قصة شارع غازي في بغداد

Sunday 29th of January 2023 09:48:28 PM ,
5358 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

لمعان عبدالرحمن

شارع غازي هو ثاني اكبر شارع من شوارع بغداد متصلا بالفرع المقابل لسوق الشورجة، وفيه تجار المواد الغذائية وتجار السكائر المتنوعة من عراقية وعربية واجنبية وبعلامات معروفة او غير معروفة، والتي وصلت الى السوق بالطريق الرسمي او عن طريق التهريب «سيكاير لا يعلم الا الله ماذا تحمل من اضرار مضافة الى الاضرار المعروفة عن السيكاير»

ثم لا يفارقك باعة السيكاير بالجملة والمفرد الا بعد ان تطل على (شارع غازي) الذي يملأه المتعاملون بالدولار والذين تعرفهم من رزم النقود التي يحملونها بايديهم ويلوحون بها في الفضاء امام انظار اصحاب السيارات المارة بين الزحام في الشارع. حيث ان تجارة السيكائر تباع بالعملة الاجنبية ومنها ما يباع بالعملة العراقية. وكثيرا ما نرى حالة الارباك التي يعيشها الشارع بسبب الزحام والذي يخلقه المتعاملون بتبديل العملات الاجنبية، خصوصا ان مناطق سكنية شعبية تقع على امتداد الشارع الا ان للشارع فقد اصبح تسميته بانه شارع رجالي فتجد المرأة حرجة عند المرور فيه، لذا فالنساء يسلكن الدرابين داخل المحلات ويخرجن عن طريق شوارع اخرى تفادياً للمرور بهذا الشارع. وقد اضحت الرصافة مهيأة لتوسع حضري رئيس، بعد ان هدم مدحت باشا سور بغداد عام 1869 وانشاء السدة عام 1917 لحماية بغداد من الفيضانات لذا شهد شارع الرشيد عام 1915 واكمله الانكليز عام 1918 اراضي واسعة على اطراف منطقة الرصافة، حيث كانت خالية من التطوير واوضحت بمنأى من خطر الفيضان «العلوية» معسكر الهنيدي «الرشيد» وبذلك تم استحداث نقطة جذب في اتجاه الجنوب وفي الوقت نفسه استحدث ربط جديد مع الكرخ اذ شيد جسر مود «الاحرار حاليا» عام 1918 فساعد على توسع الكرخ بما في ذلك منطقة السكك في الصالحية، واثر انهاء الانتداب البريطاني عام 1932، كانت الحكومة العراقية تواقة الى تطوير بغداد بصيغة مدينة حديثة على غرار الانموذج الاوربي، حيث أعد تصميم اساس عام 1935 اقترح من بين جملة اشياء فتح شوارع عريضة واسعة اثنان منها تم فتحهما مباشرة وهما شارعا غازي والشيخ عمر عام 1936، وفي عام 1954 شق شارع عريض وسط الرصافة اطلقت عليه شارع الخلفاء «الملكة عالية» ثم الجمهورية قبل اطلاق التسمية الجديدة، وقد ساعدت الشوارع المستحدثة في استمرار نحو المدنية الطولي على امتداد مسار النهر. كما ان شارع غازي (الكفاح) يحتفظ بطبيعة ميزته عن سواه من الطرق المستحدثة في منطقة الرصافة القديمة وتتمثل في حفاظه على الاستعمالات السكنية، الى جانب الاستعمالات التجارية المستحدثة، وقد ظهر فيه التحول المميز من نمط السكن المنفرد الى نمط السكن المتعدد الطوابق «الشقق السكنية». ومن أشهر المناطق التي يخترقها شارع غازي مجيد كنّه، وهو رجل اعدمه الانكليز اثناء احتلالهم بغداد وقبره موجود في مقبرة «الشهداء الاتراك»، وكان ينتسب الى ست هدية، وفاضل عباس المهداوي، صاحب المحكمة الشهيرة في تاريخ العراق السياسي الحديث، كان ينتسب الى محلة المهدية والتي كان من سكنتها ايضا «بيت بنية وبيت النائب» وفي المهدية دربونة اسمها دربونة اسطة نصر ذكرها فيلكس جونز ضابط الاستخبارات الانكليزي قبل 200 سنة. أما المحلات البارزة في تلك المنطقة منها خان اللاوند وحمام المالح وست هدية وسيد عبدالله والفضل والجوبة والطوالات وفضوة قره شعبان والكولات وابو دودو كما ان اضرحتها قنبر علي وابو سيفين وسراج الدين والالفي والشيخ عبدالقادر الكيلاني. الا ان هناك استغرابا للشيخ جلال الجنفي حول اطلاق تسمية «الكفاح» على هذا الشارع، بالرغم من انه لم تظهر على هذا الشارع اي صورة من صور الكفاح المسلح او السلمي، لذا فان اعادة تسميته بشارع غازي سّر الجميع من موتى وأحياء لان الملك غازي كان محمود السمعة وقد قتل مظلوما، كما انتقد نظام السير فيه مطالبا ان يكون ذا ممرين بدلا من ممر واحد لاتساع عرضه. اذن فهذه هي قصة شارع من اهم شوارع بغداد هو شارع غازي في بغداد

مجلة الف باء، العدد1549 لسنة 3/6/1998.