فيصل الياسري.. (سمسم) الذي فتح لنا أبواب الجمال

Wednesday 2nd of November 2022 09:47:52 PM ,
5298 (عراقيون)
عراقيون ,

عبد الرزّاق الربيعي

من منّا لم يتعلّم شيئا من البرنامج التربوي، اتعليمي، الترفيهي (افتح يا سمسم) الذي كان في أواخر السبعينيات والثمانينيات، ايقونة تلفزيونات دول مجلس التعاون الخليجي؟ ومَنْ منّا لم تحتفظ ذاكرته، بمشهد، وأغنية،

أو شخصية من شخصيّاته خلال عرض حلقاته التي بلغ عددها 573 حلقة تلفزيونية، على مدى سنوات؟ مَنْ منّا لم يردّد كلمات شارته الغنائية التي تقول:افتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال،افتح واستقبل أصحابك نحن الأطفال، افتح افتح، نفرح نفرح؟

وهو برنامج من إنتاج مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي التي مقرّها الكويت، وقد أنتجت البرنامج الصحي الخليجي التوعوي (سلامتك) بأجزائه الأربعة بقرار من وزارات الصحة في دول الخليج صدر عام 1980 وشارك به من السلطنة الفنان صالح زعل والراحل سعود الدرمكي والفنانة فخرية خميس والفنانة أمينة عبد الرسول والفنان إبراهيم الزدجالي.

لقد كان يقف خلف العديد من برامج المؤسسة الفنّان الكبير فيصل الياسري الذي غادر عالمنا الخميس الماضي في الأردن عن 89 سنة، بعد رحلة طويلة مع العمل التلفزيوني والسينمائي، والبرامج، والعمل الإعلامي، أسفر عن العديد من العلامات المضيئة خلال سنوات عمله في دمشق وبغداد وألمانيا، والكويت، والقاهرة، وعمّان، من بينها: المسلسل السوري حمام الهنا (1968) مع دريد لحّام ونهاد قلعي، و(دنانير من ذهب)، و (اللغة العربية) و(المرايا)، و(الدفتر الأزرق) و(نساء في الذاكرة1990) الذي مثّلت به الفنانة فخرية خميس، إلى جانب الفنانة هند كامل التي جمعتها بالفنان الراحل رحلة عمر وفن تكللت بالحياة المشتركة.

افلام متميزة

ومن أفلامه التي أخرجها للسينما: عودة حميدو (1971) م وغراميات خاصة (1974) و(الرأس 1976) و(النهر 1977) و(عشاق على الطريق 1977) و(القناص 1979) مع روجيه عساف وآمال عفيش، والأميرة والنهر1982 وهو فيلم كارتون يروي أسطورة من أساطير وادي الرافدين، وقد حظي بإقبال كبير عند عرضه في سينما بابل وقد رأت الجمهور المحتشد يقف طوابير طويلة عند شباك التذاكر في مشهد لم أر له مثيلا و(زواج علي الطريقة المحلية1987) و(بابل حبيبتي1987) مع يحيى الفخراني وسماح أنور، وآخر أفلامه(بغداد حلم وردي 2013 م)كما أخرج عدداً من الأفلام التسجيلية، وقدّم برنامج (الملف1991) مشوار طويل بدّل خلاله العديد من الأماكن التي أقام فيها، وزاول الكتابة وله مجموعة قصصية (في الطريق) صدرت في مطلع الخمسينيات ورواية (كانت عذراء 1952) أصغيت إليه ذات يوم في قاعة مسرح الرشيد عام1993 وكان ضيفا على برنامج(الفيلم العراقي) ليتحدّث عن فيلم (الرأس)، وكانت طبيعة البرنامج استضافة ممثل أو مخرج، أو كاتب أو منتج عمل في أحد الأفلام العراقية القديمة، يليه عرض الفيلم، فتحدّث الراحل فيصل الياسري بمرارة عن متاعب العمل السينمائي، التي لا تنتهي، حتى يعرض الفيلم الجمهور، وهذه المتاعب ظلت تطارده حتى أن فيلمه الأخير (بغداد حلم وردي) الذي انتهى من العمل به عام2013 مايزال حبيس العلب، ولم يصل قاعات العرض، ومما علق في ذاكرتي من ذلك اللقاء، جرى خلال عرض فيلم (الرأس) خطأ في تقديم وتأخير في تسلسل المشاهد، فانتفض من مكانه، وطالب بإيقاف العرض، وخروج الجمهور من القاعة، يومها عرفت مدى دقّته وحرصه على عمله، وقد رأيته في مدينة بابل التاريخية عام 1987 خلال تصوير فيلم(بابل حبيبتي) برفقة الفنانين يحيى الفخراني وأحمد عبدالعزيز سامي قفطان والفنانة سماح أنور، وظلّ يواصل الكتابة، والعمل، وقد أدرجت إدارة مهرجان سينمانا للفيلم العربي بنسخته الثالثة التي أقيمت في شباط العام الجاري، بالتعاون مع النادي الثقافي، اسمه ضمن المكرّمين، وكذلك زوجته الفنانة هند كامل، غير أنه اعتذر، قبل يوم من انطلاق المهرجان بسبب عارض صحّي حال دون حضوره حفل التكريم، فخسرنا فرصة لقائه بمسقط، لكن عزاءنا أن أعماله ستبقى حاضرة، في مسقط والخليج والوطن العربي، وسيظلّ الأطفال العرب يردّدون: افتح يا سمسم أبوابك.