هتشكوك وفيلمه الحبل.. لماذا لم يحظَ بالكتابة عنه؟

Wednesday 3rd of August 2022 08:37:51 PM ,
5235 (منارات) (نسخة الكترونية)
منارات ,

ترجمة: أحمد فاضل

قد يبدو ألفريد هتشكوك خياراً صعباً حين نمر على أفلامه منذ عام 1958 حتى عام 1963، “ الدوار “، و “ شمالاً إلى الشمال الغربي “ و “ سايكو “ و “ الطيور «،وهي أفلام يعرفها الجميع تقريباً، لكننا سنتوقف لنُلق نظرة قريبة على فيلم آخر رائع له هو “ الحبل “، الذي يكاد يكون الوحيد الذي لم يتوقف عنده النقد السينمائي تحليلاً ورؤية، الفيلم عرض عام 1948،

وهو من أكثر تجاربه روعة كسر من خلاله قواعد كثيرة كانت السينما قد توارثتها عن كثير من المخرجين وصناعها، منها كيفية صناعة فيلم ناجح بأقل التكاليف، وتخلّيه عن اللقطات غير المتقطعة لصالح اللقطة الواحدة والمستمرة، حيث صوّرت أكثر مشاهد الفيلم داخل شقة في نيويورك.

يبدأ الفيلم بقيام رجلان أحدهما براندون (جون دال) وفيليب (فارلي جرانجر) بخنق صديق لهما بالحبل منذ أن كانا في المدرسة سوية ويدعى ديفيد، لم يطلعنا الفيلم بدايةً سبب قيامهما بقتل صديقهما بهذه الطريقة البشعة، وهي إحدى الطرق الإخراجية الصادمة لهتشكوك في جعل المتفرج، يعيش لحظات مشاهدته للفيلم بالتعرف على سبب حدوث هذه الجريمة المروعة، وبعد مفارقته الحياة قاما بوضعه داخل صندوق كبير يستخدم في حفظ الكتب، وغطوا الصندوق بغطاء مفرش المائدة لاستخدامه كطاولة تقديم في الحفلة، يحضر والد الرجل الميت (سيدريك هاردويك) والعمة (كونستانس كوليير) وصديقته (جوان تشاندلر)، إلى جانب روبرت (جيمس ستيوارت)، الجميع يشاركون أجواء الاحتفال بحميمية ظاهرة، لكنهم يفتقدون المجني عليه، وعندما يحتدم السؤال عنه تتكشف رويداً رويدا خيوط الجريمة.

كان هذا هو الفيلم الثالث من بين خمسة أفلام صورها هتشكوك منذ عام 1930، استناداً لمسرحية كانت تحمل نفس الاسم لمؤلفها باتريك هاميلتون، كانت تعرض منذ عام 1929 وكتب السيناريو له آرثر لورنتس، الغريب في فيلمه هذا أن هتشكوك حاول الحفاظ على الأجواء المسرحية نفسها ونقلها إلى الشاشة الكبيرة وفق حركة أبطاله داخل شقة وكأنها إحدى ديكورات المشهد المسرحي، وبتكرار المشاهد المصاحبة للفيلم نكتشف أنها واحدة من أفضل الأماكن للحصول على شعور هتشكوك، باعتباره سيداً في تقنية مثل هذه الأفلام، إنه يريد إضافة بصمة جديدة من بصماته الرائعة للمشهد السينمائي – الإخراجي خاصة - وبالطريقة التي نقلها من المسرح إلى السينما بنفس روحيتها.

وقد تلمسنا تحرراً واضحاً من القيود التقنية التي تحفل بها غالبية الأفلام، بما فيها أفلامه السابقة واللاحقة، وطيلة 80 دقيقة وهي المدة التي استغرقها عرض الفيلم، وجدنا الكاميرات تعمل براحة تامة ولم تغادر مكانها إلا قليلاً، كما نشاهد تدافع الكاميرا للقطات المقربة، ووقوفها على مدبرة المنزل (إيديث إيفانسون) التي تزيل الشموع ومفرش المائدة من خزانة الكتب التي يكون جسم ديفيد مخفياً فيها، وبمجرد اختيار جانب معين من الشقة، سيؤدي قطع اللقطة من الجانب المقابل إلى إرباك المشاهدين للحظات، فلا توجد سوى حالات قليلة عندما تتخطى الكاميرا ذلك الخط في الفيلم بمهارة، عندما يكون روبرت على وشك اكتشافه دوافع الجريمة والمجرمين.

« الحبل “هو أول فيلم ملوّن لهتشكوك، وكأنه اقترب من لوحة فنان إنطباعي أو تأثري عندما وضع خلفية للنافذة التي تطل على مدينة نيويورك، هي صورة فوتغرافية بانورامية صورها كثيراً مع غروب الشمس، أعطت انطباعاً مؤثراً لاشتغالات هذا المخرج الرائع الذي لم يتخلَ عن مشهدية المسرح وهو ينقل صورته للسينما.

عن / صحيفة نيويورك تايمز وسبق لهذه المادة ان نشرت في المدى بترجمة الراحل احمد فاضل