من أعلام الموصل..نجيب يونس 1930 - 2007

Wednesday 29th of September 2021 09:59:16 PM ,
5034 (عراقيون)
عراقيون ,

د. عمر الطالب

ولد في العراق (الموصل)1930، درس الفن في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وتخرج منها عام 1954 بدرجة شرف-شارك في أغلب المعارض التي أقيمت داخل وخارج العراق منها-

*معرض المنصور 1955. معرض جمعية التشكيليين العراقيين 1956-1957-1958. معرض فناني الموصل الأول عام 1963. المعارض الفنية التشكيلية لجامعة الموصل. مجموعة المعارض المشتركة. معرض شخصي 1958الموصل. معرض شخصي 1963الموصل. معرض شامل لإعماله الفنية والذي ضم 250لوحة 1985 بغداد المتحف الوطني للفن الحديث. معرض شخصي 1985 لندن. معرض شخصي 1998البحرين. معرض شخصي 2001البحرين. معرض شخصي 2002الإمارات العربية المتحدة. نظم العديد من التجمعات والدورات الفنية منذ عام 1954وتخرج على يده العديد من الفنانين البارزين.

*أسس مرسم جامعة الموصل 1963 والذي كان نواة لتأسيس متحف الجامعة حيث يضم–العديد من لوحاته والتي يفخر بها الفن العراقي. أسس قسمي الفنون التشكيلية (الرسم والسيراميك)والخط والزخرفة من معهد الفنون الجميلة-في الموصل عام 1978حيث كان رئيساً لهما لحين تقاعده. أشاد العديد من نقاد الفن ومتبعيه مما قدم من إنجاز في خلال مسيرته الفنية باعتباره رائداً في-الحركة التشكيلية.

*يعتمد في أغلب أعماله (البيئة) كموضوع محللاً ومدققاً في تفاصيلها وكما أنجر العديد من-الموضوعات التي تحمل جوانب تاريخية ووجدانية.

*حصل على شهادة تقديرية عام 1956معرض المنصور. حصل على تكريم الدولة 1985. شهادة تقديرية باعتباره أحد أركان الحركة الفنية العراقية عام 1972(جمعية التشكيليين العراقيين). منح وسام رواد الفن العراقي عام 1996 (وزارة الثقافة والإعلام). عضو نقابة الفنانين العراقيين. عضو جمعية التشكيليين العراقيين وأحد مؤسسيها.

