في أربعينيات القرن الماضي..محاولات لتوحيد الأحزاب الليبرالية في العراق

Sunday 15th of August 2021 11:00:48 PM ,
5003 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

ابتسام حمود الحربي

كانت المحاولة الاولى للتوحید قد جرت في العام ١٩٤٥ إذ عقد اجتماع في داركامل الحادرجي وجرت فیه مناقشة امكانیة تاسیس حزب سیاسي یضم العناصرالوطنیة التقدمیة اللیبرالية في حزب واحد وكان من بین الحاضرین في الاجتماع : (كامل الجادرجي، ناصر الكیلاني، ذنون أیوب، محمد حدید، هاشم جواد، ناظم الزهاوي،محمد صالح بحر العلوم،

زكي عبد الوهاب، وقد رأى الجادرجي ان هذه التیا رات غیرمتجانسة ففیها الیسار وفیها الیمین وانه یرى ضرورة الانسجام وضرورة شعور جماعة الحزب بان لها منهاجا واضحا تلتزم به في حین راى عبد الفتاح إبراهيم ا ان الخلافات لیست جوهریة ولیست موضوعیة وانه من الممكن للحركة اللیبرالية ان تحمل اجنحة، بل من الضروري ان یكون فیها الآراء المختلفة حتى تتضح الحقیقة بعد ذلك،وان اجتماع العناصر اللیبرالية یؤدي الى تقویتها.

ولما لم یجد عبد الفتاح ابراهيم مجالا للتعاون مع الجادرجي في هذا المضمار فكر بتألیف حزب خاص بالاعضاء الذین ینسجمون معه في ارائه فكون هیئة مؤسسة تتكون منه ومن السادة:محمد مهدي الجواهري، جمیل كبه، موسى الشیخ راضي، ادور قليان، موسى صبار، عطاالبكري،

وقبل ان تتقدم الهیئة المؤسسة لوزارة الداخلیة بطلب لإجازة الحزب عاود عبد الفتاح ابراهيم المحاولة لتشكیل حزب واحد للیبراليين ولم ییأس من التعاون مع الحزب الوطني الدیمقراطي ، وكذلك اراد التعاون مع حزب الشعب وقد استمر موالیا لدعوته إلى أن یئس من تحقیق الفكرة لذا عمل هو ومجموعة من اللیبراليين الذین یسعون نحو وحدة الاتجاه اللیبرالي الى تأسیس حزب الاتحاد الوطني.

قامت سیاسة حزب الاتحاد الوطني على أساس توحید الاحزاب الليبرالیة في حزب واحد وقد فشلت جهود حزب الاتحاد الوطني في دعوته لتوحید الاحزاب الثلاثة: الحزب الوطني، الاتحاد ألوطني، والشعب، مما حدا بحزب الاتحاد الوطني ان یقصر جهوده على حزب الشعب . كانت المحاولة الاولى للتوحید قد جرت في عام ١٩٤٥ وقبل إجازة الحزبین فجرت مفاوضات بین ممثلین عن حزب الشعب وعبد الفتاح إبراهيم ، إذ قدم الا خير قائمة مؤلفة من خمسة عشر اسما ، طالبا ان یكون هؤلاء الاشخاص أعضاء مؤسسین في حزب الشعب فضلا عن مؤسسیه السابقین، وبعد ان تدارست الهیئة المؤسسة لحزب الشعب تلك القائمة قررت قبول ستة من الاشخاص المذكورین في القائمة على ان یكونوا مؤسسین في حزب الشعب وهم عبد الفتاح ابراهيم، محمد مهدي الجواهري، ناصر الكیلاني، ناظم الزهاوي، محمد صالح بحر العلوم، زكي عبد الوهاب أما الباقون فلا مانع من العمل مع ستة منهم كأعضاء عادیین وكان ذلك سبب في عدم اتفاق الحزبین على الاتحاد فیما بینهما.

