان ليتواري عن الانظار ويحط رحاله في ايطاليا.. ربما لقربها من الفاتيكان احدى اكبر مراكز الاشعاع الفكري المسيحي الكاثوليكي مع انه كان ارثذوكسيا.. وفي حقبة ابتعاده عن بلده للمدة من عام (1920 - 1928) كتب كتابا يتوافق مع ايمانه العميق اسماه (البحث عن الله) لكن طيلة الثماني سنوات المذكورة لم يدن احد في النظام السوفيتي ولم ينتقد ايا من قياداته اذ ظل وفيا لروسيا محافظا علي عهوده مع ثورتها... غير انه عندما اختار العودة الي بلاده مجددا كما اختار الخروج منها سابقا قد اصبح وقتئذ امينا عاما للحزب ورئيسا عليه ونال الكثير من اوسمة الثورة وتكريماتها... وبعد عودته اسس غوركي اتحاد الادباء السوفيت والذي انتخب رئيسا له حتي وفاته عام 1936... مثلما اقام مؤتمرا عالميا... للادباء في موسكو لتاسيس اتحاد الادباء العالمي الذي انضم اليه رومان رولان وبول ايلوار وغيرهما من جهابذة الفكر الاسلامي الادبي الانساني اعلن في هذا المؤتمر تكريس الواقعية الاشتراكية كاحدي روافد الفكر الانساني العالمي... في عام 1936 توفي غوركي... تاركا عشرات المؤلفات منها انطلوجيا ادباء العالم في عده اجزاء ضخمة علاوة علي كتب اخري في الفكر والادب والفلسفة...
لقد احدثت وفاته المفاجئة وهو في عز عطائه شرخا كبيرا في الحياة الفكرية والادب الثوري في العالم عامة والاتحاد السوفيتي يومئذ علي وجه الخصوص ويبدو ان عدم ذيوع مثل هذه الاسرار في وقتها والتي رواها لي في موسكو الاكاديمي المعروف استاذ الادب الروسي الشهير د. ضياء نافع) كانت جزءًا من التقييم الاعلامي المتعمد الذي كان يمارسه النظام السوفيتي السابق علي بعض المجريات السلبية للعلاقات الداخلية بين الحزب ومفكريه يومئذ.