نجيب يونس نجيب آل شريف بك، من أسرة ميسورة الحال تملك أطناناً وأراضي زراعية كثيرة في المناطق التي يسكنها اليزيدية ولا سيما في (بعشيقة) ولد أسمراً غليظ القسمات يختلف من حيث الخلقة عن رقة أسرته وشقرتهم، يقربه من ملامح أخواله، عنيت الأسرة في تنشئته في دارهم الواسعة الكائنة في (الثلمة) أحبه الجيران لنباهته وخفة دمه، دخل الكتاب ثم مدرسة النجاح الابتدائية وكان منذ صغره مولعاً بالتزيين والرسم وصنع الطائرات الورقية، امتلأت نفسه بحب الطبيعة وعندما كانت أسرته تخرج في الربيع إلى الريف يجلس متأملاً السهول الملونة بالخضرة وألوان الأزهار، السماء الصافية والجبال والوهاد، تمكن من تشرب حياة أهل الريف نتيجة لطبيعته السمحة واختلاطه بهم، مما سيؤثر تأثيراً كبيراً في أسلوبه في الرسم ولا سيما الغيوم بأشكالها الغريبة وألوانها المختلفة خلال النهار بدأ رحلته مع الرسم في الصف الرابع الابتدائي. عندما لمس (سعد الله جردق) إمكانياته العالية وحسه الفني المختلف عن بقية الطلبة. وحاول أن يشركه في مرسم المدرسة مع بقية الطلبة الرسامين إلا أن معاون المدرسة منعه من دخول المرسم لصغر سنه آنذاك فاخبره جردق بأن هذا الصبي سيكون له شأن كبير في فن الرسم.ويكرر نجيب يونس أن الفضل الأول في تهيئة موهبة الرسم لديه الإبداع يعود إلى هذا المعلم المربي الذي يحمل له في نفسه كل تجلة واحترام طلب منهم المعلم (فرج يوسف) رسم مكعبات فوق مستوى النظر وتحت مستوى النظر واسماها المعلم نظرية رؤية المكعبات وكان نجيب ضعيفاً في الدروس، وتخيفه كلمة نظرية مما دفعه للتفكير في أمر هذه المكعبات، فتح دفتر الرسم ورسم مكعبات تحت مستوى النظر، بدت له مثل الدور، وضع لها سقوفاً وفتح لها نوافذ عدة، ورسم مكعبات فوق مستوى النظر وفصل مجموعتي المكعبات بطريق، فبدت المكعبات مدينة صغيرة دهش المعلم لمرأها، وتعلم نجيب يونس في الصف الخامس استعمال الألوان وكان الفضل في هذا الدرس إلى المعلم (علي الملا أفندي) وكان شاباً مرهف الإحساس، له فضل كبير في تمكين ملكة الرسم في نفس نجيب يونس وساعده جمال الطبيعة في الموصل واريافها على الاهتمام بالألوان ولا سيما تلون الغيوم وأشكالها، وتعدد ألوان الطبيعة في الربيع. وكان لمعلم الرسم (يوسف بطرس) أثر كبير في تطوره الفني وحينما وصل إلى المرحلة الإعدادية كان رساماً ماهراً.التقيت به في الصف الرابع الإعدادي في إعدادية الموصل عام 1947وكان إنساناً مرهفاً كثير المرح سريع البديهية بارع النكتة وكنت أجلس في المقعد الأمامي من الفصل وكان نجيب يونس في المقعد التالي وقد أشاع البهجة في الفصل حتى مع أكثر الأساتذة فظاظة وكانوا قلة آنذاك، وحظي برعاية خاصة من لدن مدرس الرسم في المدرسة (عبد الخالق الدباغ) ورسم نجيب يونس لوحات عدة وشارك في معارض مدرسية وكان الطالب المبرّز في جميع المعارض، ولن أنسى تلك اللوحة الجميلة التي زينت الصف الرابع الإعدادي لوحة أبي العلاء المعري، وهو يرفض أن يأكل الدجاجة التي قدموها له أثناء مرضه وتحتها خط عبارة بما أوتي من مهارة في الخط (استضعفوك فذبحوك) وذلك اللون الأزرق الشفاف الذي طغى على اللوحة فبعث فيها الأمل في الصفاء والمحبة والذود عن الحب والسلام والطمأنينة.ذلك هو نجيب يونس المحب المحبوب من قبل طلاب الصف الخمسين وفي تلك الغرفة التي كانت لنا صفاً عاميين متتالين حتى أنهينا الدراسة الإعدادية، تعلوها قضبان الحديد وقد كانت مربطاً للخيول أيام المدرسة الخضرية الزاهرة، وطالما اتخذها الطلاب الرياضيون في الصف وسيلة لإجراء تمارين (الجمناستك)وهم يدورون حولها مثل فرارة العيد في الفرصة أو في درس مدرس طيب وهو يقطع الصف الطويل شارحاً الدرس وقبل أن يلتفت إلى الوراء يكون الطالب مستكيناً في مقعده، وتنتشر ملح نجيب يونس هنا وهناك في الفرصة والدرس يضحك لها الأساتذة الطيبون وهم كثر ويغضب منها المدرسون التقليدون وهم قلة آنذاك وواصل نجيب يونس متابعته بعد تخرجه ونيله شهادة البكلوريا عام 1949وذهب إلى مصر لدراسة فن الرسم على حسابه الخاص في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وقد درس فن الرسم هناك على أساتذة كبار في هذا الفن مثل:يوسف كامل واحمد صبري وحسين بيكار، واخذ منهم كل ما هو بناء وإضافة إلى أسلوبه الذي تأثر بالمجتمع كبيراً وغلفه بروح إنسانية عميقة مظهراً روحية العصر ولوحاته التي تمثل جوانب الحياة المعاصرة أكبر دليل على ذلك وقد زامله في دراسته رسامون كان لهم حضورهم في الساحة العربية مثل (صلاح جاهين، وجورج البهجوري وآدم حنين)وكان تأثير أحمد صبري عليه كبيراً ولا سيما فيما يتعلق باللوحة الشخصية (البورتريت) التي اشتهر بها، ويقول عنه الرسام ستار الشيخ:أنه أصبح من أساتذة (البورتريت)الكبار في العراق، وأن أعماله تتميز بثراء لوني مشبع بموسيقية ضوئية تثير الانبهار وباستعماله الفرشاة بتلك العفوية التي تختزن خبرة عميقة، وأسلوبه يتضمن اهتماماً كبيراً بالموضوع وبتفاصيله الدقيقة وتأكيده المستمر على المنظور ونظافة اللمسة اللونية، رسختها الإمكانات اللونية النابعة من إخلاص عميق للبيئة والطبيعة والمدينة التي أغنت عيون الفنان بتنوع المناخات بتلك الطراوة اللونية للأرض والأشجار، والتي أصبحت مميزة لفناني المدينة عموماً (موسوعة الموصل الحضارية حـ5 ص476).

