قــراءة في كــتاب لــلإذاعي حافــظ القبــانـــي..بدايات ظهور فن المنولوج في الاذاعة العراقية

Wednesday 28th of July 2021 10:06:18 PM ,
4991 (عراقيون) (نسخة الكترونية)
عراقيون ,

ميمون البراك

توضيح : كلمة “مونولوج” .. مصطلح يوناني- لاتيني مركب من كلمتين (مونو) وتعني (واحد- فرد) و (لوج) وتعني (كلام- مقال) وتركيبها يعني الكلام الفردي أو المقال الفردي.. ويجوز أن يكون نثرا أو شعرا ويصلح أن يلقى أو يلحّن تلحينا.....

اشتهر فن المونلوج في الوطن العربي أولاً في الاذاعة المصرية-القاهرة وكان من رواده عميد المسرح العربي يوسف وهبي والفنان الكوميدي حسن فائق وهذان الفنانان هما أول من غنى المونلوج على المسرح ثم تبعهما من البلدان العربية الاخرى ففي سوريا ظهرت سلامة الاغواني وفي لبنان ظهر عمار الزعني الذي اشتهر بتسجيل المنولوجات على الاسطوانات التجارية التي اخذت تذيعها لهم اذاعة بغداد ومن اشهرها مونولوج نيالك ياعصفورة ويا شوفير هذا ماورد ذكره في كتاب (الاذاعة العراقية) لمؤلفه المذيع حافظ القباني وهو كتيب جميل تضمن العديد من المواضيع الشيقة التي يبحث عنها محبو التراث والموروث العراقي خصوصاً.

يقول المؤلف ان المنولوجست عزيز علي هو أول فنان عراقي ذو طابع اجتماعي وموضوعه بسيط لا يثير الجدل والاقاويل، مثل عادة (قبول) التي يخصص فيها يوم لاستقبال الضيوف ولكنها اقترنت بضيافة النساء للنساء في يوم واحد من الاسبوع إذ تحدد ذلك اليوم المرأة المعنية وتعلم بذلك صديقاتها من الجيران من الاقارب اللاتي يقمن بالزيارة والقبول وهو عبارة عن جلسة نسائية تجمع خليطاً من المتزوجات والعازبات والبنات والامهات وغيرهن.. ويتم الحديث في هذه الجلسة عن المسائل الحياتية الشتى كمشاكل الاسرة وافراحها ومشاكل بناتهم واخبار الخطوبة والاولاد والزواج الى غير ذلك مما يستجد من مواضيع، وقد هاجم عزيز علي في منولوج عادة القبول ووصفها بأنها شغب نسوي وجلسة غبية مع ان موضوع الشغب ليس مهماً في مواضيع القبول وقد حار في بداية الامر المفسرون من الرجال في ايجاد سبب لهذا الهجوم على النساء الرقيقات وعلى ملاحقتهن في هذا النادي النسائي بدون مبرر مع ان الأسباب الداعية لاعادة القبول اسباب وجيهه فهو من الناحية الاقتصادية لا يكلف نفقة إضافية مرهقة للزوج وربة البيت على حد سواء وثانياً والمهم أن اسباب الداعية لاعادة القبول اسباب وجيهه فهو من الناحية الاقتصادية لا يكلف نفقة إضافية مرهقة للزوج وربة البيت على حد سواء وثانياً والمهم ان القبول نهضه نسوية لتحطيم ابواب السجن الذي اطبق على حرية النساء وحجز المرأة بين اربع جدران لا تغادره الا الى مثواها الأخير، فالمرأة لا تختلط بأحد من المجتمع الذي يخلو من وسائل الترفيه البريء والمتنزهات والحدائق العامة ودور السينما وإذا وجدت هذه الدور فليس من السهولة ان تذهب المرأة الى السينما لمشاهدة الافلام لذا اثير التساؤل حول هذا المنولوج رغم كلماته الجيدة ولحنه الجميل وانتقل عزيز علي بعد هذا الى موضوعات اخرى ناقداً مجالات اجتماعية عديدة كنا نعيشها ونشعر بها وقد نجحت منولوجاته تلك نجاحاً كبيراً ونال عزيز علي شهرة واسعة من خلالها.

انتقل بعدها الى موضوعات اخرى في المنولوج سواء شئنا أم لم نشأ فأنه انتقل الى مواضيع سياسية وضع كلماتها بأسلوب يتضمن عدة معان في المنولوج الواحد فهو سياسي وليس سياسي وقد سأل نوري سعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي يوماً عزيز علي عندما باغته وهو يغني في الاذاعة وكان ذلك في بداية الخمسينيات قائلاً : هل انت سياسي ام فنان: فأجاب عزيز بعد ان امتقع لون وجهه اني فنان وليس سياسي فسأله نوري سعيد طيب اذا انت فنان(ليش ما ترضي الناس) والفنان يسعد الناس ويغني لهم ويزيل همومهم ويفرحهم ثم سأله مرة اخرى ماذا تقصد بمختار ذاك الصوب فاجاب عزيز انه مختار من مخاتير الرصافة لاني اغني في الكرخ والمقصود الصوب الآخر وقد تخلص عزيز من هذا الموقف لانه كان يقصد السفير البريطاني مستر(كولن والرز) الذي عاد الى السفارة البريطانية بعد فشل ثورة آيار عام/1941 .

هذا نموذج من الاغنية المعتمدة على التورية التي تحمل معنيين وقد سار الفنان عزيز علي في حياته الفنية كلها على هذا النمط حتى انه استبدل كلمة منولوج معناها قطعة نثرية فردية او شعرية تلقى بشكل فردي كلمة مقال فنقول مقال القبول ومقال السفينة والجلبي وغيرها وهذا مطبوع في كتيب يضم تلك المقالات على حد تعبير الفنان علي ومن الضروري الاشارة هنا الى مدى الخسارة التي تحملها معنوياً هذا الفنان ونفسياً نتيجة هذه المواقف اقول واعبر في الوقت نفسه باعجابي بعقلية خلاقة لم تأخذ فرصتها بالنضوج وانا حين اتذكر الفنان عزيز علي احس بعظمة العراق والمواهب التي يزخر بها ابناؤه والموهوبون في العراق عددهم كبير فالعراقيات امهات طيبات ولودات للنوابغ وذو القابليات غير المحدودة والفنان عزيز علي واحد من هؤلاء

عن الحوار المتمدن