بمناسبة الأحتفال بمرور 75 عاما على تأسيسه..المحاولة الأولى لتأسيس مجمع علمي عراقي

Monday 26th of September 2022 12:47:40 AM ,
5271 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

عبد الرحمن طارق عطية

بعد الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1917 , شكلت السلطة العسكرية البريطانية الحاكمة في العراق , (مجلس المعارف) عام 1918 وكان من أعضائه الشيخ محمود شكري الالوسي , وجميل صدقي الزهاوي , والأب أنستانس الكرملي , وهو أول محاولة في العراق لإنشاء مجمع علمي.

وحين تمَ تتويج الأمير فيصل بن الحسين , ملكاً على العراق في الثالث والعشرين من آب 1921مواصل رجال العلم والفكر والثقافة على قلتهم حينذاك مساعيهم في إثارة الهمم وإيقاظ المشاعر الوطنية يدعون فيها الى قيام المدارس والمعاهد العلمية والثقافية في البلاد، لكونها الأسس التي تقوم عليها نهضة الأمم والشعوب. كان الكابتن (فارل) القائم باعمال مستشار وزارة المعارف عام 1921م يعتقد أن النظام التعليمي الذي وضعته الأدارة البريطانية هو الأمثل الذي يلائم حاجات العراق، وكان يحاول أن يجعل تعليم العلوم باللغة الأنكلّيزية في المدارس الثانوية , ولكن مدير المعارف ساطع الحُصري حال دون ذلك , وناقشه في تعريب العلوم وحل مشكلّة المصطلحات العلمية , ثم حاول تطوير الدراسة الثانوية بتعليم العلوم الطبيعية بالانكلّيزية , ولكن الحُصري عارضه أيضا.

واذا ما اردنا ان نثبت الحقيقة للتأريخ فان ثابت عبدالنور يعتبر أول من حاول تأسيس مجمع علمي إذ قام بتأسيس « المعهد العلمي في بغداد» , وذلك في عام 1921م , حيث تألفت الهيئة التأسيسية للمعهد من خمسة عشر عضواً , وفيما يأتي أسماؤهم حسب ورودها في النظام الداخلي للمعهد:

- ثابت عــــــــــــــــــبدالنور.

- علاء الدين النائب.

- حســــــــــــــــــــــن النقيب.

- محــــــــــــــــــمد الـــــباقر.

- حــــــمدي الباججي.

- إبراهــــــــــيم الواعظ.

صــــــــادق حبة.

- حســــــــــــــــين فوزي.

- محمد حسن حبة.

- توفيق السويدي.

- جـــــــعفر حمندي.

- أحمد عزة الأعظمي.

- نــــــــــــــــــــــوري فتاح.

- محمد رضا الشبيبي.

- فائـــق شــــــــــــاكر.

وقد تكللت جهود المخلصين بالنجاح اذ تم أفتتاح المعهد العلمي بحضور جمهرة من المفكرين والعلماء و أرباب القلم في الثلاثين من كانون الأول 1921م , وأقيم إحتفال كبير بهذه المناسبة. وكان من بين الحضور الشاعر معروف الرصافيوالقى قصيدة طويلة بعنوان « المعهد العلمي» جاء في مطلعها:

لعمـــــرك ان الحــــــــــــــر لا يتقيـــــــــــــد

ألا فليقل ما شاء فيَ المفنَـــــــــد

ثم أقام المعهد العلمي» سوق عكاظ « , في بغداد ربيع عام 1922م , وهو من مآثر المعهد إذ كان يوما مشهوداً حضره الملك فيصل الأول وجمهرة من أعيان البلد وكبار شعراء العراق وكتابه والقوا قصائدهم وكلّماتهم من أجل تنشيط الحركة الفكرية في بغداد. ومن فعاليات المعهد العلمي الثقافية الأخرى اقامة حفلة تكريمية للشاعر والفيلسوف أمين الريحاني , وإتخذ من السينما الوطني محلاً لأقامة الحفلة. واقيم الاحتفال في الثامن عشر من أيلول 1922م , وأفتتح الحفلة رئيس المعهد ثابت عبدالنور , وقام عدد من الشعراء بإلقاء قصائدهم , والقى الشاعر معروف الرصافي قصيدة تضمنت كثيراً من المعاني والحقائق الناصعة لمسيرة المعهد,فأعجب الحضوروكانت الحفلة محل إعجاب أمين الريحاني , حتى أنه عقد لها وللمعهد فصلاً في كتابه (ملوك العرب). وحاول رئيس المعهد العلمي أن يؤسس مجمعاً لغوياً , فدعا رجال العلم والأدب , فعقدوا إجتماعاً في الثالث والعشرين من كانون الثاني 1925م , وعرض عليهم الفكرة , فقبلوها وقرروا تأسيس مجمع لغوي يقوم بتعريب الكلّمات , وإيجاد المصطلحات العلمية وترجمة الكتب التي يحتاجها العالم العربي.

