الدراسات العليا في البصرة.. البداية والتأسيس

Monday 2nd of January 2023 12:10:05 AM ,
5338 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

إيمان مصطفى المحمدي

كانت كلية التجارة أول كلية أسست في البصرة عام 1963،عندما تلقت رئاسة الجامعة في بغداد طلبا من جمعية الاقتصاديين ، فرع البصرة ، لفتح كلية مسائية للتجارة . وبعد دراسة الامكانيات العلمية والمادية في البصرة وافق مجلس الجامعة على فتح الكلية، وعلى الاشراف العلمي عليها، وعلى تقديم مايمكن من عون لها.

وبعد فتح كلية التجارة عام 1963،تحفزت جميعة بصرية أخرى، هي(جمعية الخريجين للدراسات العالية)،ﻹنشاء كلية مسائية للحقوق ، وذلك عندما قدم (نادي شط العرب) طلبا الى جامعة بغداد لفتح كلية حقوق مسائية في البصرة، وقد قرر مجلس الجامعة، بعد دراسة الطلب، تشكيل لجنة للنظر في امكانية فتح هذه الكلية، وبعد أن اجتمعت اللجنة بمتصرف اللواء، والمدير العام لمصلحة الموانىء العراقية ، عقدت اجتماعا في نادي شط العرب، حضره أصحاب الطلب، وأعضاء الهيئة الادارية للنادي، والدكتور غالب الداودي محاضر العلوم السياسية في كلية تجارة البصرة آنذاك، واطلعت من خلالهم على الامكانيات العلمية والادارية المتوافرة هناك ،ووجدت اللجنة تشجيعا أكيدا من الذين اتصلت بهم كافة،وبعد دراسة الموضوع دراسة مستفيضة عادت اللجنة الى بغداد، وقدمت تقريرا الى رئاسة الجامعة أوصت فيه بفتح كلية الحقوق في البصرة .

أمر رئيس الجمهورية في عام 1964، بوضع مشروع جامعة البصرة موضع التنفيذ،وحينذاك بدأت مرحلة من العمل السريع، فتمت زيارات عدة الى البصرة قام بها رئيس جامعة بغداد الدكتور عبد العزيز الدوري وبعض أساتذتها، تفقدوا فيها الامكانات الموجودة آنذاك ، وبعد الدراسة التي قام بها بعض المختصين في جامعة بغداد ﻹمكانية تأسيس جامعة في مدينة البصرة ،افتتحت، في 24 تشرين الاول عام 1964 في البصرة، كليات الآداب ،والحقوق، والهندسة، والعلوم، تتبع في ادارتهـا جامعة بغداد، وقد بدأت الدراسة في هذه الكليات الأربع في مطلع العام الدراسي 1964-1965 ،وكانت تشغل ثلاثة مبان، إحداها للدراسات النظرية، والأخرى للمختبرات العملية، والثالثة قسم داخلي لسكن الطلبة، وثماني دور سكنية لأعضاء الهيئة التدريسية.

عقد مجلس الكليات أول اجتماع له في الاول من تشرين الثاني عام 1964، برئاسة الدكتور عبد الهادي محبوبة نائب رئيس جامعة بغداد في البصرة، وقد حضر الاجتماع اعضاء الهيئة التدريسية في كليات الجامعـة، وتحدثوا خلال الاجتماع عن أهمية كليات جامعة البصرة الناشئة باعتبارها حركة علمية مباركة، تحتاج الى الجهود المتواصلة والمعاونة المستمرة والروح الموضوعية المتجردة، وقد ناقش المجلس موضوعات عدة، منها مايتعلق بالمناهج الدراسية، والقبول في الجامعة، والنشاط الجامعي، وغيرها من الموضوعات. و عبد الهادي محبوبة:هو عبد الهادي الشيخ محمد رضا محبوبة ،ولد في النجف عام1918 من أسرة آل محبوبة العلمية الدينية العريقة،نال شهادة الدكتوراه في الآداب من جامعة القاهرة ،عين بمناصب عديدة، منها:نائب رئيس جامعة بغداد في كليات جامعة البصرة ، نشر بحوثه في دوريات متخصصة، من مؤلفاته المطبوعة (آل سبكتكين كما تحدث عنهم نظام الملك في مؤلفه كتاب السياسة) 1962، و(المجتمع العربي بين الكمية والكيف دراسة اجتماعية نقدية) و(الحركة العلمية في المائة الخامسة الهجرية)،وهو متزوج من الشاعرة الرائدة نازك الملائكة

توسعت الكليات في البصرة في عام 1965،إذ أضيفت اليها كلية التربية ،ودرست رئاسة جامعة بغداد مشروع انشاء كلية طب في البصرة، نظرا الى الحاجة لاعداد الاطباء الممارسيين العامين ،ولتوافر الامكانيات، بعد أن تقرر بناء مستشفى حديث تعليمي في البصرة . وتقرر مبدئيا أن تفتح الكلية أبوابها عام 1966، حتى يتم الاعداد لها، وأن تبنى على قطعة أرض مجاورة للمستشفى ،وقد تبرعت مؤسسة كولبنكيان بـ(000ر100) دينار لانشاء بناية لكلية الطب ،وفي عام 1967، ونتيجة للتوسع الكبير الذي حصل في التعليم العالي، والاقبال المتزايد للانتماء الى كلياته ومعاهده ،وصعوبة قيام جامعة بغداد بالنهوض بهذا العبء لوحدها ،اكتسبت جامعة البصرة شخصيتها المميزة، واستقلت بجميع شؤونها عن جامعة بغداد،فصدر القانون ذو الرقم(8) لعام 1967 في الاول من نيسان عام 1967،والقاضي بتـأسيس جامعة البصرة ،ورافق ذلك فتح كلية الطب في الجامعة الجديدة.

