لورنا سليم.. عاشقة بغداد

Wednesday 6th of October 2021 11:33:56 PM ,
5038 (عراقيون)
عراقيون ,

د. حسين الهنداوي

توفيت الفنانة البريطانية العراقية لورنا سليم في مدينة ويلز بالمملكة المتحدة يوم الأحد 23/1/2021 عن عمر ناهز الثلاث وتسعين سنة أمضت نحو عشر منها في بغداد برفقة زوجها الفنان التشكيلي الكبير الراحل جواد سليم حيث كانت أحد الفنانين المساهمين الأساسيين معه في انشاء نصب الحرية ببغداد التي ظلت تحتضنها لسنوات عديدة اخرى.

وكان مفرحا أن نلتقي ونتحدث مرارا مع الفنانة الراحلة في التسعينات الماضية عندما كانت تزور غاليري ديوان الكوفة الذي انشأه المعماري العالمي الراحل د. محمد مكية بلندن وكان اهم مركز ثقافي وفني عربي وشرقي اذ اقام لها الدكتور محمد مكية عدة معارض خاصة، تكرس احدها لأعمال زيتية جميلة رسمتها لورنا عن دجلة وبغداد وعمارتها وشناشيلها لاقت استقبالا كبيرا.

وكانت لورنا المولودة في عام 1928، قد تعلمت الرسم مبكرا في مسقط رأسها شفيلد ما ساعدها على القبول في مدرسة سليد للفنون الجميلة بدون مقابلة الاختبار. وهناك تعرفت على النحات العراقي الرائد جواد سليم خلال دراستهما في لندن حيث درس الفن بين 1946-1949)، فأعجبت به ثم تزوجت منه قبل ان تنتقل معه إلى بغداد في عام 1950 لتساهم في الحركة التشكيلية العراقية ولتواصل بعد وفاته المبكرة في 23 كانون الثاني من عام 1961 اثر نوبة قلبية شديدة، العمل في إكمال مشروع “نصب الحرية” الذي تم إزاحة الستار عنه لاحقا في ذلك العام، الى جانب إنجازها لسلسلة أعمال عن بغداد تميزت باستلهام التصاميم الإسلامية والتراثية والهندسية وبالتعبير عن محبة حميمة ظلت لورنا تحملها للمدينة التي اكدت مرارا بأن السنوات التي قضتها فيها مع جواد وبعده كانت أجمل سنوات حياتها وأمتعها وأكثرها عطاء قبل اضطرارها الى انهاء الإقامة ببغداد نهائيا في 1971.

ويقدم كتاب ( لورنا .. سنواتها مع جواد سليم ) لمؤلفته الكاتبة العراقية المقيمة في باريس أنعام كجه جي معلومات تفصيلية قيمة عن لورنا سليم التي كانت من “الفنانات الأوائل اللواتي رسمن النساء البغداديات وبالذات الشعبيات منهن، بائعات اللبن والحليب، اللواتي تراهن وهن يحمل الحطب وجرار الماء ويتراقصن بمشيتهن فرحات بملابسهن الريفية الملونة الأخاذة.. فسحرها كل هذا وكانت تلاحقهن ويوافقن على أن ترسمهن في وقت لا يمكن فيه الحصول على موديل حي من النساء.. وبتأثير جواد الذي كان يرسم الجوامع والمآذن ذات القباب الزرقاء والذهبية وكذلك النساء الشعبيات (ولوحة المرأة التي تحمل صندوق العرس والأخرى التي تحمل ماكنة الخياطة معروفة)، بدأت لورنا برسم البيوت البغدادية التي كان الأجانب يقبلون على شرائها”. وهي اعمال جعلت من لورنا سليم بين الفنانين القلائل جدا الذين نالوا ميدالية كولبنكيان لدورهم في اثراء الفن العراقي الحديث.