وقال عنه جبرا إبراهيم جبرا: براءة عجيبة في لوحاته، في عصر تملؤه المآسي، استطاع فنان واحد أن يصّر على أن الحياة بوسعها أن تضجّ أيضاً بالفرح وروعة الوجود، إننا نحس إزاء ضوضاء جموعه الفردية مرأى العمامات الكثيرة التي تتناثر عن اللوحة تناثر الأزهار على مرج أخضر إن علينا أن نعيد تدريب العين على الرؤية علينا أن نتجه بالنظر نحو أفق كادت ثقافتنا الفنية أن تنساه لشدة ما اتجهت أعيننا إلى دواخل النفس المضطربة.. لقد أحكم سيطرته على رؤيته وجازف في الدخول بفنه في منطقته خطرة ما اسهل ليغير المتمرس أن ينزلق فيها نحو السطحي والمباشر واستطاع نجيب يونس أن يدرك تلك الانجازة الصعبة التي تؤكد أنه واحد من أكبر واعظم فناني العراق (جريدة الجمهورية بتاريخ 4/2/1985).

تخرج نجيب يونس في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1954 وعاد إلى العراق وعمل مدرساً للرسم في العديد من مدارس المدينة وهو مدرس بارع في مادته أفاد طلبته فائدة كبيرة وتخرج على يديه عدد كبير من رسامي الموصل. وانتقل بعد ذلك إلى جامعة الموصل، وأسس (بيت الفن) في الجامعة بمساعدة رسامين كبيرين هما راكان دبدوب وضرار القدو وساعدهما النحات المتميّز المرحوم فوزي إسماعيل (1935-1986) الذي تشهد له الموصل ببراعته من خلال التماثيل العديدة التي تزيّن ساحات المدينة وما زالت لوحاته الكبيرة معروضة في بيت الفن ولا سيما لوحته الكبيرة (بناء سور نينوى)والتي عدها الفنان ستار الشيخ كبيرة الأهمية في فن الرسم لأن نجيب يونس:قدم فيها تجارب بالمنظور المتحرك واستخدم عدة زوايا للرؤية وذلك إعطاء المتفرج مدى واسعاً للرؤية إذ لابد أن يكون هناك عين ترتفع فوق عين المتفرج وهو يقطع اللوحة من جهة الملك يساراً إلى جهة الفنانين العاملين في تزيين السور يميناً حيث تصعد الرؤية تدريجياً دون أن تشعر بالصعود.أي أشبه بحركة الكاميرا البطيئة بالمشهد السينمائي، وقد تمثل ذلك بإيجاد منظور آخر للمشاهد مرتفع أكثر من المنظور الأول، تطلب خطوطاً أخرى حاول مزجها بالخطوط الأولى مستغلاً طول اللوحة فتشابكت الرؤية وعندها أصبحت الأشكال تتسع للعين حيثما وقفت أمام اللوحة وهكذا حقق إضافة جديدة للمنظور أسماها (الإزدواجية المحورية)(م.ن.ص476-477)الا أن العمل لم يرق له في الجامعة فانتقل إلى بغداد للتدريس في معهد الفنون الجميلة، وبعد أن افتتح معهد الفنون الجميلة في الموصل، اختير نجيب يونس عام 1977 رئيساً لقسمي الرسم والخط والزخرفة وبقي في عمله حتى طلب إحالته على التقاعد عام 1983، وهو يحترف الآن في داره فن الرسم ويحقق ما كان يصبو إليه دون ضغط أو تأثير وظيفي وقد حاولت إقناعه بالعودة للتدريس في الجامعة عام 1977 حينما أصبحت مسؤولاً عن فرع الفن الذي الحق بكلية الآداب وكان من المؤمل فتح فرع للفنون أكاديمي يتحول بعد إكمال الكادر التعليمي إلى أكاديمية للفنون الجميلة، الا أنه آثر عدم العودة الى الجامعة وأسس قسمي الفنون التشكيلية والخط والزخرفة بمعهد الفنون الجميلة بالموصل عام 1979 وقد أقام نجيب يونس عدة معارض فنية في الموصل وبغداد وأقام عام 1985 معرضاً شاملاً لإعماله في قاعة المتحف الوطني الحديث ببغداد، فضلاً عن المعرض الذي أقامه في لندن.

عن: موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين