فضل الله وبناء الدولة الإنسانية

Tuesday 6th of July 2021 10:09:38 PM ,
4981 (منارات)
منارات ,

محمد صادق جراد

في الوقت الذي تمر فيه الأمة الإسلامية في فترة حرجة هي بأمس الحاجة فيها لتحقيق مشروع الوحدة الإسلامية ونشر روح التسامح والتقارب بين المذاهب والطوائف فقدت احد دعاتها إن لم يكن أبرزهم وهو السيد محمد حسين فضل الله الذي حمل رسالة الاعتدال،

و أسس لفكر إسلامي معتدل ومتجدد من خلال سعيه لبناء الذات الإنسانية ومحاولة تنشئة جيل مؤمن بالقيم الإنسانية التي جاء بها الإسلام الحقيقي والتي يفتخر بها المسلمون مقتديا بالسيد محمد باقر الصدر (قدس ),ويتجسد ذلك في مقولته المشهورة (إذا لم تستطيعوا أن تبنوا دولة إسلامية فاسعوا إلى بناء دولة إنسانية ).

ولقد كان السيد فضل الله يدعو إلى مراجعة حقيقية للعلاقة بين المسلمين وفتح الحوار بين جميع المذاهب حيث كان يقول رحمه الله ( إن الحقيقة بنت الحوار) وكان يرى بان الأمة بحاجة كبيرة إلى تصحيح الأفكار الطارئة على الفكر الإسلامي ومنها مفردة التكفير التي أوجدها البعض في محاولة لضرب الوحدة الإسلامية وتنفيذ أجندات سياسية تدعو إلى قتل المسلمين; لذلك قال السيد فضل الله ( لابد من إلغاء كلمة التكفير من قاموس المسلمين ) حيث كان يدعو إلى التقارب والوحدة بين المسلمين ويعتقد إن تأثيرات سياسية لهيئات مسيطرة على المؤسسة الدينية في بعض الدول هي التي تمنع الحوار بين رجال الدين من المذاهب المختلفة وتقف عائقا أمام محاولات المخلصين في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة .

وله رأي مفاده إن المؤسسات الدينية التي ترتبط بالدولة كمؤسسات حكومية وتتلقى الدعم والرواتب من تلك الدول فإنها تسقط كقيمة دينية وتفسد كفكر ممكن أن ينجح في أداء رسالته الحقيقية.ولقد كان للسيد فضل الله فتاوى يرى بأنها تستند على أسس الاستنباط الصحيح على أن يكون المفتي عليما بمستوى المجتمع وواقعه لتكون الفتوى محاكية للواقع مما يسهل الالتزام بها من قبل المسلمين وبذلك وجدناه يؤسس لفكر إسلامي جديد ومتطور ممكن أن يتماشى مع روح العصر ولقد سببت هذه الفتاوى بعض المشاكل للسيد فضل الله مع البعض لكنها أسست لفكر إسلامي مقبول ومعتدل الأمر الذي زاد من محبيه ومناصريه ,ومن الجدير بالذكر ونحن نتكلم عن هذا الرجل أن نقول بأنه عراقي المولد والنشئة والدراسة إضافة إلى انه كان يقول دائما بأنه عراقي الهوى ,ومن اجل ذلك كان يتابع سقوط النظام كان متابعا للوضع العراقي وكان أول الدعاة للوحدة والتسامح بين أبناء الشعب العراقي من خلال نداءا ته وخطبه التي كان يلقيها وكان يدعو الشعب العراقي إلى تفويت الفرصة على الذين يسعون إلى إشعال الفتنة الطائفية وكان حريصا على أن يتجاوز الشعب العراقي محنته في مواجهة الإرهاب التكفيري في الوقت الذي شهدنا صمتا مدويا للكثير ممن يتصدون لزعامات دينية في المجتمع الإسلامي ولم يكتف البعض بالصمت بل شرع لقتل العراقيين من خلال إصدار الفتاوى التكفيرية التي تبيح دماء المسلمين ..

نتمنى أن لا تخلو الساحة الإسلامية عن دعاة الوحدة والتقارب بعد غياب السيد فضل الله فنحن بحاجة الى مدرسة او تيار ديني يقوم بدور اساسي لتوحيد المسلمين بعد الفراغ الذي سيتركه الفقيد لكي لا نسمح للفكر التكفيري من أن ينفذ أجنداته التي باتت واضحة للجميع من خلال محاولات أصحاب هذا الفكر الظلامي المتمثلة في قتل الشخصيات المعتدلة في العراق والتي تدعو للتعايش ونبذ العنف ومحاربة أفكار التطرف أمثال الشيخ مفتى الانبار وشخصيات أخرى وقفت بوجه هذا المد الإرهابي الذي يدعو إلى قتل المسلمين وتكفيرهم في حملة لتشويه صورة الإسلام الذي جاء به رسول الله رحمة للعالمين .