هكذا بدأت معرفة العراقيين بالأنتخابات النيابية

Sunday 12th of September 2021 07:52:15 PM ,
5022 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

أمجد خضير رحيم

لقد تأخر تطور العراق كثيراً وفي جميع جوانبه، أبان الحكم العثماني، بإستثناء تلك )الإصلاحات( التي قام بها الوالي العثماني )مدحت باشا (، أبان توليه حكم ولاية بغداد خلال المدة: 1869 - 1872 ، وقد أمتدت إصلاحات مدحت باشا لاحقاً لتشمل هذه المرة جانباً من حكم الدولة العثمانية،

بعد أن كلف بمنصب )الصدر الأعظم( ، إذ إستطاع في عام 1876 أن يقنع السلطان )عبد الحميد الثاني (بإعلان الدستور والعمل به، ضماناً للحريات العامة، فضلاً عن العمل بالنظام البرلماني، من أجل ان تدار بموجبهما الشؤون الداخلية والخارجية للدولة العثمانية . وأن الإقدام على ذلك العمل سيجعل الدول الأوربية تتوقف عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدولة العثمانية، لا سيما وأنه سيصلح من أوضاع الرعايا المسيحيين في البلقان والشام . لذا فقد تشكلت لجنة عامة برئاسة مدحت باشا، ولجان فرعية اخرى لدراسة مشروع الدستور قبل إصداره . وبعد أن أنهت تلك اللجان أعمالها بعد مداولات طويلة، وضعت هيكل للنظام البرلماني يقوم على أساس تشكيل مجلسين، هما: مجلس الأعيان ومجلس المبعوثان.

تأثر العراق بتلك القرارات الجديدة التي اتخذتها الدولة العثمانية وبما سيترتب عليها من تغيرات سياسية واجتماعية . لذا فقد قرر العراقيون بكل طوائفهم وقومياتهم أن يأخذوا دورهم التأريخي ويكونوا جزءاً من العهد السياسي الجديد الذي باتت تعيش أحداثه الدولة العثمانية من خلال المشاركة الفعلية في إنتخابات )مجلس المبعوثان( ، الذي وافق السلطان عبد الحميد الثاني على تشكيلة عام 1876 ، رغم أن الولايات العراقية كانت بعيدة كل البعد عن ممارسة العمل النيابي، إلا أن العراقيين كانوا قد إستقبلوا فكرة ممارسة الحياة النيابية برغبة وحماس كبيرين، إذا التفت معظم أطياف الشعب العراقي حول

تلك الممارسة الجديدة.

كان قانون الإنتخابات النيابية الذي سارت عليه الدولة العثمانية أنذاك، يقوم على درجتين، أي أنه لم يكن إنتخاباً مباشرا، إذ كان على الناخب أن يقوم في البدء بإنتخاب قائمة إنتخابية تمثل المنتخبين الثانويين، ومن ثم يجتمع هؤلاء لينتخبوا بعد ذلك نائباً واحدا عن المنطقة التي تمثلهم. عرفت تلك المرحلة من تاريخ الدولة العثمانية بمرحلة )المشروطية (، بعد أن تم إعلان الدستور العثماني ونشره في الثالث والعشرين من كانون الأول 1876 ، وبعد إكمال مراسيم إنتخابات مجلس المبعوثان في مركز الدولة العثمانية u1608 والأقاليم التابعة لها، بما فيها إقليم العراق ، إذ فاز فيها ستة نواب عراقيين، وهم كانوا على النحو الآتي :

- عن ولاية بغداد : رفعت بك الحاج أحمد و مناحيم دانيل وصالح عبد الرزاق الشيخ قادر.

- عن ولاية الموصل : عبد الرحمن وصفي بك آل شريف.

- عن ولاية البصرة : عبد الرحمن أفندي الزهيري و محمد أفندي العامر.

