السينما في العراق بدايات خجولة وطرائف منسية..وصل عدد دور السينما التي شيدت في بغداد لغاية عام (1950) حوالي (82) داراً..!

Sunday 4th of July 2021 10:53:21 PM ,
4979 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

احمد راشد الفهداوي

عرف البغداديون السينما الناطقة في بداية الثلاثينيات عندما عرضت سينما الوطني الفيلم الغنائي (ملك الموسيقى) في اول ايام عيد الفطر الذي صادف في (19/ شباط / 1931) , فكان حدثاً مهماً ادهش الجمهور الحاضر ,

مما ادى الى التوسع بانشاء دور جديدة للعرض السينمائي في مدينة بغداد , التي كان اغلبها تابعاً للقطاع الخاص , منها سينما الرافدين التي أنشئت في شارع الرشيد عام (1932) , وسينما الملك غازي والتي أنشأها نعيم شاؤول العزيز عام (1934) في منطقة الباب الشرقي عند رأس شارع الملك غازي , وسينما الحمراء التي أسسها اسماعيل شريف في شارع الرشيد قرب جامع مرجان عام(1935) .

وفي عام (1936) , انشأ الياس دنوس وسليم شوحيط سينما الزوراء في شارع الرشيد , الذي شهد ايضاً في العام نفسه تاسيس سينما روكسي وسينما ركيس , واعيد تاسيس سينما الوطني عام (1939) من قبل شركة السينما البغدادية بعد ان رصدت مبلغاً كبيراً لاعادتها قدره (53000) الف دينار , في نفس موقعها القديم في محلة سيد سلطان علي بشارع الرشيد .

وشهدت سنوات الاربعينات ومابعدها تاسيس عدد من الدور المخصصة للعروض السينمائية اهمها سينما ديانا التي تاسست عام (1943) وسينما دار السلام التي اسسها عبد الرزاق الشيخلي عام (1944) , وسينما الارضوملي التي انشئت عام (1946) كاول سينما في جانب الكرخ لصاحبها قدوري الارضوملي , بعدها بعام واحد تم افتتاح دارين جديدين للعرض السينمائي في شارع الملك غازي هما سينما الفردوس وسينما النصر , فيما افتتحت عام (1949) سينما النجوم لمالكها حبيب الملاك والتي اختصت في بدايتها بعرض الافلام الاجنبية , ثم بدات بعد فترة بعرض الافلام العربية لاسيما المصرية اذ كانت تستضيف الفنانين المصريين قبل العرض الاول للفيلم لاغراض دعائية.

وصل عدد دور السينما التي شيدت في بغداد لغاية عام (1950) حوالي (82) داراً منها (41) داراً صيفية مكشوفة , وتعود ملكية معظم هذه الدور لليهود او على الاقل تدار من قبلهم.

وقد أثارت السينما اهتمام البغداديين على اختلاف فئاتهم الاجتماعية الامر الذي ادى الى تزايد اقبال الناس على دور العرض السينمائية لمشاهدة كل جديد من الافلام وكان معظم روادها من اصحاب الاموال والاساتذة والمثقفين وطلبة المدارس.

بداية الانتاج السينمائي في بغداد تعود بداية صناعة الافلام السينمائية في بغداد الى السنوات الاولى من عقد الثلاثينات نذكر منها مفاتحة الفنان حقي الشبلي من قبل وكلاء شركة فوكس العالمية للافلام عام (1934) لغرض انتاج فيلم روائي يقوم ببطولته, والمحاولة الاخرى لانتاج فيلم كانت من قبل الاخوان حافظ ومصطفى القاضي وذلك عام(1938) , لكن المحاولتين لم يكتب لهما النجاح وبقيت السينما العراقية مستوردة للافلام فقط, الى ان بدات خطواتها الاولى في صناعة الافلام السينمائية عام (1946) , حينما انتجت شركة افلام الرشيد العراقية –المصرية فيلمها الاول (ابن الشرق) الذي مثل فيه فنانون من العراق ومصر والسودان من بينهم مديحه يسري وعادل عبد الوهاب وحضيري ابو عزيز وبشارة واكيم وعزيز علي ونورهان وغيرهم واخرجه الفنان المصري نيازي مصطفى , وتم عرضه خلال ايام عيد الاضحى المبارك عام (1946) .

حقق فيلم ابن الشرق نجاحاً جيداً وهذا ماحفز الشركات السيمنائية الاخرى الى انتاج افلام جديدة , فقد أنتجت شركة اصحاب سينما الحمراء العراقية الفيلم الثاني (القاهرة –بغداد) عن قصة كتبها حقي الشبلي ويوسف جوهر ومثل فيه نخبة من الفنانين العراقيين امثال ابراهيم جلال وعفيفة اسكندر وحقي الشبلي وسلمان جوهر وفخري الزبيدي وعدد من طلبة معهد الفنون الجملية واخرجه الفنان المصري احمد بدرخان وتم عرضه في عام (1947) , ثم قامت شركة استوديو بغداد للافلام السينمائية المحدودة بانتاج فيلم (علياء وعصام) الذي مثل فيه الفنانون ابراهيم جلال وسليمة مراد وعبد الله العزاوي وجعفر السعدي ويحيى فائق ونزيمة توفيق وفوزي محسن امين , واخرجه الفنان الفرنسي اندرية شوتان وساعده في الاخراج يحيى فائق وقام بتصويره وعمل الانارة فيه الفرنسي (جاك لامار) , وتم عرضه في سينما روكسي خلال اذار عام (1949) , واثار الفيلم اعجاب المشاهدين والنقاد والكتاب الذين كتبوا عنه الكثير في الصحف والمجلات .