وبموجب هذا القانون، تغيرت أسماء (الكليات) الى (هيئات) ،فأصبحت جامعة البصرة تتألف من الهيئات الآتية:- (هيئة الطب،وهيئة العلوم،وهيئة الهندسة ،وهيئة الزراعة والبيطرة ،وهيئة القانون والاقتصاد،وهيئة الانسانيات) وكلية التربية ،وحصلت جامعة البصرة على اعتراف رسمي من وزارة التربية بهيئة كلية التربية، بعد اتصالات واسعة النطاق بين رئاسة جامعة البصرة ووزارة التربية،وقد تم قبول (12) طالبا وطالبة في هيئة القانون والاقتصاد، و(42) طالبا وطالبة في هيئة الهندسة ،و(18) طالبا وطالبة في هيئة التربية (الفرع العلمي)، و(52) طالبا وطالبة في(الفرع الأدبي)، و(19) طالبا وطالبة في هيئة الطب، و(20) طالبا وطالبة في هيئة الانسانيات، و(64) طالبا وطالبة في هيئة العلوم .

وكانت رئاسة جامعة البصرة تأمل في تكملة الهيئات العلمية الآتية:(هيئة التجارة والاقتصاد ،وهيئة طب الاسنان والصيدلة ،ومعهد الدراسات التكنولوجية، ومعهد الاحياء المائية، ومعهد بحوث النخيل، ومتحف التاريخ الطبيعي ، ومعهد البحوث الصحراوية والمياه الجوفية ) احتفلت جامعة البصرة بيوم استقلالها اثناء انعقاد الدورة الثانية للمجلس الأعلى للجامعات في قاعـة الفرزدق، وذلك في عصر يوم 8 نيسان عام 1967،وحضر الاحتفال رئيس جامعة بغداد الدكتور عبد العزيز الدوري، ورئيس جامعة الموصل الدكتور محمود الجليلي، ومتصـرف لـواء البصـرة، وقـائد لقوة البحرية العميـد الركن سيف الدين صدقــي، والدكتور محمود واصل الظاهر ممثل مجلس جامعة بغداد ،والدكتور عبد الفتاح الملاح ممثل مجلس جامعة الموصل، والمدير العام لمصلحة الموانىء، وعمداء الهيئات العلمية في الجامعة، وأعضاء الهيئة التدريسية، وموظفو الجامعةتوقف القبول في كلية التربية وهيئة القانون والاقتصاد في عام 1969 كما استبدلت الهيئات بالكليات،وذلك بموجب القرار الخاص باعادة تنظيم الجامعات في العراق . وكان رئيس جامعة البصرة (الدكتور عبد الهادي محبوبة ) قد بين أنَّ الجامعة تسير بخطوات علمية مدروسة، وأن مناهجها العلمية وسيلة لتأدية رسالتها الاجتماعية والوطنية ، وتحقيق أهدافها الانسانية،وتسعى الى تهيئة الجو الجامعـي للطالب والاستاذ من اجل البحث والتحليل والتنقيب في الحقول العلمية المختلفة، والاستفادة مَّما وصلت اليه الانسانية من نظريات نافعة لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والاهتمام بالتراث الحضاري والثقافي،كالأدب والتاريخ واللغة والشريعة، تنفيذا للمادة الثالثة من قانون الجامعة التي تنص على (العناية بتهيئـة ثقافية جامعية منظمة حرة وتشجيعها،وتعهد البحث العلمي، والعناية بالتراث العربي والاسلامي ، وبالتربية القومية والفضائل الخلقية ).

وضعت الجامعة شعارا لها يميزها من غيرها من الجامعات، استوحت فكرته من البيئة التي تعيش فيها. فالبصرة تشتهر من بين مدن العراق بكثافة غابات النخيل،وتدفق البترول، فضلا عن كونها ملتقى نهري دجلة والفرات اللذين يكوِّنان شط العرب الذي يصب في الخليج العربي ،وهكذا جاءت ضرورة تمثيل هذه المزايا في شعار الجامعة ،فتضمن وسط الشعار سفينة تمخر عباب شط العرب تحمل في سيرها جامعةُ البصرة صاريها قلما ،وشراعها كتابا مفتوحا ، رمزا لسير الجامعة في ركاب العلم والعرفان وهي تشع المعرفة في كل الارجاء بأشعتها المنبعثة من اسلة القلم .

عن رسالة : التعليم العالي في العراق