اما المحاولة الثانیة فانها جرت بعد اجازة الأحزاب السیاسیة وبعد اشتداد سیاسة حكومة ارشد العمري إذ ارسل عزیز شریف عن حزب الشعب رسائل الى حزب الاتحاد الوطني والحزب الوطني الدیمقراطي ، دعا فیها الى ضرورة توحید الاحزاب الثلاثة وقد استجاب حزب الاتحاد الوطني لتلك الدعوة،ولاسیما ان حزب الشعب یعد اقرب الاحزاب الى الهیئة المؤسسة لحزب الاتحاد الوطني، وتشكلت لجنة مشتركة من خمسة اعضاء من كل حزب، وقد نشرت جریدة الوطن نصوص الاتفاقیةوهي تحمل عبارة لسان حال حزبي الشعب والاتحاد الوطني ابتداًء من ٢٥ ایلول ١٩٤٦ ، وكاد الاتفاق أن یتم، لكن بدات تثار نقاط خلاف لیست جوهریة، من ذلك

اسم الحزب الجدید اذ اقترح عبد الفتاح ابراهيم ان یكون اسم الحزب “حزب الاتحاد الشعبي، بینما أ رى أعضاء حزب الشعب بقیادة عزیز شریف ان یكون اسم الحزب “الشعب المتحد» وذلك لان حزب الشعب موجود منذ عام ١٩٤٢ ویعمل بصورة سریة وله كیانه وقواعده لذا یجب أن یكون التعاون على اساس اندماج حزب الاتحاد الوطني في حزب الشعب الموجود اصلا ، في حین أن عبد الفتاح ابراهيم لم یعترف بهذا التنظیم السري ولا یقر العمل السري لذا انفرط عقد التعاون بینهما وكانت نهایة الحزبین واحدة، إذ اغلقا في عهد وزارة صالح جبر.

على الرغم من أن توحید الأحزاب لم یتم بصورة رسمیة إلا أن هدفهم بقي واحدا وهو التكاتف ضد كبت الحریات ولذا عقد كل من الحزب الوطني الدیمقراطي وحزب الشعب وحزب الاتحاد الوطني في المركز العام لحزب الاتحاد مؤتمرا موسعا لبحث الموقف السیاسي الراهن في العراق، وذلك في التاسع والعشرین من شهر آب ١٩٤٦ ، حضره أكثر من ثلاثة الآف مواطن، وقد ألقى كل من السادة عبد الفتاح ابراهيم عن حزب الاتحاد الوطني، ومحمد حدید نائب رئیس الحزب الوطني الدیمقراطي، وعزیز شریف رئیس حزب الشعب كلماتٍ وطنیة بشأن ضرورة التكاتف ضد كبت الحریات التي تسلكها الحكومة واضطهادها الشعب ثم طالب الحاضرون بتقدیم احتجاج شدید اللهجة للحكومة والمطالبة بتنحیة رئیس الوزراء، ونشر ذلك في صحیفة حزب الاتحاد الوطني، وكذلك في صحافة الحزبین الآخرین وقد جاء فیه:”الجموع الغفیرة المتجمعة بدعوة من حزب الاتحاد الوطني وحزب الشعب والحزب الوطني الدیمقراطي لمناقشة الموقف الراهن هالها موقف الوزارة بمكافحة الأحزاب السیاسیة ومحاولة شل عملها وغلق صحفها، وإحالة رؤسائها إلى المحاكم، وسجن بعض أعضاء هذه الأحزاب لمجرد إبداء ا رائهم في السیاسیة العامة» .

على الرغم من ان الاتجاه اللیبرالي على مراحل تطوره إذ بدأ بظهور شخصیات لیبرالية ثم تبلور على شكل تیارات وكتل لیب راليةا رلیة ثم احزاب سیاسیة، اضمحل البعض منها في وقت مبكر نتیجة لغلق هذه الاحزاب من قبل السلطات الحاكمة، لكن هذا لا یعني ان دور هذه الاحزاب قد انتهى في العراق وانما بدأ یمارس نشاطه من خلال الرجال المؤمنین باللیبرالية والذین تمسكوا بهذا الاتجاه وبدأو بشكل شخصي ولیس حزبي العمل به من خلال تولي القسم منهم مناصب في الحكومة ساعدتهم على تطبیق ارائهم اللیبرالية في مختلف الجوانب، الاجتماعیة منها والاقتصادیة والسیاسیة.

عن رسالة ( تطور الاتجاه الليبرالي في العراق 1932ــ 1958 )