فشكلّ المعهد العلمي لجنة تضم كلّاً من , الشاعرين جميل صدقي الزهاوي , و معروف الرصافي , والاساتذة توفيق السويدي , وعبداللطيف ثنيان , وثابت عبدالنور , لتهيئة الوسائل والمنهاج المقرر تقديمه للحكومة لغرض الحصول على موافقتها.

وكان ممن وقعوا القرار الى جانب الذين فوضوا للاتصال بالحكومة وتهيئة المنهاج:

- أحـــــــــــــــــــــــــــــمد الداوود.

- أحمد منير القاضي.

- أمـــــــــــــــــــــــــين معلوف.

- ثابت عــــــبدالنور.

- ســــــــــاطع الحُصري.

- طـــــــــه الــــــــــــــــــــــــــراوي.

- عبدالحسين الأزري.

- عبدالحليم الحاقاني.

- عــــــــــبداللطيف ثنيان.

- رفائــــــــــــــــــــــــــــيل بطي.

- يوســــــــــــــــف غنيمة.

- عبدالمجيد الشاوي.

- توفيق الســــــــــــويدي.

- جميل صدقي الزهاوي.

وعقد المعهد إجتماعاً ثانياً وعُرض المنهاج الذي وضعته اللجنة المنتخبة في الاجتماع الأول لمشروع تأسيس « المجمع العلمي اللغوي « , وقُرأت مجموعة من الأجوبة التي وردت الى اللجنة من وزارات العراق كافة تحبذ المشروع , وتـعدَ بمعاونته ما أمكنها من غير أن تبين نوع تلك المعاونة.

ومن أهم النقاط الأساسية التى وردت في المنهاج هي:

يسمى المجمع بأسم « المجمع العلمي اللغوي «.

أن يكون العضو من أهل العلم والأدب , وممن لهم اختصاص بفرع من العلوم العصرية.

أن يجيد العضو إحدى اللغات الأجنبية.

يكون أعضاء المجمع نوعان: أعضاء عاملون , وأعضاء فخريون.

عدد الأعضاء العاملون تسعة , ثلاثة منهم يتفرغون للعمل فيه , ويكونون مسؤلين عن الأدارة , ولهم رواتب.

يستلم الأعضاء مخصصات عن كلّ اجتماع يحضرونه.

لا يجوز أن يجمع العضو بين عضوية المجمع ووظيفة الحكومة.

ويتم انتخاب الأعضاء العاملين في المجمع , أول مرة من لجنة معُينَة مؤلفة من أربعة عشر شخصاً نصفهم من ممثلي الوزارات , والنصف الآخر من منتخبي المؤسسة , وكلّماَ خلت عضوية , ينتخب الأعضاء الدائمون بالاشتراك مع ممثلي الوزارات من يشغل الكرسي الشاغر.

وكانت أعمال المجمع محددة , بتهيئة الوسائل المجددة لشباب اللغة العربية , كوضع مصطلحات للعلوم والآداب , وإعداد خطباء لإلقاء محاضرات علمية وأدبية وإجتماعية تلقى على الجمهور لرفع مستوى البلاد الثقافي و العلمي , وإصدار مجلة شهرية يسجل فيها أعماله ومباحثه. وأما نفقات المجمع فقد تقرر جمعها من أنصار العلم والأدب والحكومة , وإذا اشتركت الحكومة في نفقاته فيكون لها حق الاشراف عليه , مادامت تمد اليه يد المساعدة. ثم اُنتخبَت لجنة جديدة , تقوم بتهيئة الوسائل التأسيسية ومراجعة رئيس الحكومة عبدالمحسن السعدون وكذلك للحصول على المساعدات المالية , ولتعيين ممثلي الوزارات لحضور اجتماع انتخاب أعضاء المجمع , وأخيراً أُخبرَ معتمد المعهد واللجنة التأسيسية أن رئيس الوزراء عبدالمحسن السعدون تفاوض مع وزارة المعارف , وقررت إضافة مشروع المجمع العلمي اللغوي الى أعمال لجنة عليا تؤلفها الوزارة , لتنظر فيما يُرقي المعارف ويرفع مستوى التعليم , وطُلب الى المعتمد المذكور مراجعة وزارة المعارف في هذا الأمر.

ولكن فكرة وجهود المعهد العلمي في تأسيس " المجمع العلمي اللغوي «, وقفت عند هذا الحد , ولم ير المجمع النور.

عن رسالة (المجمع العلمي العراقي 1947م – 1970م دراسة تأريخية)