وقد جرى إفتتاح مجلس العموم العثماني بمجلسيه الأعيان والمبعوثان في التاسع عشر من آذار1876 ،إذ عقد فيه أول إجتماع بحضور السلطان عبدالحميد الثاني، وعند إفتتاحه ألقى السلطان عبدالحميد الثاني خطبة أوضح فيها أسباب إنحطاط الدولة العثمانية وتأخرها، وما يلزم من الإصلاحات الواجب تحقيقها في نشر التعليم والمساواة، فضلا عن إقامة العدل في الأحكام.

إجتمع مجلس المبعوثان في المشروطية الأولى إجتماعان، إذ عقد الإجتماع الأول وكان للمدة من التاسع عشر من آذار 1877 وحتى الثامن والعشرين من حزيران من العام ذاته، في حين عقد الإجتماع الثاني وكان للمدة من الحادي عشر من كانون الأول 1877 وحتى الثالث والعشرين من شباط1878 .

وبالرغم من أن مجلس المبعوثان لم يكن ذا صلاحيات واسعة، فضلاً عن ضعف سلطته أمام سلطة السلطان، إلا أن السلطان عبد الحميد الثاني، كان قد وجد فيه ما يهدد مركزهِ الرسمي، كـ )خليفة وسلطان(، فضلا عن الشهرة والقوة السياسية التي أخذ يتمتع بها الصدر الأعظم مدحت باشا على حساب المركز السياسي للسلطان، كانت هي الأخرى قد أثارت حفيظته وغيرته . لذا فقد إستغل السلطان عبد الحميد الثاني فرصة قيام الحرب )الروسية العثمانية( ، فأصدر فرماناً في الثالث والعشرين من شباط 1878 ، أوقف بموجبه العمل بالدستور وتعطيل مجلس المبعوثان إلى أجل غير مسمى .

لقد تميزت المدة1908 - 1914 من تاريخ الدولة العثمانية، بتقلص نفوذ السلطان العثماني وبروز الرغبة الملحة لدى عامة الناس وتحديداً الطبقة المثقفة منهم، التي أخذت تنادي بوجوب التخلص من نظام الحكم المطلق اوستبداله بنظام الحكم الدستوري، أي العودة من جديد إلى العمل بالدستور والنظام البرلماني .

وعاد الصراع السياسي مجدداً، فكان هذه المرة بين السلطان ورجاله من جهة والمطالبين بالحرية والحكم الدستوري من جهة ثانية، إذ أخذت الجهات السياسية المعارضة بقيادة جماعة )الإتحاد والترقي( ، تنادي بوحوب العمل بالدستور واعلان المشروطية، فأدرك عند ذلك السلطان عبد الحميد الثاني خطورة الموقف فدعا مجلس الدولة إلى الإنعقاد، فأصدر أوامره السلطانية بإعادة العمل بالدستور العثماني او للشروع ببدء الإنتخابات النيابية الجديدة، فكان يوم الثالث والعشرين من تموز 1908 ، يوماً لإعلان المشروطية الثانية ، وأفتتح مجلس المبعوثان دورته البرلمانية الأولى من المشروطية الثانية في السابع عشر من كانون الأول من العام ذاته، وفيها حصل العراق 17 مقعدا نيابيا، وقد شغلتها الأسماء الآتية :

- عن بغداد : إسماعيل حقي بابان وعلي علاء الدين الألوسي و ساسون حسقيل.

- عن الديوانية : إسماعيل رفعت بك و مصطفى نور الدين أل الواعظ.

- عن كربلاء : عبدالمهدي الحافظ.

- عن البصرة : طالب النقيب و أحمد باشا الزهير.

- عن المنتفك : رأفت بك السنوي وخضر لطفي أفندي .

- عن الموصل : محمد علي فاضل و حافظ داود يوسفاني.

- عن السليمانية : ملا سعيد كركوكلي زادة .

- عن كركوك : علي مصطفى قيردار و صالح باشا أل النفطجي.

- عن العمارة : عبدالمحسن السعدون عبدالمجيد الشاوي .

عن بحث : التجربة البرلمانية العراقية في مجلس المبعوثان العثماني ،م . جامعة تكريت للعلوم الانسانية 2020 .