الاستثمار ومشاكل الاقتصاد العراقي

Monday 15th of August 2011 05:54:26 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

محمد صادق جراد
تتنافس دول العالم على جذب الاستثمارات الأجنبية إليها ولذلك نجدها تسعى لتهيئة بيئة استثمارية مناسبة تساعد على جذب رؤوس الأموال والشركات الاستثمارية من خلال تقديم التسهيلات المصرفية والحوافز والإعفاءات الضريبية والكمركية وتوفير سوق واسعة ونشيطة ووجود إدارة حكومية نزيهة

وأيد عاملة رخيصة إضافة إلى التشريعات والإجراءات القانونية التي يمكن ان تدخل الدولة في منافسة مع الدول الأخرى من خلال تقديمها هذه المزايا التفاضلية لجذب المستثمر.
إلا ان المستثمر الأجنبي القادم الى العراق مازال يواجه صعوبات بيروقراطية وإجراءات شائكة تستهلك الكثير من الوقت والمال لغاية حصوله على المستمسكات والموافقات الأصولية التي تمكنه من الخوض في المجال الاستثماري في العراق الأمر الذي سيجعل من البيئة الاقتصادية العراقية طاردة للاستثمار والمستثمرين.
ولقد نشرت مجلة " ذا اتلانتك " الأميركية تقرير يبين بأن العراق مازال لحد اليوم يعمل بإجراءات معقدة في مجال الاستثمار وان إجراءات وتعقيدات تواجه المستثمر المحلي أو الأجنبي الذي يسعى إلى تأسيس شركة داخل العراق أو الحصول على رخصة تجارية.. التعقيدات تصل كفترة زمنية إلى سبعة وسبعين يوما والى مبلغ مليوني دينار كرسوم ضريبية.. وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى ان العراق صنف عالميا من الجانب الاقتصادي بالمركز الثالث والسبعين بعد المئة ".
وبالتأكيد ان هذه المعوقات والإجراءات المعقدة ساهمت في إضعاف وتقليص حجم الاستثمارات في العراق وساعدت على هروب رؤوس الأموال العراقية الى الخارج وأنتجت ترددا واضحا لدى المستثمرين الأجانب للاستثمار في العراق بالرغم من حاجة البلد الماسة لهذه المشاريع بسبب انقطاع العراق عن العالم الخارجي والتطور العلمي والتكنولوجي الذي شهده العالم خلال العقود الماضية الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة التقنية بينه وبين العالم , وتزداد هذه الحاجة ونحن نعيش في ظل عملية إعادة اعمار البلد والتنمية الاقتصادية المطلوبة في هذه المرحلة بالذات بعد الظروف الصعبة التي مر بها العراق والتي تسببت في تراجع الاقتصاد العراقي بدرجة كبيرة..
ولم تكن هذه الإجراءات المعقدة هي كل ما يقف في طريق المستثمر فهناك عوامل أخرى أدت إلى تراجع المشروع الاستثماري ومنها الفساد الإداري والأساليب القديمة والجامدة في القطاع العام وفي الهيئات واللجان المختصة بهذا الملف فضلا عن شكل النظام المصرفي والتعقيدات التشريعية وتضارب الصلاحيات بين الحكومة المركزية ومجالس المحافظات والتي تحتاج الى ترميم العلاقة بينها وفق تشريعات جديدة تحدد هذه الصلاحيات كي لا نشهد عقود ملغاة وأخرى وهمية لم تحصل على موافقة الحكومة المركزية ومشاكل عديدة يجب الالتفات إليها ووضع خطة استثمارية وطنية شاملة بالاتفاق مع حكومات المحافظات وحسب التوزيع الجغرافي وحسب حاجة المحافظات للمشاريع لنضمن توزيع عادل للمشاريع وعدم تكرارها وضياع جدواها الاقتصادية..
ومن الجدير بالذكر أن الحاجة للاستثمار الأجنبي لا يقل أهمية عن الاستثمار المحلي الذي يندرج في إطار تشجيع القطاع الخاص المحلي ومحاولة النهوض بواقعه المتردي من خلال تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة علما بان الاستثمار بأنواعه يؤثر بصورة مباشرة على الكثير من الركائز الاقتصادية والاجتماعية في البلد وفي مقدمتها مشكلة البطالة التي مازالت تبحث عن الحلول حيث مازال عدد كبير من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات يفضلون العمل في الوظائف الحكومية وذلك لغياب فرص العمل في القطاع الخاص والمشاريع الاستثمارية.
وتجدر الإشارة إلى ان الحكومة لن تتمكن من استيعاب الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل في مؤسساتها الحكومية المختلفة ولذلك يبرز دور الاستثمار في حل مشكلة البطالة ن خلال تشغيل الأيدي العاملة في المشاريع الاستثمارية إضافة إلى ان نجاح المشروع الاستثماري في البلد سينعكس ايجابيا على تنمية القطاع الصناعي والزراعي وقطاعات أخرى ستساهم بدورها في حل مشاكل كثيرة من مشاكل الاقتصاد العراقي , ومن اجل ذلك نتمنى توفير المناخ المناسب للاستثمار ولتطوير القطاع الخاص بما يجعلهما يساهمان في وضع الحلول لمشاكل اقتصادية كثيرة تشمل قطاعات الإسكان والكهرباء والصحة والتعليم،إضافة إلى مشكلة البطالة.