فنجان شاي مع حرم رياض بك الصلح

Tuesday 6th of November 2012 09:37:06 PM ,

كان زمان ,

■ للسيدة فاطمة نعمت راشد
تربطني بحرم دولة رياض الصلح بك رئيس وزارة لبنان، روابط قديمة لا تنقصم، رابطة القرابة، فهي اخت غير شقيقة لابنة خالتي، وذكريات الطفولة عندما كنت القاها يومياً بدار والدها نافع الجابري باشا الشقيق الاكبر لدولة سعد الله الجابري بك.

كانت وقتئذ لا تتجاوز السابعة من عمرها، وكانت طفلة مرحة ينسدل شعرها الذهبي على كتفيها ولا تهدأ له حركة، ولكنها كانت حين تتحدث الينا نحن اللواتي نكبرها بسنوات، تنصت الى حديثنا بعين الجد، وترقب حركاتنا في رزانة.. ثم باعدت السنين بيني وبينها، الى ان اتيح لي اخيراً ان التقي بها في دار صاحبة العصمة هدى هانم شعراوي.
وجدتها تتذكرني، وتذكر ايام الطفولة الحلوة التي قضيناها في حلب آنا تحت ضوء القمر، وحيناً بين البساتين الخضراء التي يزيدها الشتاء جمالا بكساء تلجى بضفيه عليها، وكثيرا حول النافورات الشرقية البديعة..
قالت: كم اشعر بالسعادة حين اتذكر ذلك الماضي البعيد السعيد، واستعيد ذكريات ايامه العزيزة الحلوة.. ولكن هذه الذكريات تتضاءل الى جانب ذكرياتي عن الايام التي قضيتها في مصر.
وكم يسعدني ان اتحدث عن جلالة الملك فاروق، ولا يسعفني اللسان بان اصفه، ولا استطيع التعبير عن شكري لجلالته، فقد غمرني بفيض من عطفه وكرمه، وعندما علم بمري تفضل فارسل للاستفسار عن صحتي، كما لا انسى عطف جلالة الملكة فقد ارسلت الى الزهور خلال ايام المرض.. إن هذه الرعاية الملكية الكريمة ستبقى ماثلة امامي طول العمر، وسأتحدث في ذلك دائماً الى اولادي، وسيكون هذا العطف الكريم من الاحاديث التي يتوارثها الابناء في اسرتنا وقد التقيت بالسيدة العظيمة صاحبة العصمة صفية هانم زغلول ام المصريين، فقد اكتشفت انها اعظم بكثير مما سمعت عنها وجدتها سيدة جليلة تكن لبلادها وللاقطار العربية كل حب، وعرفت لماذا ابحها المصريون..
وكان من حسن حظي ان ترافقني صاحبة العصمة حرم رفعة النحاس باشا الى القناطر الخيرية، فكانت الاخت الشقيقة الحنون، وهي على حداثة سنها واعة التفكير حسنة التدبير.
"اما صاحبة العصمة السيدة هدى هانم شعراوي فقد التقيت بها مرتين في دار الاتحاد النسائي فكانت السيدة الاجتماعية التي لا تهدأ لها حركة ولا تفوتها كبيرة او صغيرة ولا تيأس بها، وفي دارها كانت ربة البيت الكريمة.
"كل ذلك جعلني اشعر اني في بلدي بين اهلي وعشيرتي، حتى ازددت تعلقا بمصر والمصريين، وارجو ان ازورها بين وقت وآخر لاقيم فيها اياما..".
ثم نهضت حرم رياض بك واحضرت صورة قدمتها الى وهي تقول:
"دعيني اقدم لك اولادي، كبراهن عليه وهي فتاة متحمسة لوطنها الى حد الثورة الدائمة، إنها تريد ان تجاهد وهي في هذه السن المبكرة، وقد قالت لي اثناء اعتقال والدها.
"انني افضل ان يبقى ابي في معتقله بعيداً عنا على ان يبقى وطننا في الاسر" وعندما قدمت بعثة جلالة الملك فاروق الى لبنان، خرجت لاستقبالها رافعة العلم المصري تحية لها. اما ابنتي الثانية "لامعة" فتعشق القراءة، واعتبرها نموذجاً لربة البيت، إذ تعنى بالتدبير المنزل وتنظيم البيت والقيام بكل ما تقوم به ربة البيت.. وطفلتي الثالثة متى تقوم بواجب اكبر في اسرتنا إذ تتولى ادخال السرور علينا حين نراها ضاحكة لاعية.. ولي كذلك ابنة ولكنها مازالت صغيرة السن. وقد رزقنا بولد اختاره الله الى جواره، واذا شاء الله ومنحنا ولداً ثانيا فسأختار له اسم فاروق تيمناً بصاحب هذا الاسم العظيم، تبركا وتفاؤلا، ولأنني اريد ان اسمع هذا الاسم يتردد في بيتي".