الدكتور خالد ناجي.. 50 سنة في عالم الطب

Wednesday 17th of February 2021 09:20:43 PM ,
4876 (عراقيون)
عراقيون ,

سعاد البياتي

بين مشرطه الطبي الملتمع بالنجاحات الطبية وزهرة القرنفل التي تزين سترته ذكريات عمرها نصف قرن من العمل الطبي المختزن اخلاصه وصدقه تخيلاته الطبية وهو الجراح الكفء الذي تعلم الطب في بغداد واجرى عمليات جراحية اثبتت تفوقه الجراحي ورغم الصعوبات التي وضعت في طريقه وحالت دون تخصصه في انكلترة الا انه تلقى دعوة من الانكليز ليلقي محاضرة في جامعة اوكسفورد في موضوع طبي يجهله الانكليز انفسهم ومنذ ذلك اليوم صار شيخ الجراحين العراقيين د. خالد (75 سنة) جواز مرور لطلبته عندما يؤدون امتحانات التخصص هناك!

دلالات التفوق

والسعادة لدى خالد احساس خاص يملأ اعماقه وذهنه عندما يصلالى سمعه ان طلبته الموفدين للدراسة في الخارج يحصلون على شهادة الاختصاص هناك دون ان يؤدوا الامتحان الاختباري المطلوب بعد ان يعلم اعضاء اللجنة المشرفة ان اولئك الموفدين قد تتلمذوا على يده يقول:

- تخرج على يدي العديد من الطبيبات والاطباء الاكفاء الذين اعتز بهم، ويسعدني ان جميع طلبتي الذين يسافرون الى لندن للحصول على شهادة الاختصاص لايؤدون الامتحان، منهم ذلك الذي سافر الى لندن وعمل فيها مدة سنة توجه بعدها لاداء الامتحان، فساله اعضاء اللجنة المختصة عن كيفية اجراء عملية الغدة الدرقية، فشرحها بدقة مستمدة من مشاهدته لي وانا ازيلها وازرعها في البطن، وما ان عرفوا اني كنت استاذه حتى وقعوا له شهادة الاختصاص ، وهناك طبيب آخر اسمه محمد خضير اخصائي في الكسور قال لي انه حصل على شهادة الاختصاص هناك دون امتحان بعد ان عرفت اللجنة انه تتلمذ على يدي.

حفلة ساهرة

بصمت د. خالد لحظات مستلة من الذاكرة الطبية لتعود به الى سنوات مضت بعد ان اتخمت بتفاصيل جرت في صالات العمليات عندما كان بريق مشرطه الجراحي يلتمع في عينيه مثلما يزهو في يده، ليلتمع ازاء تلك التفاصيل في اذهاننا سؤالنا.. لماذا اختار الطب؟

يجيء جوابه:

لقد قرب اخي اسماعيل وهو طبيب مهنة الطب الى قلبي سيما واني كنت اجد في بيتنا هيكلا عظيما واشياء طبية مثلما كنت اشارك اخي في الاطلاع على جثث الموتى في المستشفى الذي تدرب فيه ولم اكن اخشى رؤية الموتى بل اعد تشريحي جثثهم (حفلة ساهرة) واذكر ان اول مريض شاهدته في حياتي كان نحيلا وواهنا قصد المستشفى الملكي للعلاج، ولان الدكتور ناجي مراد المشرف على علاجه مجازا انذاك سمحت لنفسي ان اشخص حالته اذ رأيت النمل يجتمع على ادراه فقلت للاطباء الاخرين انه مصاب بالسكر.. واثبتت التحليلات التي اجريت بعد ذلك صحة تشخيصي مما جعل رئيس الاطباء يقول لي انذاك :( فل لوالدتك ان تنثر لك) .