وقامت شركة استوديو بغداد بإنتاج فيلمها الثاني (ليلى في العراق) وشارك في تمثيله الفنانون جعفر السعدي وابراهيم جلال وعفيفة اسكندر وعبدالله العزاوي واخرجه الفنان المصري احمد كامل مرسي , وتم عرضه في كانون الاول عام (1949) في سينما روكسي.

توقفت عملية انتاج الافلام السينمائية في نهاية الاربعينيات بعد انسحاب المنتجين منها بسبب الخسائر المالية التي تعرضوا لها , لكنها عادت من جديد عام

(1952) من خلال شركة دنيا الفن التي قامت بانتاج فيلم (فتنه وحسن) وهو اول فيلم عراقي صميم , كتب قصته والسيناريو واخرجه الفنان حيدر العمر , ويعتبره البعض البداية الحقيقية للسينما العراقية مع ان فيلم (القاهرة –بغداد) كان اول فيلم انتج في العراق اواسط الاربعينيات لكنه لم يكن فيلماً عراقياً خالصاً .

وفي منتصف الخمسينات تاسست في بغداد عدة شركات سينمائية ومن بينها شركة سومر المحدودة التي ساهم في تاسيسها الفنانون حقي الشبلي وعبد الجبار ولي الذي اصبح مديرها الفني.

وقد بدأت الشركة بتصوير فيلمها الروائي الاول (من المسؤول) وذلك في عام (1956) , وتم انجازه عام (1957) , شارك في تمثيله الفنانون سامي عبد الحميد ورضا الشاطي وخليل شوقي ومحمد القيسي وفخري الزبيدي وعبد الواحد طه , واخرجه الفنان عبد الجبار ولي وساعده في الاخراج الفنان الهندي (دفيجا) والفنان العراقي ابراهيم جلال الذي ساهم في تذليل الصعوبات التي واجهت شركة سومر , بعدها ظهرت شركة عبد الهادي التي انتجت فيلم (ارحموني) عام (1957) كتب له السيناريو والحوار واخرجه حيدر العمر عن مسرحية للكاتب المسرحي سليم بطي , ومثل فيه الفنانون غازي التكريتي وبدري حسون فريد وعبد المنعم الدوري وهيفاء حسين وغيرهم.

ومن بين الافلام العراقية التي انتجت في الخمسينيات فيلم (ندم) الذي اخرجه عبد الخالق السامرائي , وفيلم (وردة) الذي اخرجه يحيى فائق , وفيلم (سعيد افندي) الذي اخرجه كاميران حسني , وفيلم (الدكتور حسن) الذي اخرجه منير ال ياسين , فيما انتجت شركة شهرزاد للافلام السينمائية الملونة التي تاسست عام (1957) الفيلم العراقي الملون (نبوخذ نصر) , الذي كتب له السيناريو واخرجه كامل العزاوي وكتب قصته الشاعر خالد الشواف وقام ببطولته الفنانون سامي عبد الحميد وبدري حسون فريد ويعقوب القره غولي , ولم يعرض الفيلم خلال العهد الملكي , وقامت شركة اتحاد الفنانين التي اسسها كاميران حسني وعبد الكريم هادي الحميد بانتاج فيلم (سعيد افندي) الذي كتب قصته (أدمون صبري) , وادى دور البطولة فيه الفنانون يوسف العاني وعبد الواحد طه وجعفر السعدي واخرجه كاميران حسني , وقامت وزارة الداخلية العراقية بتاخير عرض الفيلم حتى شهر شباط عام (1958) لخطورته , وقد احدث ضجة كبيرة في نفوس المشاهدين بعد عرضه وذلك لاثارته القضايا السياسية والاجتماعية باسلوب فني رائع تالق فيه الفنان يوسف العاني.

يتضح لنا مما تقدم ان ظهور السينما في العراق كان له ابلغ الاثر على المجتمع البغدادي الذي بدا اكثر انفتاحاً وتقبلاً لهذا الفن الجديد , بعد ان وجد فيه ضالته المنشودة في التعرف على ثقافات الشعوب وزيادة مداركه وثقافته , وحمل هموم المجتمع وحاول معالجة مشاكله , فضلاً عن دوره الكبير في مختلف المجالات الاخرى .

عن رسالة : الحياة الثقافية في مدينة بغداد (1939 – 1958 )