جعفر اغا لقلق زاده.. الممثل الفطري الرائد

Sunday 22nd of May 2022 10:29:07 PM ,
5188 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

جمال رشيد

ممثل ارتجالي كوميدي بالفطرة أثرى المسرح العراقي بما يعرف بــ(الفن الاخباري)، اسمه (كامل عبد المهدي) المولود عام ١٨٨٨ في بغداد وعرف بأسم (جعفر آغا لقلق زادة)، عرفته مقاهي بغداد وعاش في صغره بين اهالي الكاظمية،

هو لم يتعلم ولم يدخل الكتاتيب ولكنه تعلم القراءة والكتابة وكان يفكّ الخط بصعوبة وكان يتكلم العربية والفارسية والتركية والهندية وهذه اللغات كانت شائعه في بغداد، عمل منذ طفولته بحرف مختلفة واستقر في شبابه على حرفة صناعة (الامشاط الخشبية) وهذا يدل على انه نشأ في وسط فقير ومعوّز، عندما كان صغيراً استرعت انتباهه فصول الاخباري البغدادي (جاسم ابن الحجامة)وزميله منصور اللذان كانا من سكنة محلة (العوينه) وكانا يعرضان فصلهما في مقهى (التبّانه) في محلة الفصل أواخر القرن التاسع عشر، وتأثر بعروض الاخباري وشخصية (الهبش) وكان يضطر للمبيت في (خان الجبن) في الكرخ خوفاً من قطاع الطرق الذين يكمنون ليلاً في بساتين الكاظمية الكثيرة.

كانت البداية عام ١٩١٥ وكان العراق تحت الحكم العثماني حين بدأ (كامل عبد المهدي) يقلد حركات وكلمات (راشد أفندي)في دور (الهبش) التي يشاهدها في الليل ويعيدها اثناء عمله في الصباح امام اصدقائه ومعارفه الذي لمس منهم التشجيع والاستحسان والاعجاب، ولكن مرّ الفن الاخباري بالاضمحلال وذلك في فترة الحرب الروسية العثمانية واصدار الفرمانات بتجنيد الشباب الاجباري والذي عُرف بـ (السفر برّ) ويبدو ان التجنيد لم يطاله لأنه من التبعية الايرانية حيث كان التجنيد يقتصر على التبعية العثمانية حصراً، حصل لقلق زادة على عمل كنادل في نادي الجيش العثماني وكانت بدايته الفعلية من هنا حيث اكتشف موهبته متعهد النادي (توكلين خان)ثم اسدى له عمل مقدم نمرة (دور) الهبش في المقهى التي يمتلكها وبعد ان ذاع صيته انتقل الى مقهى عزاوي وكان معه مساعده المدعو (حسقيل ابو البالطوات).

وقد انضم الى الجوق الذي شكله الفنان المصري (حسن سلامة)في ملهى الف ليلة وليلة وكان هذا الجوق يضم كل من (ايليا داوود وعبدالله زكي وصفاء محمد علي وعلوان خزعل واكرم وصفي وعباس الخلوتي)والممثلات من النساء وهن في الاصل راقصات في نفس الملهى ومنهن (ماري كونكا وبدرية محمد وفوزية چيچان وأمينة سعيد)، لقد قدم (لقلق زادة)اكثر من ٣٠٠ مسرحية مرتجلة بعضها قفشات ساخرة للظواهر الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت كالسخرية من تعليم الاطفال على يد الملالي ودجل وشعوذة المتشبهين برجال الدين المسمى (فتاح فال)وانتقاده للكثير من الظواهر الاجتماعية، لقد زار في فترة ثرائه عدد من البلدان المجاورة كـ تركيا والشام ولبنان وقدم العروض على خشبة ملاهيها.

في السنوات العشرة الاخيرة من حياته بدأ الناس ينفضون عنه ويبتعدون عن نمط فنه الذي يغلب عليه السذاجة لانه لم يتطور ولم يفكر بالزمن الذي تجاوز فنه الذي تغير في الستينات وكذلك ذوق الناس الذي تغير ايضاً وظهور مسرح جديد بعد ثورة ١٩٥٨،ومنذ ستينات القرن الماضي عاش هذا الفنان في عزلة تامة بعد ان اشتغل لسد الرمق اعمالاً خدمية في الملاهي، آخرها حارساً وبواباً في ملهى الخيام الذي كانت تمتلكه المطربة (لميعة توفيق) التي تكفلت برعايته ومصاريفه وايجار سكنه وهو عبارة عن غرفة صغيرة في خان الكاظمية، توفي الفنان الكوميدي جعفر آغا لقلق زادة عام ١٩٧٢ في مستشفى المجيدية (الجمهوري) ودفن في مقبرة جامع براثا ولم يخرج في تشييعه اي فنان ولا اي صديق ولكن في عام ١٩٨٥ أعد الكاتب العراقي الراحل عادل كاظم مسرحية بعنوان (نديمكم هذا المساء)تناول فيها حياة (جعفر آغا لقلق زادة) وكانت المسرحية من اخراج محسن العزاوي وعرضت في اربع عواصم عربية هي بغداد والقاهرة والكويت والدوحة.

عن صفحة (البغداديون الاصليون..)