وذلك الثراء الفكري

والثراء الفكري للدكتور خالد لم يقتصر في مجال التشخيص الطبي والعمليات الجراحية بل امتد الى عالم الابتكارات الطبية عبر 40 الى 50 بحثا طبيا سماها جميعا بـ (الخالديات) لما تختزنه من حصيلة عمل دقيق واكتشاف وجهد حتى ليشعر تجاهها بعاطفة الابوة التي تدفعه ليقول عنها:ان تلك البحوث اعدها انجازا كبيرا، ولكن ارقاها خصص عن الاعصاب اذ جاد فيه ان اعصاب اليد والساق المبتورة لا تنمو فالعصب الوسطي الموجود في اليد لا يعود للنمو اذا ما قطع 60% منه كما ان خياطة العصب الدقيق الموود داخل الشريات الوسطي تؤدي الى منع وصول الدم اليه مثلما تمنع نضوج ما يحيطه لذا من الضرورة عدم خياطته.

عالم غريب

يصمت الدكتور خالد برهة ليمسك خلالها بما تبقي من خيوط ذكريات تشع في قلبه ويتلذذ بالتحدث عنها اذ يقول:

اذكر لكم حادثة، هناك طبيبتان هما سهى الرسام واميرة شبر اعدهما الطبيبتين الاكثر مهارة، كانتا تذهبان ليلا الى غرفة التشريح وتقومان بتشريح الجثث، فتعلمنا الطب بشكل ممتاز واكتسبنا خبرة عالية في مجالهما وهما في سن صغيرة. ولاننا نتحدث عن المرأة لابد ان اذكر انها اصلب قواما من الرجل ذلك انها تعيش 6 سنوات اضافية وتلد اولادا ذكورا اكثر مما تلد اناثا اذا ان لديها 23 زوجا من الجينات (الكروموسمات XX ) ولدى الرجل (XX) و (Y) هي نصف (X) من هنا تختلف المرأة عن الرجل اختلافا جوهريا من حيث الانسجة والمقاومة والتقبل.

اوه.. انه عاالم غريب..

- هكذا يعلق الدكتور خالد عندما نسأله عن تأثير المرأة عليه ثم يتابع:

- غرفتي في الكلية كانت مليئة دائما بالطالبات اللواتي لهن مطلق الحرية في السؤال والبحث وهن بمثابة بناتي واحبهن اكثر مما احب ولدي (شعلان)..

والبنات اللطيفات يجذبن الرجال لذلك فان الطالب عندما يجد طالبة ما ترتاد غرفتي لابد ان يقرأ ويدرس بدقة ويتنافس ليلفت انتباهها، وبذلك اعطيه فرصة للاطلاع والاكتساب مثلما امنحهم مجالا للمناقشة واجراء العمليات معي وغرفة العمليات تعج دائما بالطلبة للاطلاع على كيفية اجرائي العملية.. واذكر اني ذات مرة طلبت من احدى الطالبات اجراء عملية نيابة عني وعندما اخطأت في احدى خطواتها ضربت يدها ذلك ان دراسة الطب تتطلب ترك الخوف جانبا.

والفن ايضا

ومع ان الطب اختصاص علمي بحث الا انه لم يمنع الدكتور خالد من الاستمتاع بعالم الفن اذ كان الفنان محمد القبانجي اعز اصدقائه،وكان الاثنان يستلذان بالاستماع الى صوتي المرحوم ناظم الغزالي وزوجته سليمة مراد، وقد شهد زواجهما بعد ان اعلنت سليمة اسلامها وصار اسمها ماجدة وعندما توفي الغزالي شخصت وفاته بالسكتة القلبية، ومن اصدقائي الاخرين اذكره، سلمان فايق.

وبعد.. تعود انظارنا الى الزهرة التي تزين سترته والتي يتصاعد بين وريقاتها فضولنا الذي يدفعنا لمعرفة سرها. فيقول د. خالد:

حقيقة، انا مقتنع بالنظرية القائلة ان المشاهد يمل النظر اذا بقي اكثر من 17 دقيقة بنظر في شيء واحد لذا رغبت بتحفيز طلبتي على استيعاب محاضراتي من خلال لفت انتباهم لي فتزينت بالزهرة.. ومنذ ذلك الحين وهي لاتفارق اعلى سترتي.

م. الزراعة العراقية 1996